حالة من الحزن والغضب الشديد انتابت جموع الشعب المصرى بعد وقوع حادث قطار «محطة مصر» صباح يوم الأربعاء الماضى والذى نتج عنه أكثر من عشرين قتيلًا وما يقارب الأربعين مصابًا تماثل عدد منهم للشفاء. واختلفت الآراء وكثرت التساؤلات حول تفسير أسباب وقوع هذه الجريمة وهل هو حادث مدبر يقع تحت بند الإرهاب أم إنه فساد وإهمال وعدم مسئولية وانعدام ضمير من سائق مستهتر تجرد من كل معانى الإنسانية ترك الجرار يعمل وغادره يتشاجر مع سائق آخر تصادم معه أثناء سيره فاستكمل الجرار مساره بسرعة كبيرة بدون سائق فاصطدم برصيف المحطة بشدة. وكانت المأساة حيث نتج عن هذا الاصطدام انفجار شديد وحريق هائل تسبب فى حدوث خسائر مادية وبشرية كبيرة. وأيًا كان التفسير هل هو إرهاب أم إهمال ففى رأيى أنه لا فرق بينهما فالاثنان وجهان لعملة واحدة نتائجهما السلبية ومآسيهما فى النهاية واحدة خراب ودمار وقتلى ومصابين وخسائر مادية وبشرية فادحة. ورغم الحزن الذى أصاب الجميع جراء هذا الحادث الأليم فإن ما حدث أكد على وعى الشعب المصرى بجميع فئاته وتماسكه فى الأوقات العصيبة فتهافت الآلاف على المستشفيات للتبرع بدمائهم لإنقاذ المصابين والمواقف البطولية وشهامة المصريين التى شهدها الجميع لحظة وقوع الحادث بالإسراع لإنقاذ المصابين وإطفاء النيران المشتعلة فى أجسادهم باستخدام جراكن المياه وتوفير البطاطين لهم لأكبر دليل على أن «مصر فى حماية شعبها» الذى لن يسمح لأعداء الوطن بالتربص به أو الشماتة فيه أو بث الروح السلبية بين أبنائه لتدميره معنويًا. وإذا كان مرفق السكة الحديد أكثر وسائل المواصلات أهمية فى مصر التى تعتبر من أولى الدول التى عرف القطار طريقه إليها منذ خمسينيات القرن التاسع عشر فى الوقت الذى لم يكن متوفرًا فى عدد كبير من دول العالم إلا أن الإهمال والتقصير والفساد الذى ضرب هذا المرفق منذ سنوات طويلة هو المتسبب الأكبر فى مثل هذه الحوادث فرغم تخصيص ما يقرب الستة والخمسين مليار جنيه فى عام (2014) لتجديد وتحديث هذا المرفق إلا أن أحدث الأجهزة لن تجدى نفعاً إذا كان القائم عليها مهملا ومقصر ا ولا يوجد عنصر بشرى مناسب للتكنولوجيا الحديثة. إن الإهمال يعتبر من التحديات التى تخوضها الدولة وهى معركة خطيرة جدًا لابد من تكاتف الجميع للقضاء عليها فهذا الحادث مع الأسف كشف مدى حجم الإهمال والاستهتار بحياة المواطنين، لذلك أتمنى أن يعمل الوزير القادم على إعادة هيكلة البيت من الداخل واستبعاد المقصرين والقضاء على الإهمال بكل الأدوات التى تمتلكها الدولة.