«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفاة على «جبال الذهب»!

شباب انتحارى يقبل على الموت ليصنع الحياة، سقطوا من ذاكرة الوطن بلا تعليم حقيقى وبلا عمل، أصابهم العنس ووقر فى قلوبهم اليأس.
لا يبالون بحر جهنم فى الصيف - تقترب درجة الحرارة من ال50 درجة، ولا ببرد القطب الشمالى فى الشتاء- السالب هو المسيطر.. أحلامهم بسيطة لا يبالون بقضاء حاجتهم فى العراء، فى سبيل قضاء حاجتهم من الذهب الذى يحلمون بأن ينقلهم من الحمام البلدى إلى الأفرنجى المعلق. حياة كاملة فوق سطح الجبل، لكنها ليست بحياة!
الصعود إلى الموت
رحلة الصعود إلى الجبل محفوفة بالمخاطر. الأمن من وراءك، والصحراء الممتلئة بجثث من ضلوا الطريق أو عاندتهم الظروف من أمامك!
وصولك لجبال الذهب يكلفك مواجهة الموت إما على يد أبناء قبائل العبابدة - سكان الجبل- عقابًا على انتهاكك لحرماتهم، وإما بثعبان يلدغك بعد أن شاركته مضجعه فى حضن الجبل، أو ربما بصخرة تنهار فوق رأسك إثر الحفر المتواصل.
ملك الموت يحيط بجبال البحر الأحمر من كل جانب.. لكن الذهب يعنى الحياة!
الطريق من قرية العدوة -التابعة لمحافظة أسوان- صوب «بيزح» -أحد جبال البحر الأحمر المليئة بالذهب- لم يكن يسيرًا.
فى جنح الظلام تحركنا فى سيارة نصف نقل «قطمة»، بعد أن تم إبلاغ المنقبين بوجود دورية من الأمن فى نهار ذات اليوم عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك».
القطمة عبارة عن نصفى سيارة مستعملة ترد إلى مصر عبر ميناء بورسعيد كقطع غيار، ثم يتم تجميعها فى ورش اللحام، لتصبح سيارة نصف نقل بدون أرقام، حيث ترفض مصر ترخيصها، بينما يتم ترخيصها فى السودان رسميًا، وهو ما يدعو عددًا من المنقبين إلى بيعها إلى السودانيين عبر الحدود بضعف الثمن.
يقول أبوالحسن مالك إحدى السيارات القطمة: «العربيات دى كان ثمنها 15 ألف جنيه، وارتفعت أسعارها مع التعويم إلى 40 - 30 ألف جنيه» ثم يستطرد: «القطمة لو اترخصت الدولة هتستفيد، وفى نفس الوقت يخصصون الرخصة للعمل فى التنقيب عن الذهب، السودان بتعمل كده، لأن وجودها بالشكل ده بدون ترخيص ممكن يعرض الدولة لخطر، إنها تستخدم فى عمليات إرهابية أو غيره».
طريق من الأسفلت غير ممهد مليء بالحفر، ساعة ونصف قطعنا فيها 140 كيلو، مررنا على اثنين من الأكمنة الشرطية - وادى عبادى و70 - بأمان بعد أن حصل العسكرى من المنقبين على عشرة جنيهات فى كل مرة!
نصف ساعة إضافية كانت هى الأصعب فى عمر الرحلة بين مدقات الجبال بعد أن تركنا الأسفلت، حيث الظلام والسكون المخيف سيدا الموقف.
السائق كان محترفًا يعرف طريقه برغم كل شيء مستعينًا بذاكرته، وبعض الأحجار، والجراكن، وعلب كانز -المياه الغازية- التى تم وضعها من قبلهم على جانبى الطريق.
عندما وصلنا إلى الموقع - حسبما يطلق عليه المنقبون- وجدنا 7 أشخاص - بينهم سودانيان - موجودان فى هذا المكان منذ أكثر من أسبوعين مستمران فى التنقيب عن الذهب.
خيام بسيطة مصنوعة من قماش رديء، مستندة على مواسير قديمة، حصير فرش بداخلها للنوم عليه، تضم موقدًا وأنبوبة بوتاجاز لطهى الأطعمة وشرب الشاى الذى يعينهم على مواصلة العمل، وجراكن مياه للشرب.
علاء أحد الشركاء فى الموقع قال إنه يأتى بالزاد إلى رجاله القابعين فى الجبل كل أسبوع أو أسبوعين، وفقًا لاحتياجاتهم من المأكل والمشرب مصطحبًا اثنين من العمال ليستبدلهما بعاملين يعودان معه للراحة، بالإضافة إلى سيارات لنقل أطنان الحجارة التى تم تكسيرها من الجبل إلى الكسارات تمهيدًا للبحث عن الذهب فيها.
السوادنى الخبير
تتوزع المهام بين فريق العمل وكل يعرف واجبه جيدًا، الجميع يعمل بصبر وحماس شديدين.
أحد السودانيين يدخل المغارة واضعًا كشافًا مربوطًا حول رأسه -كمهندس استشاري- يفحص عروق الجبال بعين الخبير بحثًا عن ذرات الذهب، وآخر مصرى يكسر حجرًا صغيرًا من قطعة جبل قال السودانى إنها ربما تحوى ذهبًا، ثم يتولى اختبار الحجر- ششنى - بطحنه فى هون من الحديد حتى يصبح «كالبودرة»، يضعها فى طبق به ماء، ثم يبدأ فى تصفيته فى طبق آخر، ويراقب ظهور ما يشبه الدبابيس فى الماء المعكر بالتراب ليتأكد من وجود ذهب من عدمه، لتبدأ مهمة السودانى الآخر، والمصريون معه بالتبادل فى حفر عرق الجبل بمهارة شديدة من فوقه ومن تحته، ليأخذ الصخر الواقع فى المنتصف الذى يحمل ذرات الذهب، بينما يتولى الآخرون مهمة المساعد فى تنظيف المكان أولاً بأول من الأحجار المتراكمة.
محمد الممسك بهيلتى - جهاز صغير للحفر فى الصخور- قال لى: نعمل لأكثر من 16 ساعة فى اليوم، ويتنوع طعامنا ما بين العدس والفول والجبن والبطاطس، من وقت لآخر نكافئ أنفسنا «بخضار قرديحي»!
ثم استطرد: مهمتى هى استخراج شريحة من الصخور التى أثبت «الششني» أن بها ذهبًا، وهذا الهيلتى أنا شريك به فى الموقع، قمت بشرائه ب3 آلاف جنيه، بالإضافة إلى مولد الكهرباء الخاص به ب4 آلاف جنيه، فى كل أسبوع أتكلف 120 جنيهًا قيمة تغيير «بنطة» - المسمار الملحق بالهيلتى والمسئول عن الحفر فى الصخور.
بينما قال عبدالعزيز - أحد العاملين فى الموقع - إنه فى بعض الأحيان يستخدم أسلوب التفجير لتكسير صخور الجبال، والدخول قليلاً إلى العمق.
حيث يتم استخدام طريقة تعلمها هو من الإنترنت عن طريق عمل فتحة صغيرة بواسطة «الكومبريسر» - منفاخ الهواء الكهربائي- يتم وضع بوردة وفتيل داخلها واستخدامها فى التفجير.
حاليًا تم استبدال البودر بعجينة تباع عبر الإنترنت الكيلو ب50 جنيها.
ينفذ عبدالعزيز تفجيرًا بسيطًا لا يتعدى مداه 30 مترًا، وهى مسافة الأمان عن مكان التفجير، مشيرًا إلى أن ال3 تفجيرات تنتج طنًا ونصف الطن من حجارة الجبل.
ويضيف قائلاً: إذا وجدنا أن المنطقة الجبلية التى ننقب فيها غزيرة الذهب نؤجر حفارًا بخمسين ألف جنيه فى الشهر، ونستخدمه فى عمليات التنقيب.
السودانى الخبير تحدث لنا معرفًا نفسه: اسمى حافظ من منطقة بربر التابعة لولاية نهر النيل بالسودان، قدمت منذ أربعة أشهر إلى مصر بفيزا سياحة 6 أشهر عبر الشلاتين، حيث مكثت هناك عدة أيام فى ضيافة عمى الذى يحظى بالجنسية المصرية إلى جانب السودانية مثله مثل كثير من أبناء الشلاتين.
قدمت بعدها إلى الجبل هنا بعد أن عرفنى أحد السودانيين الموجودين فى مصر على عبدالرحيم أحد منقبى الذهب المصريين.
قاطعته: لكن السودان تشتهر بذهب الجبال، والتنقيب فيها شرعى وتدعمه الدولة، لماذا تخاطر بنفسك للتنقيب فى مصر؟!
قال لى مبتسمًا: «الرزق اللى على السطح فى السودان - يقصد الذهب - اتشال، ومش باقى غير اللى فى عمق الجبال، وده يحتاج إمكانيات بعكسكم هنا فى مصر لسه الذهب على السطح، أنا أنفع المصريين بخبرتى وأستنفع».
مشيرًا إلى أن لديه خبرة سابقة فى استخدام جهاز التنقيب عن المعادن، ويستخدمه فى حال وفره له المنقب المصرى.
يبلغ سعر جهاز التنقيب الكبير 25 ألف جنيه والصغير 9 آلاف جنيه وانخفضت أسعاره حاليا بسبب قلة الطلب عليه.
موضحًا أن هذا الجهاز يصدر صوتًا عند اقترابه لأى معدن حتى القصدير، لذلك لا بد من الحفر فى المكان الذى كشفه، وتتبعه حتى الوصول إلى المعدن الذى ليس من الضرورى أن يكون ذهبًا، لافتًا النظر إلى عثوره أثناء التنقيب على كميات صغيرة من الياقوت إلا أنه لم يهتم بها.
حافظ استطرد قائلا: «أنا أكبر إخوتي، أحمل مؤهلاً عاليًا خريج كلية نظم معلومات، ولا أجد عملاً أصرف به على أسرتى لأنى ليس لديّ واسطة فى السودان، لذلك اتجهت للتنقيب عن الذهب، خاصة أن المقابل المادى عندكم أفضل، والناس معاملتهم محترمة».
واستكمل: «برجع لأهلى باللى حوشته كل 6 شهور، وعارف أنه ممكن يتقبض عليا واتسجن، بس مش خايف لأنى ماعنديش بديل، أنا مش عارف ليه الحكومة المصرية عاوزة تمشينا برغم إننا بنفيد البلد والاقتصاد المصرى بخبرتنا وبناخد مقابل تعبنا».
- رصدنا ارتفاع أسعار إيجار العقارات فى قرية العدوة، وفى مدينة إدفو بسبب كثرة الطلب عليها من قبل السودانيين.
وصل إيجار الشقة الغرفتين وصالة إلى 800 - 1000جنيه، غالبًا ما يعيش فيها عدد من السودانيين بلا إمكانيات دون أسرة أو مراوح أو ثلاجة فيما يعيش البعض منهم فى موقع العمل أو فى منزل صاحب العمل-.
السودانى حافظ أكد لنا أنه قرر أن يقنن وضعه بعد انتهاء تأشيرته السياحية، بأن يتحول لمواطن مصري، ويستخرج بطاقة الرقم القومى المصرية، وأخبرنا أن عمه - المصرى السودانى - فى الشلاتين سيعاونه فى تحقيق ذلك.
يقول حافظ: «هحاول ولو ماحصلش برضه هكمل شغل فى مصر مهما كانت النتايج»!
كاشفًا النقاب عن تهريب السودانيين إلى مصر عبر الجبل من منطقة العقبة للعمل فى التنقيب عن الذهب.
عدنا من حيث أتينا محملين بأطنان من الحجارة حصيلة عمل أسابيع فى الموقع بصحبة اثنين من العاملين استبدلا للراحة.
كانت وجهتنا صوب الكسارات، حيث يتم التحقق من وجود ذهب واستخراجه.
كسارات الذهب
العدوة - بكسر العين- قرية تابعة لمدينة إدفو ومحافظة أسوان، يتخطى عدد سكانها 10 آلاف نسمة، تحول كثير منهم للعمل فى التنقيب عن الذهب بعد أن هجروا الفلاحة ورعاية الماشية -عملهم الرئيسي- الذى بات لا يسمن ولا يغنى من جوع، خاصة فى ظل الزيادة السكانية بالمقارنة مع الأراضى المحدودة وغلاء الأسعار الذى طال السماد وكل مدخلات الزراعة كما طال كل شيء!
مدخلا قرية العدوة الاثنان - الكمب وأم سلمة- تفوح منهما رائحة الذهب.
23 موقعًا لاستخراج الذهب رصدناها فى محيط قرية العدوة من ناحية واحدة فقط -الكمب- يفصل بين كل منها أقل من 200 متر!، ومحال صغيرة لشراء الذهب وضعت لافتات واضحة تملأ الطريق.
فى وادى الرديسية يمارسون عملهم فى استخراج الذهب أمام الجميع، فهم مقتنعون بأنهم لا يخالفون القانون، وأنهم يسعون وراء أرزاقهم ولقمة العيش، بعد أن فشلت الأنظمة والحكومات المتعاقبة على مصر فى توفيرها لهم.
المواقع الخاصة باستخراج الذهب تكاد تكون طبق الأصل من بعضها البعض مع اختلاف عدد المعدات والآلات المستخدمة، تقوم على أرض زراعية مستأجرة يقام عليها المشروع، ويبنى عليها 3 مبان بسيطة مصنوعة من الطوب المنياوى الأبيض، إحداها غرفة بمروحة سقف بدون أسرة إلا من بعض الحصير الذى وضع على الأرض لجلوس العمال وأصحاب المشروع للراحة أو المبيت، والأخرى تستخدم كمطبخ بلا إمكانيات إلا من موقد صغير، والثالثة تستخدم كحمام بلدى لقضاء الحاجة.
يضم الموقع آلة يطلق عليها الحجامة، وظيفتها تكسير الأحجار الكبيرة إلى أحجار صغيرة - سعر تكسير طن الأحجار للمنقبين 600 جنيه، وميزان ديجتال يبلغ ثمنه 1500 جنيه مخصص لوزن الأحجار.
الآلات دائرية الشكل، كل منها بها حجران عموديان من الحديد يصل وزن الواحد منهما إلى طن، كل منهما يدور حول الآخر داخل طبق حديدى كبير بواسطة موتور قوي، وضعت جنبَا إلى جنب. عرفها دليلنا بأنها تسمى الكسارات، ويعهد إليها بالمرحلة الثانية من استخراج الذهب من الأحجار إن وجد، حيث توضع الأحجار وتملأ الآلات بالماء مخلوطًا بالزئبق ومقداره كيلو: 2 كيلو لكل طن، حيث تبلغ حمولة كل كسارة طن فقط.
يعمل الزئبق على جذب ذرات الذهب وتجميعها من الأحجار التى تحولت إلى تراب بفعل الطحن.
يستغرق عمل الكسارة الواحدة 12 ساعة، لذا فهى تستوعب طنين فى اليوم، طنًا لكل 12 ساعة.
أحد أصحاب الموقع قال لنا إنه يحصل من منقبى الذهب على 1200 جنيه لطحن طن الأحجار، بالإضافة إلى ثمن الزئبق المقدر 2500:2000 جنيه للكيلو - حسب جودته- سواء وجد الذهب أم لم يوجد.
المرحلة الثالثة من عملية استخراج الذهب تكون التنسيم، وتتم بتصريف المياه المحملة بالتراب المطحون غير المحتوى على الذهب فى مواسير صرف أعدت خصيصًا لذلك بكل موقع، ليتبقى الذهب المختلط بالزئبق.
يوضع فى قطعة قماش ويتم عصره حتى تتم تصفيته.
التراب المتبقى من عمليات استخراج الذهب بعد عملية التنسيم، ويطلق عليه «الكارتة» يتم تجميعه ويباع الطن منه ب400 جنيه، حيث يتم إضافة مادة «السينانيد» المعروفة بقدرتها العالية على عزل الفلزات مثل الذهب والفضة من خاماتها المطحونة، وهو ما يؤدى إلى استخراج بواقى الذهب الذى لم ينجح الزئبق فى استخراجه من هذا التراب، حيث يتم جلبه من المعامل الكيميائية، ويضعه العمال فى بعض مناطق العدوة وفى محافظة الشرقية أيضًا - دون أى خبرة أو عوامل أمان وسلامة.
السينانيد مادة خطرة تدخل فى صناعة الأسلحة الكيميائية ويستخدمها الجواسيس فى حالة القبض عليهم لأنها سريعة الفتك، حيث تؤدى كمية لا تتجاوز 0.2 من الجرام إلى الموت خلال ثوانٍ قليلة، بعد شلل كامل لكل أجهزة التنفس، بسبب نقص الأكسدة التى تصيب الخلايا.
المرحلة الرابعة تبدأ بحرق قطعة الذهب بهدف تنقيتها من الزئبق الملتصق بها، وهى مرحلة تتم دون إجراءات أمان صحى للعامل غير المدرب، إلا من كمامة يضعها بعضهم، لعلمهم بأن الزئبق ينتج غازًا سامًا عند تعرضه للحرارة.
المرحلة الخامسة والأخيرة تكون فى المسبك - يقدر عدد المسابك فى نطاق قرى مدينة إدفو بأكثر من 30 مسبكًا- تنتشر بعضها فى مناطق وادى عبادى والشرش والعدوة.كثير منهم تابع لصائغى وتجار الذهب.
المسبك البدائى عبارة عن مكان بسيط يحتوى على «لمبة لحام» التى تستخدم فى لحام المعادن، يتم بواسطتها صهر قطعة الذهب، للقضاء على ما تبقى من زئبق بها، وهو ما يقل معها ثلث وزن القطعة الذهبية التى يشتريها المسبك نفسه - الجرام يساوى ما يقارب 650 جنيها- ويتولى نقلها بعد تجميعها إلى القاهرة لبيعها.
أخبرنا الدليل أن البعض يهرب الذهب إلى السودان لبيعه هناك نظرا لارتفاع قيمته عن مصر.
لفت نظرنا فى طريقنا لموقع استخراج الذهب التابع للمنقب الذى اصطحبنا فى رحلته إلى الجبل أحد المواقع الذى وضع عليه العلم السعودى بجوار العلم المصرى.
طلبنا من السائق التوقف وتوجهنا صوب الموقع لاستطلاع الأمر.
فى البداية رفض أصحاب الموقع التحدث، بعصبية، خاصة بعد علمهم بصفتنا الصحفية، لكنهم تراجعوا بعدما أدركوا أن مهمتنا البحث عن الحقيقة فقط، وبعدما تعهدنا لهم بعدم نشر أسمائهم.
قال لنا «إبراهيم» - اسم مستعار: إنه حاصل على مؤهل متوسط - دبلوم صنايع- وأنه متزوج ولديه خمسة أبناء بينهم 3 بنات، ثم أتبع: «مصدر رزقى الوحيد هو استخراج الذهب بعدما وضعت «تحويشة عمري» من العمل 20 عامًا بالكويت فى إدارة المزارع، بمشاركة ابن عمى الذى يعمل بالسعودية، وكفيله السعودى الذى جاء فى زيارة إلى العدوة وأصر على مشاركتنا»!
يستطرد إبراهيم: هذا المشروع تكلفته تخطت المليون جنيه، ويعمل به 8 عمال، 6 منهم يحصلون على راتب 3 آلاف جنيه تزداد مع زيادة نسبة العمل، يقسمون العمل على فترتين كل 3 عمال لفترة، بالإضافة إلى عامل التقطيع الذى يتقاضى أربعة آلاف جنيه، وعامل صيانة الآلات ويحصل على ألفى جنيه، ليصبح الإجمالى 24 ألف جنيه أجورًا شهرية، بالإضافة إلى مصاريف نثرية تقدر ب12 ألفًا ونصف إيجار شهرى لمولد الكهرباء، و5500 جنيه أسبوعيا تكلفة الجاز الذى يعمل به المولد، حيث يستهلك برميل جاز، مشيرًا بيده إلى مولد للكهرباء أصابه العطل قبل عيد الأضحى الماضي، ووضع فى جانب الموقع بعد تلفه قيمته 10 آلاف جنيه.
مشيرًا إلى أن العاملين معه بعضهم من حاملى المؤهلات العليا، كان آخرهم شاب يدعى على يتيم الأب من خريجى كلية التربية توفى مؤخرًا بسبب سقوط جزء من صخرة جبلية عليه أثناء التنقيب، بعدما أقنعه أصدقاؤه بترك العمل فى الكسارة، والذهاب للجبل للتنقيب ليلقى حتفه بصحبة أصدقائه الخمسة.
ذهب فى القصب
أبومصطفى شريك فى أحد مواقع استخراج الذهب اصطحبنا فى جولة داخل موقعه فى منطقة «النزل» التابعة لمدينة إدفو.
لاحظنا أنه داخل زراعات القصب بعكس المواقع الأخري، وكشف لنا تفاصيل العمل حيث قال: أنا شريك فى هذا المشروع مع 5 أشخاص، يتكون الموقع من 3 كسارات صينية الصنع، تبلغ قدرة الواحدة منها« 5 حصان»، ويبلغ ثمنها 170 ألف جنيه، فيما تزن حوالى 7 أطنان، قمت بشرائها من مدينة إدفو عبر وسيط جلبها لى من القاهرة، تأتى هذه الكسارات مفككة ويتم تركيبها، ولحامها فى الموقع.
أما مبانى الموقع فتكلفت 200 ألف جنيه فيما تكلفت تجهيزات الكهرباء 25 ألف جنيه، بالإضافة إلى إيجار الأرض الذى يبلغ 18 ألف جنيه فى العام، وفاتورة الكهرباء التى تبلغ 7500 ألف جنيه فى الشهر بنظام الممارسة!
وأضاف: لدينا عمالة من السودانيين تعمل فى جبل عطا الله الذى يسيطر عليه أحد البلطجية المشهورين ويدعى حماد، ويحصل على إتاوة 200 جنيه من كل سيارة.
أبومصطفى قال إنه يفضل العمالة السودانية لأنها لا تتكلف كثيرًا، ويعملون بقوة لشهور طويلة دون كلل أو ملل، وهم أكثر إنتاجًا من المصريين، لافتا النظر إلى أن السودانيين لو رحلوا ستتأثر أعمال التنقيب بشدة ليس لكفاءتهم فحسب، ولكن لقدرتهم على التكيف مع حياة الجبال.
يحصل السودانيون فى حالة استخراج الذهب على الثلث، بينما يحصل أبومصطفى وشركاؤه على الثلثين مقابل تحمل نفقات مأكلهم ومشربهم ونقل الأحجار.
طن المياه يباع ب6جنيهات من أحد المنازل التى تخصصت فى ذلك.
لاحظنا وجود عامل واحد فقط بالموقع فقال لنا: إن العمل قليل هذه الأيام، ولذا يخفض عدد العمالة إلى اثنين يعملان على ورديتين بمرتب ثابت 3 آلاف جنيه، تزيد فى حال ورود أحجار من الجبل لطحنها، ويصل أجر العامل فى اليوم ل 200 جنيه - ما يعادل 6 آلاف جنيه فى الشهر- فى أيام الذروة.
كيلو ذهب فى 4 أيام
علاء أحد المنقبين القدامى حكى لنا عن قصته مع الذهب وكيف نقله إلى رغد العيش قبل أن يعود به إلى الفقر مجددًا: «قال إنه رزق فى عام 2012 من التنقيب عن الذهب برزق وفير حول حياته تمامًا، حتى إنه ذات مرة حصل فى 4 أيام فقط من التنقيب على كيلو من الذهب، إلا أن التضييق على الصعود للجبل والتنقيب فيه أصابه بخسائر كبيرة عادت به حيث كان.
يقول علاء: «جبال الذهب متنوعة العيارات، أفضل جبل ينتج ذهبًا من العيار الثقيل هو السكري، وهو ما يدفع البعض ومنهم أنا للعمل فيه برغم بعض المناوشات مع عمال الشركة التى تعمل به، أيضًا هناك جبل «الدغابج»، وهو من الجبال التى يصل فيها عيار الذهب إلى 24 وربما أكثر - يطلق عليه البندقى 999- ثم جبل عتوت ومعظمه من الذهب عيار 21».
جبلا البرامية وأم سمرة هما الأضعف عيارًا بين جبال البحر الأحمر، تنتج البرامية عيارًا أقل من 14 % فيما تنتج أم سمرة الذهب الأبيض، ورغم ذلك ينقب البعض فى تلك الجبال، ليوفروا فقط مصاريف العمالة.
ويستطرد: «فى السابق كنا نبيع الذهب الذى نستخرجه إلى الصاغة دون معرفة عياره، حيث كان يخضع الأمر للتفاوض حول مبلغ مادى ضعيف بالمقارنة بعيار الذهب، لكن الشباب الآن بات أكثر وعيًا ويبيع الذهب وفقًا لعياره».
علاء الحاصل على دبلوم تجارى لديه 4 شركاء من بينهم أخوه الحاصل على بكالوريوس تجارة، شرح لنا قواعد توزيع الربح على الشركاء قائلاً: المهام تتوزع علينا، أحد الشركاء يقوم بشراء أو إيجار الحفار، والآخر يقوم بشراء جهاز الكشف عن المعادن، والثالث يتولى الصرف على وقود الحفار بمعدل برميل جاز كل يومين بتكلفة 950 جنيهًا للبرميل، بالإضافة إلى العمالة الذين يبلغ عددهم 13 عاملاً مقيمين بالجبل.
يتم توزيع الربح بين صاحب الحفار والمسئول عن الوقود ويحصلون على نصف الربح، وبين صاحب جهاز الكشف عن المعادن والعمالة ال13 الذين يحصلون على النصف الآخر مع خصم مصاريف الطعام والشراب، وإن لم يوجد ربح لا يحصلون إلا على طعامهم وشرابهم.
بئر الاحتلال الإنجليزى
أضاف علاء أن موقعه الحالى ينتج أطنانًا تنقلها السيارات مرة فى الأسبوع، ويشير إلى أن هناك بئرًا فى جبل البرامية عمقها 70 مترًا كانوا يعملون فيها يحتوى على سلم طويل بعمق البئر، يعود تاريخها إلى الاحتلال الإنجليزى يستخدمه العمال فى النزول لهذا العمق للتنقيب عن الذهب.
عبدالله- 28 عاما دبلوم صنايع قسم تبريد وتكييف- ترك منزله بحثًا عن نقطة ضوء فى جبال الذهب تعيد حياته التى سلبها الفقر فى قريته، بعدما ضاقت به وبأقرانه من الشباب!
غضب والده عليه إلا أن أهل الخير نجحوا فى إقرار صلح يسمح الوالد بمقتضاه لعبدالله بمواصلة التنقيب عن حلمه «الزواج» بين صخور البحر الأحمر يقول عبدالله: «لم أتعلم شيئًا فى المدرسة، ووالدى كان يخاف عليّ، يريدنى بجواره أرعى الماشية، وجدت نفسى أقترب من الثلاثين عامًا، ولم أوفر جنيهًا واحدًا يعيننى على الزواج.
قررت بالاشتراك مع ستة من زملائى أن نبدأ فى رحلة البحث عن الرزق والتنقيب عن الذهب.
نحن السبعة نعمل لصالح أنفسنا، ويقسم المكسب علينا - إن وجد- بعد خصم المصاريف التى تشمل700 جنيه إيجار السيارة شاملة البنزين، و500 جنيه مواد غذائية، ومياه نصطحبها معنا، بالإضافة إلى مصاريف إيجار «الهيلتي»، ومولد الكهرباء، ومصاريف استخراج الذهب فى الكسارة».
يستكمل عبدالله قائلا: «فى البداية واجهنا مخاطر عديدة أهمها مطاردة أبناء قبائل العبابدة لنا، وإطلاق النيران علينا باعتبارنا أغرابًا نعبث بأرضهم، ما أدى لمقتل بعض الشباب من القرية، إلا أن الوضع تغير قليلاً بعدما تحاورنا معهم، وأبلغناهم بأننا لن نترك الجبل، وأنهم لا يملكونه، فهو ملك للجميع، واتفقنا معهم على العمل بعيدًا عن المناطق التى يسكنون فيها مع نسائهم، حتى لا ننتهك حرماتهم، وهو ما أسهم فى تخفيف النزاعات بيننا وبينهم.
«أكثر مرة استخرجنا فيها ذهبًا كانت 10 جرامات» يقولها عبدالله ثم يستطرد: «لكننا كثيرًا ما رجعنا دون أن نجد ذهبًا»!
«أذكر أنه فى ذات مرة قمنا بنقل 7 أطنان من الحجارة من الجبل إلى الكسارات، وبعدما مرت بمراحل استخراج الذهب اكتشفنا أنها لا تحوى ذهبًا، يومها أصبحنا مدينين بمبلغ 15 ألف جنيه قيمة تكاليف استخراج وتكسير ونقل ال7 أطنان، إلا أننا عوضنا الخسائر جميعها فى النقلة التالية».
( بعض أبناء القرية أمسك عن التنقيب بعدما ضاعت أمواله هدرًا).
«أرجو لو مقبوض عليهم يتم الإفراج عنهم، دول مش قطاع طرق ده راجل راح يشتغل مش كده ولا إيه، إحنا نفرج عنهم ونخلى بالنا منهم ونديهم كمان لغاية ما نشوف حل».
( الرئيس السيسى فى 7 يونيو 2017 موجهًا حديثه لمحافظ البحر الأحمر فى مؤتمر إزالة التعديات على أراضى الدولة) «فرحنا وقولنا أخيرا هناخد حقنا، لكن الفرحة ماكملتش سابونا يومين، ورجعنا مطاردين» يقولها عبدالرحمن (أحد المنقبين) بأسى ثم يستطرد: «مستشار رئيس الجمهورية إبراهيم محلب، واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية الأسبق جولنا هنا، وبلغناهم استعدادنا للتعاون مع الدولة، وإننا ندى الدولة حقها كاملًا سواء من الذهب المستخرج، أو الضرائب أو الكهرباء، والتزمنا بكلامهم بعدم التنقيب فى المناطق اللى قالوا عليها، لكن فوجئنا باننا بيتفرض علينا اتاوة علشان نعدى بياخدوا على الحفار الواحد فى النقلة من 100: 200 جنيه.
سيبونا نعيش
يستكمل عبدالرحمن شهادته قائلا: «مع أننا التزمنا بكلامنا مع الدولة، فى منطقة أم سمرة الجبلية فارضى الإتاوات ولعوا فى حفارة سعرها مليون و200 ألف جنيه صاحبه جاتلوا جلطة، وحفارة 50 ب400 ألف، مش فاهم عملوا كده ليه.
الرئيس شايفنا مش قطاع طرق، والشرطة بتعاملنا على إننا مسجلين خطر»، ونواب البرلمان مابيعملوش حاجة غير الكلام.
«إحنا مش مجرمين» بهذه الجملة قاطعنا عبدالسميع بغضب واستكمل: الدولة بتدفع الشباب للإرهاب. كل أخبار الحوادث بتبتدى بكلمة عاطل، الدولة فشلت فى توفير وظيفة وعيشة كويسة ليا، وأنا ماتكلمتش ولاطلبت حاجة، وبحاول ألاقى أكل عيشي، بطلع الجبل وأعرض نفسى للموت، وأقول يارب ارزقني، وكتير بطلع وبنزل مديون علشان مالقتش.. سيبونا نعيش».
قبل ان يلتقط طرف الحديث شاذلى قائلاً: «لما الذهب بيقف كل حاجة بتقف. قبل مانعرف السكة دى كانت السرقة وبيع المخدرات والبرشام منتشرين جدًا، والشرطة ماكنتش قادرة عليهم، بعد ظهور الذهب السرقة تقريبًا مابقتش موجودة، تجار المخدرات تابوا وكمان بقوا يعملوا أعمال خيرية، شاركوا فى بناء جامع وغسلوا كلى لناس كتير عندنا فى القرية».
ثم استكمل: «حاولنا أنا و3 من شركائى نأسس شركة مساهمة علشان نقنن وضعنا، لكن دايمًا بنلاقى الدولة قافلة الباب، ومخلية الترخيص بس لشركة واحدة هى الشلاتين.
احنا بنفيد اقتصاد البلد، كل حاجة بتنتعش بسببنا، الأكل والشرب والبنزين والمهن، حتى الزكاة بنطلعها، بنجمع فلوس، ونشترى هيلتى أو مولد كهربائى للأسر اللى ماعندهاش عائل، وبنأجره احنا منها وبتبقى شريكة معانا فى الذهب، وبكده يبقى وفرنا لهم مصدر دخل يصرفوا على عيالهم الأيتام.
مختتمًا حديثه قائلا: احنا راضيين بأى حل تشوفه الدولة علشان تآخد حقها، بس ما نتعاملش كمجرمين لأن ده صعب علينا جدًا».
( محكمة جنح البحر الأحمر جددت فى نهاية الشهر الماضي حبس 15 منقبًا غير شرعى عن الذهب 15 يوما، على ذمة التحقيقات).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.