للعام الرابع على التوالي.. «مستقبل وطن» المنيا يكرم أوائل الطلبة بديرمواس| صور    بعد ارتفاع عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الخميس 29 مايو بالصاغة    نشرة التوك شو: توجيهات الرئيس السيسي ل قانون الإيجار القديم وأزمة البنزين المغشوش.. موقف تخفيف الأحمال في الصيف    الدولار ب49.75 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 29-5-2025    بشكل صارم.. أمريكا تبدأ إلغاء تأشيرات بعض الطلاب الصينيين    رسميا، إيلون ماسك يعلن مغادرة إدارة ترامب ويوجه رسالة للرئيس الأمريكي    اقتحام مقر الليكود في تل أبيب واعتقال عشرات المتظاهرين المناهضين    إيلون ماسك يُعلن مغادرة إدارة ترامب: شكرا على منحي الفرصة    إدارة ترامب تستأنف على حكم المحكمة التجارية الذي يمنع فرض الرسوم الجمركية    أول تعليق من إمام عاشور بعد فوز الأهلي بلقب الدوري المصري    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع فوز الأهلي بلقب الدوري المصري؟ (كوميك)    اقتراب موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 بدمياط.. خطوات الاستعلام    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 29-5-2025    تنطلق اليوم.. جداول امتحانات الدبلومات الفنية جميع التخصصات (صناعي- تجاري- زراعي- فندقي)    طريقة عمل المولتن كيك في خطوات بسيطة    ملف يلا كورة.. تتويج الأهلي.. إيقاف قيد الزمالك.. واحتفالات في بيراميدز    مثال حي على ما أقول    بعد فقدان اللقب.. ماذا قدم بيراميدز في الدوري المصري 2024-2025؟    «احنا رقم واحد».. تعليق مثير من بيراميدز    الإفراج عن "الطنطاوي": ضغوط خارجية أم صفقة داخلية؟ ولماذا يستمر التنكيل بالإسلاميين؟    محافظ سوهاج يتفقد عددا من مشروعات التطوير والتجميل    أمانات حزب الجبهة الخدمية تعقد اجتماعا لمناقشة خطط عملها ضمن استراتيجية 2030    مقتل سيدة على يد زوجها بالشرقية بعد طعنها ب 21 طعنة    النائب العام يستقبل عددًا من رؤساء الاستئناف للنيابات المتخصصة والنيابات    ثقافة أسيوط تقدم «التكية» ضمن فعاليات الموسم المسرحي    موعد أذان الفجر اليوم الخميس ثاني أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    اليوم، انطلاق امتحانات الثانوية الأزهرية بمشاركة أكثر من 173 ألف طالب وطالبة    رئيس الحكومة يكشف كواليس عودة الكتاتيب وتوجيهات السيسي    الشركة المنتجة لفيلم "أحمد وأحمد" تصدم الجمهور السعودي    تأهب لإعلان "القوة القاهرة" في حقول ومواني نفطية ليبية    3 أساسيات احرصي عليها لبناء جسم قوى لطفلك    جانتيس: حكومة نتنياهو لن تسقط بسبب «صفقة الرهائن» المتوقع أن يقدمها «ويتكوف»    5 أيام متتالية.. موعد اجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «كزبرة»يفتح قلبه للجمهور: «باحاول أكون على طبيعتي.. وباعبر من قلبي» (فيديو)    رئيس «الشيوخ» يدعو إلى ميثاق دولى لتجريم «الإسلاموفوبيا»    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    "ديسربتيك" تدرس إطلاق صندوق جديد بقيمة 70 مليون دولار في 2026    طقس الحج بين حار وشديد الحرارة مع سحب رعدية محتملة    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الخميس 29 مايو 2025    وزير السياحة: السوق الصربى يمثل أحد الأسواق الواعدة للمقصد السياحى المصري    3 فترات.. فيفا يعلن إيقاف قيد الزمالك مجددا    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    إمام عاشور: نركز لتقديم مستوى يليق بالأهلي بكأس العالم.. وردي في الملعب    موعد أذان فجر الخميس 2 من ذي الحجة 2025.. وأفضل أعمال العشر الأوائل    إنجاز تاريخي للكرة الإنجليزية.. 5 أندية تتوّج بخمس بطولات مختلفة فى موسم واحد    إصابة شاب بطلق خرطوش عن طريق الخطأ في سوهاج    محافظ قنا يشهد افتتاح الدورة الثانية من "أيام قنا السينمائية" تحت شعار "السينما في قلب الريف"    «زي النهارده».. وفاة الأديب والسيناريست أسامة أنور عكاشة 28 مايو 2010    الركوع برمزٍ ديني: ماذا تعني الركبة التي تركع بها؟    السفير أحمد أبو زيد ل"إكسترا نيوز": الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لمصر    حكم الجمع بين نية صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان    أمين الفتوى بالإفتاء: الأيام العشر من ذي الحجة تحمل معها أعظم درجات القرب من الله    دليل أفلام عيد الأضحى في مصر 2025.. مواعيد العرض وتقييمات أولية    أحمد سعد يزيل التاتو: ابتديت رحلة وشايف إن ده أحسن القرارات اللى أخدتها    بداية حدوث الجلطات.. عميد معهد القلب السابق يحذر الحجاج من تناول هذه المشروبات    ألم حاد ونخز في الأعصاب.. أعراض ومضاعفات «الديسك» مرض الملكة رانيا    اغتنموا الطاعات.. كيف يمكن استغلال العشر الأوائل من ذي الحجة؟ (الافتاء توضح)    نائب وزير الصحة تشارك فى جلسة نقاشية حول "الاستثمار فى صحة المرأة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأب «بطرس دانيال» : لا تعارض بين الأخلاق والفن!

الدورة ال(66) ل«مهرجان المركز الكاثوليكى» المصري- والمُقام حاليًا - شىء يدعو للفخر، وإن كُنا ولانزال نتوقف كثيرًا أمام «المعايير الأخلاقية» التى يلتزم بها المركز والمهرجان حتى الآن.
مسألة «الفن» و«الأخلاق» التى يدور حولها الجدل فى الفترة الأخيرة..وحديثنا مع الأب «بُطرس دانيال» - مُدير «المركز الكاثوليكى» -جاء لنناقش هذين المفهومين.. احتفظنا بوجهة نظرنا.. وهو كذلك.. لكننا اتفقنا على الحق فى تبادُل الآراء أيّا كانت.. مع التذكير أن الاختلاف لا يُمكن أن يُفسد أبدًا للوِدِّ قضية.
 تم الاستقرار على خمسة أفلام - من بين 45 فيلمًا مصريّا - عُرِضَت بدور العرض السينمائى عام 2017 لِتُشارك بالمهرجان هذا العام.. وفى الوقت نفسه تم استبعاد فيلميّ «شيخ جاكسون» و «بشترى راجل» لأنهما - كما صرحت - «لا يتوافقان مع المعايير الأخلاقية للمركز».. هل من الممكن شرح هذه العبارة السابقة أكثر؟
- نحن فى المقام الأول نتبع جهة دينية، حقيقة أننا نُشجع الفن، ولكننا نحرص على انتقاء هذا الفن لأنه لا يجوز للأزهر أو الكنيسة كجهاتٍ دينية مسئولة فى المجتمع أن يشجعا على الفن الذى «لا يحمل رسالة هادفة»، وبالتالى نجد أنفسنا أمام اختيارات تحكمها «معايير أخلاقية»، نبتعد فيها عن العُنف والابتذال.. نحن نشجع الفن من وِجهتنا الدينية الخاصة، ونُصدِّق على عدم حُرمانيته، فالفن يمتلك رسالة نستطيع أن نبنى بها المجتمع، ولنترك التقييم الفنى المُتخصص للجهات الفنية، التى لا تتبع أى جهة دينية، ومن حق أى مهرجان آخر أن يختار ما يروق له من النوعيات المختلفة للأفلام، التى تحمل معايير متوافقة معه، ونحن نحاول التوفيق ما بين المعايير الأخلاقية والفنية بما لا يخل بنظام المهرجان، وأكبر دليل هو اختيارنا لفيلم «أخضر يابس»، الذى به مشهد جرىء فى نهايته - علَّق عليه البعض - ولكننا عندما شعرنا أنه لا يجوز اكتمال الفيلم إلا بوجوده وافقنا على مُشاركته، وقد حدث ذلك من قبل فى اختياراتنا لفيلميّ «سهر الليالى» و«أسرار البنات»، فنحن نرفض عندما نشعر أن الفيلم مبنيٌّ على الابتذال أو العُرى أو الجريمة وغيرها من السلوكيات المرفوضة.
 كل القائمين على المهرجان من الآباء والرُهبان.. هناك من يستفسر: ما هى علاقة «الراهب» الذى يُكرِّس نفسه لله ب«السينما»؟
- لو رَجعنا بالتاريخ للوراء، سنجد أن البابا «بيسو» الحادى عشر عام 1936وجد أن هناك بعض الأساقفة الأمريكيين من المُتشددين، وكانوا ضد السينما، فقالوا عنها وقتها أنها اختراع جديد وتحمل خطورة على البشرية، ولكن البابا قام بإرسال «خطاب رسمى» ضد هذا الفكر المُتشدد، وعندما يقوم البابا بإرسال خطاب للكنيسة، فمن المُفترض أن الكل لا يُعارضه، وذلك لأنه يُصدر بعد دراسة من مُتخصصين، وكان هذا الخطاب يشجع السينما، وطالبهم بالاستفادة منها فى تنمية المجتمع.. من وقتها بدأت فكرة إنشاء المراكز الكاثوليكية، ووقتها بدأ رجال الدين فى العالم كله يهتمون بالفن، ويأخذون منه ما يناسبهم كرجال دين يدعون للخير وللجَمال وللعادات وللقيم الأخلاقية، وأنا كرجل دين لديَّ رسالة دينية وإنسانية بعيدة عن المركز، ومُتصلة به فى الوقت نفسه، ف«الرهبنة» اختارتنى لكى نُشجع «السينما»، خصوصًا أن مصر رائدة فى هذا المجال مُنذ القِدَم، وكنت فخورًا بذلك.. وقد قُمنا بتطوير مهرجان المركز الكاثوليكى من مجرد مهرجان فنِّى إلى فاعليات إنسانية خاصة بمرض الفنانين واحتياجاتهم بما يتوافق مع كوننا جهة دينية.. وأنا لا أهتم كثيرًا بالنقد، وأقوم بما تُمليه عليَّ المسئولية الدينية والاجتماعية، وكثيرًا ما تتم دعوتى إلى حفلاتٍ خاصة وأعياد ميلاد، لكنى لا أذهب، وأُفضِّل الذهاب إلى عيد ميلاد فنان مريض أو عزاءات، وفى كل الأحوال سيتم توجيه النقد، ولذلك لا أتوقف عن أعمال الخير كلما استطعت فعلها ولو بأشياءٍ بسيطة، والمركز يقوم بأعمالٍ إنسانية مع المِحتاجين وليس الفنانين فقط، فهناك الكثير من الذى يتم فى الخفاء ونقوم بهِ بعيدًا عن الإعلام.
 رُغْمَ قِدَم المهرجان؛ فإنه لا يأخذ الشهرة التى تليق به، وهناك مهرجانات جاءت بعده وسبقته من الاهتمام الدولى وليس المحلى فقط.. ألا ترى أن «المعايير الأخلاقية» التى ينادى بها المهرجان هى التى من الممكن أن تكون سببًا فى هذا؟
- هذا العام للمَرَّة الأولى نختار فيلمًا- على هامش المهرجان - إنتاج مشترك بين الجزائر، تونس، مصر،ولبنان، فهذا العمل وحَّدَ أربع دول، ودعونا بطلته «عائشة بن أحمد» للمهرجان، وأعتبر هذا خطوة نحو الصِفَّة «الدولية»، ولكن المشكلة ليست كون المهرجان دوليّا أو العكس، وقد طُلِبَ منا تحويله إلى مهرجان دولى، ولكننا نحتاج إلى رُعاة،وحتى لو أصبح المَهرجان دوليّا فسيظل ب«المعايير الأخلاقية» نفسها التى يُنادى بها المركز، ومثال على ذلك أنه منذ أعوام جاء لى الفيلم اللبنانى «هلأ لوين؟» ل«نادين لبكي»، وكان يتعرض للعلاقة بين المُسلمين والمسيحيين، وكان فيلمًا جميلاً، ومُعبرًا جدّا عن المُشكلة بمنتهى البساطة، وتواصلنا مع مخرجته «نادين لبكى» لكى تحضر، لكن الوقت لم يسعفنا.. فى النهاية نحنُ لا نسعى للمُنافسة مع الآخرين بقدر ما نهتم بتقديم ما يفيد مُجتمعنا، وأكبر دليل على ذلك أننا نُساعد كل المهرجانات المصرية مثل «مهرجان القاهرة» فى احتياجاتهم لأى مواد أرشيفية مُتعلقة بالسينما، حتى لو لم يقوموا بإكمال مسيرتنا، ولا نقفل باب التعاون مع أحد، خصوصًا أن رِسالتنا تقديم الخير دون انتظار المُقابل، وقد طلب مسئولو مهرجانيّ «فينسيا» و«تورنتو» مِنَّا أن نُحاول جعل المهرجان دوليّا بالفعل، خصوصًا عندما علموا بنشاط المركز الكبير، وطلبوا منَّا توصيل كل المعلومات التى نمتلكها إلى العالم، ويكفينا أن هناك نجومًا لم يذهبوا إلى أى مهرجانٍ قبلنا مثل «محمود عبدالعزيز»، «عمر الشريف»، «عمار الشريعي»، «حسن حسني»، وغيرهم.
 «السينما» فى الأساس عن الحُب والجَمال والتحرر وغيرها من الأشياء الجميلة فى الحياة.. كيف يتماشَى هذا مع «السينما النظيفة» أو «السينما الهادفة» أو «المعايير الأخلاقية» أو ما شابه؟.. ألا ترى تناقضًا وتعارُضًا؟
- من الممكن أن يتماشَى ذلك بشكلٍ سهل وبسيط، من خلال تقديم نماذج إيجابية دون ابتذال، وألا يتم التركيز فقط على السلبيات، ففى «الزمن الجميل» كانت الرومانسية مثلاً تُقدم بشكل راقٍ ومقبول، حتى المُعاكسات كانت تُستخدم فيها كلمات وعباراتٍ راقية أو كوميدية.. والدنيا بها كل الأمثلة الإيجابية والسلبية، وأمام كل مبدع الطريقة التى يستطيع أن يوصل بها هدفه ورسالته.
 لكن المجتمع يعيش ظروفًا صعبة.. ألا ترى فكرة أن الفن كونه السبيل للوصول بالمجتمع إلى الرُّقِيِّ الحقيقى ما هى إلا «نظرة رومانسية» لا أكثر؟
- الفن يستطيع ذلك، من خلال تقديم نماذج إيجابية وحقيقية تدفع بالإنسان نحو التطور والرُّقى والسعى وراء العمل الجاد الذى به يتحقق تقدم الشعوب، فالفن لا يُقدم مثاليات فقط، ولكنه يُؤثر فى المجتمع، وقد طالب الفنان الراحل «كمال الشناوى» - فى إحدى دورات المهرجان – أن تسير «السينما» على معايير «مهرجان المركز الكاثوليكى» قدر المُستطاع، وكان الحضور وقتها د.«سمير سيف»، «رغدة»، «أسامة أنور عكاشة»، و«تيسير فهمي»، وقد وافقوه الرأى..المُفترض أن المُبدع يختلف عن الإنسان العادى بأن لديه نظرة أشمل وأعمق تظهر فى تقديم العِبرة والعِظة من اتباع السلوك الخاطئ، ومن الممكن أن تصل فى صورة كوميدية أو رومانسية.. وفى كل أنحاء العالم سنجد الفن الذى يَبنى والذى يَهدم والذى يغير كثيرًا من السلوكيات، والجيل الجديد من الشباب والمُراهقين أصبح لا يستمع للنصيحة، حتى من أقرب الناس إليه، ولكنه يقتدى بنجمٍ أحبه أو دور أعجبه فى فيلم أو مُسلسل، وهنا تظهر أهمية الدور المؤثر للفن، فالفن قادر أن يُغير ولو جزء من المجتمع.
 لكن كيف نطلب من المجتمع أن يكون نقيّا وأخلاقيّا، والمجتمع ذاته لا يمكن أن يكون على هذه الدرجة العالية من الكمال؟
- لم نُطالب الفن بأن يكون مِثاليّا أو ألا يذكر السلبيات الموجودة بالفعل فى المجتمع، ولكننا نُحاول الرُّقى بهِ مِن خلال التركيز على النوعيات الإيجابية، والمُطالبة بألا يكون المطروح سَلبيّا على طول الخط، فنحنُ نسعى لتحقيق التوازن الذى يصل بالمجتمع للصورة الأفضل، فلا بُدَّ أن يتم التركيز على الإيجابيات مع إظهار جُزء من السلبيات، خصوصًا أن ثقافتنا لاتزال محدودة، وهناك الكثير من الناس التى تأخذ الأشياء على عِلَّاتها دون تفكير..ما نطلبه من الفن بألا يُطلق العَنان للسلبيات، فلا كامل إلا الله وحده، ولذلك مهما كان فى المُجتمع من موبقات، فهناك إيجابيات وجَمال وهو ما يجب التركيز عليه، لنُعطى قدوةً ومثلاً حَسنًا، يقتدى به الناس، ومن المُفترض أن يكون هذا هو الهم الأكبر للفن، فإذا وجد المُجتمع فى انحطاطًا أو تدنيًا فليرفعه ويرتقى به، فهو يملك الإعجاز والسِحر، بالجماليات التى يملكها.
 يُقدم المهرجان جائزة المركز الخاصة للفنان «محمد صُبحي».. ألا ترى أن هذا يُعد تأكيدًا على فكرة «الأخلاقيات» التى يتعارض معها الكثير من السينمائيين إلى درجة أن البعض يصف «صبحى» على مواقع التواصل الاجتماعى بأنه حامى الحِمَى أو مُمثلاً لما أسموها – سُخريةً- ب«شُرطة الأخلاق»؟
- نحنُ نمنح الجائزة الخاصة لفنانين مُختلفين، ولا ننظر أبدًا لهذه النظرية أو الفكرة، وكل ما نهتم به هو ما قدَّمه الفنان من «فن» إيجابى للمجتمع أو مُساعداتٍ خيرية، ودائمًا ما هناك اختلاف فى وجهات النظر حول الأشخاص، فكما يختلف البعض معنا هذا العام على اختيار الفنان «محمد صبحي»، اختلفوا معنا قبلها عندما اخترنا النجمة «نبيلة عبيد» فى إحدى السنوات، ولكنى كنت من أكثر الناس درايةً بِما تُقدمهُ من أعمالٍ خيرية للمجتمع ولزملائها الفنانين، فالفنان كأى إنسان آخر له أكثر من وجه، ونحن نهتم بأكثر الوجوه إيجابية.. والفنان «محمد صبحى» قدَّم الكثير من الأعمال الفنية الراقية، التى تحمل الكثير من الرسائل المُفيدة للمجتمع مثل «عائلة ونيس»، «الهمجي»، «وجهة نظر»، وغيرها من الأعمال العظيمة،كما أننا نمنح ذات الجائزة لبعض الفنانين المَنْسيين فى مجالهم الفنى، مثل الفنان الراحل «محمد أبوالحسن»، الذى وقتها اعتقد البعض أنهُ تُوفى – مع الأسف - وأحيانًا نمنحها لفنانين نُريد أن نرفع من روحهم المعنوية دون النظر إلى تاريخهِم الفنى، فالجدل لا ينتهى، ولا يوجد إنسان أو فنان اتفق عليه كل الناس.
 صرَّح الرئيس «عبدالفتاح السيسى» من قبل بأن «السينما عليها أجر وثواب لا يتخيله أحد حينما تدعو إلى الفضيلة».. هل من المُمكن أن تشرح لى تحديدًا العِلاقة بين «السينما» و«الفضيلة»؟.. وهل توجُّه المهرجان وِفقًا لتوجُّه الدولة؟
- المهرجان ليس له علاقة بأى توجُّهات سياسية خاصة بالدولة، ونحن نختار ما يناسبنا ونسير عليه، وإذا كانت دعوات الرئيس «السيسى» إلى «الفضيلة» أو «غرس الإيجابيات»، فلِمَ لا نتبعها ونُحاول تحقيقها؟.. هناك الكثير من الشباب الذين يُدخنون لأنهم يُحبون مُمثلاً مُعينًا ويتأثرون به أو يُقلدونهُ فى طريقة الكلام أو المَلابِس أو غيرها، ومِن هُنا يستطيع الفن أن يدعو للفضيلة باتباع القائمين عليه أخلاقيات وسُلوكيات إيجابية يقتدى بها المجتمع.. نحن فى يوم العطاء نُكرِّم نماذج من كل أطياف المجتمع، فمثلاً كرَّمنا الكابتن «محمود الخطيب» لأنه ليس مجرد لاعب كرة قَدَم، ولكن لأنه يتمتع بأخلاقيات يُحتذى بها، ونحن مع الرئيس والدولة، طالما أن الاتجاه إيجابى، أمَّا إذا خالف هذا الاتجاه مُعتقداتنا أو معاييرنا فلن نتبعه، خصوصًا أننا جهة دينية لا تتبع أى جهة حكومية، وأعتقد أن الرئيس ربَطَ بين الفن والفضيلة بعدما شاهد الدور الإيجابى الذى لعبته الحملات التى وُجهت ضد المخدرات والتحرش والعنف وغيرها.. وأعتقد أن الرئيس «السيسى» طالب بما طالب بهِ من أجل الأجيال القادمة التى أصبح التحكُّم فيها والتأثير عليها أمرًا صعبًا لأن عالمهم مفتوح، ومواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت أصبح يعرض كل شيء، وفى أى وقت، بِلا رقيب، وفى الحقيقة يجب أن تكون الرقابة داخلية من المُبدع قبل أن تكون الرِقابة خارجية.
 فى الفترة الأخيرة كثرت الأحاديث حول «الأخلاق» أو «الفضيلة» أو ما شابهها ودائمًا يرتبط هذا كُله ب«الفن».. ألا ترى فى هذا كُله تراجعًا للفن المصرى الذى كان صاحب الريادة فى التفتح والانطلاق والتعبير عن القضايا والموضوعات الشائكة بمنتهى الحُرية؟
- بالعكس!.. كُلما قدَّمنا فنّا مُلتزمًا بِمَعايير أخلاقية وإنسانية زاد نمو وتطور ورُقى المجتمع، والحرية لا تعنى الإسفاف والابتذال، فمثلاً الفنانة الكبيرة «هند رستم» كانت تقدم الإغراء دون ابتذال، والفن يحمل فى تكوينه الاختلاف لأنه من صُنع البشر، وقد خلقنا الله مختلفين، وكلٌ يقدم الفن مِن وِجهة نَظرهِ المُختلفة، والأخلاق والفن ليس بينهما أى تعارُض، بل مِن المُفترض أن يُكملا بعضهما بعضًا.
 نحن نتحدث عن «الأخلاق»، والسعودية - التى كانت تُحرِّم السينما - تدعو اليوم إلى «الانفتاح»، بدليل الإصلاحات العديدة التى تتم ورؤية المملكة 2030 والدعوة لزيادة نِسبة ما يُصرف على الترفيه ومستقبل «السينما السعودية».. ألا تجد فى هذا كله ما هو مُثير للسُخرية؟
- لا أعتقد أن إنتاج السعودية السينمائى - مهما انفتح - سيصل إلى حد الانفتاح والحرية الموجودة فى باقى الدول.
 ألا ترى أن أقوى سلاح ضِد الإرهاب هما الثقافة والفن.. والثقافة والفن لا يأتيان سوى بمُصاحبة الحُرية؟
- الحرية لا بُدَّ أن يكون لها حدود، والأهم أن يفهم الإنسان معنى الحرية، خصوصًا أن مفهوم الحرية اختلف لدَى المصريين بعد ثورة 25 يناير، وفُسِرتَ على أنها سوء أخلاق و«بلطجة».. نحن مع حرية الفن، بشرط أن تكون «حرية مسئولة»، فالحرية بلا مسئولية تعتبر كارثة وفوضَى، وكل مجتمع له ما يناسبه من الحريات التى تتماشَى مع ثقافته، وفى الأساس لا بُدَّ أن تكون الحرية ذاتية، نَابِعة مِن الرقابة الداخلية للفرد والمُبدع.
 تعرضتم للهجوم النقدى فى العام الماضى لعدم اختياركم فيلم «الماء والخُضرة والوجه الحسن» ل«يُسرى نصر الله»، وهذا العام أيضًا لعدم اختياركم لفيلم «شيخ جاكسون» ل«عمرو سلامة».. بِمَ تردُّ على هذا النوع من الهُجوم؟
- اعتبرت هذه الانتقادات «غير موضوعية»، فالذى يهاجمنا لا بُدَّ أن يكون على دِراية كاملة برسالة المركز والمهرجان، وقد ابتعدوا فى نقدهم عن موضوع الفيلم المرفوض، ودخل بنا فى الجُزء الدينى، واتهمنا بالتكريس لفِكرة الوحدة الوطنية، وهذا كلام مغلوط، واعتبرته «نقدًا كوميديّا».. أنا واثق أنه لو أخذنا فيلم «شيخ جاكسون» لتمَّ انتقادنا بِحِجة أنه لا يجوز أن نأخذ فيلمًا يرقص فيه المُصلون داخل مسجد، وكان وقتها سيُوجه لنا تساؤل: هل ترضون أن يرقص المسيحيون فى فيلم داخل الكنيسة؟.. وبالنسبةِ لى أتحمَّل النقد لرفضى الفيلم أكثر من أن يتم اتهامى بتجريح مشاعر الأخوة المسلمين، فمن الممكن أن نتحمل اتهام المركز بأنه «لا يفهم فى الفن» - كما قيل - على أن أتسبب فى إهانة أى دين أو أى إنسان، وأنا لا أعترض على «النقد البنَّاء» الذى أستفيد منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.