سعر الدجاج بالأسواق اليوم الاثنين فى المنوفية.. الفراخ البيضاء ب 74 جنيها    قطع الكهرباء عن عدد من قرى المحمودية بالبحيرة لمدة 7 ساعات    قافلة المساعدات ال 54 من زاد العزة تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العجوزة دون إصابات    مراقب مزلقان ينقذ سيدة حاولت العبور وقت مرور القطار بالمنيا    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    مونديال الشباب بين أنياب أسود الأطلس، المغرب تطيح بالأرجنتين وتتوج بطلا لكأس العالم    ضوابط إعادة القيد بنقابة المحامين بعد الشطب وفقًا لقانون المهنة    الحكم في طعون المرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025 بالدقهلية غدا    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية إضافية على كولومبيا اليوم    درجات الحرارة اليوم الإثنين في مصر    حوار مع يسرا وشريف عرفة الأبرز، برنامج مهرجان الجونة السينمائي اليوم الإثنين    الأهلي يحصل على توقيع صفقة جديدة.. إعلامي يكشف    سعر الذهب اليوم الإثنين 20-10-2025 بعد ارتفاعه في الصاغة.. عيار 21 الآن بالمصنعية    ويتكوف: التقديرات بشأن كلفة إعادة إعمار غزة تبلغ نحو 50 مليار دولار    هبوط الأخضر الأمريكي.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الإثنين 20-10-2025    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    «الترحال السياسى».. ظاهرة تثير الجدل فى «الانتخابات البرلمانية»    ارتفاع كبير تجاوز 2000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 20-10-2025    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    ماكرون: سرقة اللوفر هجوم على تراث فرنسا    كيت بلانشيت: مصر دورها قيادى فى إرساء السلام    ولي العهد السعودي وماكرون يناقشان جهود إحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط    موعد التحقيق مع عمر عصر ونجل رئيس اتحاد تنس الطاولة.. تعرف على التفاصيل    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    عاجل - تفاصيل موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 بعد قرار وزارة المالية    هانى شاكر يُشعل دار الأوبرا بحفل ضخم ضمن مهرجان الموسيقى العربية    يسرا تشعل أجواء احتفال مهرجان الجونة بمسيرتها الفنية.. وتغنى جت الحرارة    والد ضحية زميله بالإسماعيلية: صورة ابني لا تفارق خيالي بعد تقطيعه لأشلاء    وفاة شابة عشرينية بسبب وشم قبل أسبوع من زفافها    مواد غذائية تساعدك على النوم العميق دون الحاجة إلى أدوية    منصّة صيد مشبوهة قرب مطار بالم بيتش تثير قلقًا حول أمن الرئيس الأمريكي ترامب    «سول» تحتجز جنديا من كوريا الشمالية بعد عبوره الحدود البرية    ليبيا.. حفتر يدعو إلى حراك شعبي واسع لتصحيح المسار السياسي    المغرب يرفع ميزانية الصحة والتعليم بعد موجة الاحتجاجات    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    هشام جمال: «فشلت أوقف ليلى عن العياط خلال الفرح»    الذكرى الثامنة لملحمة الواحات.. حين كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة جديدة في تاريخ الشرف المصري    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    قيادة التغيير    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    مضاعفاته قد تؤدي للوفاة.. أعراض وأسباب مرض «كاواساكي» بعد معاناة ابن حمزة نمرة    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. جدل واسع حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في الجونة    محافظ الغربية يجوب طنطا سيرًا على الأقدام لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    الداخلية السورية: القبض على عصابة متورطة بالسطو على البنك العربي في دمشق    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    طارق العشرى: حرس الحدود خلال فترة قيادتى كان يشبه بيراميدز    الذكاء الاصطناعي ضيفًا وحفلًا في جامعة القاهرة.. ختام مؤتمر مناقشة مستقبل التعليم العالي وتوصيات للدراسة والبحث العلمي    تألق لافت لنجوم السينما فى العرض الخاص لفيلم «فرانكشتاين» بمهرجان الجونة    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    لدغات عمر الأيوبى.. بيراميدز "يغرد" والقطبين كمان    «المؤسسة العلاجية» تنظم برنامجًا تدريبيًا حول التسويق الإلكتروني لخدمات المستشفيات    لجنة تطوير الإعلام تتلقى توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    ندب المستشار أحمد محمد عبد الغنى لمنصب الأمين العام لمجلس الشيوخ    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هانى أبو أسعد: قضيتنا صغيرة مقارنةً بمشكلات العرب الآن!

عاشت فلسطين
التصالح «الفلسطينى - الفلسطينى» بين حركتى «فتح» و«حماس».. مئوية وعد «بِلفور» هذا العام.. كل الطُرق فى النِهاية تقودُ إلى هذا المَلف.. إلى بداية الصراع مع الاحتلال والذى لم تُوضع نِهايته حتى الآن..
إلى فلسطين وانتصار مقاومتها الفنية فى الداخل والخارج..
هذا المَلف تَحية مِنا لِصمود الفن الفلسطينى.. تحية مِنا للقوة التى تجعلنا - وليس الفنانين الفلسطينيين وحدهم - نُقاوم حتى اليوم..
ما بين طِفل يقف أمام كاميرا مُراقبة تتصدر جِدارًا عاليًا مُتوعدًا بالويلات، شاهرًا مُسدسه فى وجه من يُشاهدهُ عبرها.. إنه فقط يلعب! .. وصبيٍّ يجرى بِسُرعة جُنونية، مُتوجهًا نحو ذات الجِدار ليتسلقهُ فى رَشاقة لاعب «باركور» يُنافس على ذهبية الأولمبياد.. إنهُ فقط يُريد أن يرى حبيبتهُ.. وشابٍّ يرتدى بذلة سوداء، شديدة الأناقة، فوق قميصٍ أبيض، شديد النظافة، فوق حزام ناسف مِن المُمكن أن ينفجر فى أى لحظة.. إنها الفكرة وليس الفعل.. الترقب وليس الخوف مِن تلك الجنة المُنتظرة.. وشابٍّ آخر فى مسرح فخم، تملؤه الأضواء، وتعلو فيه أصوات المُوسيقى فى انتظار لحظة الفوز وشيكة الاقتراب منه.. يفوز وينحت اسم بلاده «فلسطين» بِحروفٍ من ذهب على جائزة التفوق الإبداعى.
المخرج الفلسطينى الكبير والعالمى «هانى أبو أسعد» اختبر هذه اللحظات فى أفلامهِ وحياتهِ.. أحيانًا كانت تسبق لقطات الأفلام لحظات الحياة.. وأحيانًا أُخرى كان يحدث العكس.. هذا الطفل «هانى» الذى عاش فى «الناصرة» ب«فلسطين» طِفلاً وصَبيًا تحت الاحتلال وجِدارهِ وبَطشهِ.. وخرج إلى هولندا شاب يتأرجح عقلهُ مُفكرًا فى ماهية المُقاومة وكيفية النضال.. وطار رجُلاً إلى أكبر مهرجانات أوروبا وأعتى مُسابقات هوليوود «الأوسكار» ليُنافس فيها بأفلامهِ، فيعود دومًا مُنتصرًا لِنضالهِ الفنى وإبداعهِ الفِكرى.
فى عبارة واحدة «هانى أبو أسعد» .. ابن فلسطين.. وواحد مِمَن صرخوا بِعُقولهم وليس فقط بأصواتهم ليُجبر العالم كله - على الأقل فيما يخص مَجالهِ «السينما» - أن يُعلن هو الآخر: «عاشت فلسطين.. عاشت فلسطين».
 بدايةً علمنا أن فيلمك الجديد The mountain between us سيكون فيلم افتتاح مهرجان «القاهرة السينمائى الدولى» المقبل وأنك ستحضُر أنت وبطلا الفيلم النجمان العالميان «كيت وينسلت» و«إدريس ألبا» .. هل هذا صحيح؟
- نعم، صحيح! .. الفيلم سيكون هو فيلم الافتتاح، وسوف أحضُر إلى القاهرة مع عائلتى كلها، زوجتى وأخواتى وأُمى أيضًا، لكن بِالنِسبة لحُضُور بطليّ الفيلم فعلى الأغلب لن يحضُرا لأن لديهما التزامات أُخرى.
 هذا الفيلم هو أول فيلم من إخراجك فقط على خِلاف أفلامك السابقة التى كنتَ فيها صاحب المشروع بأكمله.. هل كانت التجرُبة مُختلفة؟
- يعنى مِن قبل فعلاً كُنت المُخرج والكاتب والمُنتج.. (ضاحكًا) وأقوم بالتنظيف وعمل الأكل!.. عامةً كان الضغط أكبر.. لكن هذه المرة لأننى كُنتُ مُخرجًا فقط، فلم يكن هناك أشياء تضغط عليّ.. أخيرًا تذوقت طعم الإخراج فقط.
 الفيلم يعتمد على طرح سُؤال: ماذا لو اعتمدت حياتك على شخصٍ غريب، كما أنه مهموم بِفِكرة (لا أريد أن أموت).. هذا السؤال وذاك الهم موجود أيضًا فى أفلامك السابقة.. هل لهذا السبب جذبتك هذه الفكرة ووجدت بها توحُدًا مع همومك لتنفيذها؟
- سليم %100.. لقد عُرِضتْ عليَّ من قبل أفلام فى هوليوود، وكنتُ أرفُضها لأن الموضوعات لم تكُن تجذبنى.. هذا النص عُرِضَ عليَّ قبل ثلاث سنوات، وجذبنى لأنهُ يتناول أمُورًا تهمنى، وهى معنى الحياة والصراع على البقاء، وفِكرة البقاء، وشُعور الإنسان بأنهُ ضحية.. هذا التساؤل مُهم ويشغلنى دائمًا.
 فى الفيلم نرى مُسافرين.. رجلاً وامرأة.. تقطعت بِهِما السُبل فى الأراضى الجبلية بعد تحطُم طائرتهما.. هل تعتبر نفسك مُسافرًا كحال بطلى الفيلم؟ .. بمعنى أنك أنت «المُخرج الفلسطينى العربى» الذى ركب طائرته حتى وجد نفسه فى قلب «هوليوود» ذات التوجهات الجدلية عندما يتعلق الأمر بالعرب وبالفلسطينيين تحديدًا؟
- هذا التفسير أتركه للصحفيين والنُقاد لأننى لم أقصدهُ بِشكلٍ واعٍ.. رُبما كان مقصودًا فى اللاوعى.. وما أستطيع الإجابة عنهُ أننى «مُخرج فلسطينى»، وهُناك ستة استوديوهات فى هوليوود مُتحكمة فى صِناعة السينما فى العالم.. يعنى أنا كمُخرج عربى لم أُغير اسمى، ومع ذلك يتم تداول اسمى فى استوديوهات هوليوود .. هذا أعتبره شيئًا جديدًا عليّ.
 استقبال الفيلم فى أمريكا لم يكُن على المستوى المأمول جماهيريًّا ونَقديًّا؟
- برأيى الجُمهور كان على العكس مِن النُقاد، فالإيرادات مُرتفعة.. أما النُقاد فهُناك جدل بينهم، فنصفهم أحبوا الفيلم والنصف الثانى لم يُحبوهُ.. وقد كتب أغلب النُقاد بشكلٍ جيد عن أفلامى السابقة.. أن تكون هذه المرة نصف الآراء على عكس النِصف الآخر هذا نوع من التوازن.. ومَعروف أنك عندما تُحاور الجُمهور العَريض تفقِد الجُمهور المُتمرس.
 النجمة العالمية «كيت وينسلت» كانت قد حكت عن موقفٍ طريف أثناء تصوير الفيلم، وهو خجلك عِند تصوير «مشهد الحُب».. كيف ستتغلب على طبيعتك الشرقية هذهِ وقد أصبحت من العاملين المُعترف بهم بل المُحترفين فى هوليوود؟
- لا!.. لماذا أتغير؟!.. سأظل أخجل.. هذا شىء طبيعى إذا كان هناك «مشهد حُب» سيُصور.
 عادةً أنت مُتصالح مع كُل الآراء عن أىٍّ من أفلامك.. صحيح؟
- مُتصالح طبعًا!.. لن تستطيع أن تُلائم كُل الآراء.. لا تُوجد «واسطة فى الفن».. ستجد أن من لا يُحب عملاً فنيًّا ما فى مُقابله أشخاصًا آخرين أحبوهُ.. وبرأيى الإحصاء الخاص بمواقع مثل IMDB و Rotten tomatoes يُعبر عن جُزء بسيط برأيى قد شاهد الفيلم.. التصويت لا يُمثل سوى 1 % من المُشاهدين.
 نشأتك فى بلدتك «الناصرة» بِ«فلسطين»، حيث هناك صالة سينما واحدة، وغير مسموح بزيارة المتاحف، ومكتبتكم فى البيت كانت صغيرة.. كيف يُمكن فى هذا الوضع أن تتمكن من خلق عالمك السينمائى الفلسطينى الخاص بكل هذه الرحابة وأن تكون الوسيلة السهلة والمُتاحة لِلخُروج من فلسطين إلى العالم الواسع؟
- صحيح.. كانت قاعة سينما واحدة فى «الناصرة»، وأول شيء اكتشفته فى السينما كانت أفلام «الكاوبوى»، وأول حكايات سِينمائية رأيتها كانت الأفلام المصرية، يعنى ثانى فيلم أحضره كان «صراع فى النيل»، فاستطعت أن أفهم الأبطال.. والسينما الفلسطينية وُلِدتَ مِن رَحِم السينما والثقافة المصرية، ولا أُريد أن أُقلل من قيمة الفيلم اللبنانى أو السورى أو غيرها.. لكن كان تأثير المُخرجين المصريين مِثل «حسين كمال» و«كمال الشيخ» وحتى الأجيال التالية مثل «أُسامة فوزى» كبيرًا.. لا أستطيع أن أنسى السينما المصرية، التى للأسف لم تعُد تلعب دورًا كبيرًا الآن كما كانت من قبل.. لقد تقوقعت السينما المصرية على نفسها حاليًا، بينما فى عُصورٍ سابقة كانت مفتوحة أكثر على العالم العربى، لذلك أصبحت السينما اللبنانية ناجحة أكثر الآن.
 قُلتَ إنك كُنت تُريد الانضمام لِكتائِب الفِدائيين وأنت شاب، وعِندما شاهدت فيلم One flew over the cuckoo,s nest شعرت بِأن السينما أيضًا يُمكن أن تُقاوِم.. هل تشعُر أنك قاومت بما يكفى فى أفلامك؟
- هذا اضطرارى.. يعنى عندما يخسر الإنسان الحُكم والاقتصاد، فيُحاول السيطرة على حياته، وإيجاد منفذ للسيطرة على أفكاره، على الأقل جُغرافيًّا تخرُج بعيدًا عن الاحتلال.. شيء طبيعى لو هناك احتلال فالفن يُحاول أن «يفُك» خارجه.
 ما هو رَأيك فى التطُورات الأخيرة للقضية والمُصالحة «الفلسطينية - الفلسطينية»؟ .. هل ترى أن السينما المقبلة والخاصة بِكَ ستظل «سينما مُقاومة» أم «سينما مُصالحة» والمُصالحة هُنا بِمَعناها العربى وغير العربى أيضًا؟
- المُصالحة تكون مع الاختلاف فى الثقافة والآراء لأن اختلاف الآراء هو نمط الحياة، ويعود إلى تفسيراتنا المُختلفة عن معنى الحياة.. وأنا مع المُصالحة الإنسانية، لكن لا يُمكن أن تتصالح مع أخيك إن كان ظالمًا.. كلنا نرفُض الظُلم.. لذلك أرفُض المصالحة مع الاحتلال الظالم.. لكن على العكس فى المُصالحة «الفلسطينية - الفلسطينية» لأنه لا يوجد بها ظُلم، فالخِلاف الفلسطينى كان على الطريقة المُتبعة فى مُحاربة الظُلم، وهذا معناه قُبول الرأى الآخر.
 أفلامك لا تتسم بالصوت العالى مثل باقى أفلام المُقاومة وإن كانت موضوعاتها شائكة أكثر من غيرها؟
- السبب تجربتى بالحياة - قبل أن أكون صانع أفلام - عندما كنت أستمع إلى المناقشات السياسية، كنت أبذل جُهدًا للاستماع لمن يتميزون بِالصُوت المُنخفض، حتى أتمكن من سماع ما يقولونهُ، على عكس من يجهرون بأصواتٍ عالية، فكنت أسد أُذنيَّ.. والأفضل للفن أن يكُون هَادِئًا، حتى يصل للاوعى المُشاهِد بِشَكلٍ أفضل، وهذا القرار اتخذتهُ فى أفلامى لأنه الأقرب لِطَبِيعتِى.
 إذن هل الاعتماد على البَساطة وتخفيف حِمل الفِيلم وتَجريدهِ بِقَدر الإمكان ليعتمد فى النِهاية على قصة إنسانية كانت السبب فى وصولك لقلب وعقل المُشاهد العربى والأجنبي؟
- البساطة هى السبيل.. يمكن أو أكيد.. لا أعلم!.. فى النهاية هُناك أذواق، ولا يُمكن أن تضع الجماهير فى قَالِبٍ واحد، لكن الأغلبية يُحبُون الهُدوء والقِصص الإنسانية.
 حفرت اسم «فلسطين» - مع غيرك من المُخرجين الفلسطينيين - على الجوائز التى تسلمتها، بل الاعتراف ب «فلسطين» مِن قِبل كيانات هائلة مثل أكاديمية العلوم والفنون الأمريكية «الأوسكار» ومؤسسة الصحافة الدولية والمَهرجانات الكُبرى فى أمريكا وأوروبا.. يُعتبر هذا نوعًا من الإنجاز الذى لم يتمكن رِجال السياسة من تحقيقهِ؟
- لم يكُن هذا مقصودًا.. الاحتلال الإسرائيلى أزمة، ناكر لِلوجود الفلسطينى، وكلما استطعت أن أُحقق نوعًا من الاعتراف بوجودى، فهذا إنجاز ومُقاومة، فالفن يُقاوم، والاعتراف ب «فلسطين» فنيًا استطاع أن يغرس مسمارًا فى نعش الاحتلال.
 يسعى البعض إلى حِماية مَسارهِ المِهنى، بل هناك مَن يُغيّر أسماءه وخَلفِياته ويسعى إلى التعاون مع الكيان الإسرائيلى بغرض الشُهرة والانتشار والوصول إلى النجومية.. هل برأيك فى هذه الحالة أن الاختيار فى يد الفنان الفلسطينى فى التعاون أو عدم التعاون مع إسرائيل وليس كما نسمع أن إسرائيل قد تفرض هذا التعاون بشكلٍ ما؟
- هذه إشكالية كبيرة.. وكُلنا مجبورون بشكلٍ ما على التعاون مع الاحتلال لأننا نعيش تحت البِنية التحتية للاحتلال.. مثلاً هو المُتحكم فى توليد الكهرباء، ونحن نحتاج الكهرباء فى تصوير الأفلام، بل أضطر أحيانًا لاستئجار كاميرات مِن شَرِكاتٍ إسرائيلية لأن استيراد الكاميرات من الخارج يعنى تكلفة كبيرة، بل أمر شِبه مُستحيل.. وهُناك من يضطر لأخذ مُساعداتٍ مادية مِن «إسرائيل»، وهذا وارد لأنهم يدفعون ضرائب.. الإشكالية أن «إسرائيل» تستغل هذا حتى تُبيض سُمعتها فى الخارج.. الفِكرة ألا تجعل «إسرائيل» أو الكيان الصهيونى يستغلك ويستغل عملك لهذا الغرض.. يعنى هى تُعطى المُساعدات حتى تقول إنها دولة ديمُقراطية، فالمُفترض أنت كمخرج تُوضح أن هُناك اضطرارية مُعينة لهذا التعامُل، لكنها فى النهاية تظل دولة احتلال.. إذا لم يُقدم المُخرج مثل هذه التصاريح فهُناك مُشكلة، الوضع صعب كثير.. والكثير لا يستطيع أن يعيش دون أن يتعامل مع هذا الكيان الصهيونى.. وكل مُخرج فى النهاية يُريد أن يصنع أفلامًا، وأحيانًا هذهِ الرغبة تجعله «يبيع القضية» أو «يُراوغ»، وهو هنا ليس فنانًا، ولن يصل للنجاح ولا للنجومية.
 عندما قررت خوض تجربة السينما، التقيت بِالمُخرج الفلسطينى الكبير «رشيد مشهراوى»، فعملت معه كمُساعد مُخرج ومُشرفًا على الإنتاج.. بصفتك مُنتجًا وليس مُخرجًا كيف ترى كم إنتاج السينما الفلسطينية؟.. وهل هذا الإنتاج يوازى حجم قضية فلسطين؟
- سَعِيد جِدًا بالتطور الذى حدث للسينما الفلسطينية فى السنوات الأخيرة.. يعنى مِن بَعد مَا كُنا نُنتِج فيلمًا كُل ثلاث سنوات، أصبحنا نُنتِج ثلاثة أفلام فى العام الواحد، ولا أعلم أرقامًا دقيقة لحجم الإنتاج السينمائى الفلسطينى، لكنى أرى أن جودة الأفلام أصبحت أعلى، ولا يُمكن أن نُنكر فَضل «رشيد مشهراوى» على السينما الفلسطينية، فقد شجع مُخرجين، بل ساعد على إنتاج أفلام جيدة لِمُخرجين جُدد.. وبِالنسبةِ لى شخصيًّا أقوم وزوجتى حاليًا باختيار سيناريوهات أفلام من فلسطين ولبنان ومصر لإنتاجها، ومع مُخرجين واعدين مثل «محمد دياب» و«عمرو سلامة» و«فراس خُورس».. وأنا متابع للأفلام الفلسطينية، وأعجبنى كثيرًا الفيلم الأخير «واجِب» لِ «آن مارى جاسر».
 بعد ثورات الربيع العربى والحديث الدائم عن الشباب الذى كان له دور كبير فيها حتى تم تهميشه شيئًا فشيئًا، حتى شباب السينمائيين أصبحوا يواجهون عراقيل كثيرة تضعها لهم أجيال أكبر.. ألا ترى أنه من العادل الاعتراف بأنه ليس للشباب وللسينمائيين الفلسطينيين مَكان حقيقى؟
- مضبوط جِدًّا جِدًّا.. وهذا مؤلم.. الشباب العربى يدفع ثمن فشل الكِبار.. وكان عليهم أن يُصلحوا الأوضاع، نعم فشلوا، لكن مُحاولتهم يجب أن تُبجل، وعندما حاولوا الإصلاح فشلوا، وتمت مُعاقبتهم، فلماذا؟!.. لماذا نجلس على «العفن»؟.. وأنا أرى فنانين أصغر عُمرًا وليس فِكرًا، يُواجِهون تَحدِياتٍ أكبر مِنهُم.. لا بُد أن يفهم كُل مجتمع عربى أنه يجب أن يمنح التبجيل لِلمُحاولة - مُجرد المُحاولة - التى قام بها الشباب فى هذه الثورات.. يعنى عندما يبدأ ابنك فى تعلُم المشى ويسقُط، هل تقوم بضربه حتى لا يحاول المَشى ثَانِيةً؟.. أم تُشجعهُ على النُهوض والمُحاولة مِن جَدِيد؟.
 لكن السؤال الأهم: كيف يُمكن للشباب أن يتغلب على هذا المأزق؟
- أهم شىء التحرُر من الاحتلال.. حاليًا صارت مُشكلتنا فى فلسطين صغيرة جِدًّا مُقارنةً ببقية الدِول العربية.. يعنى صار كُله مِحتاج يِتحرر .. يعنى إحنا كأفراد نُحاول إنقاذ أنفُسنا مِن الطُوفان.. شباب السينمائيين بائسون فى العالم العربى، وحتى يستطيعوا النجاح يجب أن تكون لديهم قُدرات فنية عالية لأن الضغوط كثيرة، وأنا فعلاً حَزِين على وضع الشباب.
 هذا يُذكرنا بمسألة الجِدار فى أفلامك، فحتى فى فِيلمك القَصِير «ولد وجِدار وحِمار» كان هو المُتصدر لِلمَشهد أمام هذا الطفل.. هل ما يزال هذا الجدار قائمًا؟
- الجدار بِيكبر!.. وفى الوقت نفسه الإنسان يتضاءل.. والوضع حزين، لكنى لستُ مع الهرُوب، فدائمًا فى مثل هذه المواقف نحنُ أمام خيارين.. إما التنازل والاستسلام.. وإما المُقاومة.. وحاليًا الوضع أصعب على عكس فترة الستينيات، لكنى مع المُقاومة شخصيًّا لأنى أُفضل العيش ساعة واحدة فى كرامة ولا أن أعيش 30 عامًا من دون كرامة.
 والقياديون؟
- دورهم مُهم، لكن للأسف ليس عِندنا قياديون لِلتوجيه أو لوضع البوصلة.. العالم كله ضائع فى فهم المفاهيم والتوجهات وغيرها.. ليس العالم العربى فقط، ولكن العالم الغربى أيضًا، وهذا ذنب السياسيين لأن دورهم أن يوجهوا العالم وليس أن ينكبوا على مصالحهِم الخاصة.. كُلنا ضائعون والفنان فى هذه الحالة له دور أكبر وأهم .. مثلاً «الإرهاب».. الإرهاب واضح، فلو وضعت قُنبلة فى مكانٍ عام أو تُقاتل الجنود، هذا هو الإرهاب.. بنظرى التعريف العالمى العِلمى وليس السياسى للإرهاب واضح، وفى فيلمى «الجنة الآن» تناولت هذا.. لكن السؤال: وين المقاومة؟
قال عن:
 هوية السينما الفلسطينية أمس واليوم:
بنظرى سينما الأمس بِالمُجمل هى سينما شاعرية.. سينما اليوم هى الواقعية.. أحب الشاعرية المدموجة بالواقعية.. مش مهم تعمل أى نوع سينما.. المهم يكون مُتقنًا وعظيمًا، ولو لم يكُن مُتقنًا سيصير هناك ركاكة فى المعانى.
 آفاق ومستقبل السينما الفلسطينية:
مُتفائل جدًّا؛ خصوصًا لحماس الشباب مثل المُخرجين «آن مارى جاسر» و«رائد أنضونى» بفيلمه الجميل «اصطياد الأشباح» و«مهند يعقوبى» بفيلمه «خارج الإطار».
حاجات المُتلقى الفلسطينى من السينما الفلسطينية:
دائمًا فى تزايد.. لكن لا يزال الترابط موجودًا بين الجمهور الفلسطينى والسينما الفلسطينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.