ارتبطت جميع الشعوب تاريخيًا ب«الطبلة»، فى الفرح يستدعونها للبهجة، وبها أيضًا يطلبون الحرب عليها يضربون لنصرة المظلوم وفرض السيادة. خاطب الحكام الشعوب ب«الطبلة»، فكان الناس قديمًا يتلقون أوامر وتنبيهات الحاكم بمنادى يقرع الطبول ويلقى أوامره، بل إن الحرب لم تكن تُعلن إلا من خلال الطبلة، وعلى المستوى العلمى، وضع الخليل بن أحمد الفراهيدى عِلم العَروض قياسًا على الطبلة، لذلك الطبول لغة خاصة عابرة للقارات. هى إحدى اللغات النغمية المهمة الشاهدة على الحضارات الإنسانية المختلفة، حيث استخدمتها بعض الشعوب قديمًا كوسيلة للاتصال عبر المسافات البعيدة عن طريق النقر عليها بطرق خاصة تعكس مدلولات متنوعة والبعض الآخر له مع الطبول حكايات وتاريخ فكل نوع من الطبول يعكس عادات وتقاليد معينة خاصة شعوب القارة السمراء التى اعتبرت الطبول جزءًا من أدب الإغريق قبل أن تكون جزءًا من الفن حيث اعتبروا أن صوت الطبل يُحاكى أصوات اللغة البشرية فهو يحمل نفس رسالة اللغة المنطوقة فهو كلمات يضعها من يعرف اللغة ومن تدربت أذنه على سماع إيقاعها المنطوق. بين الأبنية التاريخية وكنوز التراث الإسلامى الفاطمى يقام بشارع المعز فى وسط القاهرة مهرجان الطبول الدولى للسنة السادسة على التوالى والذى انطلق لأول مرة أولى تحضيراته عام 1990 من خلال قيام الفنان انتصار عبدالفتاح رئيس ومؤسس المهرجان الدولى للطبول والفنون التراثية برحلة طويلة شملت بحث ودراسات ميدانية إلى قرى وأقاليم الريف والصعيد والذى اكتشف خلالها أن الفلكلور المصرى يتم التعبير عنه بشكل أحادى فلا يوجد تراث معين يمكن حصر الشخصية التراثية المصرية من خلاله ومنذ ذلك الوقت وهو يسعى لتأسيس مهرجان يعبر عن الثقافات المختلفة من خلال الطبول وبالفعل تمكن من إقامة أولى دوراته عام 2012، حيث تلاقت خلال المهرجان ثقافات مصر من شمالها ووسطها إلى أقاصى الجنوب وأيضًا ثقافات دول أخرى، وسوف يشارك فى المهرجان هذا العام 22 دولة على رأسها الصين وأرمينيا وأستونيا والمالديف والمكسيك والهند واليونان وباكستان وبلغاريا وبولندا وتايلاند ورومانيا وإندونيسيا وسريلانكا وغينيا الاستوائية ونيجيريا واليابان إلى جانب عدد من الدول العربية على رأسها السعودية والجزائر وتونس والسودان وفلسطين وغيرها، ومن الأماكن المقرر عروض المهرجان فيها شارع المعز وقلعة صلاح الدين وقبة الغورى ومركز الطفل للحضارة والإبداع وحديقة الحرية بجوار دار الأوبرا ومسرح ساحة الهناجر بالأوبرا والمسرح المكشوف بمنطقة الكوربة فى مصر الجديدة وقصرا ثقافة بنها وبهتيم. وأعلن الفنان انتصار عبدالفتاح عن تفاصيل الدورة السادسة للمهرجان وتقرر انطلاق فعاليات المهرجان فى الفترة من 20-27 إبريل، مشيرًا إلى أن هناك 6 فرق مصرية تشارك فى المهرجان، وهى فرقة العريش التى ستقدم عروضًا خاصة بسيناء، بالإضافة إلى مشاركة فرق بورسعيد والشرقية وسوهاج وفرقتىّ الإسكندرية وتوشكا، وفرق أخرى من وزارة الشباب والرياضة إلى جانب فرقة دولة ضيف الشرف سريلانكا، فهى فرقة واحدة لكنها ستقدم ملامح وثقافة شعب طوال أيام المهرجان، كما ستكون هناك عروض مميزة خاصة ستقدمها فرقة فلسطين وسوريا والعريش. وأعربت فرقة الطبول اليابانية كودو عن سعادتها بالمشاركة فى المهرجان الدولى للطبول فى مصر وتعتبر فرقة كودو من أقدم وأشهر فرق الطبول فى اليابان، وتعنى كلمة كودو فى اللغة اليابانية ضربات القلب، وباعتباره المصدر الرئيسى لكل الإيقاعات واختارت الفرقة هذا الاسم لتشابه ضربات الطبول بدقات القلب وكان لها دور كبير فى نشر موسيقى الطبول اليابانية وتصديرها إلى العالم أجمع، حيث تصنف الفرقة أنها من أهم الفرق الآسيوية التى تشارك فى المهرجات الدولية والعالمية بانتظام فى اليابان وأوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط، وذلك فى إطار رحلتها تحت عنوان جولة أرض واحدة والتى بدأت منذ بداية العقد الثامن من القرن الماضى وعرضت أكثر من 6 آلاف حفل ب49 دولة فى قارات العالم الخمس وبدأت الفرقة رحلتها فى مصر الأسبوع الماضى، بمدينة الإسكندرية وقدمت عددًا من أجمل المعزوفات الموسيقية باستخدام الآلات التقليدية اليابانية والطبول. تعتبر فرقة حسب الله من أهم الفرق التى تشارك سنويّا فى مهرجان الطبول كل عام باعتبارها واحدة من أهم الفرق التراثية المصرية القديمة والتى لها شهرة واسعة على مستوى الوطن العربى، وتقدم الفرقة عددًا من أغنيات لنجوم الزمن الجميل، عبدالحليم حافظ وعبدالمطلب وغيرهما. وشهد المهرجان إقبالا جماهيريّا غير مسبوق، العام الماضى، من الشباب ورواد ومحبى شارع المعز الذين جذبتهم عروض الفرق والذين تفاعلوا ورقصوا على أنغامها وحتى الفرق المغايرة لهم فى الثقافة واللغة ونوع الموسيقى خاصة عروض دولة الإكوادور وأرمينيا والجزائر، ومن المتوقع أن يكون الإقبال هذا العام أكبر من العام الماضى، خاصة بعد ارتفاع عدد الدول المشاركة بفنونها وثقافتها من 17 إلى 22 دولة، وبدا ذلك واضحًا من تفاعل الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك وتويتر» حتى إنه تجاوز عدد الدعوات المقامة فى المجموعات الشبابية 1200 دعوة قبل أن تعلن تفاصيل المهرجان.