منذ اللحظة الأولى لتوليه الحكم، يولى الرئيس عبدالفتاح السيسى اهتمامًا كبيرًا بملف تأهيل الشباب للمناصب القيادية، ذلك الملف الذى اتُخذت فيه العديد من الخطوات العملية، خلال السنوات القليلة الماضية، لعل أبرزها البدء فى تنفيذ «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة»، وإنشاء «الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب».. ولأن مصر عادت إلى محيطها الإقليمى مرة أخرى، وتتولى رئاسة الاتحاد الأفريقى فى دورته الحالية، لم يقتصر تنفيذ هذا الملف المهم جدًا على الشباب المصرى فحسب، وقررت القيادة السياسية تعميمه ليشمل الأشقاء الأفارقة، وذلك من خلال «منحة ناصر للقيادة الأفريقية»، والتى تستهدف تقديم الدعم والتأهيل والتدريب لهؤلاء الشباب، بما يمكّنهم من تولى المناصب القيادية فى بلدانهم. 100 مشارك قال حسن غزالى، منسق مكتب الشباب الأفريقى بوزارة الشباب والرياضة، إن المنحة تأتى اتساقًا مع قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال مؤتمر الشباب السادس بجامعة القاهرة، باعتبار 2019 عامًا للتعليم، وفى ضوء الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقى. وتستهدف المنحة، وفق «غزالى»، القيادات الأفريقية الشابة ذات التخصصات التنفيذية المتنوعة داخل مجتمعاتهم، وتعد إحدى آليات عناصر التمكين الحاسمة للتحول الأفريقى، وتسخير العائد الديمغرافى والاستثمار فى الشباب، والتى أقرتها «أجندة أفريقيا 2063». وأطلق على المنحة اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، لكونه واحدًا من أهم الزعماء لدى الشعوب الأفريقية، ونموذجًا فريدًا للقيادة، ومثالًا أفريقيًا خالصًا سياسيًا وتاريخيًا على مفهوم «القيادة التحويلية»، حتى وصف بأنه «أبو أفريقيا». وأوضح «غزالى»: «عبدالناصر عمل على دعم حركات التحرير فى دول أفريقيا والعالم الثالث حتى نالت استقلالها، وساهم بقوة فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، والتى تعد أول منظمة تخلق شكلا واضحا للتكامل الأفريقى، وعُرفت فيما بعد باسم الاتحاد الأفريقى». وأشار إلى تضمن «أجندة أفريقيا 2063»، فى أول بند لها تحت اسم «أصوات الشعوب الأفريقية»، توجيه الشكر والإعراب عن التقدير للآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الأفريقية، لما أورثوه من نجاحات تحررية قضت على العبودية والاستعمار والفصل العنصرى. وكشف نائب رئيس اتحاد الشباب الأفريقى عن الهدف من «منحة ناصر» قائلًا: «تهدُف إلى نقل التجربة المصرية فى رسوخ وبناء المؤسسات الوطنية إلى القارة السمراء، وخلق جيل جديد من القيادات التحولية الأفريقية الشابة ذات الرؤية المتماشية مع توجهات رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى،والتى تكون مؤمنة بخدمة أهداف الوحدة الأفريقية». وعن عدد المشاركين فى المنحة، قال «غزالى»: «100 قيادى تنفيذى شاب من دول الاتحاد الأفريقى، بواقع 50 % ذكورًا و50 % إناثًا»، مشيرًا إلى شروط القبول فى المنحة، ومن بينها أن: يكون المشارك غير مقيم فى مصر، ولديه خبرة فى العمل الميدانى. وأوضح: «المشاركون معنا يعملون فى قطاعات مختلفة لها علاقة بالعمل الميدانى،ما بين صناع قرار فى القطاع الحكومى، وقيادات تنفيذية بالقطاع الخاص، ونشطاء مجتمع مدنى، ورؤساء بالمجالس القومية للشباب، وأعضاء فى هيئة التدريس بالجامعات، وباحثين فى مراكز البحوث الاستراتيجية، وأعضاء فى النقابات المهنية، وإعلاميين وصحفيين». زعيم التحرير الأول «يافيك ماكونى» أحد الشباب الإثيوبيين المشاركين فى «منحة ناصر»، والتى تعرف عليها أثناء اجتماع شباب الاتحاد الأفريقى برئاسة مصر، مشيرًا إلى كونه ممثلًا لحكومة بلاده فى الاتحاد القارى. وقال «ماكونى»: «نسعى من خلال المنحة إلى نقل تجربة مصر 2030، خاصة فى مجال تمكين الشباب من المناصب القيادية، ونعتزم تأسيس مكتب للشئون الأفريقية تابع لوزارة الشباب والرياضة فى بلدى، كما هو الحال فى مصر»، واصفًا التدريب الذى يتلقاه المشاركون فى المنحة ب«الفريد من نوعه»، لأنه يجعل الشباب جامعًا بين القيادة والثقافة ومعرفة التفاصيل الصغيرة فى المجالات كافة. وعن تسمية المنحة باسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، قال الشاب الإثيوبي: «أعطى ذلك حافزًا كبيرًا لدى الشباب للمشاركة، نظرًا لما يتمتع به عبدالناصر من شعبية ضخمة تتوارثها الأجيال فى القارة السمراء، بعدما تمكن من جمع شعوبها بنضاله وجرأته ودفاعه عن الحقوق»، داعيًا القائمين على المنحة إلى دعوة زعماء وقيادات ورؤساء القارة الأفريقية لعقد لقاءات مع الشباب المشارك، ونقل خبراتهم الكبيرة لهم. أما «يوسف عبدالباقى»، وهو من إثيوبيا أيضًا ويعمل فى مفوضية الاتحاد الأفريقى، والذى عرف عن «منحة ناصر للقيادة» عن طريق «فيس بوك»، يقول إنه فخور بالمشاركة فى منحة تحمل اسم الزعيم الخالد، والذى كان له دور كبير فى أفريقيا، ويعد مؤسس منظمة الوحدة الأفريقية. وأضاف: «وجود منحة تحمل اسم الزعيم جمال عبدالناصر تعنى إنها منحة فى غاية الأهمية سيخرج المشارك فيها باستفادة عظيمة، وهو ما حدث بالفعل، فالمشاركون ينقلون ما يتعلمونه هنا إلى بلدانهم ويتابعون تنفيذه هناك»، موضحًا: «من خلال المنحة حصلنا على خبرات فى مجالات عديدة، فى السياسة والاقتصاد والقانون والدبلوماسية، وهو ما يساعدنى فى عملى بمفوضية الاتحاد الأفريقى». ومن دولة مالاوى، قال «ديوالد ستيفان»، أحد الشباب المشاركين فى «منحة ناصر للقيادة»، إن الفعالية فرصة جيدة ومنصة مهمة لجمع الشباب من كافة البلدان الأفريقية، للاستفادة من التجارب القيادية لدى المحاضرين من صناع القرار، سواء كانوا مسئولين سابقين أو حاليين، بجانب الاستفادة من الحوار الثرى بيننا نحن الشباب. وأضاف «اطلعنا من خلال المنحة على ما تنفذه الدولة المصرية فى إطار رؤية مصر 2030، وكيف تعمل للحفاظ على علاقاتها الخارجية، وهو ما كشفه له وزير الخارجية بنفسه، بجانب تطورات ملف الطاقة». مصر قادرة وقال «بوى آيفين»، وهو محامٍ وباحث فى مركز أبحاث استراتيجية وسياسية فى أوغندا، ويحلم بأن يكون قيادة شعبية ونائبًا فى برلمان بلاده، إنه علم بتفاصيل المنحة عن طريق أحد أصدقائه، فقرر المشاركة بها، خاصة وأنها «تحمل اسم القيادة الملهمة لى، جمال عبدالناصر، والذى ندرس تاريخه وما قدمه لشعوب القارة السمراء وحركات تحررها فى مناهج التعليم الأوغندية». ووصف استفادته من المنحة ب«الكبيرة»، لأنه من خلالها «عشت التاريخ عبر زيارة ضريح عبدالناصر والمتحف الخاص به، وعلمت الكثير عن أعماله القيادية والنضالية، وهو ما يساعدنى على تطوير نفسى وزيادة قدراتى القيادية فى المستقبل، بجانب مساعدتى فى التعرف على الكثير من القيادات الشبابية بمختلف البلدان الأفريقية».