وكيل الأزهر ورئيس قطاع المعاهد يتفقدان التصفيات النهائية لمشروع تحدي القراءة    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    محافظ المنوفية يناقش الاستعدادات النهائية لبدء تطبيق قانون التصالح    الطاقة الإنتاجية لصناعة البتروكيماويات الإيرانية تزيد عن 100 مليون طن    4 قرارات جديدة لوزير المالية بشأن تقديرات القيمة الإيجارية والمشروعات الصغيرة    بايدن: آكلو لحوم البشر في غينيا أكلوا عمي    موعد مباراة الإياب بين الهلال والعين الإماراتي بنصف نهائي دوري أبطال آسيا    زغلول صيام يكتب: أحمد سليمان وشوبير وأسامة الشيخ، أليس بينكم رجل رشيد؟!!    تأجيل جلسة محاكمة المتهمين بقتل شاب بسبب لعب الاطفال في الفيوم    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير المدخل الرئيسي لمبنى الديوان العام    الأعلى للآثار: تطوير متحف رشيد يسهم في إثراء التجربة السياحية لزائري المدينة    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره البولندي    ماركا: ريال مدريد استخدم أسلوب أرسنال الدفاعي لعبور مانشستر سيتي    25 إبريل.. إنطلاق دورة إعداد المدربين TOT باعتماد الأعلى للجامعات بجامعة بنها    وزير قطاع الأعمال: القطاع الخاص شريك رئيسي في تنفيذ مشروعات التطوير والتحديث    طارق العشرى يعلن تشكيل الاتحاد لمواجهة سيراميكا    صراع برشلونة وباريس سان جيرمان يعود من جديد.. ديمبلي السبب    خاص.. لجنة الحكام تعترف بخطأ احتساب هدف الزمالك الثاني ضد الأهلي    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    حصيلة 24 ساعة.. ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالعملات ب15 مليون جنيه    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    توقعات برج العقرب في النصف الثاني من أبريل 2024: صحة جيدة ومصادر دخل إضافية    تعاون ثقافى بين مكتبة الإسكندرية ونظيرتها الوطنية البولندية    المفتي يفتتح أول معرض دولي بالتعاون مع جمهورية روسيا الاتحادية    «الحشاشين» يتصدر ترتيبا متقدما في قائمة الأكثر مُشاهدة على WATCH IT    وفاة معتمرة من بني سويف في المسجد النبوي بالسعودية    أمين الفتوى: سيدنا النبي نصحنا بهذه الأدعية    «الصحة» تُشارك في فعاليات المؤتمر العلمي لجمعية سرطان الكبد    جامعة المنوفية: الكشف مجاني بالعيادات الخارجية بكلية طب الأسنان الأحد المقبل    توقيع الكشف الطبي على 1632 حالة في قافلة مجانية بالمنيا    برلمانية: إدخال التأمين الصحي في محافظات جديدة يوفر خدمات طبية متميزة للمواطنين    6 أمراض تهددك في الربيع- هكذا يمكنك الوقاية    النواب في العاصمة الإدارية.. هل يتم إجراء التعديل الوزاري الأحد المقبل؟    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    إعدام طن مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك الآدمي بسوهاج    بعد 5 أيام.. انتسال جثة غريق البحر بالكيلو 65 غرب الإسكندرية    اندلاع النيران بعدد من أشجار النخيل في جنوب الأقصر    مدفوعة الأجر.. الخميس إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    الدعم الأمريكي مستمر.. مساعدات عسكرية جديدة بالمليارات لإسرائيل (فيديو)    «من متدنية إلى وراء الستار».. القصة الكاملة لأزمة شوبير وأحمد سليمان    إحالة 30 من العاملين بالمنشآت الخدمية بالشرقية للتحقيق    وزيرة الهجرة تبحث مع «رجال أعمال الإسكندرية» التعاون في ملف التدريب من أجل التوظيف    السجن المشدد 3 سنوات لمتهم بإحراز سلاح بدون ترخيص فى سوهاج    48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل.. من هم؟    بعد انتقاده أداء لاعبي الأهلي بالقمة|«ميدو» يستعرض لياقته البدنية في إحدى صالات الرياضة    تعَرَّف على طريقة استخراج تأشيرة الحج السياحي 2024 وأسعارها (تفاصيل)    اتحاد المعلمين لدى «أونروا» في لبنان ينفذ اعتصاما دعما لغزة    "الوزراء" يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار في النقد الأجنبي    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: «لا نتوقع ضرب إيران قبل عيد الفصح»    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    فيلم «عالماشي» يحقق إيرادات ضعيفة في شباك التذاكر.. كم بلغت؟    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    بابا فاسيليو يتحدث عن تجاربه السابقة مع الأندية المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كوم دكة» سيد درويش كوم زبالة!

آفة الإهمال الملعونة التى تفسد كل جميل فى هذا الوطن لم يسلم منها بيت لواحد من أهم فنانى مصر على مدار قرن كامل.. فنان الشعب (سيد درويش) . لم يكن يعلم (درويش) عندما غنى لحنه الشهير (أهو ده اللى صار وأدى اللى كان) أو لحنه الآخر (ليه تهدمونى وأنا لعزكم بانى) أنه يرثى حاله، وكأنما كان يستشرف ما سيفعله به الزمن، ويحدثه الإهمال فى منزله الذى كان من المفترض أن يكون مزاراً سياحياً ومعلماً فنيا مهماً من معالم مصر لواحد من أعظم فنانيها على مدار التاريخ.
فى (النمسا)، وتحديداً فى مدينة (سالزبورج) مسقط رأس الموسيقار العبقرى (موتسارت) تحول بيته إلى متحف ضخم يليق باسمه وتاريخه، كما تم إطلاق اسمه على المطار الرئيسى للمدينة، بخلاف تخليد ذكراه بالهدايا والشيكولاتة والتماثيل التى تحمل صوره، وللعلم (درويش) لا يقل قيمة ولا أهمية عن (موتسارت)، فكلاهما أحدث ثورة كبيرة فى عالم الموسيقى، وكلاهما له أوبريتاته الشهيرة ومعزوفاته الخالدة.. فلا ننسى ل(درويش) أوبريت: (العشرة الطيبة) ولا(شهر زاد).. ولا ل (موتسارت) (ليلية صيفية).. الأكثر من ذلك أن الاثنين غنت لهما (فيروز) فغنت ل(درويش): (زورونى كل سنة مرة) و(أهو ده اللى صار وأدى اللى كان) و(ياشط إسكندرية ياشط الهوى)، وغنت ل(موتسارت): (يا أنا أنا أنا وياك).. كما أن أهمية الاثنين فى كونهما وضعا النشيد الوطنى لبلادهما.. ف(موتسارت) وضع ألحان النشيد الوطنى النمساوى من تأليف (باولا فون بريرادوفيتش) الذى تقول كلماته (أرض الجبال الأرض التى على النهر.. أرض الحقول أرض القباب).. ودرويش زرع فينا الوطنية والانتماء بالنشيد الوطنى الخالد (بلادى بلادى لك حبى وفؤادى) من تأليف (محمد يونس القاضى).
(سيد درويش) الذى يعد واحداً من أهم فنانى العالم فى عصره وفى العصور التالية والخالد ذكره إلى يومنا هذا بيته - للأسف - يتحول إلى (حظيرة مواشى) و(مقلب للقمامة) بعد أن طالته أيدى الإهمال المتمثلة فى أجهزة ومؤسسات الدولة بداية من محافظة الإسكندرية مقر البيت الموجود - أو لنقل بقاياه - فى حى (كوم الدكة) الشعبى.
الغريب أن محافظ الإسكندرية الأسبق اللواء (عادل لبيب) منذ أكثر من خمسة أعوام وتحديداً عام (2010م) نزع ملكية البيت من الورثة ليقوم هو شخصياً بمتابعة تحويله إلى متحف ومزار سياحى ضخم يضم مقتنياته ومتعلقاته الشخصية والفنية ونوته وآلاته الموسيقية، إلا أن الرياح تأتى دائماً بما لاتشتهى الأنفس فقد ضرب الإهمال بالمشروع عرض الحائط ،فلا هم حولوه لمتحف ولاتركوه على هيئته بيتاً تراثياً يحفظ ذكرى (درويش)، بل تم هدم البيت وتركوه مهجوراً ترتع فيه الأغنام والماعز والمواشى، بل الكارثة الكبرى أنه أصبح مقلباً لقمامة أهل الحى؟؟!!
الإهمال لم يدمر فقط جدران البيت، وإنما الأهم من ذلك كله أنه دمر ذكريات وتاريخ وقصص وحكايات جرت بين جدران هذا البيت وسجلت تاريخاً عظيماً سواء على المستوى الفنى أو على المستوى السياسى، فكل لحن عزفه (درويش) وشارك فيه (بيرم التونسى) يحكى قصة وطن مر بأحداث هامة منها الحلو ومنها المر! ومعظم هذه الأعمال التى بدأت مع بزوغ فجر فن (سيد درويش) فى أوائل القرن الماضى وتحديداً عام (1917) شهدتها أروقة بيته الذى تعدى عمره المائة عام، وهو ماكان من المفترض أن يمنحه حصانة عدم الهدم ككل البيوت التراثية التى تتعدى أعمارها (100) عام.. ففى هذا الركن لحن أغنية (قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك)، وفى الركن الآخر جلس إلى (بيرم التونسى) ليصنعا مجداً بأوبريت (شهر زاد) ونشيد (أعظم جيوش فى الأمم جيوشنا) و(أنا المصرى كريم العنصرين) ، وهكذا يشهد كل ركن من أركان بيته الذى كان شاهداً ليس على تاريخ (درويش فقط) بل كان شاهداً على تاريخ أمة، حيث تزامن وجود (درويش) مع (ثورة 1919) التى غيرت مجرى التاريخ والتى أرخها (درويش وبيرم) بإبداعهما حباً فى الوطن والدفاع عنه بالإبداع ضد الاستعمار الإنجليزى.. حيث تفاعلا عندما هبت الثورة تأييداً لها ولإثارة الحماس الوطنى داخل وجدان الشعب من خلال أغانيهما التى تتطرق إلى تمجيد الجيش المصرى والاعتزاز بالجنسية المصرية.
فهل يعقل أن يكون هذا مصير بيت (سيد درويش) الذى تأثر بشدة عندما نفى (سعد زغلول) إلى (جزيرة سيشل) حيث جرم الإنجليز نطق اسم (زغلول) على أى لسان ومن يخالف التعليمات ويثبت عليه الجرم يعاقب بالجلد، وخروجاً من هذا المأزق ووقوفاً بجانب (سعد) معنوياً وفنياً راح (درويش وبديع خيرى) يصنعان أغانى تتغنى باسم (سعد) من باب التورية والرمزية.. فخرجت أغنية (يابلح زغلول) ياحليوة يابلح.. يازرع بلدى عليك ياوعدى يابخت (سعدى) (زغلول) يابلح.. المؤسف أن هذه الأغنية لحنها (درويش) ليغنيها بنفسه ل(سعد زغلول) عند استقباله من عودته من النفى، بعد أن تقرر الإفراج عنه وعودته للبلاد عام (1923م) إلا أن القدر لم يمهل ل (درويش) ذلك، حيث توفى قبل عودة (سعد) بأيام، فغنتها بدلاً منه (نعيمة المصرية)، ولكن يظل لحنها تفوح منه رائحة (درويش) الذى يعتبر دوره الوطنى لايقل أبداً عن دور الجنود على الجبهة وفى مواجهة جنود الاحتلال الإنجليزى، إن لم يكن التأثير أقوى.
صحيح أن الدولة كرمت (سيد درويش) عندما أطلقت اسمه على (أوبرا الإسكندرية) ووضعت تمثالاً نصفيًا له فى مدخل الأوبرا، ولكن تظل الأوبرا رغم عظيم شأنها مفتقدة لروح (درويش).. فهى ليست كبيته الذى يتحدث فيه كل ركن من أركانه وكل حجر من أحجاره عن مواقفه الإنسانية والوطنية وحركاته وسكناته وإبداعاته.. راح البيت كما راح صاحب البيت ولم يبق منهما سوى ذكرى ويافطة على أول الشارع كتب عليها (شارع سيد درويش)!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.