أعشق المرأة.. وأشارك كثيرًا من المشايخ الاهتمام والإعجاب بها وبكل تفاصيلها وأعضاء جسدها.. لكن الفرق الجوهرى - غير الوحيد - أن المرأة التى تراها عيونهم ويتحدثون دومًا عنها غير تلك التى نتحدث عنها وتراها عيوننا كل لحظة وفى كل مكان حولنا.. هم يرون اليد والذراع الذى يثير الشهوة ويجب تغطيته بالمعصم، ونحن نرى اليد التى تملؤها الرحمة وهى تُمسك ترمومترًا للحرارة لتقيس به درجة حرارة إنسان يصارع المرض فى مستشفى «قصر العينى».. هم يرون العيون الساحرة التى تثير الفتنة ويجب تغطيتها بالنقاب، بينما نرى نحن العيون الساهرة على إنجاز أعمال التطريز والخياطة وصناعة الإكسسوارات فى مصنع ملابس بحى الموسكى لتدبير دخل إضافى تساند به أسرتها وتعين به شريك حياتها على تحديات ومصاعب الدنيا.. المشايخ يرون دائمًا الظهر العارى والشعر الطويل وملابس الكاسيات العاريات، بينما نرى نحن الظهر المحنى لمُدرّسة تساعد طفلاً على الكتابة فى كراسته بمدرسة «صفية زغلول الابتدائية»، و«ضفاير» بنت حلوة ذاهبة لمدرستها الثانوية، وملابس لا تعدو كونها تعبر عن ثقافة ولا تعكس سلوكًا ولا تربية ولا أخلاقًا على الإطلاق.. المرأة التى أراها وأتحدث عنها هى إنسان فاعل ومؤثر ومُكمل لحياتنا فى كل الأوجه والمسارات التى نحياها، فتضيف للمجتمع زهوًا وجمالاً وحنانًا ورحمة وتمسح عنه أوجاعًا وأحزانًا وقسوة وغلظة.. والمرأة التى يتحدث عنها المشايخ هى كتلة من اللحم الإسفنجى المتكتل التى تجعلنا نبدو وكأننا مجتمع هائج و(منتصب) طوال الوقت.. فتكون النتيجة النهائية سيلاً من الفتاوى الشاذة والغريبة واللاإنسانية والتى لا تنظر للمرأة إلا من زاوية ومنظور جنسى ومن داخل مكان واحد فقط.. الفراش(!) أشهر فتاوى الفراش فتوى الدكتور صبرى عبدالرءوف، أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر بجواز معاشرة الزوج لزوجته الميتة أعادت للأذهان فوضى الفتاوى الجنسية الغريبة التى شهدتها مصر وربما العالم العربى والإسلامى كله فى الآونة الأخيرة، وحتى نكون أمناء ولا نظلم الدكتور صبرى عبدالرءوف، ولا نكون من أولئك الذين اتهمهم بتحريف كلامه عندما أطلق الفتوى على قناة فضائية خاصة مؤخرًا، فقد قال نصًا: (إن معاشرة الزوج لزوجته الميتة حلال، ولا يعد «زنى» ولا يقام عليه الحد أو أى عقوبة، لأنها شرعيًا أمر غير محرم، والفعل الحقيقى أنها زوجته). وتابع أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر مفسرًا: «أن الأمر حلال لأنها زوجته، وعاشرها فهنا لم يرتكب إثمًا أو ضررًا، وشرعًا له الحق أن يغسل زوجته فهنا يقوم بلمسها، فهو أمر حلال، وهنا لا توجد أى مخالفة شرعية، ولكنه أمر غير محبب اجتماعيًا». واستطرد أن من يقوم بهذا الفعل حالات نادرة، وقد يتسبب له شخصيًا فى أمراض، ومن يقوم بهذا الفعل يسمى «معاشرة الوداع»، ولكنه أمر غير مخالف شرعيًا وحلال له، وإن كان غير مألوف إنسانيًا، وهذا الفعل تعفه النفوس». الأمر كله بالنسبة للعالم الأزهرى - الذى أحيل للتحقيق - فى معاشرة الوداع أنه أمر غير مألوف إنسانًيًا وغير محبب (!).. فات الشيخ صبرى أن «إكرام الميت دفنه» وأن الإنسانية الحقة تقول إن من يضاجع امرأة ميتة هو شخص معدوم الضمير وخارج عن الملة الإنسانية وهو الذى يستحق أن نكفنه وندفنه لأنه بالفعل.. إنسان ميت. وفى حلقة تالية، استضاف البرنامج نفسه والقناة ذاتها (LTC) الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وناقش معها فتوى معاشرة الزوجة بعد وفاتها، فانتفضت «سعاد» وانتصرت للإنسانية والضمير وأكدت أنها محرمة، وهاجمتها بقوة، وقالت إنه بموت الزوجة تنقطع العلاقة، وتعد الزوجة أجنبية عن زوجها، وقالت إن الدليل أنه من المعروف، بإجماع العلماء والفقهاء، أنه بالموت ينقطع التكليف، وتنقطع الصلات، إلا أن أستاذة الفقه المقارن فجرت مفاجأة أثارت دهشة أكبر لدى الناس، وأهالت التراب على كل ما قالته بشأن فتوى «نكاح الميتة»، فقد أكدت أن الفقهاء أجازوا معاشرة الرجال للبهيمة، باعتبار أنه لا تكليف عليها، وقالت إن هذا يسرى على أى نوع من الحيوانات (!) الجنس بالملابس الرسمية من أعجب الفتاوى التى فجرت نوعًا من الجدل الشديد فتوى الدكتور رشاد حسن خليل، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر الأسبق، بتحريم تجرد الزوجين التام من الملابس أثناء المعاشرة، وكون ذلك الفعل مبطلاً لعقد الزواج (!) إنهم يدفعوننا دفعًا نحو السطحية.. محض بلاهة وتخلف عقلى يخرج من رجال دين فى صورة فتاوى يصدقها البعض للأسف الشديد.. لك أن تتخيل لو تعاملنا بجدية مع هذا الهراء.. كم زوجًا وزوجة سيصبحان مطلقين شرعًا لأنهما خلعا ملابسهما بالكامل أمام بعضهما البعض (؟!) عقود زواج المصريين بالكامل ستكون باطلة بطلانًا صريحًا واضحًا وشفافًا (!) إلا أن هذه الفتوى قوبلت برفض شديد من جانب علماء وشيوخ الأزهر، الذين أكدوا رفضهم الفتوى باعتبار الاستمتاع بين الزوجين من المقاصد الشرعية ليعف كل منهما الآخر. واستندوا على حقيقة أن كل شيء مباح بين الرجل وزوجته إلا ما حرمه القرآن والسنة صراحة. وسعياً منه لامتصاص الانتقادات الموجهة إلى الأزهر، مع الحفاظ على مشاعر التيار الدينى المتشدد فى مصر، توصل عبدالله مجاور رئيس لجنة الفتوى الأسبق فى الأزهر إلى حل وسط، حيث قال إنه يحل للرجل أن يرى زوجته عارية، وإن كان النظر إلى عورتها مكروهًا، ويفضل أن يمارسا علاقتهما الزوجية تحت غطاء (!) أرجوك عزيزى القارئ لا تمل من كثرة علامات التعجب والذهول فى هذا الموضوع! ومن أغرب الفتاوى التى صدرت وأثارت ضجة كبيرة أيضًا تلك التى عرفت إعلاميًا ب«إرضاع الكبير» للدكتور عزت عطية الأستاذ بجامعة الأزهر، الذى انطلق من فكرة الفصل بين الجنسين فى العمل والدراسة، فتفتق ذهنه عن مخرج شرعى لهذه الأزمة العويصة بأنه لو أرضعت امرأة زميلها خمس مرات فيحل له أن يعمل معها. ويحل لها أن تكشف شعرها وحجابها أمام شخص أرضعته خمس رضعات مشبعات. الفتوى واجهت هجوماً عنيفاً ولاذعاً، وعلى الرغم من أن عطية قال أنه كان يستند على واقعة تمت فى زمن النبى، إلا أن علماء الأزهر اعتبروها سوء تفسير لحالة خاصة فى ظروف بعينها. وجه المرأة كفرجها! «هل يجوز تناول حباية الفياجرا بماء زمزم؟!».. لا تندهش من السؤال.. فهو أحد الأمور التى تشغل بال أحد المواطنين فى هذا الوطن والذى كلف نفسه وقتًا ومالاً ليتصل بفضيلة الشيخ العلامة فى القناة الفضائية ليسأله عن هذا الأمر الحيوى جدًا فى حياته.. وبالقطع ينبغى أن يجيب مولانا الشيخ ويفتيه بعد البسملة والصلاة على النبى ليقول له أى هراء مصبوغ بصبغة دينية ومحاط بروح القداسة الربانية.. ومن أغرب الإجابات أيضًا على أحد الأسئلة ما ورد على لسان الداعية السلفى أبوإسحاق الحوينى من خلال تشبيه وجه المرأة بفرجها بقوله فى أحد الفيديوهات: «وجه المرأة كفرجها»، كما يستفيض الشيخ الحوينى فى قضية من أهم القضايا الفقهية، من وجهة نظره وهى «كيفية الاستمتاع بالزوجة أثناء المحيض». وكذلك الداعية السلفى محمد حسان يفرد بعض حلقاته للتحدث عن الأمور الزوجية، وقد تأتيه أسئلة فيجيب عنها، أو يتطوع من نفسه ليفتح الموضوعات ويتحدث فيها، فتوجد له فيديوهات يتكلم فيها عن «عدد مرات الجماع حسب الشرع وأفعال السلف الصالح»، أما الرئيس السابق لجماعة أنصار السنة المحمدية جمال المراكبى، فيجيب عن سؤال يشغل عقل وفكر متابعه «أبو محمد» عن «حكم الجماع فى الحمام». ويتحدث الشيخ هشام البيلى عن «طرق الاستمتاع بدُبُر المرأة»، دون الوقوع فى مخالفة شرعية. وأباح الشيخ أسامة القوصى أن ينظر الرجل إلى المرأة وهى عارية، مادام سيتزوجها، حيث ورد فى الجزء التاسع من كتاب فتح البارى صفحة 149 طبعة دار إحياء التراث - الرابعة، أنه «يجوز للخاطب أن ينظر إليهن متجردات»، وكانت الفاجعة الكبرى مع فتوى نائب رئيس الدعوة السلفية الشيخ ياسر برهامى، التى أجازت للرجل ترك زوجته لمغتصبها؛ ليحمى نفسه من الموت (!) الخيار والموز يثيران المرأة! الفتاوى الغريبة الخاصة بالمرأة امتدت لتشمل العديد من المشايخ خارج مصر أيضًا، فقد نشرت صحيفة «الديلى ميل» البريطانية، أن أحد مشايخ المسلمين فى أوروبا أطلق فتوى تحرم على النساء والفتيات ملامسة الخضروات والفاكهة التى تتخذ شكل العضو الذكرى للرجل، بدعوى أن هذا المنتج ربما يؤدى إلى إثارتهن أو إغوائهن، وأضافت الصحيفة البريطانية أن هذا الشيخ المجهول أطلق دعوته عبر موقع «السنوى الإخبارى» التى قال فيها إنه يجب على النساء عدم ملامسة الخيار أو فاكهة الموز لأنهما قد يوحيان إليهن بأفكار جنسية تسهم فى إغوائهن، وإنه فى حالة إذا أرادت سيدة أو فتاة تناول أى من هذه المنتجات التى تتخذ شكلاً ذكوريًا فإن على طرف ثالث أن يعد هذا الطعام عبر تقطيعه لأجزاء صغيرة تبعده عن شكله الأصلى المثير للفتن. وفى المغرب أجاز الشيخ الراحل عبدالبارى الزمزمى - رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث سابقًا- معاشرة الزوج لزوجته بشتى الأشكال، بما فيها الجنس عن طريق الفم وحتى مع الدمى. وقال الزمزمى: «ليس هناك نص ما فى القرآن يمنع الممارسة الجنسية بين الرجل والمرأة، كيفما كان نوعها وشكلها وطريقتها، حتى وإن كانت عن طريق الفم». وكان جواب الداعية الدكتور محمد عبدالرحمن المغراوى، أحد رموز السلفية بالمغرب، على سؤال حول زواج التى لا تحيض- البنت صغيرة السن- قد خلق جدلاً عارمًا، حيث أفتى بأنه يجوز للصغيرة الزواج باعتبار أن «بعض بنات التاسعة لهن من القدرة على النكاح ما للكبيرات من بنات العشرينيات فما فوق»، وهو نفسه الأمر الذى أيده عدد من المشايخ فى مصر للأسف الشديد! اللغم فى الدبر! ومن فتاوى المضحكات المبكيات تلك التى جاءت على أحد مواقع المتطرفين الأصوليين فى «منتدى أصول السنة»، والتى أباحت توسيع دبر المجاهد من طرف زملائه المجاهدين لوضع كبسولات متفجرة، وجاءت الفتوى من طرف شيخ بعد أن لجأ إليه شاب طلب فتوى حول العمليات الجهادية، فقال: «سألت الشيخ حمد أبو الدماء القصاب، وقال لى إننا ابتكرنا طريقة جديدة وهى أن توضع فى دبره كبسولات تفجير، ولكى تتدرب على هذه الطريقة الجهادية لا بد أن ترضى أن ينال بك أحد إخوانك فى الجهاد فترة حتى يتسع دبرك. وتكون مؤخرتك قادرة على تحمل عبوة التفجير».(!) أرجوك توقف عن الضحك قليلاً فالمهزلة مازالت مستمرة.. الشاب المجاهد المجتهد واصل البحث العلمى الثقافى الجهادى واستفسر قائلاً: هل يجوز أن أبيح دبرى لأحد الإخوة المجاهدين إذا كانت النية صالحة والهدف هو الجهاد لكى يقوم بتوسيع دبري؟! فقال الشيخ حمد:«الأصل هو أن اللواط لا يجوز، الجهاد أولى، لكن إذا كان الجهاد لا يتحقق إلا باللواط فلا بأس فيه، لأن القاعدة الفقهية تقول إن الضرورات تبيح المحظورات. وما لا يتحقق الواجب إلا به فهو واجب، وعليك، بعد أن يحدث ذلك بك أن تكثر من الاستغفار لله وتأكد يا بنى أن الله يبعث المجهادين يوم القيامة حسب نياتهم ونيتك نصرة الإسلام»! إنهم يغتصبون أدنى قواعد المنطق والعقل والدين والإنسانية باسم الإسلام يا سادة. فقه دورات المياه الفتاوى الشاذة والغريبة الخاصة بالجنس كثيرة وكتب التراث مليئة بالعديد من هذه المهازل، وما عرضناه مجرد نماذج لا نهدف للإثارة أو السرد الجنسى من ورائها، بل التنبيه لحالة الجهل والخرافة التى يكرسها رجال الدين فى مساحة من أهم المساحات فى حياة الناس أجمعين وهى الجنس، والإشارة لموروث مما يسمونه «فقهًا» لا يحاول أصحابه تطوير أدائهم الفقهى، تكيفًا مع ظروف العصر الذى يعيشون فيه. فيحدثوننا من واقع تراث وكتب سابقة لم تلق منْ ينقحها مما لحقها من أخطاء وأوهام كثيرة.. تلك الكتب التى يقول عنها الشيخ محمد الغزالى رحمه الله «أن هذه الكتب مليئة بالأحاديث الموضوعة والواهية والخرافات العلمية، ولكن الناس كانوا مقبلين عليها، لقد كانت الثقافة الإسلامية - ومازالت- حافلة بالسموم والمخدرات، والحاجة ماسة إلى غربلتها ونفى المساوئ عنها»، ويستطرد الغزالى: «فقه دورة المياه الذى يُدرَّسُ للناس كافة وكأنهم يعيشون فى صحراء الجزيرة فلا يهتم ولا ينشغل إلا بالأمور الضيقة ولا يعى أن تغييرًا واسعًا طرأ على المجتمع البشرى ينبغى أن يلاحظ عند درس الأحكام الفقهية، لا فى النظافة وحدها، بل فى معاملات شتى، وعليهم - أى الفقهاء - دراسة كل ما طرأ من علوم العصر الذى يعيشون فيه، لذا يقرر الشيخ الغزالى أهمية دراسة الطبيعة والكيمياء والأحياء وعلوم الحساب والجبر والهندسة، والتوسع فى دراسة التاريخ المحلى والإسلامى والعالمى، ودراسة جغرافية العالم كله... إن هذا كله يصقل فكر رجل الدين ويعينه على تكوين حكم صائب، بل إن الحقائق الشرعية لا تفهم على واقعها الصحيح إلا بهذه المعرفة».