90 %من غرقى مركب رشيد أطفال لا تتجاوز أعمارهم 16 عامًا، وأكد أهالى الضحايا أن هجرة الأطفال منتشرة بكثافة لسهولة حصولهم على أوراق إقامة مؤقتة بإيطاليا. الصور التى ينشرها الأطفال المهاجرون تجعل حلم الهجرة يراود أبناء القرى خاصة أن الصور تلتقط فى معالم شهيرة كبرج إيفيل وغيره وتظهر الصور الأطفال أنهم يعيشون فى رغدٍ من العيش. يكمن سر ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا لسهولة حصولهم على تصاريح الإقامة المؤقتة الممنوحة للأطفال، كما يُمنح كل طفل 50 يورو شهريًا، غير تحمّل الاتحاد الأوروبى كل تكاليف الإقامة من مأكل ومشرب وملبس ومصاريف دراسة، وكذلك يمنح والد ووالدة الطفل إذا ما تواجدا معه مسكنًا خاصًا بهما وتصريح إقامة حتى بلوغ أطفالهما سن ال18 عامًا. هناك مدارس تابعة للاتحاد الأوربى مخصصة للأطفال المهاجرين واللاجئين، حيث يتم منح الطفل إقامة داخل أوروبا حتى يصل إلى سن ال18 عاماً، ثم يتم بعد ذلك تركهم فترة للبحث عن عمل يتم نقل الإقامة عليه. فى مشروع بلدنا أولى بولادنا وهى جمعية مشهرة للحد من الهجرة غير الشرعية والمتعلق بالهجرة غير الشرعية للأطفال بالتعاون بين Save the Children - Egypt CO هيئة إنقاذ الطفولة، برنامج مصر، وبدعم مالى من الاتحاد الأوروبى. البعض يُرجع الظاهرة إلى عودة المصريين العاملين بليبيا، حيث خطط أباطرة الهجرة غير الشرعية من العصابات الدولية لنقل سوق الهجرة إلى مصر، وذلك بعد فقدان النفوذ على سواحل ليبيا فى ظل الحرب الدائرة هناك، وتخوّف راغبى الهجرة من الذهاب إليها خشية الموت هناك. يسافر الأطفال إلى أوروبا باعتبار أن دولها مجبرة على استقبال الأطفال وعدم ترحيلهم لأنهم يعتبرونهم أطفالاً معرضين للخطر فى بلدانهم ما داموا أطفالاً فيضعونهم فى دور رعاية يتعلمون فيها اللغة والسلوك ولهم سوق عمل وتقدم الدول لهم مصروفًا يوميا وإجازة أسبوعية ليخرجوا للفسحة وهناك دعم من الاتحاد الأوروبى لمصر ولمنظمات المجتمع المدنى لشن حملات توعية على القضية. معظم الأطفال المسافرين يكونون من قرى ريفية يعانون من ارتفاع أسعار الأراضى ويكون السفر بالنسبة لهم هو الحل. وعملية السفر ليست رخيصة وتبدأ التكلفة الأقل من ليبيا وترتفع فى حال الدول الأوروبية ولانتشار عمليات النصب على الأهالى أصبح دفع الفلوس على مرحلتين الأولى قبل السفر والثانية بعد اتصال الأطفال بذويهم بأنهم وصلوا أوروبا ويوقع والد الطفل على إيصالات أمانة بباقى المبلغ لحين الدفع. الاتفاق يكون بين الأهالى ووسيط غالبا من نفس القرية التى يعيش فيها الأطفال وفى بعض الحالات يمكن أن يكون الوسيط هو مدير المدرسة أو مدرس أو عمدة البلد ويكون السفر مجموعة كبيرة ما بين 100 إلى 300طفل يتم تجميعهم فى مكان قريب من البحر يطلقون عليه (التخزين). السمسار يتفق مع صاحب المركب المنتظرة فى عرض البحر ومع حرس الحدود ويأخذ منهم متعلقاتهم الشخصية كلها ولو كانت المسافة بعيدة بين المخزن والبحر يركبون سيارات نقل ويغطونهم من فوق ثم يتم إنزالهم ليركبوا زوارق بلاستيك حتى نصف البحر حتى لا يلتقطهم الرادار وفى عرض البحر يكون هناك مركب صيد مسموح لها بالتحرك فى المياه الدولية تخبئهم على المركب فى ثلاجات السمك وفى هذا الوقت يكون صاحب المركب أبلغ بسرقة المركب حتى لا يتهم بأن مركبه مركب هجرة غير شرعية. مراكب الصيد غير مؤهلة لحمل أعداد كبيرة من المهاجرين ومعظمها يكون خارج الخدمة من الأساس وفى رحلات هجرة كان رئيس المركب يصل لشواطئ ليبيا ويقول لهم إنها شواطئ إيطاليا فيقفز المهاجرون من المركب ويكملون سباحة إلى الشواطئ وفى بعض الأحيان يسلمونهم لسماسرة عصابات الإتجار فى الأعضاء. أما لو كانت المركب تستطيع العودة إلى مصر يُنزلهم مسئول المركب على الزوارق المطاطية مرة أخرى ويوجههم ناحية الشواطئ ويعطيهم مسدس إشارة يستخدمونه حال تعرض المركب للغرق فتكون الطلقة منه إشارة لخفر السواحل للتحرك لإنقاذهم. وحال وصولهم إلى أوروبا تختلف المعاملة من جنسية إلى أخرى فالسوريون باعتبار أن لهم حق اللجوء تتسلمهم المفوضة السامية لشئون اللاجئين مع المنظمات العاملة فى هذا المجال، ومن ليس لهم حق اللجوء يصنفون بين أطفال وشباب وكبار سن ولكل منهم تعامله الخاص، فالأطفال تتسلمهم المؤسسات الإغاثية وتجهز لهم ملفات أما ما دون ذلك فيحبسون فى مقرات احتجاز مخصصة لحين ترحيلهم لبلدانهم. الأطفال بعد دخولهم مؤسسات الإصلاح، بعضهم يلتزم بالتعليمات وبرامج التدريب الموضوعة له وهناك من يهرب من المؤسسات بسبب احتياج أهله للمال وبعضهم يكون راهن الأرض فيلجأون إلى أعمال متدنية مثل تحميل العربات أو تنظيف المحلات أو العمل فى مطابخ المطاعم وجزء كبير يتعرض للاضطهاد. الحكومة أقرت مؤخرًا قانونًا لمكافحة الهجرة غير الشرعية ووضعت أقصى عقوبة السجن المشدد والغرامة من 200 إلى 500 ألف جنيه. الحكومة لم تحقق أى تقدم فى سبيل حل القضية، ما نحتاجه فعليا هو تكثيف الجهود وتنظيمها بين المجتمع المدنى لشن حملات توعية وعمل مشاريع تنموية خاصة للأطفال دون ال 18 عامًا الذين يلاحقهم خطر الهجرة، وخاصة التعليم الفنى (صناعى وتجاري)، مع التوعية بأنه يمكن للأسرة أن تستخدم ال 25 ألف جنيه كأقل تكلفة لتذكرة الموت فى عمل مشروع استثمارى صغير لابنهم بجانب تعليمه وهو النموذج الذى اتبعته قرية ميت بدر حلاوة. ميت بدر حلاوة إحدى قرى مركز سمنود، بالغربية، ويبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة، تتميز بالمبانى الشاهقة الفخمة وذات الطراز الفرنسى، شبابها يفضلون الهجرة مبكرا عقب الانتهاء من مراحلهم التعليمية، خصوصا إلى فرنسا، حتى أصبح أكثر من ثلثى سكان القرية لديهم من يعيش فى فرنسا. القرية تتميز بالحالة الاقتصادية الجيدة وهذا يرجع لأمرين: الأول سفر معظم أبناء القرية من أجل العمل فى الخارج، الأمر الثانى موقع القرية، الذى تتميز به عن باقى القرى المجاورة،حيث تقع على ضفاف نهر النيل على شكل قوس ما جعلها تتمتع بتربة صالحها لزراعة الفواكة، وهى زراعة مربحة أكثر من المحاصيل، وتقوم بتصديرها إضافة إلى زراعة الورد خاصة الفل والياسمين، الذى تحتاجه فرنسا لإنتاج العطور. تزايد أعداد أبناء ميت بدر حلاة فى فرنسا دفعهم إلى إنشاء رابطة لهم تسمى «بيت العائلة بفرنسا»، من أجل الاهتمام بشئون شباب القرية ومساندة بعضهم البعض ومتابعة أخبارهم، ويكون عمدة القرية وجميع الأهالى على تواصل دائم معهم، إلى جانب جمع التبرعات لإقامة المشروعات فى القرية. منصور فودة أحد شباب القرية أكد أن القرية بسبب حالة الثراء المتميزة التى ظهرت بين غالبية سكان القرية، ارتفع سعر قيراط الأرض الزراعية إلى 60 ألف جنيه، فى حين لا يتعدى سعره ال30 ألفا فى باقى القرى المجاورة، وقيراط المبانى وصل فى القرية إلى نصف مليون جنيه فى حين فى القرى المجاورة لا يتعدى سعره 250 ألفا. وأهالى القرية تبرعوا لإنشاء حضانة ومركز لتعليم اللغة الفرنسية.