يوشك من يحكم أمريكا فى ظل النظام العالمى القائم (رغم التبدلات الحادثة الآن) أن يحكم العالم.. أو على الأقل أن يؤثر فى مجريات الأحداث فى أكثر من منطقة موزعة على خريطة الكرة الأرضية، ما يجعل من المتحكمين فى صناعة القرار داخل الولاياتالمتحدة بمثابة مجلس إدارة للعالم من دون مبالغة. داخل الولاياتالمتحدة، تتحكم عدد من العائلات الشهيرة، وأغلبها منحدرة من أصول أوروبية، فى مفاصل الاقتصاد والسياسة، تمارس نفوذًا مباشرًا وغير مباشر على كل ما يصدر داخل المتجمع الأمريكى؛ خصوصًا فى ظِلّ أن عددًا كبيرًا من أفراد هذه الأسَر تقلدوا مناصب رسمية حساسة. عائلة بوش النازية تُعتبر عائلة بوش السلالة السياسية الأكثر نجاحًا فى التاريخ الأمريكى، ومن أكثر العائلات ذات النفوذ التجارى، فلها ثروات فى النفط والمجال المصرفى فى الولاياتالمتحدة ومعظم دول أوروبا ، ويُعرَف عن عائلة بوش أنها عائلة إنجليزية الأصل وألمانية النّسَب وفقًا لكِتاب «أصول رؤساء أمريكا» لكارل بوجر، وينتمى معظم أبناء الأسرة إلى الكنيسة الأسقفية الأمريكية، بينما يشكك الكاتب الأمريكى جون كارلسون فى أصول عائلة بوش ويؤكد أنها أسرة يهودية ألمانية. بدأ الوجود السياسى لعائلة بوش مع بريسكوت شيلدون بوش الذى وُلِدَ عام 1895م لأب فقير مُعدَم والتحق بجمعية الجمجمة والعظام فى جامعة ييل، وظهر جورج بوش المُلقب ب «بوش الأب» بعد صعوده كرئيس للبنك الاتحادى الذى يعتقد أنه كان مكان إخفاء الذهب النازى، ثم أصبح سياسيّا بارزًا والرئيس ال 41 للولايات المتحدة من عام 1989م إلى 1993م، وسبقها فى منصب نائب رئيس الولاياتالمتحدة الثالث والأربعين بين 1981م إلى 1989م. تقلّد «بوش الأب» العديد من المناصب؛ حيث كان عضوًا فى الحزب الجمهورى وعضوًا فى الكونجرس وسفيرًا ثم مديرًا للمخابرات المركزية الأمريكية منذ عام 2000 م، وغادر البيت الأبيض عام 1993م وأسّس مكتبته الرئاسية ومُتحَف جورج بوش عام 1997م فى الحرم الغربى لجامعة تكساس فى ساحة مجاورة لمركز المؤتمرات الرئاسى، كما أسّسَ كلية بوش للحُكم والخدمة العامة، وتُعَد مَدرسة الدراسات العليا جزءًا من مجمع المكتبة الرئاسية وتقدم أربعة برامج - برنامجان لدرجة الماجستير (الخدمة العامة والإدارة والشئون الدولية) وثلاثة برامج شهادات لبرامج (الشئون الدولية المتقدمة وإدارة المنظمات غير الربحية والأمن الداخلى). كان من نصيب عائلة بوش العديد من الاتهامات، منها محاولة الانقلاب على الرئيس الأمريكى الأسبق روزفلت بالتعاون مع بعض العائلات الأمريكية التى لها نفوذ وتأثير كبير كعائلة مورجان وعائلة روكيفلير من أجل تأسيس ديكتاتورية فاشية فى الولاياتالمتحدة، كما اتهموا بالنازية؛ حيث نشرت صحيفة الجارديان البريطانية فى تقريرًا لها بعنوان كيف ساعد جد بوش فى صعود هتلر إلى السُّلطة. اتهم معظم أبناء العائلة بالتحرُّش وعلى رأسهم الرئيس الأسبق «بوش الأب»؛ حيث اتهمته الممثلة الأمريكية هيدز ليند فى عام 2017م من خلال حركة مناهضة التحرش me too بلمسها بطريقة غير ملائمة وإخبارها بنكتة إباحية، وقدمت عدة نساء أخريات ادعاءات مماثلة بما فى ذلك كريستينا بيكر كلاين وروزلين كوريجان التى كان عمرها 16 سنة وقت وقوع الحادث المزعوم فى عام 2003م، فما كان من بوش إلّا أن قدّم اعتذارًا رسميّا لهن عن هذه الحوادث من خلال المتحدث باسمه جيم ماكجراث. أشهَر أعضاء العائلة جورج والكر دبليو بوش المعروف باسم جورج بوش الابن الذى شغل منصب الحاكم 46 لولاية تكساس والرئيس 43 للولايات المتحدة، وجيب بوش وهو الابن الأصغر لبوش الأب الذى فاز على منافسه الديمقراطى فى عام 1998م، فى الوقت نفسه الذى كان أخوه جيب دبليو بوش حقق انتصارًا لإعادة انتخابه لولاية ثانية حاكمًا لولاية فلوريدا، ويُعتبر جيب بوش أول حاكم جمهورى من ولاية فلوريدا يتم انتخابه لولايتين متتاليتين مدة كل منهما أربع سنوات وكان مرشحًا بقوة لأن يكون رئيسًا للولايات المتحدةالأمريكية. أمّا مارفن بيرس بوش، أحد أعضاء العائلة، فهو أحد مؤسسى شركة إدارة الأموال فى فيرجينيا وعمل سابقًا فى مجلس إدارة إحدى الشركات المسئولة على أمن بُرجَى مركز التجارة العالمى خلال الفترة 1993-2000م، ويُعد نيل مالون بوش الذى وُلِدَ فى تكساس فى 22 يناير سنة 1955م أكبر رجل أعمال فى ولاية تكساس. مورجان.. محتكرو الذهب تُعَد عائلة مورجان العائلة الأكبر نفوذًا فى الولاياتالمتحدة؛ حيث إنها تتحكم فى احتياطى الذهب فى البلاد حتى الآن، وسبق لها أن قامت فى عام 1893م بتمويل الخزانة الأمريكية ب 3 ملايين قطعة ذهبية، فضلا على أنها تموّل كل الشركات الأمريكية الرأسمالية، مثل GE وشركة الحديد الأمريكى US Steel وتسيطر على بورصة المعادن العالمية. جمع أفراد الأسرة ثروة هائلة على مَرّ الأجيال من خلال أعمال جون بيربونت مورجان، وهو واحد من أكثر المهيمنين على المصارف من عام 1837-1913م، ونجحت مؤسسته فى إيصال تيودور روزفلت إلى منصب الرئاسة من خلال الصرف ببذخ على حملة الانتخابية، وتعود أصول الأسرة إلى إنجلترا وتنتمى إلى الكنيسة الأسقفية الأمريكية. اتُّهِمَت عائلة مورجان بجر الولاياتالمتحدة إلى الحرب العالمية لحماية بعض القروض التى مُنحت لكل من فرنسا وروسيا ؛ حيث قام جون باتريك مورجان الصغير بتمويل الولاياتالمتحدة فى الحرب العالمية الأولى بمنحها 500 مليون دولار فى صورة قرض على شرط أن يمنح 1 ٪ عمولة على كل ما توفره مؤسسته من معدات للحرب، واتُّمهت بتحفيز وتشجيع اليابانيين على شن هجوم على ميناء بيرل هاربر فى 7 ديسمبر 1941م، الذى كان به الأسطول الأمريكى المرتكز فى المحيط الهادئ فى قاعدته البحرية فى ميناء بيرل هاربر بسبب اتفاقها مع أصحاب شركات ميستوبيشى وميتسوى اليابانية على مشاركتها أرباح الحرب. أشهَر أبناء العائلة هم جونيوس سبنسر مورجان كان مصرفيّا وممولًا أمريكيّا ومؤسس JS Morgan، و هو بنك استثمار أمريكى متعدد الجنسيات، وشركة قابضة للخدمات المالية يقع مقرها الرئيسى في نيويورك، وهو أكبر بنك فى الولاياتالمتحدة وسادس أكبر بنك فى العالم من حيث إجمالى الأصول بقيمة 2.73 $ تريليون، كما أنه البنك الأكثر قيمة فى العالم من حيث القيمة السوقية. أمّا هنرى ستورجيس مورجان الأب فمصرفى أمريكى ومؤسس مورجان ستانلى ورئيس مكتبة مورجان ومُتحَفها وكان عضوًا فى نادى البوهيمى ومجلس العلاقات الخارجية وجمعية خدمة المجتمع من نيويورك وجمعية الحجاج. روكفيلير.. أباطرة النفط أمّا عائلة روكفيلير فتُعَد إحدى أغنى عائلات العالم وأغنى عائلة بالولاياتالمتحدة، وتكونت إمبراطوريتها عام 1870م على يد جون روكفلر بعد شراكته مع ستاندرد أويل أغنى رجل فى التاريخ بصافى ثروة 400 مليار دولار؛ حيث ارتبط اسم جون روكفلر بالمنظمات السرية وتمويل اجتماعات بيلدربيرج السرية التى لها اجتماع سنوى سرى لأصحاب النفوذ والثروات فى العالم. لاتزال عائلة روكفلر تسيطر على بنك مانهاتن وإكسون موبيل ووتشيفرون وبريتش بتروليوم، كما احتكرت عائلة روكفلر عملية نقل النفط وسيطرت على 95 % من النفط فى أمريكا وفى عام 1882م استطاع روكفلر أن ينشئ اتحادًا احتكاريّا، وهو مؤسسة ستاندرد أويل ترست فى الولاياتالمتحدة، إلا أن محكمة أوهايو العليا أمرت بحل الاتحاد الاحتكارى وبعدها قام أعضاء عائلة روكفلر بنقل مركز المؤسسة إلى نيويورك عام 1899م باسم Trust ستاندرد أويل كومبانى أف نبوجيرسى، لكن المحكمة العليا للولايات تصدت لهذا الاتحاد الاحتكارى عام 1911م وأمرت بحله فشكّلت العائلة ثمانى شركات بعد قرار الحل الأخير وأدّى تفكيك الاتحاد عام 1911 م إلى زيادة ثروة روكفلر أصبحوا يمتلكون حصة الربع فى 33 شركة نفط. قام جون روكيفلير الصغير بتأسيس جامعة شيكاجو وجامعة روكيفلير فى الولاياتالمتحدة، وقرر وهب ثروته للمشاريع الخيرية، وتتوزع الثروة الآن بين 174 شخصًا من ورثة العائلة فى كل دول العالم من خلال كيان خيرى عائلى ممول مع تحكم العائلة فى بعض البنوك الأمريكية، والعملات المشفرة (عملات الكريبتو مثل البتكوين). ومن أشهَر أفراد العائلة هو جون د. روكفلر، رجل أعمال ناجح فى مجال النفط والصناعة والأعمال الخيرية، ويُعتبر أغنى شخص فى الولاياتالمتحدة، وأغنى شخص فى التاريخ المعاصر، كان والدُه بائعًا متجولًا ولديه سمعة سيئة بسبب نشاطاته المشبوهة. أمّا ديفيد روكفلر فهو ملياردير ومصرفى كان رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى لبنك تشيس ونيلسون ألدريتش، وشغل منصب نائب رئيس الولاياتالمتحدة الحادى والأربعين فى عهد الرئيس جيرالد فورد فى الفترة من 1974م إلى 1977م، وكان الحاكم التاسع والأربعين لولاية نيويورك، وعمل فى إدارات الرؤساء فرانكلين روزفلت وهارى ترومان ودوايت أيزنهاور مدير مركز روكفلر. عائلة كيندى تُعتبر عائلة كيندى من أشهَر العائلات فى التاريخ السياسى الأمريكى؛ حيث استطاع جوزيف كيندى الأب تأسيس إمبراطورية قوية وناجحة؛ حيث عمل كمنتج أفلام ومصرفى واقتصادى ودبلوماسى وتقلد منصب سفير الولاياتالمتحدة فى بريطانيا، وجمع ثروته من خلال سمسرة الأوراق المالية وكان خبيرًا فيما يُعرف بالتلاعب فى السوق والتداول من الداخل. وكان باتريك كيندى أول فرد من العائلة يدخل عالم السياسة ويخوض الانتخابات لعضوية الهيئة التشريعية لولاية ماساتشوستس فى عام 1884م، ومنذ ذلك الحين أصبح آل كنيدى دعامة أساسية فى السياسة الأمريكية؛ حيث جاء منهم الرئيس ال35، إضافة إلى عدد من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب والسفراء. ويُعتبر جون كيندى الابن الأكبر لجوزيف أشهَر أفراد عائلة كيندى، الذى أصبح رئيسًا للولايات المتحدةالأمريكية، والثانى هو روبرت كيندى، الذى أصبح سيناتورًا، والثالث هو إدوارد كيندى الذى كان قياديّا فى الحزب الديموقراطى الأمريكى وقياديّا فى المجتمع الأيرلندى الكاثوليكى، وشغل جوزيف منصب سفير الولاياتالمتحدة لدى إنجلترا منذ عام 1938م حتى أواخر عام 1940م. سماسرة الحروب عائلة «دو بونت» واحدة من أغنى العائلات فى أمريكا والأكثر نفوذًا ووصلت إلى مكانة اجتماعية بارزة فى الولاياتالمتحدة من خلال الأعمال والاقتصاد والصناعة والسياسة والمجتمع، وتعود أصول الأسرة إلى البروتستانت الهوجونوتيين الفرنسيين، ودينيّا ينتمى أفرادها إلى الكنيسة الإصلاحية والكنيسة الأسقفية الأمريكية، وتُقدر ثروة الأسرة ب22 مليار دولار. بدأ نفوذ عائلة دوبونت على يد الوتير إرينيه دوبونت الذى أسّس عام 1802م مصنعًا لإنتاج البارود فى ولاية ديلاوير؛ ليضع للعائلة مكانة داخل الولاياتالمتحدة، حين كانت قناة فى المفاوضات مع نابليون لشراء ولاية لويزيانا عام 1803م، وأثناء الحرب العالمية الأولى كانت شركة دوبونت تزود العالم ب 40 % من القنابل والمتفجرات، وخلال الحرب العالمية الثانية كانت تنتج البلوتونيوم للقنابل الذرية الأمريكية. مقابل الدعم العسكرى الذى قدمته العائلة للولايات المتحدة خلال الحرب العالمية، حصلت على إلغاء الحظر المفروض على زراعة القنب والماريجوانا، وتُعد اليوم شركة دوبونت ثانى أكبر منتج للبذور المعدلة وراثيّا فى العالم، وتقوم بتمويل قبو البذور العالمى، الذى تتركز مهمته فى توفير البذور للزراعة وقت الكوارث، وتُعد أكبر مورد للبارود إلى الجيش الأمريكى. العديد من العائلات داخل المجتمع الأمريكى، لها تأثير سياسى واقتصادى، منها عائلة باروخ برنارد باروخ الذى عمل مستشارًا لخمسة رؤساء أمريكيين وصديقًا كبيرًا لونستون تشرشل الذى اخترع مصطلح الحرب الباردة وأشرف على مشروع صُنع أول قنبلة ذرية فى العالم وإنشاء الوكالة الدولية لتطوير الأسلحة النووية، ويعود إليه الفضل فى خَلق فكرة الحكومة العالمية. أمّا عائلة «والتون» فتمتلك سلسلة متاجر Walmart الأكبر فى الولاياتالمتحدة، وبالإضافة إلى سلسلة محلات السوبر ماركت، وتدير العائلة مصرف Arvest Bank، وعائلة بريتزكر التى تنتمى أصولها إلى المهاجرين اليهود من أوكرانيا وتملك شركة Hayat أكبر شركة فنادق فى العالم وتتحكم فى السياحة بالولاياتالمتحدةالأمريكية وتبيع فنادق وجولات سياحية إلى المنتجعات، وتضم الشركة 777 فندقًا فى 54 دولة حول العالم.