ناصيف زيتون يتألق في حفله بقطر بنيو لوك جديد (فيديو)    تغيرات مفاجئة.. مناطق سقوط الأمطار وتنبيهات عاجلة للأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تجدد استهداف المناطق الشرقية لمدينة غزة    أول تعليق من ترامب على ظهوره مع نساء في صور أرشيف إبستين    ترامب: الضربات الجوية على أهداف في فنزويلا ستبدأ قريبًا    زيادة متوقعة في إنتاج اللحوم الحمراء بمصر إلى 600 ألف طن نهاية العام الجاري    دمج وتمكين.. الشباب ذوي التنوع العصبي يدخلون سوق العمل الرقمي بمصر    أذان الفجر اليوم السبت13 ديسمبر 2025.. دعاء مستحب بعد أداء الصلاة    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    بين مصر ودبي والسعودية.. خريطة حفلات رأس السنة    بدأ العد التنازلي.. دور العرض تستقبل أفلام رأس السنة    قفزة تاريخية.. مصر تقترب من الاكتفاء الذاتي للقمح والأرز    د.هبة مصطفى: مصر تمتلك قدرات كبيرة لدعم أبحاث الأمراض المُعدية| حوار    تقرير أممي: التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية يبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2017 على الأقل    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين فى حادث تصادم بزراعى البحيرة    ياسمين عبد العزيز: كان نفسي أبقى مخرجة إعلانات.. وصلاة الفجر مصدر تفاؤلي    ترامب يثمن دور رئيس الوزراء الماليزى فى السلام بين كمبوديا وتايلاند    بعد الخروج أمام الإمارات، مدرب منتخب الجزائر يعلن نهايته مع "الخضر"    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية خلية تهريب العملة    محمد فخرى: كولر كان إنسانا وليس مدربا فقط.. واستحق نهاية أفضل فى الأهلى    سلوى بكر ل العاشرة: أسعى دائما للبحث في جذور الهوية المصرية المتفردة    أكرم القصاص: الشتاء والقصف يضاعفان معاناة غزة.. وإسرائيل تناور لتفادي الضغوط    وول ستريت جورنال: قوات خاصة أمريكية داهمت سفينة وهي في طريقها من الصين إلى إيران    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    قرار هام بشأن العثور على جثة عامل بأكتوبر    بسبب تسريب غاز.. قرار جديد في مصرع أسرة ببولاق الدكرور    محمود عباس يُطلع وزير خارجية إيطاليا على التطورات بغزة والضفة    كأس العرب - مجرشي: لا توجد مباراة سهلة في البطولة.. وعلينا القتال أمام الأردن    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    الأهلي يتراجع عن صفقة النعيمات بعد إصابته بالرباط الصليبي    الأهلي يتأهل لنصف نهائي بطولة أفريقيا لكرة السلة سيدات    فرانشيسكا ألبانيزي: تكلفة إعمار غزة تتحملها إسرائيل وداعموها    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    ياسمين عبد العزيز: أرفض القهر ولا أحب المرأة الضعيفة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم دراجة نارية بالرصيف عند مدخل بلقاس في الدقهلية    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    روشتة ذهبية .. قصة شتاء 2025 ولماذا يعاني الجميع من نزلات البرد؟    عمرو أديب ينتقد إخفاق منتخب مصر: مفيش جدية لإصلاح المنظومة الرياضية.. ولما نتنيل في إفريقيا هيمشوا حسام حسن    بعد واقعة تحرش فرد الأمن بأطفال، مدرسة بالتجمع تبدأ التفاوض مع شركة حراسات خاصة    سعر جرام الذهب، عيار 21 وصل لهذا المستوى    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر بشأن تزايد الطلب على موارد المياه مع ازدياد الندرة    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع والواحد الأحد بمدينة بشاير الخير بمحافظة الإسكندرية    غلق مزلقان مغاغة في المنيا غدا لهذا السبب    لجنة المحافظات بالقومي للمرأة تناقش مبادرات دعم تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاقة قوية للمرحلة الثانية لبرنامج اختراق سوق العمل بجامعة سوهاج |صور    محافظ أسوان يأمر بإحالة مدير فرع الشركة المصرية للنيابة العامة للتحقيق لعدم توافر السلع بالمجمع    اسعار الفاكهه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    سويلم: العنصر البشري هو محور الاهتمام في تطوير المنظومة المائية    هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    ضبط المتهمين بتقييد مسن فى الشرقية بعد فيديو أثار غضب رواد التواصل    نقيب العلاج الطبيعى: إلغاء عمل 31 دخيلا بمستشفيات جامعة عين شمس قريبا    بتوجيهات الرئيس.. قافلة حماية اجتماعية كبرى من صندوق تحيا مصر لدعم 20 ألف أسرة في بشاير الخير ب226 طن مواد غذائية    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    عاجل- الحكومة توضح حقيقة بيع المطارات المصرية: الدولة تؤكد الملكية الكاملة وتوضح أهداف برنامج الطروحات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هانى أبو أسعد: قضيتنا صغيرة مقارنةً بمشكلات العرب الآن!

عاشت فلسطين
التصالح «الفلسطينى - الفلسطينى» بين حركتى «فتح» و«حماس».. مئوية وعد «بِلفور» هذا العام.. كل الطُرق فى النِهاية تقودُ إلى هذا المَلف.. إلى بداية الصراع مع الاحتلال والذى لم تُوضع نِهايته حتى الآن..
إلى فلسطين وانتصار مقاومتها الفنية فى الداخل والخارج..
هذا المَلف تَحية مِنا لِصمود الفن الفلسطينى.. تحية مِنا للقوة التى تجعلنا - وليس الفنانين الفلسطينيين وحدهم - نُقاوم حتى اليوم..
ما بين طِفل يقف أمام كاميرا مُراقبة تتصدر جِدارًا عاليًا مُتوعدًا بالويلات، شاهرًا مُسدسه فى وجه من يُشاهدهُ عبرها.. إنه فقط يلعب! .. وصبيٍّ يجرى بِسُرعة جُنونية، مُتوجهًا نحو ذات الجِدار ليتسلقهُ فى رَشاقة لاعب «باركور» يُنافس على ذهبية الأولمبياد.. إنهُ فقط يُريد أن يرى حبيبتهُ.. وشابٍّ يرتدى بذلة سوداء، شديدة الأناقة، فوق قميصٍ أبيض، شديد النظافة، فوق حزام ناسف مِن المُمكن أن ينفجر فى أى لحظة.. إنها الفكرة وليس الفعل.. الترقب وليس الخوف مِن تلك الجنة المُنتظرة.. وشابٍّ آخر فى مسرح فخم، تملؤه الأضواء، وتعلو فيه أصوات المُوسيقى فى انتظار لحظة الفوز وشيكة الاقتراب منه.. يفوز وينحت اسم بلاده «فلسطين» بِحروفٍ من ذهب على جائزة التفوق الإبداعى.
المخرج الفلسطينى الكبير والعالمى «هانى أبو أسعد» اختبر هذه اللحظات فى أفلامهِ وحياتهِ.. أحيانًا كانت تسبق لقطات الأفلام لحظات الحياة.. وأحيانًا أُخرى كان يحدث العكس.. هذا الطفل «هانى» الذى عاش فى «الناصرة» ب«فلسطين» طِفلاً وصَبيًا تحت الاحتلال وجِدارهِ وبَطشهِ.. وخرج إلى هولندا شاب يتأرجح عقلهُ مُفكرًا فى ماهية المُقاومة وكيفية النضال.. وطار رجُلاً إلى أكبر مهرجانات أوروبا وأعتى مُسابقات هوليوود «الأوسكار» ليُنافس فيها بأفلامهِ، فيعود دومًا مُنتصرًا لِنضالهِ الفنى وإبداعهِ الفِكرى.
فى عبارة واحدة «هانى أبو أسعد» .. ابن فلسطين.. وواحد مِمَن صرخوا بِعُقولهم وليس فقط بأصواتهم ليُجبر العالم كله - على الأقل فيما يخص مَجالهِ «السينما» - أن يُعلن هو الآخر: «عاشت فلسطين.. عاشت فلسطين».
 بدايةً علمنا أن فيلمك الجديد The mountain between us سيكون فيلم افتتاح مهرجان «القاهرة السينمائى الدولى» المقبل وأنك ستحضُر أنت وبطلا الفيلم النجمان العالميان «كيت وينسلت» و«إدريس ألبا» .. هل هذا صحيح؟
- نعم، صحيح! .. الفيلم سيكون هو فيلم الافتتاح، وسوف أحضُر إلى القاهرة مع عائلتى كلها، زوجتى وأخواتى وأُمى أيضًا، لكن بِالنِسبة لحُضُور بطليّ الفيلم فعلى الأغلب لن يحضُرا لأن لديهما التزامات أُخرى.
 هذا الفيلم هو أول فيلم من إخراجك فقط على خِلاف أفلامك السابقة التى كنتَ فيها صاحب المشروع بأكمله.. هل كانت التجرُبة مُختلفة؟
- يعنى مِن قبل فعلاً كُنت المُخرج والكاتب والمُنتج.. (ضاحكًا) وأقوم بالتنظيف وعمل الأكل!.. عامةً كان الضغط أكبر.. لكن هذه المرة لأننى كُنتُ مُخرجًا فقط، فلم يكن هناك أشياء تضغط عليّ.. أخيرًا تذوقت طعم الإخراج فقط.
 الفيلم يعتمد على طرح سُؤال: ماذا لو اعتمدت حياتك على شخصٍ غريب، كما أنه مهموم بِفِكرة (لا أريد أن أموت).. هذا السؤال وذاك الهم موجود أيضًا فى أفلامك السابقة.. هل لهذا السبب جذبتك هذه الفكرة ووجدت بها توحُدًا مع همومك لتنفيذها؟
- سليم %100.. لقد عُرِضتْ عليَّ من قبل أفلام فى هوليوود، وكنتُ أرفُضها لأن الموضوعات لم تكُن تجذبنى.. هذا النص عُرِضَ عليَّ قبل ثلاث سنوات، وجذبنى لأنهُ يتناول أمُورًا تهمنى، وهى معنى الحياة والصراع على البقاء، وفِكرة البقاء، وشُعور الإنسان بأنهُ ضحية.. هذا التساؤل مُهم ويشغلنى دائمًا.
 فى الفيلم نرى مُسافرين.. رجلاً وامرأة.. تقطعت بِهِما السُبل فى الأراضى الجبلية بعد تحطُم طائرتهما.. هل تعتبر نفسك مُسافرًا كحال بطلى الفيلم؟ .. بمعنى أنك أنت «المُخرج الفلسطينى العربى» الذى ركب طائرته حتى وجد نفسه فى قلب «هوليوود» ذات التوجهات الجدلية عندما يتعلق الأمر بالعرب وبالفلسطينيين تحديدًا؟
- هذا التفسير أتركه للصحفيين والنُقاد لأننى لم أقصدهُ بِشكلٍ واعٍ.. رُبما كان مقصودًا فى اللاوعى.. وما أستطيع الإجابة عنهُ أننى «مُخرج فلسطينى»، وهُناك ستة استوديوهات فى هوليوود مُتحكمة فى صِناعة السينما فى العالم.. يعنى أنا كمُخرج عربى لم أُغير اسمى، ومع ذلك يتم تداول اسمى فى استوديوهات هوليوود .. هذا أعتبره شيئًا جديدًا عليّ.
 استقبال الفيلم فى أمريكا لم يكُن على المستوى المأمول جماهيريًّا ونَقديًّا؟
- برأيى الجُمهور كان على العكس مِن النُقاد، فالإيرادات مُرتفعة.. أما النُقاد فهُناك جدل بينهم، فنصفهم أحبوا الفيلم والنصف الثانى لم يُحبوهُ.. وقد كتب أغلب النُقاد بشكلٍ جيد عن أفلامى السابقة.. أن تكون هذه المرة نصف الآراء على عكس النِصف الآخر هذا نوع من التوازن.. ومَعروف أنك عندما تُحاور الجُمهور العَريض تفقِد الجُمهور المُتمرس.
 النجمة العالمية «كيت وينسلت» كانت قد حكت عن موقفٍ طريف أثناء تصوير الفيلم، وهو خجلك عِند تصوير «مشهد الحُب».. كيف ستتغلب على طبيعتك الشرقية هذهِ وقد أصبحت من العاملين المُعترف بهم بل المُحترفين فى هوليوود؟
- لا!.. لماذا أتغير؟!.. سأظل أخجل.. هذا شىء طبيعى إذا كان هناك «مشهد حُب» سيُصور.
 عادةً أنت مُتصالح مع كُل الآراء عن أىٍّ من أفلامك.. صحيح؟
- مُتصالح طبعًا!.. لن تستطيع أن تُلائم كُل الآراء.. لا تُوجد «واسطة فى الفن».. ستجد أن من لا يُحب عملاً فنيًّا ما فى مُقابله أشخاصًا آخرين أحبوهُ.. وبرأيى الإحصاء الخاص بمواقع مثل IMDB و Rotten tomatoes يُعبر عن جُزء بسيط برأيى قد شاهد الفيلم.. التصويت لا يُمثل سوى 1 % من المُشاهدين.
 نشأتك فى بلدتك «الناصرة» بِ«فلسطين»، حيث هناك صالة سينما واحدة، وغير مسموح بزيارة المتاحف، ومكتبتكم فى البيت كانت صغيرة.. كيف يُمكن فى هذا الوضع أن تتمكن من خلق عالمك السينمائى الفلسطينى الخاص بكل هذه الرحابة وأن تكون الوسيلة السهلة والمُتاحة لِلخُروج من فلسطين إلى العالم الواسع؟
- صحيح.. كانت قاعة سينما واحدة فى «الناصرة»، وأول شيء اكتشفته فى السينما كانت أفلام «الكاوبوى»، وأول حكايات سِينمائية رأيتها كانت الأفلام المصرية، يعنى ثانى فيلم أحضره كان «صراع فى النيل»، فاستطعت أن أفهم الأبطال.. والسينما الفلسطينية وُلِدتَ مِن رَحِم السينما والثقافة المصرية، ولا أُريد أن أُقلل من قيمة الفيلم اللبنانى أو السورى أو غيرها.. لكن كان تأثير المُخرجين المصريين مِثل «حسين كمال» و«كمال الشيخ» وحتى الأجيال التالية مثل «أُسامة فوزى» كبيرًا.. لا أستطيع أن أنسى السينما المصرية، التى للأسف لم تعُد تلعب دورًا كبيرًا الآن كما كانت من قبل.. لقد تقوقعت السينما المصرية على نفسها حاليًا، بينما فى عُصورٍ سابقة كانت مفتوحة أكثر على العالم العربى، لذلك أصبحت السينما اللبنانية ناجحة أكثر الآن.
 قُلتَ إنك كُنت تُريد الانضمام لِكتائِب الفِدائيين وأنت شاب، وعِندما شاهدت فيلم One flew over the cuckoo,s nest شعرت بِأن السينما أيضًا يُمكن أن تُقاوِم.. هل تشعُر أنك قاومت بما يكفى فى أفلامك؟
- هذا اضطرارى.. يعنى عندما يخسر الإنسان الحُكم والاقتصاد، فيُحاول السيطرة على حياته، وإيجاد منفذ للسيطرة على أفكاره، على الأقل جُغرافيًّا تخرُج بعيدًا عن الاحتلال.. شيء طبيعى لو هناك احتلال فالفن يُحاول أن «يفُك» خارجه.
 ما هو رَأيك فى التطُورات الأخيرة للقضية والمُصالحة «الفلسطينية - الفلسطينية»؟ .. هل ترى أن السينما المقبلة والخاصة بِكَ ستظل «سينما مُقاومة» أم «سينما مُصالحة» والمُصالحة هُنا بِمَعناها العربى وغير العربى أيضًا؟
- المُصالحة تكون مع الاختلاف فى الثقافة والآراء لأن اختلاف الآراء هو نمط الحياة، ويعود إلى تفسيراتنا المُختلفة عن معنى الحياة.. وأنا مع المُصالحة الإنسانية، لكن لا يُمكن أن تتصالح مع أخيك إن كان ظالمًا.. كلنا نرفُض الظُلم.. لذلك أرفُض المصالحة مع الاحتلال الظالم.. لكن على العكس فى المُصالحة «الفلسطينية - الفلسطينية» لأنه لا يوجد بها ظُلم، فالخِلاف الفلسطينى كان على الطريقة المُتبعة فى مُحاربة الظُلم، وهذا معناه قُبول الرأى الآخر.
 أفلامك لا تتسم بالصوت العالى مثل باقى أفلام المُقاومة وإن كانت موضوعاتها شائكة أكثر من غيرها؟
- السبب تجربتى بالحياة - قبل أن أكون صانع أفلام - عندما كنت أستمع إلى المناقشات السياسية، كنت أبذل جُهدًا للاستماع لمن يتميزون بِالصُوت المُنخفض، حتى أتمكن من سماع ما يقولونهُ، على عكس من يجهرون بأصواتٍ عالية، فكنت أسد أُذنيَّ.. والأفضل للفن أن يكُون هَادِئًا، حتى يصل للاوعى المُشاهِد بِشَكلٍ أفضل، وهذا القرار اتخذتهُ فى أفلامى لأنه الأقرب لِطَبِيعتِى.
 إذن هل الاعتماد على البَساطة وتخفيف حِمل الفِيلم وتَجريدهِ بِقَدر الإمكان ليعتمد فى النِهاية على قصة إنسانية كانت السبب فى وصولك لقلب وعقل المُشاهد العربى والأجنبي؟
- البساطة هى السبيل.. يمكن أو أكيد.. لا أعلم!.. فى النهاية هُناك أذواق، ولا يُمكن أن تضع الجماهير فى قَالِبٍ واحد، لكن الأغلبية يُحبُون الهُدوء والقِصص الإنسانية.
 حفرت اسم «فلسطين» - مع غيرك من المُخرجين الفلسطينيين - على الجوائز التى تسلمتها، بل الاعتراف ب «فلسطين» مِن قِبل كيانات هائلة مثل أكاديمية العلوم والفنون الأمريكية «الأوسكار» ومؤسسة الصحافة الدولية والمَهرجانات الكُبرى فى أمريكا وأوروبا.. يُعتبر هذا نوعًا من الإنجاز الذى لم يتمكن رِجال السياسة من تحقيقهِ؟
- لم يكُن هذا مقصودًا.. الاحتلال الإسرائيلى أزمة، ناكر لِلوجود الفلسطينى، وكلما استطعت أن أُحقق نوعًا من الاعتراف بوجودى، فهذا إنجاز ومُقاومة، فالفن يُقاوم، والاعتراف ب «فلسطين» فنيًا استطاع أن يغرس مسمارًا فى نعش الاحتلال.
 يسعى البعض إلى حِماية مَسارهِ المِهنى، بل هناك مَن يُغيّر أسماءه وخَلفِياته ويسعى إلى التعاون مع الكيان الإسرائيلى بغرض الشُهرة والانتشار والوصول إلى النجومية.. هل برأيك فى هذه الحالة أن الاختيار فى يد الفنان الفلسطينى فى التعاون أو عدم التعاون مع إسرائيل وليس كما نسمع أن إسرائيل قد تفرض هذا التعاون بشكلٍ ما؟
- هذه إشكالية كبيرة.. وكُلنا مجبورون بشكلٍ ما على التعاون مع الاحتلال لأننا نعيش تحت البِنية التحتية للاحتلال.. مثلاً هو المُتحكم فى توليد الكهرباء، ونحن نحتاج الكهرباء فى تصوير الأفلام، بل أضطر أحيانًا لاستئجار كاميرات مِن شَرِكاتٍ إسرائيلية لأن استيراد الكاميرات من الخارج يعنى تكلفة كبيرة، بل أمر شِبه مُستحيل.. وهُناك من يضطر لأخذ مُساعداتٍ مادية مِن «إسرائيل»، وهذا وارد لأنهم يدفعون ضرائب.. الإشكالية أن «إسرائيل» تستغل هذا حتى تُبيض سُمعتها فى الخارج.. الفِكرة ألا تجعل «إسرائيل» أو الكيان الصهيونى يستغلك ويستغل عملك لهذا الغرض.. يعنى هى تُعطى المُساعدات حتى تقول إنها دولة ديمُقراطية، فالمُفترض أنت كمخرج تُوضح أن هُناك اضطرارية مُعينة لهذا التعامُل، لكنها فى النهاية تظل دولة احتلال.. إذا لم يُقدم المُخرج مثل هذه التصاريح فهُناك مُشكلة، الوضع صعب كثير.. والكثير لا يستطيع أن يعيش دون أن يتعامل مع هذا الكيان الصهيونى.. وكل مُخرج فى النهاية يُريد أن يصنع أفلامًا، وأحيانًا هذهِ الرغبة تجعله «يبيع القضية» أو «يُراوغ»، وهو هنا ليس فنانًا، ولن يصل للنجاح ولا للنجومية.
 عندما قررت خوض تجربة السينما، التقيت بِالمُخرج الفلسطينى الكبير «رشيد مشهراوى»، فعملت معه كمُساعد مُخرج ومُشرفًا على الإنتاج.. بصفتك مُنتجًا وليس مُخرجًا كيف ترى كم إنتاج السينما الفلسطينية؟.. وهل هذا الإنتاج يوازى حجم قضية فلسطين؟
- سَعِيد جِدًا بالتطور الذى حدث للسينما الفلسطينية فى السنوات الأخيرة.. يعنى مِن بَعد مَا كُنا نُنتِج فيلمًا كُل ثلاث سنوات، أصبحنا نُنتِج ثلاثة أفلام فى العام الواحد، ولا أعلم أرقامًا دقيقة لحجم الإنتاج السينمائى الفلسطينى، لكنى أرى أن جودة الأفلام أصبحت أعلى، ولا يُمكن أن نُنكر فَضل «رشيد مشهراوى» على السينما الفلسطينية، فقد شجع مُخرجين، بل ساعد على إنتاج أفلام جيدة لِمُخرجين جُدد.. وبِالنسبةِ لى شخصيًّا أقوم وزوجتى حاليًا باختيار سيناريوهات أفلام من فلسطين ولبنان ومصر لإنتاجها، ومع مُخرجين واعدين مثل «محمد دياب» و«عمرو سلامة» و«فراس خُورس».. وأنا متابع للأفلام الفلسطينية، وأعجبنى كثيرًا الفيلم الأخير «واجِب» لِ «آن مارى جاسر».
 بعد ثورات الربيع العربى والحديث الدائم عن الشباب الذى كان له دور كبير فيها حتى تم تهميشه شيئًا فشيئًا، حتى شباب السينمائيين أصبحوا يواجهون عراقيل كثيرة تضعها لهم أجيال أكبر.. ألا ترى أنه من العادل الاعتراف بأنه ليس للشباب وللسينمائيين الفلسطينيين مَكان حقيقى؟
- مضبوط جِدًّا جِدًّا.. وهذا مؤلم.. الشباب العربى يدفع ثمن فشل الكِبار.. وكان عليهم أن يُصلحوا الأوضاع، نعم فشلوا، لكن مُحاولتهم يجب أن تُبجل، وعندما حاولوا الإصلاح فشلوا، وتمت مُعاقبتهم، فلماذا؟!.. لماذا نجلس على «العفن»؟.. وأنا أرى فنانين أصغر عُمرًا وليس فِكرًا، يُواجِهون تَحدِياتٍ أكبر مِنهُم.. لا بُد أن يفهم كُل مجتمع عربى أنه يجب أن يمنح التبجيل لِلمُحاولة - مُجرد المُحاولة - التى قام بها الشباب فى هذه الثورات.. يعنى عندما يبدأ ابنك فى تعلُم المشى ويسقُط، هل تقوم بضربه حتى لا يحاول المَشى ثَانِيةً؟.. أم تُشجعهُ على النُهوض والمُحاولة مِن جَدِيد؟.
 لكن السؤال الأهم: كيف يُمكن للشباب أن يتغلب على هذا المأزق؟
- أهم شىء التحرُر من الاحتلال.. حاليًا صارت مُشكلتنا فى فلسطين صغيرة جِدًّا مُقارنةً ببقية الدِول العربية.. يعنى صار كُله مِحتاج يِتحرر .. يعنى إحنا كأفراد نُحاول إنقاذ أنفُسنا مِن الطُوفان.. شباب السينمائيين بائسون فى العالم العربى، وحتى يستطيعوا النجاح يجب أن تكون لديهم قُدرات فنية عالية لأن الضغوط كثيرة، وأنا فعلاً حَزِين على وضع الشباب.
 هذا يُذكرنا بمسألة الجِدار فى أفلامك، فحتى فى فِيلمك القَصِير «ولد وجِدار وحِمار» كان هو المُتصدر لِلمَشهد أمام هذا الطفل.. هل ما يزال هذا الجدار قائمًا؟
- الجدار بِيكبر!.. وفى الوقت نفسه الإنسان يتضاءل.. والوضع حزين، لكنى لستُ مع الهرُوب، فدائمًا فى مثل هذه المواقف نحنُ أمام خيارين.. إما التنازل والاستسلام.. وإما المُقاومة.. وحاليًا الوضع أصعب على عكس فترة الستينيات، لكنى مع المُقاومة شخصيًّا لأنى أُفضل العيش ساعة واحدة فى كرامة ولا أن أعيش 30 عامًا من دون كرامة.
 والقياديون؟
- دورهم مُهم، لكن للأسف ليس عِندنا قياديون لِلتوجيه أو لوضع البوصلة.. العالم كله ضائع فى فهم المفاهيم والتوجهات وغيرها.. ليس العالم العربى فقط، ولكن العالم الغربى أيضًا، وهذا ذنب السياسيين لأن دورهم أن يوجهوا العالم وليس أن ينكبوا على مصالحهِم الخاصة.. كُلنا ضائعون والفنان فى هذه الحالة له دور أكبر وأهم .. مثلاً «الإرهاب».. الإرهاب واضح، فلو وضعت قُنبلة فى مكانٍ عام أو تُقاتل الجنود، هذا هو الإرهاب.. بنظرى التعريف العالمى العِلمى وليس السياسى للإرهاب واضح، وفى فيلمى «الجنة الآن» تناولت هذا.. لكن السؤال: وين المقاومة؟
قال عن:
 هوية السينما الفلسطينية أمس واليوم:
بنظرى سينما الأمس بِالمُجمل هى سينما شاعرية.. سينما اليوم هى الواقعية.. أحب الشاعرية المدموجة بالواقعية.. مش مهم تعمل أى نوع سينما.. المهم يكون مُتقنًا وعظيمًا، ولو لم يكُن مُتقنًا سيصير هناك ركاكة فى المعانى.
 آفاق ومستقبل السينما الفلسطينية:
مُتفائل جدًّا؛ خصوصًا لحماس الشباب مثل المُخرجين «آن مارى جاسر» و«رائد أنضونى» بفيلمه الجميل «اصطياد الأشباح» و«مهند يعقوبى» بفيلمه «خارج الإطار».
حاجات المُتلقى الفلسطينى من السينما الفلسطينية:
دائمًا فى تزايد.. لكن لا يزال الترابط موجودًا بين الجمهور الفلسطينى والسينما الفلسطينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.