110 أعوام تَمُرّ هذه الأيام على إنشاء «مكتب التحقيقات الفيدرالى» «FBI»، وذلك وسط أجواء متوترة بين المكتب والبيت الأبيض. ويعتبر ال«FBI» أحد أهم أجهزة المجتمع الاستخباراتى الأمريكى منذ إنشائه عام 1908 ويعمل وفقًا لقوانين وزارة العدل ويُرسل تقاريره إلى مكتب المحامى العام ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية. أصبح المكتب اليوم مسئولاً عن أكثر من 200 نوع من الجرائم من بينها الإرهاب. ويمتلك ال«FBI» مكتبًا ميدانيّا فى المدن الأمريكية الكبرى و400 فرع فى المدن الأخرى الأقل حجمًا داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويعمل بالمكتب اليوم أكثر من 30 ألف موظف، ويمكن اعتبار ال«FBI» جهاز الاستخبارات الداخلية الأمريكى، فهو موازٍ لجهاز «MI6» البريطانى و«FSB» الروسى. البداية كانت بإنشاء «المكتب الوطنى لكشف الجرائم» عام 1896 لكن بعد مقتل الرئيس وليام ماكينلى عام1901 على يد أحد المنتمين إلى الفلسفة السياسية التى تعرف ب«الأناركية» كانت هناك ضرورة لوجود قوة أكبر تأخذ على عاتقها تتبُّع هؤلاء الأناركيين وغيرهم ممن يهددون الأمن، لذلك طلب الرئيس الأمريكى ،آنذاك، «تيودور روزفلت» من المدعى العام فى ذلك الوقت «تشارلز بونابرت» إنشاء هيئة مستقلة تقدم تقاريرها فقط للمحامى العام. وتحدث بونابرت إلى عدد من الوكالات ومنها وكالة الخدمة السرية لتوفير موظفين وبشكل خاص محققين، لكن الكونجرس الأمريكى رفض الفكرة خوفًا من أن تتحول الوكالة الجديدة إلى جهاز شرطة سرية. وهنا اتفق روزفلت وبونابرت على ضرورة إنشاء مكتب تحقيقات رسمى يكون له موظفوه وعملاؤه. وبالفعل تأسس المكتب الذى حمل فى البداية اسم «مكتب التحقيقات» (BOI) وعَيّن بونابرت 43 شخصًا بينهم ضباط وموظفون بالخدمة السرية، أمّا أول مدير للمكتب فكان «ستانلى فينش»، وفى عام 1910 تغير اسم المكتب إلى الاسم الحالى «FBI». تناوب على رئاسة المكتب 8 مديرين آخرهم «كريستوفر راى» إلى جانب 8 قائمين بأعمال الرئيس وآخرهم «أندرو ماكابى»، إلا أن «إدجار هوفر» يُعد أكثر رئيس احتفظ بكرسيه منذ إنشاء المكتب حتى اليوم، حيث عُين هوفر مديرًا لل«FBI» عام 1924 حتى عام 1972، أى أنه ظل مديرًا للمكتب على مدار 48 عامًا متواصلة، ولذلك تم إطلاق اسم هوفر على المقر الرئيسى فى العاصمة الأمريكيةواشنطن، وبعد وفاة هوفر أصدر الكونجرس قانونًا يحدد مدة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى بما لا يزيد على 10 سنوات. مديران من الثمانية تعرّضا للإقصاء من رؤساء أمريكيين، وهما «وليام سيشنز» الذى تولّى منصبه لمدة خمس سنوات فقط، ليقرر الرئيس «بل كلينتون» إقصاءه بعد الكشف عن استخدامه الطائرة الخاصة بالمكتب فى رحلات شخصية وتركيب أجهزة مراقبة فى منزله على حساب ال«FBI»، أمّا الثانى فهو «جيمز كومى» الذى أقصاه ترامب على خلفية أزمة التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية، بينما أنهى «ويليام وبستر» مدة السنوات العشر عام 1978 فى عهد الرئيس الأسبق «كارتر» ليتم تعيينه رئيسًا ل«وكالة الاستخبارات المركزية» (CIA). ينقسم المكتب إلى ستة أقسام هى: قسم الاستخبارات وقسم الأمن القومى وقسم الجريمة والجريمة الإلكترونية إلى جانب قسم العلوم والتكنولوجيا وقسم التكنولوجيا والمعلومات وأخيرًا قسم الموارد البشرية. فيما يتعلق بميزانية ال«FBI» فقد بلغت أكثر من 8.7 مليار دولار عام 2018، أمّا أهم المهام الحالية للمكتب فهى حماية الولاياتالمتحدة من الهجمات الإرهابية وعمليات التجسس والهجمات الإلكترونية إلى جانب مكافحة جرائم الإنترنت والفساد وحماية الحقوق المدنية والتصدى للمنظمات الإجرامية.