عاد إسلام البحيرى - المحامى - للظهور على شاشات القنوات الفضائية مرة أخرى لينتقم ويسب ويقذف مؤسسة الأزهر الشريف بأقذر الادعاءات والاتهامات ويوبخ شيخه وعلماءه، بعد أيام من الإفراج عنه من السجن على أثر العفو عنه الذى أصدره الرئيس السيسي.. واتهم هيئة كبار علماء المسلمين بأنهم ينتمون لجماعة الإخوان الإرهابية دون سند أو دليل. قال البحيرى بالحرف الواحد إن الأزهر هو الداعم الأول لداعش، وإن إدارة الأزهر تدلس على الرأى العام وإن الأزهر يقف ضد مكافحة الإرهاب، وإن الأزهر يكفِّر الأقباط ويدعو لقتلهم.. هذا بالإضافة إلى وابل من العبارات الخارجة المسيئة. السؤال الخطير هنا: من هم ضحايا إسلام البحيري؟ من المؤكد أنهم هم مستمعوه ومحبوه من فئة الشباب الذين أشار إليهم الرئيس السيسى فى مؤتمر الأسبوع الماضى بالإسماعيلية بأنهم يمثلون نسبة 60 % من تعداد سكان مصر.. وطبعاً هذه كارثة كبري، لماذا؟ لأن إسلام البحيرى شاب مؤثر فى الشباب بطريقته التى تعتمد الصوت العالى وعلى إتقان لغة الجسد ومحلل قانونى بارع، قادر على اصطياد الثغرات وإقناع المحاكم ببراءة موكليه، وبالتالى قدرته على إقناع مستمعيه من الشباب الذين لا معرفة لهم بأسس وأصول العلوم الدينية والشرعية. وعلى فرض أن إسلام البحيرى حسن النية ويهدف إلى تجديد الخطاب الدينى فهل تكون الوسيلة هى سب وقذف مؤسسة الأزهر؟ والطعن والتشكيك فى كل الثوابت والمذاهب والرموز الدينية؟ بالتأكيد لا. وألف لا، لأن هدم مؤسسة الأزهر الإسلامية العالمية لا يبنى ثقافة دينية ولا يبنى خطابًا دينيًا وسطيًا بعيدًا عن التطرف والإرهاب.. ألم يتعظ إسلام البحيرى من تنفيذ الحكم الذى صدر ضده بالحبس منذ شهور؟ إذن ماذا يريد البحيري؟ أعتقد أنه عاد أولاً لينتقم ثم لأنه يعشق الظهور والشهرة والمجد والتواجد المستمر على المحطات الفضائية، يثير جدلا بعد جدل لتزيد نسبة المشاهدة التى تجلب الإعلانات وطبعاً له منها نصيب كبير، ولكن الكارثة الكبرى تكمن فى إفقاد الشباب الثقة فى مؤسسة الأزهر الشريف ورموزه والسلف الصالح من الشيوخ والعلماء والفقهاء أصحاب التراث الإسلامى الراسخ والمتين.. أخيراً.. هل هناك عاقل ينتمى ويحب هذا البلد يسمح بتداول هذا الجرم الإعلامى الفادح؟ هل هناك عاقل يمكن أن يتقبل أن يثير الإعلام قضايا فكرية مركبة - كقضية التراث الفقهى والدينى ودواخل المذاهب والفقه - على الرأى العام الذى يتسم بأغلبيته المتواضعة ثقافياً وفكرياً؟! ألا من منتمٍ لهذا البلد يدرك أن الإعلام عليه مسئولية كبيرة جداً فى ألا يتحول إلى أداة سهلة لترويج الأفكار المتشددة، دون أن يدري؟!