فى الوقت الذى أعلن فيه رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية «دونالد ترامب» عزمه إنهاء برنامج وكالة المخابرات المركزية «C.I.A» لتسليح الإرهابيين فى «سوريا» كانت الوثائق السرية التى تم الكشف عنها مؤخرًا تؤكد العكس تمامًا، إذ إنه من المقرر رسميًا، استمرار البرنامج التسليحى الأمريكى، الذى تبلغ قيمته أكثر من مليارى دولار، للتنظيمات الإرهابية فى منطقة الشرق الأوسط على مدى خمس سنوات قادمة، أو أكثر. فى عددها السابق كشفت مجلة «روزاليوسف» عن تفاصيل استخدام الرحلات الدبلوماسية كغطاء لشحنات نقل الأسلحة والذخائر، من قبل تحالف بين بعض الدول الأجنبية إلى الإرهابيين داخل الشرق الأوسط. وفيما يلى نستكمل بشكل خاص المخطط الأمريكى بالتعاون مع بعض الدول الأجنبية لتسليح الإرهابيين فى الشرق الأوسط. تقرير حديث أصدرته منظمتان دوليتان لرصد الأسلحة، هما: «مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد» (OCCRP) و«شبكة الإبلاغ عن التحقيقات فى البلقان» (BIRN) أوضح أن وزارة الدفاع الأمريكية «بنتاجون» تواصل شحن كميات هائلة من الأسلحة إلى «سوريا» التى تعانى من ويلات الحرب، وأن البنتاجون شحن ما تصل قيمته إلى 2.2 مليار دولار من الأسلحة للإرهابيين هناك. بشكل مفصل، خصصت وزارة الدفاع الأمريكية ميزانية قدرها 584.4 مليون دولار لهذه العملية، منها 172.5 مليون دولار للسنة المالية 2017، و 291.9 مليون دولار للسنة الماليه 2018، إضافة إلى 150 مليون دولار بناءً على طلب من «ترامب» لعام 2017. شحنات السلاح تشمل كلاشينكوف «AK-47 - إيه. كى 47»، وقذائف «آر. بى. جي»، ومئات الملايين من قطع الذخيرة المتنوعة. أنفقت الولاياتالمتحدة 781.1 مليون دولار على عمليات التجارة التسليحية للإرهابيين عبر عدة دول توزيعها كالتالى: 243 مليون دولار لدولة «بلغاريا»، و 135 مليون دولار لجهة غير معلن عنها، و126 مليون دولار ل«أفغانستان»، و69 مليون دولار لجمهورية «التشيك»، و38 مليونًا ل«رومانيا»، و33 مليون دولار ل«صربيا»، و17 مليون دولار ل«أوكرانيا»، و9 ملايين دولار ل«بولندا»، و6 ملايين ل«كرواتيا»، و4 ملايين دولار ل«كازاخستان»، وقرابة مليونى دولار ل«جورجيا»، كما خصصت أيضًا مبلغًا آخر، يقدر بأكثر من 900 مليون دولار تحت القيد للإنفاق على الذخائر من الطراز السوفيتى (المقصود الجمهوريات السوفيتية السابقة)، حتى عام 2022. ووفقًا للتقرير، فإن العديد من موردى الأسلحة، ومعظمهم فى أوروبا الشرقية، وبعض الجمهوريات السوفيتية السابقة، بما فى ذلك «كازاخستان، وجورجيا، وأوكرانيا»، لهم صلات بالجريمة المنظمة فى جميع أنحاء أوروبا الشرقية، وسجل أعمال تجارية غير نظيفة، أى أن إرسال الأسلحة والذخائر التى يرسلها البنتاجون إلى «سوريا» تمر عبر شبكة لوجستية مترامية الأطراف، تشمل جيشًا من تجار الأسلحة، وشركات شحن، إضافة إلى القواعد العسكرية، والمطارات. كما توجه تلك المشتريات من خلال أحد أهم منشأتين أمريكيتين أساسيتين، وهما: قيادة العمليات الخاصة للجيش الأمريكى (SOCOM) والأخرى شركة «بيكاتينى أرسنال»، أحد أهم مستودعات الأسلحة الأمريكية المعروفة، على الرغم من عدم اعتراف الأولى بتورطها فى عمليات التجارة تلك حتى الآن. وتقول المعلومات إنه منذ فترة، وحتى شهر مايو 2017 اشترت قيادة العمليات الخاصة للجيش الأمريكى، أسلحة وذخائر تبلغ قيمتها قرابة 240 مليون دولار وفقًا لتحليل لآلاف سجلات المشتريات من قبل «مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد»، و«شبكة الإبلاغ عن التحقيقات فى البلقان». استأجرت القيادة الأمريكية فى الفترة ما بين ديسمبر 2015 وسبتمبر 2016 أيضًا، أربع سفن شحن من موانئ البحر الأسود الرومانية والبلغارية، محملة بنحو 6300 طن من الذخائر، لتسلمها إلى القواعد العسكرية فى «تركيا» ودولة عربية أخرى، إضافة إلى القواعد اللوجستية الرئيسية، لتزويد الإرهابيين فى سوريا بها، وفقًا لوثائق المشتريات، وقوائم التعبئة وبيانات تتبع السفن. وفى الوقت الذى لعبت فيه قيادة العمليات الخاصة هذا الدور داخل سوريا، فكانت «بيكاتينى أرسنال» هى المسئولة عن توريد السلاح إلى دولتى «العراق، وأفغانستان»، فأنفقت نحو مبلغ 480 مليون دولار، من أصل 781.1 مليون دولار، التى أنفقها البنتاجون كما ذكرنا أعلاه. أوضحت المنظمتان الدوليتان أيضًا، بعد تحقيقها فى عدد من ملفات شراء، وإدارة خط رئيسى لتهريب الأسلحة، يبدأ من «البلقان، والقوقاز»، وينتهى فى «سوريا، والعراق» وأماكن أخرى، أن هذا جزء من برنامج «التدريب والتجهيز» لما سموه -القوات السورية الديمقراطية - الذى بدأ منذ اجتاح تنظيم «داعش» الإرهابى دولة «سوريا» فى عام 2014، وإطلاق البنتاجون على عجل 500 مليون دولار دفعة واحدة من أجل برنامج إعداد وتدريب متمردى سوريا، ومدهم بالأسلحة الأمريكية الحديثة، فى شهر ديسمبر من العام نفسه. إلا أن هذا البرنامج انهار بعد تسعة أشهر، تاركًا خلفه ساحة معركة دامية، مما اضطر البنتاجون إلى اللجوء إلى خطة جديدة. بدءًا من شهر سبتمبر 2015 وبطريقة خفية لم يلاحظها الإعلام، حول بهدوء تركيزه إلى تسليح المتمردين السوريين الموجودين على أرض الواقع بأسلحة وذخيرة شرقية، واستخدموها بالفعل، وفقًا لوثيقة البنتاجون فى شهر فبراير 2016 لم ينشر عنها شيء. ويذكر أن «واشنطن» وقعت على معاهدة الأممالمتحدة لتجارة الأسلحة، وهى اتفاقية دولية تحاول تنظيم نقل الأسلحة عن طريق منع تسريب الأسلحة إلى مناطق الحرب، إلا أنها لم تصدق بعد عليها، ومن ثم فهى تعد غير ملزمة قانونًا بها، حسبما أشار بعض الخبراء. وعلى الرغم من أن وثائق مشتريات الأسلحة، لسلطات دول «رومانيا، بلغاريا، الجمهورية التشيكية، صربيا، أوكرانيا، وجورجيا» بالتعاون مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، أظهرت أن تصديرها كان موجهًا إلى سوريا. إلا أن كلاً من «رومانيا، والجمهورية التشيكية، وصربيا» منحت منظمتى (رصد الأسلحة المذكورتين أعلاه)، تراخيص التصدير مع الولاياتالمتحدة، وليس سوريا، المدرجة كوجهة نهائية. ومن جانبها أكدت «البوسنة والهرسك» أنها أصدرت تراخيص تصدير إلى (SOCOM) وليس «سوريا»، فى حين صرحت «بولندا، وكرواتيا» أنهما تمتثلان لجميع القواعد الدولية، ولم ترد «كازاخستان، وأفغانستان» بأى تصريح، لكن فى النهاية حسب المنظمتين، فإن جميع الأسلحة مازالت تصب داخل الأراضى السورية.