ينطلق موسم حملات الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة فى العام 2020، خلال الأسبوع الجارى، وسط تقارير وتوقعات متتالية من الصحف ووسائل الإعلام الغربية تدور حول الأسماء المتوقع ترشحها، فى الوقت الذى أكد فيه الرئيس الحالى دونالد ترامب، الأحد الماضى، أنه «غير مستعد لخسارة الانتخابات الرئاسية القادمة على الإطلاق».. وقبيل بدء الماراثون الانتخابى الأمريكى المنتظر، يبدو أن وقت التقييم والحساب للرئيس «ترامب» قد حان، من خلال 4 دراسات وأبحاث رأى عن أدائه خلال السنوات الماضية، وموقعه بين نظرائه السابقين. 1 مركز التنوع والديمقراطية نشر «مركز التنوع والديمقراطية» التابع لجامعة «نورث - ويسترن» الأمريكية، قبل أيام، أول دراسة استقصائية عن «التنوع والشمول للرؤساء الأمريكيين»، والتى جاء فيها «ترامب» باعتباره «أسوأ رئيس أمريكى فى العصر الحديث». ويقصد ب«التنوع» التمييز والتفرقة بين المجموعات والأشخاص عن بعضهم البعض، فيما يخص العمر والجنس والعرق والدين والإعاقة والميول الجنسية والتعليم والأصل القومى. أما «الشمول» فهو مدى تقبل المجموعات أو الأفراد المختلفين، ومعاملتهم معاملة متساوية ثقافيًا واجتماعيًا، أو بمعنى آخر، فهى دراسة توضح حجم العنصرية التى شهدها عصر كل رئيس أمريكى. وطلب مركز جامعة «نورث ويسترن» تصنيف رؤساء العصر الحديث للولايات المتحدة، تحديدًا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كونها الفترة التى انتقلت فيها البلاد من مجتمع يرتكز على تفوق البيض والبطريركية ورهاب المثلية إلى مجتمع أكثر انفتاحًا ودولة أكثر ليبرالية. وشدد المركز على أن يكون التصنيف بناءً على كيفية استخدام الرئيس الأمريكى للسلطة التنفيذية من أجل حماية الحقوق الدستورية للأقليات العرقية والمثليين والنساء الأمريكيين، ومدى استخدامه لخُطب تحوى فى مضمونها «الشمول» لهؤلاء الأقليات، وكيف أدرج هؤلاء الرؤساء الأقليات فى إدارتهم؟ وكان المشاركون فى هذا الاستطلاع 113 أستاذًا وباحثًا أكاديميًا فى مجالات مختلفة من أفضل 20 جامعة أمريكية، وعلى رأسهم كلية «ويتون» وجامعتى «بيلور» و«كريستيان تكساس»، واختيروا متنوعى الاتجاهات الديموغرافية. كما كان 46 % من المجيبين على الاستبيان من النساء، بينما كان 29 % من الأفارقة، و9 % من أمريكا الجنوبية، و7 % أمريكيون آسيويون. وبالفعل، أجريت الدراسة بشكل موسع، وتم تجميع البيانات منذ 20 يناير حتى 20 مايو الماضى، ثم منح أكاديميون الرؤساء الأمريكيون (14 رئيسًا) تقييمًا يبدأ من (0) إلى (100) فى فئتين، وهما: القدرة على «القيادة الشاملة»، و«التنوع والشمول». بشكل عام، حصل الرئيس فرانكلين روزفلت على أعلى درجة فى «القيادة الشاملة»، وهى 83 من 100، فيما حصل الرئيس باراك أوباما على أعلى درجة فى فئة «التنوع والشمول»، وهى 75 من 100، وتلاه بيل كلينتون فى المرتبة الثانية بدرجة 54، أى بفارق 21 درجة عن سابقه. بينما تلقى الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب أدنى تقييمات، ووضع فى المرتبة الأخيرة فى الفئتين، وكان تقييمه فى «القيادة الشاملة» 11، وفى «قيادة التنوع والشمول» 9. 2 معهد أبحاث كلية سيينا أجرى «معهد أبحاث كلية سيينا – SCRI»، للمرة السادسة منذ إنشائه فى العام 1982، دراسة استقصائية لتصنيف رؤساء الولاياتالمتحدة من حيث «الخلفية»، والتى تتضمن مجموعة من المعايير مثل: الأسرة والتعليم والخبرة والنزاهة والذكاء والقدرات التنفيذية، إلى جانب القدرة على التحدث والكتابة والقيادة والاتصال، بالإضافة إلى الإنجازات الشاملة، والعلاقة مع «الكونجرس»، والتعامل مع الاقتصاد، والإنجازات المحلية، وإنجازات السياسة الخارجية، وتجنب الأخطاء. ووضع خبراء الدراسة، وهم 157 باحثًا، الرئيس الأمريكى «ترامب» ضمن أسوأ 5 رؤساء للولايات المتحدة، إلى جانب كل من: أندرو جونسون وجيمس بيوكانان ووارن هاردينج وفرانكلين بيرس. وجاء تصنيف «ترامب» فى المرتبة 42 من أصل 44 رئيسًا أمريكيًا. بينما جاء جورج واشنطن فى المرتبة الأولى كأفضل رئيس للولايات المتحدة، تلاه فرانكلين روزفلت وأبراهام لينكولن وثيودور روزفلت وجيفرسون، كأعظم خمسة رؤساء أمريكيين. وأرجع الخبراء، والمؤرخون تراجع مرتبة «ترامب» فى التقييم، إلى أنه لم ينقل بلاده إلى المسار الصحيح فى أى من الجوانب الأربعة لقيادة البلاد، وهي: الشئون الخارجية، والاقتصاد المحلى، وحقوق الإنسان، وجودة الديمقراطية. وكان تقييمهم بأنه أخذ البلاد بعيدًا عن مسارها فى الشئون الخرجية والاقتصاد المحلى بنسبة 85 %، وحقوق الانسان والديمقراطية بنسبة 92 %. 3 نيويورك تايمز سبقت صحيفة «نيويورك تايمز» مركزى الأبحاث السابقين، وأعدت استبيان رأى طلبت فيه من 170 عضوًا من رؤساء، وخبراء «جمعية العلوم السياسية الأمريكية»، رسم المسودة الأولى لتصنيف «ترامب» فى تاريخ الرئاسة الأمريكية، منذ الرئيس الأول للولايات المتحدة جورج واشنطن. وجاء «ترامب» فى المرتبة الأخيرة أيضًا، بدلًا من الرئيس الخامس عشر للولايات المتحدة جيمس بيوكانان، والذى أثبت أنه غير قادر على التعامل مع قضية «العبودية» أثناء ولايته، ما تسبب فى حدوث أزمة داخلية كبيرة، وحرب أهلية من بعده. ما يوضح أن وضع «ترامب» أسوأ من «بيوكانان»، فى نهاية القائمة، وحاز على تقييم 12 من 100. فيما تصدر قائمة العشر الأفضل إبراهام لينكولن بدرجة 95 من 100. واحتل «ترامب» المرتبة 40 من أصل 44 رئيسًا أمريكيًا، بتقييم 25 من 100 بالنسبة للحزب «الجمهورى»، والمرتبة الأخيرة بالنسبة للحزب «الديمقراطى» بتقييم 8 فقط، والمرتبة 43 بالنسبة للأحزاب الأخرى والمستقلين بتقييم 16. فيما تصدر قائمة الأفضل عند «الجمهوريين» الرئيس جورج واشنطن بدرجة 94، والرئيس إبراهام لينكولن عند «الديمقراطيين» والمستقلين. ورأى الخبراء المشاركون فى هذا الاستبيان أن «ترامب» أمامه عامان -على الأقل- لتحسين وضعه الأول، الوضع الذى كتب عنه البورفيسور «روبرت ويلنتز» فى مقال آخر بنفس الصحيفة، تم الإشارة إليه أثناء عرض الاستبيان، أن: «ترامب هو أول رئيس أمريكى يفشل فى الدفاع عن أمته من هجوم على ديمقراطيتهم من قبل قوة أجنبية معادية (فى إشارة إلى التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، والمعروف باسم قضية (روسيا-جيت)». وأضاف: «هو أول من يثرى مصالحه الخاصة ومصالح أسرته بشكل مباشر وصريح، كما أنه أول رئيس أمريكى يندد بالصحافة الأمريكية، ويتهمها بأنها غير عادلة، وعدوة للشعب الأمريكى، كما يعد أول من هدد خصمه السياسى المهزومة بالسجن (فى إشارة إلى هيلارى كلينتون منافسته فى الانتخابات السابقة)، بجانب كونه أول من شوه عددًا من البلدان الحليفة، والصديقة». 4 بيزنس انسايدر اتفق مع «نيويورك تايمز» ومراكز الأبحاث السابقة موقع «بيزنس انسايدر»، الذى نشر نتائج استطلاع آخر، قام به عدد من الخبراء الغربيين حاز فيه «ترامب» على مستوى متدنٍ أيضًا. وأوضح الموقع أن هذا الاستطلاع شارك فيه 200 خبير فى العلوم السياسية، والذين صنفوا رؤساء الولاياتالمتحدة بداية من مقياس الفشل «صفر»، ثم المتوسط «50»، إلى العظيم «100». وفى النهاية، تم حساب المجموع لكل رئيس، وتم تصنيفهم من الأعلى إلى الأدنى. خلصت النتائج إلى تصنيف «ترامب» بشكل غير مناسب، حتى بين حزب «الجمهوريين»، إذ صنف المشاركون، الذين عرفوا أنفسهم بأنهم «جمهوريون»، أو «محافظون»، الرئيس الأمريكى الحالى فى المرتبة 40 من بين 44 رئيسًا للولايات المتحدة. أما «الديموقراطيون» و«الليبراليون» فوضعوه فى المرتبة الأخيرة. وأرجع الموقع أسباب ذلك إلى اتباع البيت الأبيض فى عهد «ترامب» لسياسات مشاكسة، مثل: تطبيق «حظر السفر»، أى الأمر التنفيذى رقم 13769، الذى وقع عليه «ترامب» فى يناير 2017، والمعنون ب«حماية الأمة من دخول الإرهابيين الأجانب إلى الولاياتالمتحدة»، والذى حد من هجرة وسفر الأشخاص من عدة بلدان فى منطقة الشرق الأوسط، وأفريقيا إلى «الولاياتالمتحدة». بجانب تجميد قرار برنامج قبول اللاجئين، وتفكيك مشروع قانون الرعاية الصحية الأمريكى «أوباما كير»، الذى يهدف إلى توفير تأمين صحى شامل لكل أمريكى بتكاليف منخفضة، فضلًا عن الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، والموافقة على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وغيرها من القرارات المثيرة للجدل على المستويين الداخلى والخارجى. وفى النهاية، تعبر هذه الإحصائيات والتقييمات عما توصل إليه المحللون والخبراء والمؤرخون الغربيون من نتائج لسياسات «ترامب»، ناقلين صورته من الشارع الأمريكى إلى الإعلام المُتهم بالكذب فى عهده. ومع ذلك، فهى تقييمات ليست حاسمة فى أى قرارات، لأن مشوار الانتخابات الأمريكية المقبلة، المقرر عقدها فى 3 نوفمبر 2020، ما يزال يحبو أولى خطواته.