قداسة البابا يشهد احتفالية اللجنة المجمعية للطفولة بمرور 17 قرنًا على مجمع نيقية    الوطنية للانتخابات: 5606 لجان جاهزة لاستقبال الناخبين في المرحلة الأولى ب 14محافظة غدًا    دعما للمزارعين، انتظام صرف الأسمدة للموسم الشتوي بالإسماعيلية    مسؤول إسرائيلي يعترف: حماس تبذل جهودا مكثفة للعثور على الجثث المتبقية    خارجية باكستان تبدي استعدادها للتحاور مع أفغانستان بعد فشل المفاوضات الأخيرة في إسطنبول    طائرة تابعة لإير فرانس تحول وجهتها إلى ميونخ بسبب رائحة حريق بقمرة القيادة    شوط أول مثير.. برشلونة يتقدم على سيلتا فيجو    عمرو أديب بعد هزيمة الزمالك: بنلاعب فرقة فيها 10 مهاجمين وحارس.. أقل لاعب غلبان اسمه تريزيجيه    مرتجي: توروب يعمل 20 ساعة يوميا لتطوير أداء الأهلي    السجن المشدد 10 سنوات للمتهم بحيازة أقراص ترامادول وحشيش في الزيتون    إخماد حريق التهم محتويات مخبز في البدرشين    بعد شائعات انفصالهم.. هنادي مهنا وأحمد خالد صالح في عزاء والد محمد رمضان    محمد المنشاوى ل كلمة أخيرة: خطة لزيادة إيرادات هليوبوليس وترشيد الإنفاق    مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يكرم ياسر صادق عن عطائه للمسرح المصري    انطلاق مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات 2025    ختام منتدى إعلام مصر بصورة تذكارية للمشاركين فى نسخته الثالثة    فوائد زيادة العضلات بالجسم بعد الأربعين    بينسحبوا في المواقف الصعبة.. رجال 3 أبراج شخصيتهم ضعيفة    بيطري القليوبية تطلق حملة لتحصين الماشية للوقاية من الأمراض    قرار صادم من يايسله تجاه نجم الأهلي السعودي    البيت الأبيض يحذر من تقلص الناتج المحلي الأمريكي بسبب الإغلاق الحكومي    دايت من غير حرمان.. سر غير متوقع لخسارة الوزن بطريقة طبيعية    «المرشدين السياحيين»: المتحف المصرى الكبير سيحدث دفعة قوية للسياحة    خيانة تنتهي بجريمة.. 3 قصص دامية تكشف الوجه المظلم للعلاقات المحرمة    «قومي المرأة» يكرم فريق رصد دراما رمضان 2025    الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام واشنطن القوة ضد قوارب في الكاريبي    لو زوجتك مش على بطاقتك التموينية.. الحل فى 3 دقائق    محافظ الغربية يتفقد مستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    برنامج مطروح للنقاش يستعرض الانتخابات العراقية وسط أزمات الشرق الأوسط    أهالي «علم الروم»: لا نرفض مخطط التطوير شرط التعويض العادل    شبيه شخصية جعفر العمدة يقدم واجب العزاء فى وفاة والد محمد رمضان    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    رسميًا.. بدء إجراء المقابلات الشخصية للمتقدمين للعمل بمساجد النذور ل«أوقاف الإسكندرية»    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    الصدفة تكتب تاريخ جديد لمنتخب مصر لكرة القدم النسائية ويتأهل لأمم إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    زيادة فى الهجمات ضد مساجد بريطانيا.. تقرير: استهداف 25 مسجدا فى 4 أشهر    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يطلق ماراثون "حقهم يفرحوا.. واجبنا نحميهم"    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصن التراب: الموريسكيون.. تاريخ متجدد


كتب: أحمد عبداللطيف
ينشغل هذا الباب، الذى تستحدثه «روزاليوسف» بصوت الروائى أو المبدع نفسه. صورة مقرّبة ولصيقة أكثر للعمل. صحيح من الهُراء أن يشرح كاتب عمله، هذه تبسيط مُخلّ. لكن الفكرة هنا تركّز على ما يمكن تسميته ب«كواليس الكتابة». أحيانا هناك ما يودّ الكاتب قوله خارج عمله عن عمله. شهادة ذاتية، إنسانية أكثر، يصف فيها الكاتب رحلته الشخصية فى عمل ما. منذ كان فكرة برقت فى ذهنه وخياله وحتى مراحل البحث والكتابة إلى خروجها للنور فى كتاب. رحلة تحفظ بصمات الظرف التاريخى والاجتماعى والسياسى والإنسانى والشخصى والإبداعى الذى صدر فى أعقابه هذا العمل الأدبى.
هُنا يُقدّم أحمد عبد اللطيف، ويعمل صحافيا ومترجما أيضا، شهادة عن روايته «حصن التراب.. قصة عائلة موريسكية»، وهى روايته الخامسة.
لا تهدف الرواية التاريخية، فى ما أظن، إلى إعادة كتابة التاريخ، ولا التأكيد على التاريخ الرسمى الذى كتبته السُلطة، بل الأهم من ذلك أنها تفترض وجود «تاريخات» أخرى ممكنة، ومنح الصوت لمن لا صوت لهم ليعبّروا عبر المتخيّل الروائى عن حيواتهم وأسئلتهم، وليفككوا بذلك كل الأساطير السابقة التى تكوّنت على مدار أجيال طويلة. الهدم وليس البناء، التفكيك وليس التركيب، هو ما تطمح إليه رواية تزعم أنها تاريخية. ومن خلال هذا التفكيك والتقويض يمكن التعرّف على حقائق أخرى مفترضة.
وتناول شخصيات صارت مُقدسة، إنما كذلك فهم الحاضر؛ خصوصا فى ما يخص التاريخ العربى. ربما منطلِقًا من هذه الأفكار، ومدرِكًا لفقر الأرشيف العربى «إذ الأرشفة فكرة غربية لم يستفد منها العرب كثيرًا؛ خصوصا فى التاريخ القديم» كتبت رواية «حصن التراب» عن عائلة موريسكيّة، والمقصود بها عائلة مُسلمة تنصّرت فى إسبانيا عقب سقوط غرناطة، بل وقبلها بقرون، تحديدًا منذ سقوط طُليطلة.
رواية من هذا النوع، قد راودتنى منذ أكثر من عشرين عامًا، كانت فى حاجة إلى استعداد نفسى ودوافع أكبر من إعادة قراءة التاريخ ونقده. إذ قصة الموريسكيين ليست فقط قصة أحداث تاريخية كُبرى وصُغرى حدثت؛ بقدر ما هى قصّة التطرّف الدينى ومحاكم التفتيش والتعذيب، وفقد بشر لحيواتهم وحريّاتهم لمجرّد أنهم أقليّة أو لأنهم مَشكوك فى ولائهم. وإذا كان بعض المؤرّخين يرى أن الانحدار العربى بدأ مع سقوط غرناطة، فربما يمكن أن نقول إن الانحدار نفسه وقع بأيدى العرب أنفسهم حين تبنّوا نفس سياسة من أسقطهم: سياسة الطائفية وكُره الآخر والتصوّر بأننا أصحاب الحق المُطلق وأننا، لكوننا أغلبية، يحق لنا أن نفعل بالأقلية ما نُريد. «حصن التراب» إذن؛ كانت شاغلى لسنوات، ليس لأنها تتناول تاريخًا غامضًا لفئة مقهورة، بل بالأحرى لأنها حاضرنا، ولأننا، كعرب، لا نفعل سوى استحضار الماضى بنفس الاستسلام الذى يجعلنا لا نريد قراءته بعين متفحصة.
لكتابة هذه الرواية، قرأت أكثر من «100» مرجع، واطّلعت على أرشيف محاكم التفتيش، وتجوّلت وعشت بالمدن الرئيسة بالرواية، مثل طليطلة وكوينكا ومدريد وجيان وغرناطة ومالجا، زُرت كلّ ما أمكننى زيارته من آثار إسلامية بإسبانيا، ودون مجهود يُذكر استحضرت هذا الزمن، ليس فقط أحداثه وملوكه، بل «البشر»، «الأفراد» الحكايات الصغيرة، التفاصيل المُهملة، الأحجار التى تصنع البنايات لا البنايات نفسها. وبينما كنت أفعل ذلك قرأت روايات التاريخ المتعددة والمتضاربة، انتبهت للثغرات والحقائق التى لا تُصدّق، ومن هذه القراءات استجبت لصوت حدسى الذى كذّب وارتاب.
لم أطمح لكتابة رواية تحلّ محل التاريخ، أو يمكن اعتبارها كوثيقة تاريخية. هذا ليس دور الرواية القائمة بالأساس على التخييل، بل رواية تُقدّم وجهة نظر أخري، حكاية جديدة تفتح المجال للشك فى الحكاية الرسمية، وتتجاور معها. رواية تُسائل الماضى بقدر ما تسائل الحاضر، ليس عبر محاكمة، ولكن عبر أسئلة لم أعثر لها على جواب، ولا طمحت العثور عليه.
باختصار، «حصن التراب» حكاية بشر عاديين، أبطال لا أبطال، نساهم التاريخ ليسجّل على دمائهم بطولات لقوم آخرين، وليغدو يوم هزيمتهم عيدًا قوميًا للمنتصرين.
إلى أيّ مدى لا نزال ممالك الطوائف؟ وإلى متى سنظل كذلك؟ ربما تحمل الرواية روحًا تمرّديّة، على الأقل اعتراضًا على أن نكون حطب المجمرة، حتى لا نكون جسورًا يعبر فوقها الحُكّام إلى أمجادهم. وحتى لا نكون موريسكيين آخرين، ليس فقط بالمعنى الدينى كأقلية مُضطهدة، بل بالمعنى الإنسانى لبشر يدفعون فواتير الآخرين.
«حصن التراب»، فى النهاية، حكايتنا جميعًا، وحكاية كل فرد على حدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.