وزارة الاستثمار تعلن حظر استيراد السكر المكرر للاتجار لمدة 3 أشهر    تباين الأسهم العالمية بعد تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على إنهاء إغلاق الحكومة الأمريكية    بيسكوف: نطوّر علاقاتنا مع سوريا بغض النظر عن تقاربها مع واشنطن    محمد صلاح ينضم لمعسكر منتخب مصر في الإمارات    مصرع فتاة إثر سقوطها من الطابق ال13 بمنطقة الفلكي في الإسكندرية    كشف ملابسات استغلال شخص لنجله من ذوى الهمم في استجداء المارة بالإسماعيلية    رئيس مياه القناة يتفقد انتظام سير العمل بالمحطات وشبكات صرف الأمطار    «العمل» تستجيب لاستغاثة فتاة من ذوي همم وتوفر لها وظيفة    روبيو: تعليق العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر    وزير الخارجية: نأمل التوصل لصياغات توافقية دون المساس بالثوابت الفلسطينية    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    مُسن يبلغ ال 90 عاماً يُدلي بصوته في ثاني أيام انتخابات النواب 2025    موقف أحمد عبد الرؤوف من الاستمرار مع الزمالك    ستاد القاهرة يستضيف ودية منتخب مصر الثاني أمام الجزائر    «أنا مش العقلية دي».. ياسر إبراهيم يرفض الاعتراض على قرار حسام حسن    المرأة تقود دفة المشهد الانتخابي بدائرتي الخارجة والداخلة    «الزراعة»: تحليل أكثر من 18 ألف عينة غذائية خلال أكتوبر الماضي    حالة الطقس في الكويت اليوم الثلاثاء    إصابة 16 في حادث إنقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    قرار قضائي ضد نجل عبد المنعم أبو الفتوح في اتهامه ب«نشر أخبار كاذبة» (تفاصيل)    إغلاق مستشفى بمدينة نصر لمخالفة اشتراطات الترخيص    إغماء شيماء سعيد زوجة إسماعيل الليثي في جنازته ب إمبامبة    جائزة أفضل فيلم روائي طويل لفيلم ملكة القطن بمهرجان سالونيك السينمائي    القومي لثقافة الطفل يعلن عن البوستر الرسمي لملتقى الأراجوز والعرائس التقليدية السابع    «العشم واخدهم».. 5 أبراج تتعلق بسرعة وتصاب بخيبة أمل بسهولة    رحلات تعليمية وسياحية لطلاب المدارس بالشرقية    عطور الماضي تلتقي بالفنون المعاصرة في ختام مهرجان قصر المنيل    «الصحة» تكشف النتائج الاستراتيجية للنسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    غزة على رأس طاولة قمة الاتحاد الأوروبى وسيلاك.. دعوات لسلام شامل فى القطاع وتأكيد ضرورة تسهيل المساعدات الإنسانية.. إدانة جماعية للتصعيد العسكرى الإسرائيلى فى الضفة الغربية.. والأرجنتين تثير الانقسام    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    طن عز الآن.. سعر الحديد اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 أرض المصنع والسوق    انتخابات مجلس النواب 2025.. توافد السيدات والفتيات على لجان الاقتراع بالمنيا    هيئة محامي دارفور تتهم الدعم السريع بارتكاب مذابح في مدينة الفاشر    أوباميكانو يثير الجدل حول مستقبله مع البايرن    مراسل إكسترا نيوز ينقل كواليس عملية التصويت فى مرسى مطروح.. فيديو    «الشرقية» تتصدر.. إقبال كبير من محافظات الوجه البحري على زيارة المتحف المصري الكبير    الأوراق المطلوبة للتصويت فى انتخابات مجلس النواب 2025    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    تحرير 110 مخالفات للمحال غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    تأكيد مقتل 18 شخصا في الفلبين جراء الإعصار فونج - وونج    تحديد ملعب مباراة الجيش الملكي والأهلي في دوري أبطال أفريقيا    بعد تعديلات الكاف.. تعرف على مواعيد مباريات المصري في الكونفدرالية    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    وزير الصحة يبحث مع نظيره الهندي تبادل الخبرات في صناعة الأدوية وتوسيع الاستثمارات الطبية المصرية - الهندية    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    "طلاب ومعلمون وقادة" في مسيرة "تعليم الإسكندرية" لحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب 2025    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر 2025 بنسبة استجابة 100%    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    انتخابات مجلس النواب.. تصويت كبار السن «الأبرز» فى غرب الدلتا    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ضدّ المكتبة».. خواطر عن الكُتب والمكتبات

اختزال المكتبة فى الأرفف الخشبية عادة، والكتب الأنيقة التى تتراص إلى جوار بعضها، ويكون العامل الوحيد لوجود كتاب بجوار آخر هو الحجم المتساوى، تلك الصورة «النمطية» التى حُفرت فى أذهاننا حتى صارت هى انطباعنا الأوحد عن المكتبات المنزلية والعامة؛ أفقدت الكتب دورها الفعلى فى التفاعل معنا والتفاعل معها على طريقة كافكا «على الكتاب أن يكون كالفأس التى تهشّم البحر المتجمّد فينا». كيف سيحدث هذا والكتب «تُوضع إلى جانب السرير كتميمة حراسة»، ولا تختلف صورة المكتبة وهيئتها فى كثير من البيوت عن دولاب «النيش»؟! هذا ما يحاول كاتبنا تفكيكه وإيجاد بديل له عبر جولة داخل بعض الكتب.
يكسر الكاتب والروائى خليل صويلح تلك الحالة من الجمود التى تحيط بالمكتبة فى كتابه الصادر حديثا عن دار أثر «ضدّ المكتبة».
تُصنّف دار النشر الكتاب تحت تصنيف «المقالات»، بينما يختار المؤلف فى مقدّمته تصنيفه ب «سيرة ناقصة للكتب». يتجوّل حُرًّا بين الأرفف غيرُ مُكترث بهندسة الرُفوف ووضعها الثابت، يغوص بين دفّتى كتاب ويجلس ليناظر أفكار مؤلّفه. هكذا كتب صويلح نصوصه فى «ضد المكتبة» من موقع القارئ بحثاً عن «تلك المغامرة التى خاضها السندباد ووقعت سهوا من يد النسّاخ فلم تروها شهرزاد».
ما جدوى أرفف الكتب اليوم مع طوفان الفضاء الإلكترونى الذى يحتوى على عدد لا نهائى من العناوين، يتساءل خليل صويلح، ويمتدح فضيلة التجوال، التى تُجبر صاحب المكتبة على التخفّف ،وبالتالى التخلّص من ثقل المكتبة وإعاقتها حركة الكاتب وانتقالاته.
وباعتبار المكتبة جنّة كما تخيّلها بورخيس؛ فلابد من «تنظيفها من الأعشاب الضارّة». «مذبحة» كما يقول صويلح، يتمّ فيها تخفيف حمل الرفوف من ثقل الورق حتى لا تُصبح نوعاً من «الجحيم الدنيوى».
أهمية المكتبة تتحدّد بنوعية ما تحويه وليس بحجمها. يُدلّل على ذلك بمكتبة الشيخ محمد سعيد القاسمى، التى تحوى مخطوطة نادرة من القرن الثامن عشر. تحمل المخطوطة اسم «حوادث دمشق اليومية»، كان أن عثر الشيخ القاسمى على صفحة منها كان عطّارٌ قد لفّ بها طلب الشيخ ذات مرّة، ولمّا عاد إلى المنزل وقرأ ما فيها أدرك أنها جزء من مخطوطة تاريخية، فرجع إلى العطّار وحصل على بقيّتها، وهكذا تمّ جمع مخطوطة شهاب الدين أحمد والتى تُعتبر من أهمّ الوثائق فى تاريخ دمشق الشفاهى.
انتقالاً إلى عالم أمبرتو إيكو والذى كانت تضم مكتبته حوالى 50000 كتاب وعندما سُئل عن كيفية قراءتها كلّها قال «باللمس». استغرق صاحب «اسم الوردة» ثلاث سنوات فى رسم خريطة روايته، منها ثلاثة أشهر يتخيّل فيها شكل المكتبة بما يتلائم مع طبيعة الدير فى الرواية. ويكشف فى كتابه «حاشية على اسم الوردة» كيف أنه جمع وثائق تتعلّق بالعصر الوسيط وقراءة صُحف ذلك العصر ليَبنى على أساسها إيقاع روايته.
مكان رمزى للقراءة
كلوحة نول، يصنع الكاتب متاهته البديلة عن المكتبة الحقيقية ويربط أطرافها المدببة بخيط واحد. مكتبة رمزية تكون ضد المكتبة الواقعية، ولتحقيق هذا «يحتاج إلى مكتبة أخرى بخطط ومتاهات لا نهائية». بخيط رفيع مدّه برنهاد شلينك الكاتب الألمانى بين شخصيتين فى روايته «القارىء»، الصبى المراهق «ميخائيل بيرج» و قاطعة التذاكر الأميّة «هانا شميز» حيث عقدا اتفاقا عادلا فيما بينهما، أن تُعطيه شهوة الجسد على أن يقرأ لها ويُسمعها «رنين الكلمات». ليصبح الحمّام مكان الاشتهاء والصالة مكان القراءة، بشرط أن تسبق القراءة ممارسة الحب، هكذا يربط شلينك بين مسمارىّ اللذّة «الحسّى والمعرفى» بخيط من الشهوة المتبادلة.
ثِقَلُ المكتبة
أما عن حال الكاتب العربى، فقد تُشكّل له المكتبة عبئا ثقيلا وهو بالكاد يجد له مكانا خاصا فى بيت مؤجّر، تحت وطأة أعباء الديون المتراكمة وبين كتبه المكدّسة فى المستودعات. يحكى خليل صويلح كيف كتب معظم رواياته فوق طاولة المطبخ، وعندما انتهى به الترحال إلى منزل صغير ومطبخ ضيّق، استبدل المطبخ بغرفة النوم.
على الضفة الأخرى من مُعاناة الكاتب العربى، قرّرت فرانسيسكا بريمولى الصحفية الإيطالية أن تتجوّل فى أوروبا والولايات المتحدة بصُحبة المصوّرة إريكا لينارد لتسجيل انطباعهما بالصوت والصورة عن بيوت 20 كاتباً، ليبدأ كتابهما بحكاية «تشير مارجريت» التى اشترت بيتها فى إحدى ضواحى باريس بما حصلت عليه من حقوق كتابة سيناريو فيلم «جسر على المحيط الهادئ»، ليكون هذا البيت مأوى عزلتها وإلهامها. أما لورانس داريل صاحب «رباعية الإسكندرية»، فقد كانت الأماكن بالنسبة لكاتب جوال مثله مجرّد ذكريات عابرة، إلى أن استقرّ فى بيت عتيق بحديقة رحبة جنوب فرنسا، فانكبّ فيه على الكتابة والرسم إلى نهاية حياته.
ضريبة الأفكار
من المكتبات إلى الكتب، ومن كتاب إلى آخر، يتنقّل صويلح، عبر حسّ قارئ نهم وأصيل، بين خواطره التى بلغ عددها 103. يرى أن كُتب السيرة الذاتية العربية، مُستثنيا «الخبز الحافى» لمحمّد شكرى، كُتبت «بحبر معقّم من خشونة العيش».
كتاب صويلح ليس له فهرس
وهى خطوة مقصودة على الأغلب، يتحقق معها الغرض والفكرة من الكتاب. يُريد خليل صويلح القول بأن متاهة كبرى تتفتح أمامك وعليك أن تنزلق فيها، تماما كتعبير الكاتب الإسبانى برنارد أتشاجا «تتفتح أمامك الحياة كذيل طاووس»، هكذا يهدينا خليل صويلح مفكرته الشخصية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.