بعد تقارير عدة طالت سمعة الجيش الإسرائيلي، عقب تزايد حالات التحرش الجنسى بالمجندات، لتتجاوز الألف حالة العام الماضي، خرج مدافعا عن مجندات جيش الاحتلال، واكتفى بالرد على تصريحات المواقع والصحف الإخبارية، قائلا: إن الارتفاع الكبير يرجع إلى زيادة الوعى بين الجنود حول إمكانية تقديم شكاوى بشأن حالات التحرش. قال موقع الجيش الإسرائيلى إن إحصائية زيادة عدد المجندات الإسرائيليات داخل الجيش أمر لا يدعو للقلق ووصفهن بالبطلات. كانت انتشرت ظاهرة جديدة داخل المجتمع الإسرائيلى قبيل فتح باب قبول دفعات جديدة من مجندى ومجندات جيش الاحتلال، الثلاثاء الماضي، برفض دخول أو انضمام المجندات داخل الجيش الإسرائيلي، خاصة من جانب اليهود «الحريديم» وتصعيدهم الأمر لحد التظاهر ضد الكيان الصهيوني. «الحريديم» هم طائفة يهودية متطرفة، تتمسك بأصول الشريعة اليهودية، وتطبق الطقوس الدينية، وتهتم بتطبيق تفاصيلها وحرفيتها. وبعث ضباط وجنود قوات الاحتياط الإسرائيلى برسالة إلى رئيس الأركان الإسرائيلى الجنرال «غادى إيزنكوت» حذروه فيها من استهداف الجيش فى ضوء المشاركة المتزايدة من المجندات فى القتال. ونشر موقع «القناة السابعة» الإسرائيلى مؤخرا الرسالة التى كتب فيها: «لاحظنا فى الأعوام الأخيرة تزايد أعداد دمج نساء فى مهمات قتالية، كما وجدنا فى الوقت نفسه أن الجيش الإسرائيلى يدرس اتخاذ خطوة لتقنين دمجهن، لكن لم يعلنها للجمهور». وأضاف: «اكتشفنا وفقا لتقارير أعدها الجيش الإسرائيلى ارتفاع نسب التحرشات الجنسية، وزيادة شراء الجيش لكميات كبيرة من مستلزمات التدابير الوقائية «وسائل منع الحمل». وأكد الموقع أن الضباط دعوا إلى وقف سباق «دمج الفتيات» فكتبوا: «نحن نحثكم على عدم دمج المقاتلات، أو النساء فى المهمات القتالية، لمنع حدوث أى أخطار، وملخصا لكثير من الأحداث، فالمجندات يمنعن الجيش من الانتصار، ولذلك لا مكان لهن فى الجيش». كما قال أحد هؤلاء الضباط - لم يذكر الموقع اسمه - إن وجود المجندات فى الوحدات القتالية يقلل من تركيز الضباط عن مهماتهم، قائلا: من أجل مبدأ دمج النساء فى الوحدات القتالية، نضطر إلى خفض سقف التدريبات، حتى لا نلحق الأذى بصحتهن، ما يضر بالجيش الإسرائيلي. وأضاف: قضية حبوب منع الحمل تؤكد عمليا أن الجيش الإسرائيلى يقر بتواجد النساء والرجال معا فى مكان واحد، ويُحدث توترا جنسيا، ما يخلق مشاكل ضخمة، ونتيجة لهذا نجد أنفسنا مشغولى البال بالمجندات بدلا من تخطيط المحور القتالى. وتأتى رسالة الضباط فى أعقاب العاصفة التى تحدث داخل الكيان الصهيونى فى الفترة الأخيرة، والتى أثارها حاخامات تيار «الحريديم» المتشددون والمتطرفون دينيا والمعارضون لتجنيد الفتيات. وبث موقع «القناة الثانية» الإسرائيلية مقطع فيديو مؤخرا لتصريحات أحد كبار الحاخامات «الحريديم» داخل الكيان الصهيونى الحاخام «تسفى يسرائيل طاو» بأن دمج المجندات يعد أزمة تواجه المجتمع الإسرائيلى قائلا: مشكلة وجودية للكيان الصهيونى كله، وعليه يجب النزول إلى الشوارع للاعتراض، ويجب علينا الخروج ونسميها انتفاضة مدنية. واستجاب أحد رؤساء الأكاديمية شبه العسكرية الإسرائيلية «بنى ديفيد» لتلك العاصفة، التى تدين الوحدات الإسرائيلية المختلطة أو حتى تجنيد النساء. وقال إن النساء يدخلن إلى الجيش يهوديات، ويغادرنه غير يهوديات، وتساءل: مَنْ سيقبل أن يتزوج بامرأة خدمت فى وحدات مقاتلة؟ ما أثار استنكارا واسعا داخل المجتمع العلمانى الإسرائيلي. وأدى هذا الاستنكار إلى اعتذار الحاخام «ليفنشتاين» خاصة بعد تهديدات لقيها من مسئولين إسرائيليين رفيعى المستوي، فى حوار مع موقع «القناة الثانية» الإسرائيلية عن لهجته الشديدة فى الكلام، قائلا: اندفعت كلماتى بأسلوب حاد، لأنها تنبع من وجهة نظري، ومشاعرى القوية بشأن هذه المسألة. وأضاف: فى العامين الماضيين انتشرت تلك العملية الثقافية العميقة داخل الجيش الإسرائيلي، لكن الأيديولوجيات النسوية التى اخترقت الجيش الإسرائيلى لا تتفق مع القيم اليهودية. وأكد أن الشباب يمكن أن يستمروا فى خدمة الجيش الإسرائيلي، لكن فى وحدات منفصلة قائلا: الشباب اليهود المتدينون لديهم قيود أخري، مضيفا: ربما ليست المشكلة مع النساء، لكن الخوف يأتى من حدوث أى اتصال جسدى معهن، أو جلوسهم معهن منفردين. ونشرت «هاآرتس» الإسرائيلية يناير الماضى إحصائية أشارت إلى زيادة الاعتداءات الجنسية على المجندات الإسرائيليات لعام 2016 بنسبة 20 % عن عام 2015، وفقا للبيانات الصادرة عن مركز دعم الجنود، الذين كانوا ضحايا الجرائم الجنسية، وأن 22 % من الشكاوى جاءت ضد ضباط عاملين، وضباط صف، منهم من يعمل برتب مرموقة وأن هذه الحالات اتخذ فيها إجراءات علنية فقط، أى ما خفى كان أعظم! وأكدت بيانات رسمية وفقا لموقع «المصدر» الإسرائيلى أنه سجل 1329 بلاغ تحرش جنسى فى الجيش الإسرائيلى لعام 2016 مقارنة ب 1101 بلاغ لعام 2015، وأن 802 بلاغ داخل الجيش الإسرائيلى و527 بلاغا فى ظروف مدنية، ونحو 50 % من بلاغات التحرش الجنسى لعام 2016 كانت ضد جنود إسرائيليين، يخدمون أثناء فتراتهم الإلزامية، والذين تتراوح أعمارهم بين 18 وحتى 21 عاما غالبا، و22 % من البلاغات كانت ضد ضباط إسرائيليين بالخدمة الإلزامية الثابتة، وأن ربع الشكاوى كانت ضد رتبة أعلى من رائد. يذكر أن آخر واقعة تحرش جنسى حدثت الأسابيع القليلة الماضية، عندما نشر موقع «والا» الإخبارى الإسرائيلى أدلة على عمليات اغتصاب مجندة فى الجيش الإسرائيلى على يد شرطى إسرائيلى خلال عملية مشتركة. وأوضح الموقع أن «موشيه موشيه» ضابط الشرطة الذى يبلغ من العمر 49 عاما كان من المفترض أن يقوم بجولة مع شرطى آخر، إلا أن مجندة شاركته جولة الدورية. وأكد أن أحد أصدقائه اعترف قائلا: قبيل الدورية، بدأت التلميحات الجنسية من اتجاه موشيه. وذكر فى البلاغ أن الجانى طلب منها «علكة»، وعندما أعطته واحدة رفض، وقال إنه يريد التى فى فمها، ثم ألح على المجندة عندما شعرت بالبرد بأن يأخذها لإحدى الغرف قائلا: «لديَّ غرفة دافئة، وسرير كبير»، بإشارات غير مطمئنة، إلا أن المجندة رفضت، ثم أكملا الدورية بسيارة الشرطة، إلى أن ذهب بها فى زقاق بجانب الأشجار، واغتصبها، على الرغم من أنها طلبت منه أن يتوقف عن أفعاله، وعندما ذهبت إلى مقرها أبلغت عن الحادث. وتعد تلك الواقعة مقارنة بالفضيحة التى هزت الوسط العسكرى الإسرائيلى فى شهر ديسمبر الماضي، بسيطة عندما ضجت وسائل الإعلام الإسرائيلية بفضائح الجنرال «أوفك بوخرس» المرشح السابق لرئاسة قسم العمليات فى الجيش الإسرائيلي، بأنه تم التحقيق معه فى قضايا اعتداءات جنسية ضد العديد من المجندات اللاتى كن تحت مسئوليته العسكرية. وحسب جريدة «جيروزاليم بوست» وجهت له 13 تهمة ارتكاب جرائم جنسية، واغتصاب ضد مجندات إسرائيليات داخل مكتبه، وسيارته العسكرية وفى أحد المعسكرات وفى مسكنه وأماكن أخري. إلا أنه عقد صفقة مع النيابة العسكرية الإسرائيلية بالاعتراف بشكل صريح بالتهم الموجهة له بتهمة الاعتداء الجنسى مقابل تخفيض رتبته العسكرية، ما أثار غضب العديد من المنظمات النسائية الإسرائيلية تجاه القرار. وبالعودة لجريدة «هاآرتس» هناك زيادة فى عدد الاعتداءات الجنسية على المجندات، أعلن عنها فى ظروف مدنية، مثل الاعتداء الجنسى خلال إجازة الجيش، أو قبل الخدمة العسكرية. وقدم 527 بلاغا العام الماضي، مقارنة ب415 بلاغا فى العام الأسبق، أى بزيادة 24 % وهذا أيضا المعلن فقط. ووفقا لأرقام الجيش، فقط حوالى 10 % من الجرائم الجنسية التى حدثت تم التحقيق فيها.