وزير الإسكان ومحافظ أسيوط يتفقدان مشروع الصرف بمحطة معالجة مركز أبوتيج    جهاز تنمية المشروعات يضخ 2.1 مليار جنيه بالإسكندرية خلال 11 عام    الرئيس السيسى يوجه الدعوة للمستشار الألماني لإجراء زيارة رسمية إلى مصر    محافظ كفر الشيخ يهنئ أبطال المحافظة لفوز منتخب مصر على الهند في البارالمبية بأمريكا    تعديل على طاقم حكام مباراة الزمالك وديكيداها فى الكونفدرالية    26 أكتوبر أولى جلسات محاكمة التيك توكر قمر الوكالة بتهمة بث فيديوهات خادشة    مصطفى كامل: واجهت فسادا داخل نقابة الموسيقيين وسأظل أدافع عن حقوق الأعضاء    المجلس الإعلامي الأوروبي يدين مقتل الصحفيين في غزة    بعد طرده خلال كلمة ترامب.. أبرز المعلومات عن النائب العربي بالكنيست أيمن عودة    قمة شرم الشيخ.. الآثار الإيجابية المحتملة على الاقتصاد المصري بعد اتفاق وقف الحرب في غزة    بالصور.. تطوير شامل بمنطقتي "السلام الجديد والتصنيع" في بورسعيد    رونالدو أحدهم.. مبابي يكشف لأول مرة أسباب رفضه ريال مدريد في الصغر    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    محافظ الشرقية: العمل والكفاح مهم لتأمين "حياة كريمة" للمواطن وعائلته    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    طارق الشناوي عن عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة: «دليل على انحياز الرقيب الجديد لحرية التعبير»    آداب القاهرة تحتفل بمرور 100 عام على تأسيس قسم الدراسات اليونانية واللاتينية    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي للطبيبات    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    فحص 1256 مواطنًا وإحالة 10 مرضى لاستكمال العلاج ضمن القافلة الطبية بكفر الشيخ    وزير الري: مصر كانت وما زالت منبرًا للتعاون والعمل العربي والإسلامي المشترك    ترامب: السلام لا يتحقق إلا بالقوة.. وإسرائيل اختبرت أسلحتنا    المشدد 15 سنة وغرامة 100 ألف جنيه لمتهم بالاتجار فى المواد المخدرة بسوهاج    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    5 سيارات إطفاء للسيطرة علي حريق مصنع قطن بالقليوبية    حسام زكى: نهاية الحرب على غزة تلوح فى الأفق واتفاق شرم الشيخ خطوة حاسمة للسلام    موهوبون ومحبوبون ولديهم مهارات تفاوض.. ترامب يتغنى ب جاريد كوشنر وستيف ويتكوف    نتنياهو أمام الكنيست: ترامب أعظم صديق عرفته دولة إسرائيل في البيت الأبيض    ضوابط جديدة من المهن الموسيقية لمطربي المهرجانات، وعقوبات صارمة ل2 من المطربين الشعبيين    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    دار الإفتاء توضح حكم التدخين بعد الوضوء وهل يبطل الصلاة؟    محافظ الوادي الجديد يشارك فى مؤتمر الابتكار العالمى للأغذية الزراعية بالصين    جامعة بنها تتلقى 4705 شكوى خلال 9 أشهر    جامعة عين شمس تستقبل وفدا من أبوجا النيجيرية لبحث التعاون    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر والقنوات الناقلة    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    عفت السادات: مصر تستقبل زعماء العالم لإرسال رسالة سلام من أرضها للعالم    اليوم.. بدء استيفاء نموذج الطلب الإلكتروني للمواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» (تفاصيل)    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    إليسا تشارك وائل كفوري إحياء حفل غنائي في موسم الرياض أكتوبر الجاري    جامعة عين شمس تفتح باب الترشح لجوائزها السنوية لعام 2025    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    لحضور أولى جلسات الاستئناف.. وصول أسرة المتهم الثاني في قضية الدارك ويب لمحكمة جنايات شبرا    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    تصفيات كأس العالم – بوركينا فاسو تنتصر وتنتظر نتائج المنافسين لحسم مقعد الملحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع «الحرب السرية» بين مخابرات أوروبا واليمين المتطرف
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 16 - 03 - 2019

بعد الصعود المدوى لتيارات اليمين الأوروبى التى تتسم بالتطرف الفكرى والتمييز العنصرى والتحريض ضد المهاجرين وخاصةً المسلمين ويتهمونهم بأنهم السبب وراء كل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التى تعانى منها بلادهم مؤخرًا، بدأت أجهزة الاستخبارات فى أوروبا تتنبه إلى خطورة هذه التيارات التى بدأت صغيرة ومحدودة، ثم تحولت إلى تيارات تجتذب الكثير من المؤيدين، وتسعى إلى الحكم.
فى ألمانيا، بدأ «توماس هالدنوانج» المدير الجديد ل«وكالة الاستخبارات الداخلية الفيدرالية» Bfv رئاسته بقرار ترقية 50% من العاملين بالوكالة. وبينما رفض «هالدنوانج» التصريح بالعدد الحقيقى الذى ينوى تعيينه فى الوكالة بعد حركة الترقيات تلك، والتى ستؤدى بالتأكيد إلى تقاعد عدد كبير من الضباط الحاليين ليحل محلهم ضباط جدد، إلا أنه أكد أنه يهدف إلى الوصول بأعداد العاملين فى إدارة مواجهة التطرف اليمينى إلى ما يوازى عدد العاملين بإدارة مكافحة التطرف الإسلامى.
وجدير بالذكر أن «هالدنوانج» تولى منصبه خلفًا للمدير السابق للوكالة «هانز جورج ماسن» الذى أعفى من منصبه بعد خلافات مع المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» واتهامات بالتراخى فى محاربة مجموعات اليمين المتطرف فى ألمانيا والاتصال مع زعيم حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليمينى ودعمه للحزب ولوزير الداخلية الألمانى اليمينى «هورست زيهوفر».
وتسير الأمور فى برلين نحو المزيد من التأزم والصراعات بين التيار اليمينى المتطرف هناك وجهاز الاستخبارات الداخلية برئاسة «هالدنوانج» الذى يحاول إثبات نفسه وتفادى أخطاء سلفه، بعد تسريب وثيقة استخباراتية سرية مؤخرا تكشف عن وضع حزب «البديل من أجل ألمانيا» تحت المراقبة والوقوف على مدى اختراق زعماء الحزب للدستور فى تصريحاتهم العنصرية ومدى ارتباط الحزب بجماعات العنف اليمينية، وقد أغضبت الوثيقة زعماء الحزب وأعضاءه ومؤيديه على حد سواء.
الاستنفار الأمنى ضد اليمين بدأ أيضًا فى بريطانيا، حيث ،أعلنت وكالة الاستخبارات البريطانية MI5 عن حملتها ضد تيار اليمين هناك فى أكتوبر الماضى وسط مخاوف من مساعى اليمين لاختلاق أعمال عنف فى الشارع البريطانى. وكانت الشرطة البريطانية هى المسئولة عن مراقبة مجموعات اليمين فى بريطانيا، ولكن التغيير الأخير يعنى أن هناك تغييرًا فى استراتيجية المواجهة والشعور بأن اليمين أصبح أقوى وأكثر تأثيرًا من ذى قبل. كما تشير الاستراتيجية الجديدة إلى اعتبار اليمين المتطرف خطرًا يهدد الأمن القومى للبلاد. رغم إعلان بريطانيا عن إحباطها أربعة مخططات لليمين المتطرف منذ مارس 2017 حتى نهاية عام 2018 مقابل 100 مخطط إسلامى متطرف، إلا أن الأجهزة الأمنية اعتبرت التهديد متناميا، وتجب مواجهته على الفور.
وجاء القرار بمنح وكالة MI5 مسئولية مراقبة اليمين المتطرف ومواجهة مخططاته المستقبلية بعد شهور من المفاوضات بين الوكالة وجهاز الشرطة البريطانية وعدد من مسئولى الحكومة البريطانية، حيث توصلوا إلى أن ال MI5 ستتولى الأمور الاستخباراتية عندما تصل المخاوف من أنشطة اليمين إلى حد الإرهاب، ويتوقع الجهاز الأمنى البريطانى أن يساعد منهج الMI5 وتقنياته وسلطاته الأكبر من جهاز الشرطة فى اكتشاف المخططات والأهداف العنيفة لليمين المتطرف.
وفى الوقت نفسه، تركز الاستخبارات الكندية CSIS على اليمين الذى تصاعدت أنشطته مؤخرًا هناك وأصبح يشكل خطرًا تجب مواجهته. وضعت وكالة الاستخبارات الكندية خطة للوقوف على حجم التيار اليمينى فى البلاد بهدف وضع استراتيجية للتصدى له. وذكر تقرير أعدته الوكالة أن التيار اليمينى المتطرف يحمل فى أعماقه الكراهية والخوف، وهو ما أدى إلى زيادة جرائم الكراهية ضد المسلمين واليهود فى كندا .كما أشارت التقارير الاستخباراتية إلى تصاعد المجموعات الإلكترونية التى تركز على التطرف.
وتخشى أجهزة الاستخبارات من صعود تيار اليمين المتطرف إلى الحكم، فوصول أى من المنتمين لهذه التيارت إلى مناصب حكومية ينذر بتحكمهم فى مؤسسات الدولة المؤثرة والبعيدة عن السياسة مثل القضاء والجيش وأجهزة الاستخبارات، وهذا ما حدث بالفعل فى النمسا التى قامت حكومتها اليمينية بحملة تفتيش دون إنذار على وكالة الاستخبارات النمساوية العام الماضى، حيث اقتحم الضباط مكاتب المقر الرئيسى ل«وكالة الاستخبارات الداخلية» وقاموا بتحميل أسرار الدولة الأكثر حساسية وسرية فى صناديق مفتوحة وأكياس بلاستيكية، بينما فوجئ مسئولو الاستخبارات الذين كانوا يباشرون أعمالهم من المنزل يوم اقتحام الوكالة بضباط الأمن يهددون باقتحام منازلهم.
والمعروف أن هذه الوكالة كانت على خلاف دائم مع التيار اليمينى باعتباره أحد المخاطر التى تهدد الأمن إلى جانب الهديدات الأخرى المتنوعة التى كانت الوكالة تتصدى لها، ولذلك اتخذ المسئولون الجدد عن البلاد من التيار اليمينى قرارهم بمهاجمة الوكالة وإعلان العداء من البداية وأنه لم يعد من المقبول التصدى للتيار الذى يحكم البلاد أو اعتباره تهديدًا لأمن الدولة. ووصف المحللون هجوم الشرطة على الوكالة بأنه ما هو إلا محاولة للانتقام منها بسبب أنشطتها السابقة المعادية لحزبى الشعب والحرية المسيطرين على الحكم اليوم.
وكان أحد كبار مسئولى الاستخبارات النمساوية السابقين قد أكد أن الأوضاع أصبحت فى حالة فوضى كبيرة، وهو ما يشكل خطرًا حقيقيًا على أمن الدولة التى جعلها موقعها الجيوسياسى بين الشرق والغرب «وكرًا للجواسيس» و«ملعبًا لكل الدول» -على حد تعبيره- مؤكدًا أنه من الصعب العمل فى ظل مثل هذه الأوضاع الصعبة المربكة.
وكانت أولى نتائج هذا التصرف غير المسئول من الحكومة الشعبوية النمساوية هو قرار أجهزة الاستخبارات الأوروبية المتعاونة مع الاستخبارات النمساوية وقف أى تعاون أو تبادل لمعلومات معها حفاظًا على سرية أنشطتها المختلفة. وكان أحد مسئولى الاستخبارات الأوروبية - الذى رفض نشر اسمه لحساسية موقعه - قد صرح لصحيفة «واشنطن بوست» بأن الاستخبارات الأوروبية اعتادت على وجود تعاون عميق للغاية، لكن بعد الهجوم على مكاتب جهاز الاستخبارت «توقفنا عن تبادل المعلومات السرية خوفًا من وقوعها فى يد الشخص الخطأ».
وتعكس الحملة التفتيشية المفاجئة تلك الواقع المحير الجديد داخل أوروبا، حيث أصبحت التيارات المهمشة والمستهدفة من أجهزة الاستخبارات هى التى تحكم البلاد والمطلوب من تلك الأجهزة التعامل معها اليوم بوصفها الحاكم وليس التهديد.. والتعامل مع تطرف المؤيدين على أنه تأييد للحكومة. ففى دول «إيطاليا»، «اليونان»، «بولندا»، «النمسا»، و«المجر» تولت الأحزاب المعارضة للدولة فى الماضى سواء كانت من اليمين أو اليسار المتطرفين ، الحكم سواء بالكامل أو جزئيًا من خلال تولى عدد من الحقائب الوزارية. والمقلق للحكومات الأوروبية البعيدة عن اليمين حتى اللحظة هو التقارب بين الحكومات اليمينية واليسارية المتطرفة فى أوروبا من جهة و«روسيا» من جهة أخرى والأخطر أن بعض هذه الحكومات الجديدة لها علاقات قوية أيضًا مع جماعات متطرفة ارتبط نشاطها بالعنف خلال السنوات الأخيرة.
تولت الحكومة اليمينية الحكم فى النمسا فى ديسمبر عام 2017 حيث أصبح زعيم «حزب الشعب» المحافظ OPV «سباستيان كورتز» مستشارًا للنمسا بينما تولى «هينز كريستيان ستراشى» زعيم «حزب الحرية» FPO منصب نائب المستشار النمساوى. وأصبح اليمين متحكمًا فى وزارة الداخلية النمساوية وهى الوزارة المسئولة عن وكالة الاستخبارات الداخلية BTV .. وهى الوكالة التى عرف عنها التصدى للتدخل الروسى ومحاولات التأثير على الانتخابات النمساوية إلى جانب مكافحة جماعات العنف المرتبطة بالجماعات المتطرفة سواء الإسلامية أو اليمينية، وكانت تلك الأنشطة تحتاج تعاونًا وثيقًا مع كافة أجهزة الاستخبارات الأوروبية، وهو ما توقف تمامًا الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.