بين «الطبيب» و«المعالج» بدأ الصراع على ممارسة مهنة العلاج النفسى، يرى المعالجون النفسيون أنهم أصحاب التخصص.. فى حين يرى الأطباء النفسيون أنهم المعنيون بذلك المجال، ولا يقبلون بظهور منافس لهم من خريجى كليات الآداب والتربية قسم علم النفس.. كما ظهر منافس جديد لكلا الطرفين من دارسى «التنمية البشرية» الراغبين فى ممارسة ما يسمى بالإرشاد النفسى. منذ قرابة 4 سنوات رفض مجلس النواب إقرار قانون «تنظيم ممارسة مهنة العلاج النفسى لغير الأطباء النفسيين»، أو وجود مظلة شرعية لهم لممارسة مهنة العلاج النفسى، بسبب وجود نقابة للطب النفسى، بينما طالبت الدكتورة هبة هجرس، عضو مجلس النواب بفصل المعالجين النفسيين عن نقابة المهن الاجتماعية لتصبح كل نقابة مستقلة بذاتها، لكن الأمر ظل معلقًا منذ 3 سنوات فى انتظار مناقشة القانون، بسبب عدم اكتمال نصاب اللجنة القانونى (46 عضوًا) لإحالة مشروع القانون للجان مشتركة مع القوى العاملة، ليصبح مصير نقابة المعالجين النفسيين مجهولا إلى الآن. النائبة هبة هجرس، قالت: إن مهنة العلاج النفسى تختلف تمامًا عن مهنة الطب النفسى، وهو ما يجعل وجود نقابة مستقلة للمعالجين حقًا مشروعًا، لافتة لأن وجود نقابة خاصة بهم بمثابة رادع لوقف مهازل وجود عيادات نفسية تحت قيادة غير المتخصصين، والتأكد من هوية المعالج. وأضافت أن القانون المقترح لإنشاء نقابة المهن النفسية يحدد 18 وظيفة يساهم الإخصائيون النفسيون بدورهم فيها سواء فى المستشفيات العامة والخاصة، والعيادات النفسية، ويحافظ بدوره على كرامة 100 ألف إخصائى نفسى فى مصر من خريجى كليات الآداب قسم علم النفس، مشيرة لأن هناك دخلاء على هذه المهنة، ممن يمارسون العلاج النفسى بدون ترخيص، وأن الطبيب النفسى يعطى الدواء، لكن الإخصائى النفسى يعقد جلسات مع المريض لعلاجه نفسيًا. وتعليقًا على رفض نقابة الاجتماعيين فصل المعالجين النفسين، قالت «هجرس»: إن هناك اختلافًا بين طبيعة عمل الإخصائى النفسى والإخصائى الاجتماعى، إذ إن الأخير لا يستطيع أن يتعامل مع طالب أو شخص يحتاج لرعاية نفسية، فى حين أن الإخصائى النفسى خريج كلية الآداب قسم علم النفس يكون مؤهلًا لذلك. من جانبه قال الدكتور أشرف حاتم، رئيس المجلس الأعلى للجامعات سابقا: إنه لا يحق لأى جامعة مصرية السماح لخريجى الدراسات العليا بعلم النفس، ممارسة مهنة المعالج النفسى، إضافة إلى عدم وجود أى هيئة رسمية فى مصر تسمح للإخصائى النفسى. موضحًا أن المعالج النفسى لا ينتمى لنقابة الأطباء، وأغلب الجامعات التى تعطى شهادة فى العلاج النفسى، لا تخول لحاملها ممارسة المهنة، إذ إن ممارسة أى عمل طبى لا بد أن يكون من خلال نقابة متخصصة. وعن انتشار مراكز الطب النفسى يقول الدكتور خالد سمير، عضو نقابة الأطباء: إنها لا تتبع نقابة الأطباء، وأن وصف الإخصائى والمحلل النفسى يستخدم لتضليل المرضى لأن التحليل النفسى جزء أصيل من عمل الطبيب النفسى، لافتًا إلى أن مهنة المعالج النفسى ليس لها توصيف واضح فى مصر خاصة بالنسبة لخريجى الكليات المساعدة للطبيب النفسى، وهو ما يحتاج وقفة فعالة من مؤسسات الدولة المعنية. وأشار «سمير» إلى أنه لا يوجد بوزارة الصحة ما يسمى بمكتب المحلل النفسى أو مسمى وظيفى يعطى الحق لخريج كليات الآداب والتربية كتابة العلاج، فى حين أن هناك من يتجرأ على كتابة روشتات ومنهم من يلقب نفسه باسم طبيب نفسى. وتابع أن قانون مهنة الطب ليس للمعالج النفسى، إنما هو من اختصاص الطيبيب النفسى من خريجى كليات الطب، لافتًا إلى أن ما يحدث الآن فى مهنة العلاج النفسى تحايل على القانون فالمعالج نفسى ليس مصرحًا له بالعلاج أو فتح عيادات. على الجانب الآخر قال الدكتور أيمن أمير، رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة، ورئيس رابطة الأخصائيين النفسيين: إن هناك لغطًا كبيرًا حول دور المعالج النفسى، لافتًا إلى أنه لا يسمح بفتح عيادة طبية إلا للطبيب النفسى فقط، وبعض خريجى كلية الآداب قسم علم نفس فقط طبقا للقانون، ولكن تحت ضوابط وشروط محددة تم وضعها من خلال هيئة التراخيص ومزاولة المهن بوزارة الصحة. وأضاف أن خريجى أقسام علم النفس يمكنهم ممارسة مهنة العلاج النفسى بعد خوض تدريب لمدة عامين بأحد المستشفيات الحكومية النفسية، والحصول على دورات من خلال أربع جهات نفسية فى مصر معتمدة منها رابطة الإخصائيين النفسيين، ومركز البحوث والدراسات النفسية، وجمعية المعالجين النفسيين، وجمعية العلاج المعرفى. موضحًا أن الخريج بعد التدريب يصبح قادرًا على فتح عيادة للاستشارات النفسية، لكن لا يسمح له كتابة روشتة للمريض سوى 23 نوعًا من الأدوية النفسية فقط، وليس له الحق فى كتابة أدوية خارج الجدول المقرر لدى وزارة الصحة. واستطرد أستاذ الطب النفسى أن الكارثة الكبرى التى تمر بها مصر حاليًا هى ممارسة خريجى كليات التربية النفسية لمهنة الإرشاد النفسى بما يخالف قواعد الطب النفسى، إضافة لأعداد الخريجين الكبيرة التى تمثل جزءًا كبيرًا من الأزمة، لافتًا إلى أن خريجى كلية التربية قسم علم النفس التربوى لهم وظائف بعيدة تمامًا عن العلاج النفسى، كالعمل بالمدارس والجامعات. وعما يسمى بإخصائى التنمية البشرية يقول «أمير» إنهم دخلاء على العلاج النفسى، وأغلب خبراتهم من خلال الكورسات السيكولوجية أو حلقات الدكتور إبراهيم الفقى وهى معرفة سطحية عن الطب النفسى، مشيرًا إلى وجود فئة رابعة وهم خريجو التعليم المفتوح قسم علم النفس تقوم حاليًا بدور المعالج النفسى، والإرشاد النفسى وهو ما يعد كارثة. وأكد أن رابطة الطب النفسى فى مصر طالبت المجلس النواب بوجود نقابة خاصة بالمعالجين النفسيين، لكن هناك تربصًا من جانب نقابة الأطباء أثناء وضع القانون خوفًا من تعدى بنود النقابة، أو وجود من ينافس الأطباء النفسيين فى فتح العيادات، مشيرًا إلى أن زعم نقابة الأطباء أن دور المعالج النفسى يقتصر على المساعدة للطيبيب النفسى غير صحيح، ولا يحدث بالخارج، ولكن هناك بعض الأطباء يستعينون بالإخصائى النفسى، للمساعدة بالتحليل النفسى للمرضى، ويكتفى بعض الأطباء النفسسين بكتابة الروشتات بناء على التحليل النفسى المقدم من قبل المعالج. رئيس رابطة المعالجين النفسيين أوضح أن اعتراض نقابة المهن الإجتماعية غير منطقى، حيث تمت إضافة كلمة النفسيين داخل نقابة الإخصائيين عام 1974 وكانت نسبة النفسيين فى تلك الفترة لا تتعدى العشرات، ولكن الآن يتعدى العدد الحقيقى للمعالج النفسى خريجى كليات الآداب قسم علم النفس ال100 ألف، وبما أن كل بنود نقابة الاجتماعيين لا تحمى سوى مصالحهم فقط وتقوم بضبط نظام عملهم، فمن حق النفسيين فى مصر وجود نقابة تضع ضوابط، ومعايير للعمل فى المجال النفسى.