مع اقتراب نهاية العام الدراسى، بدأت تداعيات خفض الكويت بدل السكن للمعلمين الوافدين من 150 ديناراً ليصبح 60 ديناراً فقط، وتلقت وزارة التربية الكويتية خلال الأيام القليلة الماضية سيلاً من الاستقالات قدمها معلمون مصريون وأردنيون. ودفع الوضع المادى المتراجع نتيجة تخفيض البدل بما يوازى نحو %20 من إجمالى راتب المدرس، الكثير منهم نحو تقديم استقالته مجبراً بعدما ارتفعت قيمة إيجارات الشقق السكنية بشكل جنونى وبنسب تجاوزت %60، مما جعل بند الإيجار فقط يلتهم نصف الراتب على الأقل، وفى المقابل ارتفعت تكاليف مختلف أعباء المعيشة الأخرى لأن الكويت تتأثر بالأسواق العالمية، لأنها تستورد جميع السلع الغذائية تقريباً من الخارج، وما زاد من العبء على الوافدين، بالإضافة إلى مضاعفة الدولة لمختلف رسوم خدماتها بداية من رسوم الإقامة مروراً بالخدمات الصحية وليس نهاية بتغليظ الغرامات فى كل شيء، فبات الوافد يدفع قائمة طويلة من الرسوم وغرامات التأخير تحت مسميات عدة. وكشفت كتب الاستقالة أن غالبية المتقدمين بها من تخصصات مادتى الرياضيات واللغة الإنجليزية، فيما كان السبب المشترك بين المعلمين الذين أقدموا على تلك الخطوة هو عدم القدرة على تحمل نفقات المعيشة والأعباء المادية للأسرة فى ظل خفض بدل السكن. المثير فى الأمر أن وزارة التربية أنهت منذ أيام عقود عمل 500 معلم ومعلمة من الوافدين فى مادتى «الحاسوب» و«التربية الإسلامية»، لأن لديها فائضاً فى هذين التخصصين من المعلمين الكويتيين. الاستقالات هذه المرة جاءت من قبل أصحاب التخصصات العلمية وهى التخصصات التى تعانى من عجز شديد فيها، إذ لا يقبل الكويتيون على التخصص فى تدريس مواد مثل الرياضيات أو الفيزياء أو الكيمياء، فعلى سبيل المثال عدد المعلمين الكويتيين فى مجال الفيزياء لايتجاوز الخمسة فى جميع مدارس وزارة التربية الكويتية، لذلك فإن هذه الاستقالات أزعجت المسئولين بوزارة التربية الكويتية الذين أبدوا مخاوفهم من معوقات كبيرة أمام التربية تهدد بداية العام الدراسى المقبل مع الاستقالات الجماعية فى مواد يصعب استقدام بدلاء لهم فيها خلال فترة الصيف بالراتب نفسه. وأكدت مصادر مطلعة فى وزارة التربية الكويتية أن رواتب المعلمين الوافدين لا تكفى احتياجاتهم الأساسية مع ارتفاع إيجار الشقق السكنية والتزام معظمهم بسداد أقساط ومصروفات معيشية وسط موجة الغلاء التى تجتاح البلاد. وقالت المصادر إن المعلم الوافد يعمل بوزارة التربية الكويتية منذ 20 عاماً ولايزال راتبه فى حدود 500 دينار بينما يحصل المعلم الكويتى المتخرج حديثاً على راتب ألف دينار بخلاف ما يتمتع به من امتيازات أخرى، مما يجعل هناك فوارق فى المرتبات لنفس المهنة ونفس العمل ونفس المكان كبيرة جداً ولاتوجد فى أى نظام عمل بالعالم، بل إن المعلم الكويتى يحصل على معاش تقاعدى وعلاج بالخارج وعلاوات اجتماعية ودورية له ولأولاده وتعليم مجانى داخل وخارج البلاد لأسرته كأى مواطن كويتى، فى حين لا يحصل المعلم الوافد على معاش تقاعدى بل مكافأة نهاية خدمة. وأضافت المصادر أن أكثر المعلمين الوافدين لا يستطيعون السفر إلى بلدانهم سنويا لارتفاع كلفة التذاكر فى الوقت الذى تمنح فيه بلدان الخليج الأخرى تذاكر طيران سنوية ومزايا أخرى، وهناك فئة من المعلمين اضطرت إلى إعادة أسرهم لأوطانهم والاقتراض لمواجهة تكاليف المعيشة لحين تسلمهم مكافأة نهاية الخدمة عقب الاستقالة مع ما يشكله ذلك من ضغوط على المعلم تناقض بيئة الاستقرار التى يجب أن يعيشها ليؤدى رسالته التربوية.