كرة القدم واحدة من أكثر الألعاب الجماهيرية، التى تحظى باهتمام كبير من قبل جميع الأطياف كبار أو صغار، رجال ونساء.. وخلال الأيام الماضية لم يخل تجمع رجالى أو نسائى أو شبابى من الحديث عن كأس العالم، وكشفت مشاركة المنتخب المصرى فيه بعد غياب 28 عاما عن اهتمام قاعدة كبيرة من المصريات بكرة القدم، وقواعدها.. لكن ماذا عن الكرة النسائية؟! لا تزال كرة القدم النسائية واحدة من بين عشرات الرياضات التى تعانى العديد من المشكلات ولا تحظى بالمكانة التى تتمتع بها كرة القدم الرجالية، ففى الوقت الذى لا تزال فيه فضيحة خروج المنتخب من المونديال تسيطر على الساحة الرياضية المصرية، يستعد فريق نسائى نصفه من ذوى الاحتياجات الخاصة لتمثيل مصر فى أول كأس لكرة القدم النسائية الموحدة للأولمبياد الخاص دون أن يلتفت إليهن أحد. وبعيدا عن صخب المنتخب الأول، وإنجازات أبطال الألعاب الفردية فى بطولة البحر الأبيض المتوسط، كانت الكابتن فايزة حيدر صاحبة ال35 عاما، تعد فتياتها للمشاركة فى البطولة النسائية التى ينظمها الاتحاد الدولى لكرة القدم، ويشارك فيها 24 منتخبا، وهدفها تقديم أداء يليق باسم مصر، ومعها من المؤهلات ما يحقق ذلك حيث تعتمد على 10 فتيات نصفهن من ذوى الاحتياجات الخاصة، فضلا على أنها أول مدربة مصرية معتمدة فى الدورى الإنجليزى الممتاز، وأول مدربة لفريق قدم للرجال فى مصر، وحصدت العديد من الجوائر المحلية والدولية. «روز اليوسف» كان لها حظ الاقتراب من الفريق وحضور أحد التدريبات اليومية داخل المركز الأوليمبى لتدريب الفرق القومية فى المعادى الجديد، قبل سفر الفريق إلى شيكاغو لتمثيل مصر فى البطولة، حيث قالت الكابتن فايزة حيدر: «مصر تشارك فى أول كأس لكرة القدم النسائية الموحدة للأولمبياد الخاص، فنحن على موعد مع الإثارة والشغف للساحرة المستديرة، فبعد أن شاركنا فى كأس العالم فى روسيا بعد غياب 28 عاما، جاء صعود الفرعونيات لأول كأس عالمية لكرة القدم النسائية الموحدة للأولمبياد الخاص، والتى ستقام بشيكاغو بمناسبة الاحتفال بالعيد الذهبى على تأسيس الأولمبياد الخاص الدولى «1968-2018» بمشاركة 24 منتخبا. الأجواء الحماسية طوال مدة التدريب التى تزيد على الساعتين كانت هى المسيطرة، حيث تحرص الفتيات العشر على الحضور فى الصباح الباكر يحملن شنطا ثقيلة على الظهر، وبحركة سريعة يصطففن أمام المدرب للاستماع لتعليماتها. وحرصت أمهات الفتيات على حضور التمرين اليومى لتشجيعهن، رافعات أعلام مصر، وأثناء التدريب تحرص «فايزة حيدر» على توجيه النصائح والإرشادات السريعة لفتياتها، تارة تشجع وأخرى تلوح بيدها للاعتراض والمطالبة بمستوى أفضل للعب. قالت «فايزة» وهى تتكئ على كرة القدم: «كنت أحلم بتلك الفرصة من خلال بطلات مصر فمعظم الفتيات حاصلات على ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية فى بطولات متنوعة، ومن هنا جاء صعودهن إلى أول كأس عالمية لكرة القدم النسائية الموحدة للأولمبياد الخاص 2018.. نستعد للحلم منذ شهور دون خوف، فتجربتى كفتاة كرة قدم شجعتنى للوقوف بجوار أى فتاة موهوبة فى نفس المجال، فمسيرتى فى الدفاع عن هوايتى الخاصة طويلة وحققت بها نجاحا بفضل إصرارى على التميز». عن قصتها مع كرة القدم، تضيف: «بدأت منذ مرافقة شقيقى الأصغر للتدريب على لعب كرة القدم فى حلوان، واجهنى رفض والدتى ذات الأصول الصعيدية فى أن أسير فى مجال الرياضة وأنزل للملاعب وسط الرجال، إلا أن موهبتى وإشادة الجميع بى تصدت لحالة الرفض لدى والدتي، وبالفعل كانت مسيرتى الحقيقية فى نادى حلوان، وشاركت فى بطولة أول دورى نسائى ولم يتجاوز عمرى ال14 عاما، ودخلت المنتخب الوطنى فى أواخر التسعينيات، وانتقلت للعديد من الأندية التى تبنت موهبتي، وفى 2007 توليت مهام تدريب فريق حلون كمدرب للفريق بشكل رسمى لأحصل على لقب أول فتاة تقوم بتدريب الرجال فى مصر، وحتى الآن قمت بتدريب ما يزيد على 3 آلاف من الجنسين، بينهم العديد من نجوم الرياضة فى المصري، والإسماعيلى والأهلي. والفريق النسائى شعلة من الحماس الأنثوى فى تحقيق الأهداف بجدارة- تكمل فايزة حيدر حديثها- قائلة: «الفتيات لديهن قدرة عالية ولياقة بدنية كبيرة، وقد يتعجب البعض من وجود نصف الفريق من ذوى الاحتياجات الخاصة، فأؤكد لهم أن ال5 فتيات المشاركات من ذوى الاحتياجات الخاصة لديهن مهارة كبيرة وتركيز أعلى من الأسوياء. روح المرح تميز الفريق، حيث أطلقت الفتيات أسماء المشاهير على أنفسهن، فبين اللاعبات «محمد صلاح، وميسى وعبدالله السعيد وليوناردو وشيكابلا وعمرو وردة»، تقول «منة» التى يلقبها أصحابها ب«محمد صلاح»: «أطلق زملائى هذا الاسم لأن شعرى يشبه شعر محمد صلاح، وأمتلك بعض حركات اللعب مثل محمد صلاح وأؤدى نفس مهامه مع الفريق». وتضيف منه : «أسرتى تشجعنى على المشاركة وأحلم بالفوز بالبطولة، ورغم أننى لم أتجاوز ال 17 عاما إلا أننى أوفق بين دراستى وهوايتى المفضلة كرة القدم، وتحديت رفض الآخرين كونى فتاة وألعب كرة قدم بمساندة أسرتى وموهبتي، ويومياتى أقضيها فى الدراسة والتدريب على كرة القدم فقط، ووقت الإجازات أشارك فى البطولات، وأحلم أن أكون لاعبة كرة قدم مشهورة. تقول رحمة أحمد من ذوى الاحتياجات الخاصة من المشاركين فى الفريق الأوليمبى صاحبة ال16 عاما: « دورى لاعبة ومتحدث رسمى باسم الفريق، أتعلم من مدربتى فايزة حيدر لأتحدث باسم الفريق، تم ضمى للفريق منذ عامين، وتساندنى والدتى فى معظم تحركاتي، وأحلم بأن أكون لاعبة كرة قدم دولية، وأطلب من الجميع الدعاء للفريق النسائي. وعن حياتها الخاصة، تضيف: «ليس بها أى هوايات أخرى سوى الدراسة، والاطلاع على الكمبيوتر ومشاهدة قصص الناجحات حول العالم من نساء كرة القدم النسائية». أما ميسى الفريق النسائى «مرنا» صاحبة ال17 عاما، فتقول: سبب تسميتى بهذا الاسم أننى أشبهه كثيراً فى ملامح الوجه، ودائماً ما أسدد أهدافا تشبهه، وأقوم بحركاته بعد أى هدف أسجله، فالحياة الكروية النسائية ممتعة والأحلام بها والمتعة أكثر سعادة لأى فتاة، فلماذا لا نحلم بأن نحمل كأسا لمصر بأيادى النساء، وما لم يحققه الرجال فى كأس العالم فى روسيا 2018 قد نستطيع نحن البنات تحقيقه، ورغم الصعوبات التى نواجهها كفتيات وقلة الدعم الإعلامى والمادي». وأضافت آية أحمد 15 عاما، بأنها شاركت فى بطولة العالم لكرة الريشة وحصلت على الميدالية الذهبية، وهى من ذوى الاحتياجات الخاصة، ويطلقون عليها لقب عبدالله السعيد، قائلة: «أنا أقف وأشارك فى الملعب بنفس دوره فى الفريق الكروى للرجال»، وفى ابتسامة تحدٍ أشارت آية «وأتحداه أيضاً وأحلم باللعب معه وجهاً لوجه فى مبارة يشاهدها الجميع ليرى قدراتى النسائية». وبجوار الملعب كانت طاولة مخصصة لأمهات الفريق النسائي، معظمهن كن يحملن شنطا صغيرة خاصة بالفتيات بها أكثر من طقم رياضى وحذاء للتبديل أى وقت وفوطة وزجاجة مياه وأخرى عصير، قالت والدة «رحمة»: لا أفارق ابنتى، وتحضر معظم الأمهات الحاضرات بجوارى يومياً حيث إن معظم الفتيات لم يتجاوزن سن ال18 عاما، حتى أننا أصبحنا أسرة واحدة نتواجد دائماً مع موعد التدريب فى الصباح الباكر، لتلبية احتياجاتهن خاصة الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة، وفى حالة مشاركتهن خارج البلاد هناك أشخاص مسئولون عنهن ونحلم بالفوز بكأس العالم.