الدعوة لتجديد الخطاب الدينى جاءت نتيجة لمرور الخطاب الدينى بأزمة عدم التجديد فى الموضوعات المطروحة، وأصبح المفهوم الشائع لمعنى تجديد الخطاب الدينى هو أن يكون الخطاب وسطيا معتدلا فى مواجهة التطرف. مع أن الفكر المتطرف سيظل موجوداً ليظهر عند الصراع على الحكم، ولمواجهة التطرف يجب البحث عن المصدر الحقيقى للفكر المتطرف ومعالجته، ومنها مراجعة الفكر الدينى. ومواجهة الجماعات المتطرفة لا تتم أمنياً فقط، لكن يجب مواجهتها فكرياً من داخل الدين، وإذا لم يبدأ إصلاح الفكر الدينى فسوف ينتشر الفكر المتطرف، ويتكرر ما حدث وما يحدث الآن. والمواجهة تتم بإصلاح الفكر الدينى لكشف أمراض المتطرفين من كراهية وتكفير وقتل، والتى هى منبع الإرهاب، فإصلاح الفكر الدينى هو إصلاح ما تم إفساده من فكر وممارسة عملية للدين، مع توضيح الفرق بين مظاهر التدين وبين حقيقة الدين. قال تعالي: و«َإِذَا تَوَلَّى سَعى فِى الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ» البقرة 205، فمن نتائج الإفساد خراب الأرض وقتل الناس وهما نفس ما ينتج عن التطرف. والسؤال: هل تمت دراسة أزمة الخطاب الدينى لوضع خطة لتجديده؟، وهل يتم تجديد الخطاب دون تجديد الفكر الديني؟، وهل تمت دراسة تطور الفكر الديني؟، وهل توجد دراسة للمصادر والمرجعيات التى يقوم عليها الفكر فى الأزهر الشريف والأوقاف؟، الإجابة على تلك الأسئلة ستحدد طريقة تجديد الخطاب الدينى. فالإصلاح لن يتم باستبعاد الدين كما حدث فى الغرب، لأن الدين عندنا مكون أساسى للثقافة، والإصلاح يتضمن تهيئة الدعاة ورجال الدين ليكونوا علماء فعلاً: «إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء..» فاطر 28، فالعالِم ليس بحفظه للنص، بل باتساع معرفته وثقافته بالدين والدنيا، ويتم ذلك بالتحول التدريجى من الاعتماد على النقل للاعتماد على العقل. لذلك فطريق الإصلاح يحتاج لأجيال لإصلاح ثقافة المجتمع، وعندما ندرك أن مشكلتنا بدأت من تغييب العقل والمنطق والموضوعية، وعندما ندرك أن العدو الأول للإسلام هو الفهم غير الصحيح للإسلام، نكون قد بدأنا الخطوة الأولى باتجاه إصلاح الفكر الدينى.