أزمات كثيرة واجهها المصريون في 2016، أبرزها ارتفاع الأسعار واختفاء سلع أساسية نتيجة عدة عوامل منها خلل المنظومة وجشع التجار، وكثيرًا ما صاحب ذلك توجيهات للمسئولين بضبط الأسعار إلا أن السلع التى يرتفع ثمنها لا تتراجع خطوة للخلف، وأصبح الأمل فى استقرار الأسعار بعد آخر ارتفاع. يعتبر المصريون 2016 العام الأصعب اقتصاديًا ويتمنون أن تكون 2017أ فضل مع الإجراءات الحكومية التى صاحبتها تصريحات أنها ستضبط الأسعار، وهناك من يشكك فى هذا الأمر متهمًا حكومة المهندس شريف إسماعيل بالفشل فى السيطرة على التجار والمحتكرين، وهو ما كان سببا فى ارتفاع أغلب السلع الأساسية التى يحتاجها المواطن كالزيت والأرز واختفاء السكر، بل هناك من يذهب إلى أبعد من هذا بأن الحكومة تركت المواطن فريسة فى أيدى التجار والمحتكرين. تسبب قرار تحرير سعر صرف الجنيه فى وصول الدولار إلي 20 جنيهًا، رغم أن سعره رسميًا فى البنك قبل التعويم لم يتجاوز 10جنيهات صعودًا وهبوطًا، فيما كان سعره فى السوق السوداء 17 جنيهًا، إلا أنه بعد التعويم رسميًا وحتى الآن وصل ما يقرب من 20 جنيهًا، وهو ما أدى إلى ارتفاع جنونى فى العديد من الأسعار. المهندس هانى توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر أكد أن موجة الارتفاعات التى شهدتها السوق خلال 2016 طبيعية فى ظل حركة تذبذب السوق والحل فى ارتفاع الطلب العالمى على الجنيه المصري، مع زيادة الطاقة الإنتاجية المتمثلة فى الصناعة بالتوازى مع نمو مصادر العملة الصعبة الأخرى مثل قناة السويس والسياحة، وتحويلات المصريين من الخارج، متوقعا أن ينخفض سعر الدولار ليصل إلى حدود 13جنيهًا نهاية 2017. بدأ 2016 بامتناع الفلاحين عن توريد الأرز لهيئة السلع التموينية، اعتراضًا على الأسعار التى حددتها وزارة التموين ب2300 جنيه للطن الحبة الرفيعة و2400 جنيه للحبة العريضة، معتبرين تلك الأسعار خسارة كبيرة ولا تساوى سعر التكلفة، نفس الأزمة تتكرر مرة أخرى، فمع اقتراب بيع الأرز يرفض الفلاحون أيضًا توريده للحكومة، والتجار الآن البديل الجاهز أمام الفلاحين، الذين اتجهوا للقطاع الخاص للفوز بفارق السعر الذى وصل إلى 3100 جنيه قابلة للزيادة. د. نادر نور الدين الخبير الزراعى ومستشار هيئة السلع التموينية الأسبق حذر من أزمة جديدة فى الأرز متوقعًا أن يصل سعر الكيلو إلى 10 جنيهات. نقيب الفلاحين محمد برغش قال إن الحكومة أخطأت حين لجأت للاستيراد بأسعار مرتفعة وفى توقيت خاطئ وذلك على حساب المنتج المحلي، بحجة أن أسعاره لا تتناسب مع احتياجات البطاقات التموينية، ما سيكلف الدولة عبئًا ماليًا. مضيفا أن خزينة الدولة تكبدت 30 مليوناً و750 ألف دولار لاستيراد 75 ألف طن أرز بسعر 410 دولارات للطن، رغم معاناة الدولة من أزمة نقص العملة الصعبة الشهور الماضية. بلد صناعة قصب السكر بها أزمة سكر، فهناك طوابير طويلة مازال بعضها قائمًا أمام الجمعيات الاستهلاكية، والمحلات التجارية من أجل الحصول على كيلو سكر ووصل إلى 17 جنيها للكيلو ببعض المناطق ويُوزع على بطاقات التموين ب7 جنيهات للكيلو. الأزمة بدأت مارس الماضى عندما لاحظ التجار أن حصاد السكر هذا العام سيكون غير كاف لتغطية العجز المتوقع أن يصل إلى 700 ألف طن، مما دفع وزارة التجارة والصناعة، التى علمت على ما يبدو أن المشكلة تتفاقم، فرفعت التعريفات الجمركية على واردات السكر الخام لكن ليس على السكر المكرر. وزارة التموين، المسئولة عن توزيع السكر تحت نظام البطاقة الذكية، حصلت على ما يقرب من 250 ألف طن من السكر المكرر مخزن فى مستودعات المصافى المملوكة للدولة، بما فى ذلك شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، وفى نهاية أغسطس أعلنت أنها تخطط لشراء من 450 ألف طن إلى 550 ألف طن من السكر محليا وخارجيا، لكن أسعار السكر العالمية قفزت بشكل كبير، حيث ارتفع سعر السكر الخام إلى 23 أو 24 سنتا للرطل الواحد من 14 سنتا فى يناير. كما قررت شراء السكر المكرر الذى هو أصعب فى شحنه وأكثر تكلفة لأن الإمدادات بدأت تنفد ولا يوجد وقت متبق للمعالجة. عبد الحميد سلامة، رئيس شركة الدلتا للسكر أكد أن الأزمة ليست مفاجئة وأنه حذر الحكومة منها بالفعل عندما أرسل خطابات لوزير الصناعة والتجارة طارق قابيل، وحذره من قيام منتجى السكر بتصدير كميات كبيرة من السكر إلى الخارج وحرمان السوق المصرية منه وذلك بهدف الاستفادة من الارتفاع العالمى للأسعار. الأزمة مازالت قائمة وهناك اختفاء للسكر ولو وجد يكون سعره بين 11 و15 جنيهًا. وزير التموين اللواء محمد على الشيخ قال إن أرصدة السكر فى مصر آمنة، وتكفى حتى شهر فبراير 2017 فضلا عن التعاقد على استيراد 420 ألف طن سكر خلال الشهر الحالي. ومن السكر إلى الزيت تواجه مصانع استخلاص الزيوت العاملة فى السوق المحلية أزمة كبيرة تكاد تحرمها من زيادة طاقتها الإنتاجية، والتى أدت إلى توقف نصفها تقريبا عن العمل، أبرزها ارتفاع التكاليف متأثرة بأزمة الدولار، بالإضافة إلى تراجع الإنتاج المحلى من المحاصيل، وزيادة المصاريف الثابتة من كهرباء ومياه وأجور. د. يحيى متولى أستاذ الاقتصاد الزراعى قال إن تراجع زراعة المحاصيل الزيتية ترتب عليه انكماش فى صناعة الزيوت بعد تراجع الخامات الموردة للمصانع من البذور خاصة العباد، والصويا إلى 10.4 ألف طن فقط. وأوضح أن الحكومة تخلت عن دعم هذه النوعية من الزراعات، ما دفع الفلاح للعزوف عن زراعتها بالتدريج حتى شارفت على الاندثار بالإضافة إلى تراجع المساحة المنزرعة من المحاصيل الزيتية بجميع أنواعها إلى أقل من 270 ألف فدان، مقابل 2.7 مليون فدان من المفترض زراعتها لتحقيق الاكتفاء الذاتي. مؤكدا دفع مصانع الإنتاج للتعاقد على استيراد كميات ضخمة من بذور العباد والصويا تجاوزت ال 150 ألف طن سنويًا. هاجم المتحدث باسم نقابة البدالين ماجد نادى تصريحات المسئولين فى وزارة التموين والمجموعة الاقتصادية فى حكومة شريف إسماعيل عن توافر السلع قائلا إن الواقع يؤكد أن هناك عجزًا كبيرًا فى المقررات التموينية، ومنها السكر الذى يعانى من نقص منذ 3 شهور، والأرز الذى توقف صرفه من المخازن لبدالى التموين البالغ عددهم 27 ألف تاجر بدون إبداء أسباب. مؤكدا أن نسبة العجز فى السكر وصلت ل80% والزيت 50% والأرز 100% سوق الدواء شهدت أزمة حادة فى نقص الأدوية ازدادت بعد قرار البنك المركزي، بتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، الأمر الذى دفع بعض شركات الأدوية لإيقاف استيراد المواد الخام أو الأدوية المستوردة تامة الصنع، ووضعت ضوابط للتوزيع، الأمر الذى تسبب فى نقص عدد من الأدوية الحيوية والمستلزمات الطبية، مما دفع نقابة الصيادلة إلى إرسال مناشدة وخطابات رسمية تطالب رئيس الجمهورية مباشرة بسرعة التدخل لحل أزمة الأدوية الناقصة وتوفيرها بالصيدليات حفاظاً على المريض، بعد أن قدمت حصراً بأعدادها والتى تصل إلى 1688 صنفاً دوائياً ناقصاً فى السوق فى نهاية نوفمبر الماضي. رئيس شعبة الأدوية فى اتحاد الغرف التجارية الدكتور على عوف قال إن قرار تعويم الجنية المصرى أدى إلى تفاقم أزمة الأدوية حتى أصبحت قائمة الأدوية غير المتوافرة تتزايد أكثر بمرور الوقت لتشمل عددًا من الأصناف الحيوية التى ليس لها بديل، سواء الخاصة بأمراض الأورام أو مشتقات الدم التى يبلغ عددها 149 صنفًا تم تخصيص 186 مليون دولار لتوفرها وستتحمل الدولة مصاريف استيرادها وستكون فى الأسواق خلال أيام معدودة. وشدد على ضرورة التنسيق بين وزارة الصحة وشركات الدواء لتوفير الدواء بالأسواق ليكون هناك حل واضح لأزمة الدواء حتى لا تشهد الدولة كارثة. بعد قرار تعويم الجنيه رسميًا، رفعت الحكومة المصرية أسعار البنزين والسولار وغاز السيارات، حيث ارتفعت الأسعار ما بين 35% إلى 50% للأنواع الثلاثة، وارتفعت أسعار السولار بأكثر من 30%. حتى إن سعر أسطوانة بوتاجاز المنازل ارتفعت بنسبة تقارب 90% حيث بلغ سعر الأسطوانة 15 جنيها بدلا من ثمانية، وارتفع غاز السيارات بنسبة تزيد على 45%. وهذا ما أدى إلى تفاقم الأزمة فى أغلب محافظات مصر بشكل كبير، مما تسبب فى حالة من الازدحام الكبير فى الشوارع واختناق حاد فى المرور نتيجة وقوف طوابير السيارات لعدة ساعات أمام محطات الوقود، لدرجة أنها أغلقت الشوارع الرئيسية والفرعية مع ارتفاع تعريفة نقل أجرة الركاب. وبرغم نفى وزارة البترول وجود أزمة فى توافر الوقود فى المحطات، وأكدت استقرار كميات الوقود داخل السوق من البنزين والسولار، وأضافت الوزارة أن معدلات الاستهلاك يتم توفيرها من خلال الإنتاج المحلي، ويتم سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك من خلال الاستيراد الخارجى والذى يسير وفقًا للمعدلات الطبيعية والمعتادة ووفقًا لبرامج الاستيراد. يأتى هذا فى الوقت الذى توقفت فيه شركة أرامكو الحكومية السعودية، أكبر شركة نفط فى العالم، عن إمداد مصر بالمواد البترولية منذ شهر سبتمبر الماضى، برغم الاتفاق الذى كان بين مصر والسعودية على إمداد مصر بمنتجات بترولية مكررة بواقع 700 ألف طن شهريا لمدة خمس سنوات بموجب اتفاق بقيمة 23 مليار دولار بين شركة أرامكو السعودية والهيئة المصرية العامة للبترول جرى توقيعه خلال زيارة رسمية قام بها العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر هذا العام. وبموجب الاتفاق تشترى مصر شهريا منذ مايو من أرامكو 400 ألف طن من زيت الغاز (السولار) و200 ألف طن من البنزين و100 ألف طن من زيت الوقود وذلك بخط ائتمان بفائدة اثنين بالمئة على أن يتم السداد على 15 عاما. إلا أن هذا الاتفاق سرعان ما تم إفشاله بعد توقف أرامكو السعودية عن امداد مصر بالمنتجات البترولية مما نتج عنه توتر فى العلاقات المصرية السعودية. صدمة جديدة عاشها المواطن المصرى برغم حلها وعدول الحكومة عن قرار خاطئ كان سيتسبب فى توقف صناعة الدواجن المحلية نهائيا بعد أن أصدر المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء قرارا بإلغاء الضرائب الجمركية على الدواجن المستوردة المجمدة أو التى سيتم استيرادها من الخارج خلال الفترة من 10 نوفمبر الحالي، وحتى نهاية مايو 2017. رئيس الاتحاد العام لمنتجى الدواجن د. نبيل درويش اعتبر هذا القرار كارثياً ومن شأنه الإضرار بصناعة الدواجن فى مصر والتى تعتبر مصدراً من مصادر الدخل للدولة، وإلغاء الجمارك وإدخال دواجن مستوردة لن يعمل على تخفيض أسعارها، لأن المستورد يبيع ما يقوم باستيراده بأكثر من السوق المحلية. ووافقه الرأى د. عبدالعزيز السيد رئيس شعبة الدواجن فى اتحاد الغرف التجارية، قائلا إن حجم الاستثمارات داخل قطاع الدواجن يصل إلى 45 مليار جنيه معرضة للانهيار فى ظل ارتفاع الأعلاف وغلاء مدخلات الإنتاج المحلي، مشيرًا إلى أنّ السماح لاستيراد هذه الكميات سيكون له مردود سلبى على الاستثمارات الموجودة. وشرح الأزمة قائلا إن أزمة ارتفاع سعر الدواجن فى السوق المحلية منتصف مايو الماضي، بعدما ارتفع سعر كيلو الدواجن فى السوق ل 30 جنيها، مقارنة ب 20 جنيها، هذه أول مرة يصل سعر كيلو «الفراخ» لهذا المستوى وتعلل المنتجون وقتها بزيادة سعر الدولار ووصوله لمستوى ال 8 جنيهات. واستطرد قائلا إن ارتفاع الدولار فى هذا الوقت جعل أسعار كافة مدخلات الإنتاج المستوردة سواء كانت أعلافاًَ أو أمصالاً تواصل الارتفاع ، حيث لجأ مستوردو الأعلاف لرفع سعر الطن إلى 5 آلاف جنيه ما جعل سعر كيلو الدواجن لأول مرة فى التاريخ يصل إلى 22 جنيها. وبعد وصول أسعار الدواجن لمستوى ال 30 جنيها داخل سوق التجزئة، لجأ العديد من المواطنين إلى مقاطعة شراء الدواجن واتجهوا نحو المستوردة التى كان سعرها فى متناول أيديهم بسعر يصل إلى 22 جنيها للكيلو، بالإضافة لشراء الأسماك كبديل للدواجن.