كشفت وثائق سرية تم الإفراج عنها مؤخرًا عن قيام «وكالة الاستخبارات المركزية» CIA سرًا باختراق مراسلات بين موظفين بارزين بالكونجرس الأمريكى، وعدد من العاملين بقطاع مكافحة الفساد داخل أجهزة الاستخبارات، وذلك فى مارس 2011 وهى الفترة التى تولى خلالها «جون برينان» رئاسة الوكالة، بينما كان «جيمز كلابر» رئيسًا للاستخبارات الوطنية. جاءت الوثائق الجديدة فى صورة خطابين موجهين إلى أعضاء مهمين بمجلس الشيوخ، لكن أحدًا لم يعرف بهذه المراسلات حتى لحظة الإفراج عنها. الخطابان وجههما «تشارلز ماكولوج» المفتش العام على المجتمع الاستخباراتى الأمريكى آنذاك إلى أربعة أعضاء بارزين بالكونجرس، مؤكدًا أنه خلال العمليات الروتينية لمراقبة أنظمة الكمبيوتر الحكومية لمواجهة أى محاولات للتجسس، توصلت «وكالة الاستخبارات المركزية» إلى رسائل إلكترونية بين عاملين بالكونجرس ومدير إدارة مكافحة الفساد وحماية المصادر بالوكالة. وأعرب «ماكولوج» عن قلقه من التعدى المحتمل على خصوصية العاملين بمكافحة الفساد والأثر الخطير الذى قد تمثله عمليات وأنظمة المراقبة، آنذاك، على عمل مكافحة الفساد بالمجتمع الاسخباراتى. وأكد المفتش العام فى خطابه إلى الأعضاء الجمهوريين والديمقراطيين بلجنتى الاستخبارت بمجلسى النواب والشيوخ أن «معظم رسائل البريد الإلكترونى تخص الأعمال الحالية والمعلقة لموظفى مكافحة الفساد». وذكر الخطاب أسماء أعضاء الكونجرس وهم السيناتور الديمقراطى عن كاليفورنيا «ديان فينشتاين» والسيناتور الجمهورى عن جورجيا «ساكسبى تشامبليس» والنائب الجمهورى عن ولاية ميتشيجن «ماكل روجرز» والنائب الديمقراطى عن ولاية ماريلاند «داتش رابرزبرج». الأخطر، وفقًا لما جاء بخطاب «ماكولوج»، أن هذا النوع من المراقبة لأغراض مكافحة التجسس قانونى، لكنه فى الوقت نفسه أشار إلى كونه غير واثق قائلا: «ما إذا كان أعضاء الكونجرس مدركين تمامًا أن مراسلاتهم مع رئيسى قد يطلع عليها موظفو الCIA خلال أداء أعمال المراقبة الروتينية الخاصة بهم». وقد أثارت فكرة مراقبة الCIA لاتصالات موظفين حكوميين ، بمن فى ذلك الموظفون التشريعيون، جدلًا كبيرًا، لكن ما يجعل الأمر مثيرًا للشكوك أيضًا والتساؤلات هو أن عملاء الوكالة الاستخباراتية الأشهر داخل الولاياتالمتحدة وخارجها قد اطلعوا على مجموعة من المراسلات الإلكترونية السرية وشديدة الحساسية لأنها تخص عاملين بأجهزة الاستخبارات يقومون بإطلاع أعضاء الكونجرس على قضايا فساد أو مخالفات داخل المجتمع الاستخباراتى، وهى أمور يجب أن تتم بعيدًا عن أعين موظفى الاستخبارات الآخرين لضمان نزاهة وأمان العاملين فى مكافحة الفساد. وكان «تشاك جراسلى» رئيس لجنة القضاء بمجلس الشيوخ الأمريكى قد أمر بالإفراج عن هذه الخطابات، مشيرًا إلى أن هذه الواقعة التى تمت فى عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما تثير مخاوف حقيقية حول عمل الوكالة، إلى جانب مخالفة ذلك للدستور الذى يقضى بالفصل بين السلطات، وهو ما يتطلب مناقشة علنية لمعرفة كيف لجهاز استخباراتى أن يسمح لموظفيه باختراق البريد الإلكترونى للجهة المنوط بها مراقبة الجهاز نفسه، وكشف أى مخالفات به ومحاسبة الفاسدين داخله. جراسلى أعلن أنه طالب بالإفراج عن هذه الخطابات منذ أربعة أعوام، إلا أن «كلابر» و«برينان» وضعا أمامه العديد من المعوقات البيروقراطية، ثم عاود جراسلى طلبه بعد تولى الرئيس ترامب، لكن موظفى أجهزة الاستخبارات حالوا دون حدوث ذلك إلى أن نجح أخيرًا فى الإفراج عنها الأسبوع الماضى بعد موافقة المفتش العام الجديد للمجتمع الاستخباراتى «مايكل أتكينسون». وأكد جراسلى «نقلاً عن أحد أعضاء الكونجرس، أنه عندما سئل «كلابر» عن هذا الأمر كانت إجابته بأنه إذا ما حدث ووصل أحد موظفى الاستخبارات إلى مثل هذه المراسلات. فإنه بالتأكيد لن يبلغ بها قياداته لأن هذا ليس من صميم عمله الذى يركز فى الأساس فقط على اكتشاف أى محاولة لاختراق أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالوكالة، لكن الخطابات المفرج عنها تؤكد عكس ذلك تمامًا، إذ إن بعض تقارير موظفى المراقبة بالوكالة تضمنت مقتطفات مما جاء بمراسلات العامين بمكافحة الفساد داخل أجهزة الاستخبارات.