أصبح للتحرش مواسم فلا تكاد تخلو احتفالات دون رصد لحالات التحرش، الأمر الذى دفع العديد من الجهات المعنية وفى مقدمتها المجلس القومى للمرأة والمنظمات المعنية بالدفاع عن النساء لإعداد خطط غير تقليدية للتصدى للتحرش. حالة من الجدل أثيرت على مواقع التواصل، دفعت الكثير من الفتيات للخروج عن صمتهن، خاصة بعد الدعم الذى تلقاه الشاب المتحرش بالتجمع، والهجوم على الضحية «منة جبران»، وأصبح الشاب نجمًا مجتمعيًا يلتقط معه السيلفى، فى حين تم فصل الفتاة من العمل. عدد من المنظمات والجروبات النسوية دعت الفتيات إلى حملة لتدوين ورصد ما يتعرضن له من تحرش سواء فى المجال العام أو فى أماكن العمل عبر هاشتاج «التحرش- جريمة»، بدأت القصص تنتشر على السوشيال ميديا وتصدّر الهاشتاج المراكز الأولى على موقع تويتر. رصد الهاشتاج عددًا كبيرًا من حكايات الفتيات مع المتحرشين فى الأماكن العامة وأماكن العمل، ولجان الامتحانات، ومكاتب التنسيق، محطات المترو، داخل عربات القطارات، فى المدارس، فى المنازل، فى العيادات والمستشفيات، المطاعم والكافيهات، وشملت القصص كل الأماكن العامة. كان أبرز القصص ل«جهاد راوى» و«روزانا ناجح»، اللتين تم احتجازهما فى قسم قصر النيل ثانى يوم العيد بعد تعرضهما للتحرش 45 دقيقة فى الشارع، وكان هناك شد وجذب بين الفتاتين والمتحرشين، ما دفعهما للذهاب إلى قسم قصر النيل، إلا أن المتحرشين قاما بتحرير محضر ضدهما بتهمة السب القذف، ولم يحبس أحد من المتحرشين. وقالت إحداهما: «تدخلت دورية شرطة.. والولد المتحرش كان بيزعق ويزق فيهم ولا همه، وده سبب إنهم خدوا موقف بدل ما كانوا بيهدّونا عشان نمشى، لما رحنا القسم الولد اتهمنا بالتعدى عليه وعلى أخيه بالسب والضرب، وأنكر اتهاماتنا، فبقى اتهام ضد اتهام، وصدر قرار الساعة 3 الفجر بعرضنا جميعًا على النيابة، وتم خروج الفتاتين بضمان المحامى الشخصى». «المركز المصرى لحقوق المرأة» أوضح فى دراسته «غيوم فى سماء مصر» لتعريف التحرش الجنسى، أنه ليس من الضرورى أن يكون التحرش سلوكًا جنسيًا معلنًا وواضحًا، بل قد يشمل تعليقات ومجاملات غير مرغوب فيها، وجاء ذلك باتفاق عينات الدراسة الثلاث «الذكور المصريون، النساء المصريات، الأجنبيات». وأخيرًا، انتشرت مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعى، للتشهير بالمتحرشين كنوع من العقاب على إساءة التصرف مع الفتيات، من «افضح متحرش»، و«امسك متحرش»، «التجريس الإلكترونى»، وذلك بعد أن ذكرت هيئة الأممالمتحدة أن 99 % من النساء المصريات تعرضن للتحرش منذ عام 2013، وهو ما أدى إلى تغليظ العقوبة على جريمة التحرش الجنسى فى عام 2014 لتصل إلى الحبس 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه، ولا تزيد على 5 آلاف جنيه. وجاء النص فى القانون: «كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة، بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكى». الحقوقى فتحى فريد - مدير مؤسسة أمان لمواجهة التحرش الجنسي- أرجع لجوء الفتيات إلى تجريس المتحرشين على الإنترنت للتحايل على صعوبة إثبات وقائع التحرش فى القانون المصرى، لأنه يفترض أن تتمكن الفتاة المتضررة من القبض على المتحرش واقتياده لأحد مراكز الشرطة وتوافر شهود عيان للواقعة، هو ما يصعب تحقيقه، مشيرًا فى الوقت نفسه إلى سهولة إثبات وقائع التحرش الإلكترونى التى يتم التوصل إلى المتحرش وملاحقته قضائيًا بواسطة إدارة مكافحة جرائم الإنترنت التابعة لوزارة الداخلية. بعد حادث «منة جبران» الشهيرة بفتاة التجمع، أطلقت 11 منظمة نسوية، حملة تحت عنوان «مش باللمس»، للتضامن مع الفتاة، بسبب ما تتعرض له من هجوم لنشرها مقطع فيديو على «فيس بوك» أثبتت خلالها تعرضها للتحرش. أمل محمود مدير مشروع التحرش الجنسى فى مؤسسة المرأة الجديدة، قالت إن الانقسام على التحرش ونكرانه فى الحادث الأخيرة على وجه التحديد راجع إلى عدم وعى المجتمع بالتحرش ومفهومه رغم حملات التوعية، فبالنسبة لهم التحرش فعل التلامس الفج الذى يوضع فى قانون العقوبات تحت بند هتك العرض. وأضافت أن الفتيات يلجأن إلى وسائل التواصل الاجتماعى لتدوين ما يتعرضن له من تحرش وكأنه الآلية الوحيدة التي يمكن استخدامها، رغم أنه من الأفضل تحرير محاضر بما يتعرضن له من تحرش إذا كان هناك شىء مادى فى الواقعة، لافتة إلى أن الفيس إحدى آليات مواجهة التحرش الجنسى وليس الآلية الوحيدة.