تستخدم أجهزة الاستخبارات كل ما تستطيع من حيل ومخططات من أجل الوصول إلى أهدافها فى عصر تحارب فيه الدول من أجل المعلومات. ولم يعد الأمر يتوقف فقط على إرسال جواسيس أو استخدام السفارات فى التجسس، بل إن أجهزة الاستخبارات حول العالم أصبحت تستخدم الجامعات فى التجسس من خلال تجنيد الطلاب والأساتذة. وقد برزت الصين مؤخرًا فى هذا المجال بشكل أقلق دول أوروبا، خصوصًا عندما بدأت الصين تستخدم الجامعات الأوروبية فى عملياتها التجسسية. تقوم الصين بتجنيد طلابها فى أوروبا بشكل مكثف، وهو ما دفع الحكومة الأسترالية إلى منع طلاب جامعاتها الأجانب من الحصول على فترة تدريب داخل مكاتب أعضاء لبرلمان خوفًا من أن يكون بعضهم جواسيس. وتعتبر أستراليا واحدة من أكثر دول العالم استقبالًا لطلاب أجانب، وتمثل الصين النسبة الأكبر بين هؤلاء الطلاب الذين بلغ عددهم فى إبريل الماضى أكثر من 500 ألف طالب أجنبى. وأوردت صحيفة التلجراف البريطانية أن أستراليا تخشى من استغلال فترة التدريب من جانب الطلاب الصينيين فى التجسس. ويبدو أن عمليات التجسس الصينية باستخدام الطلاب تسبب القلق نفسه للأمريكيين وفقًا لما أكده «بيل إيفانينا» مدير المركز الوطنى للأمن ومكافحة التجسس التابع لجهاز «مدير الاستخبارات الوطنية» الذى يُعد واحدًا من أجهزة الاستخبارات الأمريكية. إيفانينا صرح لصحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية بأن الصين تمثل تهديدًا استخباراتيّا واسع المدى، حيث يشمل الأكاديميين والطلاب إلى جانب التجسس الإلكترونى، وذلك بهدف سرقة أسرار من الحكومة والقطاع الخاص على حد سواء. وأشار إيفانينا أن هناك350 ألف طالب صينى يدخلون الولاياتالمتحدةالأمريكية سنويّا بشكل رسمى من أجل التعليم وإجراء أبحاث تفيد البشرية وتعمل على تحسين الاقتصاد العالمى بالفعل، لكن الحكومة الصينية بدأت مؤخرًا فى استغلال هذه الأعداد فى التجسس وسرقة أسرار حكومية. وكان «مايكل ويسل» رئيس اللجنة الأمريكية - الصينية للمراجعة الاقتصادية والأمنية «قد أكد للكونجرس الأمريكى أن الصين أطلقت برنامجين لتجنيد أربعة آلاف عميل أجنبى، وذلك عام 2006. وركز البرنامجان على تجنيد الطلاب الصينيين فى الخارج بشكل خاص. وأجاب «ويسل» على تساؤلات أعضاء الكونجرس حول هذا الملف بالأرقام، حيث أشار إلى أن 20 % من العاملين فى معمل بركلى لأبحاث الذكاء الاصطناعى بجامعة كاليفورنيا يحملون الجنسية الصينية. ونبّه «ويسل» إلى خطورة الأمر، خصوصًا أن هذا المعمل يقوم بأبحاث خاصة بتطوير الأجهزة. أمّا جامعة ماريلاند،فأكد ويسل أن 30 باحثًا صينيّا من إجمالى 38 باحثًا بعد الدكتوراه يشاركون فى أبحاث «مجموعة أبحاث بينج» بالجامعة. وقد تحدّث الكاتب «دانييل جولدن» فى كتابه «مدارس التجسس» تفصيليّا عن استخدام أجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية الأمريكية للمؤسسات التعليمية فى عملياتها الاستخباراتية وكيف حوّلت وكالات التجسس هذه المؤسسات إلى خطوط أمامية للتجسس الدولى. «جولدن» أكد لمحطة «cbs» الأمريكية أن بداية اهتمامه بهذه القضية كانت منذ عدة سنوات عندما اكتشف محاولات مكتب التحقيقات الفيدرالى المستمرة لتجنيد مدرس أمريكى من أصل صينى يعمل بجامعة جنوبفلوريدا بهدف التجسس على بكين. فى البداية اعتقد جولدن أن الأمر غريب وغير متكرر لكن مع البحث والتدقيق اكتشف أن هذا الأسلوب متبع فى جميع أجهزة الاستخبارات الأمريكية. وخلص جولدن خلال بحثه إلى أن العولمة والتقدم الاستخباراتى حوّلا الجامعات إلى ما سمّاه «حالة الجاسوس فى مواجهة الجاسوس»، خصوصًا مع وجود أعداد كبيرة من الأجانب داخل الجامعات الأمريكية.فيجند ال«FBI» طلبة أمريكيين للتجسس على الطلبة الأجانب بينما يجند ال«CIA» الطلبة الأجانب للتجسس لصالح الولاياتالمتحدة عند العودة إلى بلادهم. هذا بالطبع إلى جانب وجود طلبة تستخدمهم بلادهم فى التجسس خلال فترة دراستهم فى الولاياتالمتحدةالأمريكية.