هى مشكلة العام وكل عام.. المدارس التجريبية.. تبدأ الأزمة عندما يرغب ولى الأمر بأن يلتحق نجله بمدرسة خاصة أو «إنترناشونال» لينال قدرًا تعليميّا جيدًا، لاسيما باللغتين الإنجليزية والفرنسية، لكنه يُفاجأ بعد عام والثانى أن المصاريف لم تَعُد هينة، وتزداد بشكل مخيف، حتى يصل لمرحلة عدم القدرة على السداد، وهنا يأخذ قرار التحويل. يبدأ فى إجراءات نقل صغيره لاستكمال تعليمه بالمدارس الحكومية، لكنه لا يَسلم أيضًا من الأزمات التى ستواجهه أثناء التحويل نفسه، فالشكوى من مصاعب إجراءات التحويل بين المدارس لا تنتهى، فالإدارات التعليمية والمديرية تتكدس فى تلك الأيام من كل عام بالراغبين فى تحويل أبنائهم من مدرسة إلى أخرى، رُغْمَ رفع الكثافات فى التجريبيات بصورة كبيرة؛ فإن الطلب عليها يتزايد من أولياء الأمور الراغبين فى البحث عن فرصة تعليم جيدة لأبنائهم تضاهى التعليم الخاص (لغات) ولكن بمقابل مادى يتناسب مع دخولهم، وهو ما توفره لهم المدارس التجريبية. رحلة عذاب حجم المشكلات التى تواجه ولى الأمر عند التحويل من مدرسة إلى أخرى، جعل تلك المسألة أشبه برحلة عذاب لأولياء الأمور والطلاب، ومنهم من يتمكن بطريقة أو بأخرى من إنهاء رحلته بنجاح، ومنهم من يفشل ويلجأ إلى الشكوى وإعلان تذمره من المنظومة التى تعانى من ثقوب إدارية خطيرة، وأصبحت فى مرحلة حرجة تتطلب جراحة دقيقة وسريعة لإنقاذها. محمد عثمان، أحد سكان منطقة حلمية الزيتون، يروى تفاصيل محاولة نقل طفله المنتقل للمرحلة الإعدادية العام المقبل، فيوضح أنه عند التحويل، واجهته أزمة مع «سماسرة التحويلات» الذين يعملون على حاجة ولى الأمر ويستغلون علاقاتهم ببعض الموظفين فى الإدارات التعليمية؛ وبخاصة فى قسمى شئون الطلاب والتعليم الخاص، أو علاقاتهم ببعض المسئولين فى المديريات أو الوزارة لتمرير بعض الطلبات التى يحصل سماسرة التحويلات على مقابل مالى نظير إنجازها من ولى الأمر يتراوح بين 2000 و15 ألف جنيه بحسب نوعية المدرسة المراد التحويل إليها، ومدى صعوبة تنفيذ الطلب، فكلما كانت هناك عقبات تواجه ولى الأمر كان السعر الذى يتم المساومة عليه مرتفعًا. وأشار إلى أنه تعامل مع أحد هؤلاء السماسرة، على أساس أنه سيساعده، الذى سدد له ما يقرب من 10 آلاف جنيه خلال شهر واحد، ليتمكن من التحويل، إضافة لطول الرحلة التى قام بها ليتم التحويل؛ حيث إنه لا يمكن أن يحصل الطالب على بيان النجاح إلا بعد إضافة طوابع تحويل من مكتب البريد بقيمة 28 جنيهًا تقريبًا، وبعد كل هذه الإجراءات يعود ولى الأمر إلى المدرسة الأصلية ويسلم لها ورقتين من الأربع بعد إنهاء جميع التوقيعات والإجراءات، والحصول على ملف ابنه، ويوقّع على إيصال استلام ملف الطالب، ثم يصطحب الملف ومعه أوراق التحويل وبيان النجاح إلى المدرسة المحوَّل إليها، وبذلك تكون قد اكتملت العملية. واستغرقت تلك المراحل ما يقرب من شهر كامل؛ لأن كل مرحلة تعانى من الروتين وتسلُّط بعض الموظفين والعاملين بالمدارس والإدارات التعليمية، وتختصر تلك المدة إلى يوم أو يومين فى حالة اللجوء إلى سماسرة التحويلات الذين تحولوا إلى آفة جديدة من آفات التعليم. أزمة كثافة أمّا آمنة، سيدة بالعقد الثالث من عمرها، فقد حاولت تحويل نجلتها عقب الانتهاء من الصف الرابع الابتدائى بسبب زيادة المصروفات، إضافة إلى ارتفاع الكثافة الطلابية فى المدرسة التجريبية؛ بسبب زيادة أعداد الطلاب قياسًا بالأماكن المتاحة فى قاعة الدرس؛ وبخاصة فى مرحلة رياض الأطفال داخل المدارس التجريبية التى تعتبر أزمة الأزمات فى كل عام، لذلك قررت الرحيل والانضمام لصفوف المدارس الحكومية التى لا تتخير عن التجريبى من حيث الكثافة، بل تزداد، لكنها أقل عبئًا من الناحية المادية. من جهة أخرى، برزت نماذج فضَّلت التحويل أيضًا، لكن من المدارس الخاصة لارتفاع أسعار المصروفات السنوية، إلى المدارس التجريبية التى اعتبروها أقل تكلفة، يقول هيثم محمد، ولى أمر الطفلة نوران: «إنه قدّم أوراق التحاق طفلته بمدرسة تجريبى تابعة لمنطقة الساحل التعليمية نظرًا لظروف اقتصادية معينة، هى التى منعتنى أن أستكمل فى مدرسة خاصة». ويضيف قائلًا: «توجهت للإدارة التعليمية بالساحل للحصول على طلب التحويل لكن الأمر لم يكن بالسهولة المتوقعة، فبدأت اللّفَّ من مدرسة الطفلة للحصول على طلب قيد، ثم بعدها التوجه لإدارة الامتحانات والطلبة للحصول على توقيع موظف وآخر غائب عن العمل لمدة شهر وفى كل مرة يردد المسئولون: مش هتعرف تحولها خالص ده موضوع أصعب من خيالك». وينهى حديثه: «مش عارف حل، كل المدارس رفضت تعطينى موافقة على طلب التحويل وحتى الآن مش عارف مصير بنتى إيه، مع قرب العام الدراسى، وإمكانياتى المادية مش هتكفى إنى أرجعها تانى للمدرسة الخاصة التى كانت فيها». الأمر لم يختلف كثيرًا بالنسبة لأيمن أشرف، والد الطفلة أمنية؛ حيث قال إن طفلته وأخوتها جميعًا كانوا فى مدرسة تجريبى «لكن مع كثرة متاعب الحياة وزيادة المصاريف فى الفترة الأخيرة، اضطررتُ إلى نقلهم لمدرسة حكومى، ولكن لم يكن الأمر سهلًا لنقل أربعة أطفال من مدرسة لأخرى وفى ظل البيروقراطية المصابة بها الحكومة منذ زمن جعلتنى أقدم طلب إجازة إلى حين إتمام مهمتى فى تحويل أطفالى وآمل أن أستطيع نقلهم قبل بدء العام الدراسى».