حالة من الغضب والغليان سيطرت على الأساتذة والعاملين فى مراكز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بعد علمهم بموافقة مجلس النواب على تخصيص 3 ملايين جنيه لعام 2017-2016 من الموازنة العامة للبحوث الزراعية بعد أن كانت 140 مليون جنيه، والتى سبق وأن تقلصت حتى وصلت فى ميزانية عام 2014 2015- إلى 70 مليون جنيه مما اعتبروه كارثة تهدد المراكز البحثية وتعرقل تنفيذ الخطط البحثية المستهدف إنشاؤها، بل وتنذر بتوقف المشروعات القومية التى شرعت الدولة فى تنفيذها. بل الكارثة الكبرى أن وزارة المالية خفضت ميزانية «مركز بحوث الصحراء» الذى يشارك فى مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان إلى 4 ملايين جنيه. هذا القرار من شأنه أن يعكس الكثير من التداعيات السلبية على الزراعة وبحوثها، ومنها على سبيل الحصر تحويل أغلب العلماء والباحثين الذين يعملون فى هذه المراكز إلى مجرد موظفين دورهم ينتهى عند التوقيع فى كشوف الحضور والانصراف، كما أنه من المتوقع وقف أغلب المشاريع البحثية الذى تتم دراستها لزيادة كفاءة المحاصيل والزراعات والذى يقوم مراكز بحوث الصحراء والبحوث الزراعية بالاشتراك فيها من خلال وضع التراكيب المحصولية فى المحافظات لتلبية احتياجات الجمهورية من جميع المحاصيل مثل القطن والقمح والذرة والأرز. «روزاليوسف» رصدت هذه الكارثة، والتى اعتبرها الأساتذة والباحثون العاملون فى هذه المراكز فى حال تطبيقها بأنها سوف تعانى من الشلل التام لجميع المعاهد البحثية والتى تؤدى دورا مهما فى زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية والتى نجح مركز البحوث الزراعية فى زيادتها إلى 3 أضعاف خلال السنوات الماضية من خلال إنتاج أصناف جديدة، إلى جانب دور المركز المهم فى إنتاج الأمصال واللقاحات البيطرية التى تلعب دورًا مهمًا فى تحصين الثروة الحيوانية ضد الأمراض وتشهد عجزًا فى الفترة الحالية بسبب الحاجة إلى دعم مالى أكبر. فى البداية أشار الدكتور مختار الشريف الأستاذ بمعهد بحوث الصحراء، إلى أن ميزانية المركز بعد أن كانت فى عام 2014-2015 نحو 32 مليون جنيه، انخفضت عام 2015-2016 إلى 12 مليون جنيه، ثم أخذت فى الانخفاض فى عام 2016-2017 حيث تقلصت إلى 4 ملايين جنيه، فى حين أن هناك كمًا كبيرًا من المشروعات يحتاج إلى استثمارات تصل إلى 50 مليون جنيه. وبانفعال شديد بدأ عبدالعظيم طنطاوي، رئيس مركز البحوث الزراعية الأسبق، ونائب رئيس اللجنة الدولية للأرز كلامه معنا بأن خفض الميزانية إلى 3 ملايين جنيه يمثل كارثة ومن ثم فى حال الموافقة عليها يعنى توقف المشروعات البحثية التى تنفذها المراكز قائلا: «عندما كنت رئيسا للمركز كانت الميزانية حوالى 140 مليون جنيه ثم انخفضت إلى 70 مليون جنيه ثم وصلت إلى 20 مليون جنيه ثم إلى هذا الرقم الهزيل، فالميزانية تحدد بناء على مشاريع وخطط بحثية تقدمها المعاهد التابعة لمركز البحوث الزراعية إلى وزارة التخطيط التى تدرسها ومن ثم تعرضها على وزارة المالية، وهذا يكون مرتبطًا بإنجازات حققتها الخطة البحثية المقدمة». موضحا أن وزارة التخطيط رأت بأن الخطط المقدمة من المعاهد والمراكز البحثية لا يقابلها أى إنجازات من العام الماضى ومن ثم رفضت الإبقاء على الميزانية السابقة بل سعت إلى خفضها. مؤكدا بأن هناك تقصيرًا من الخطط البحثية المقدمة لوزارة التخطيط والتى رفعت تقريرها إلى وزارة المالية بعدم تحقيق المرجو من هذه المراكز ومن ثم تخفيض ميزانياتها. ومضيفا: إن هذا القرار كارثى وعلى إدارة مركز البحوث الزراعية سرعة دراسة تداعيات هذا الانخفاض الرهيب الهزلى وخاصة أننا نعانى فجوة غذائية نسبتها تصل إلى 55 % من إجمالى احتياجنا الغذائي، وترتفع هذه النسبة من عام إلى آخر نتيجة الزيادة السكانية، وليس متوقعاً أن يحدث انخفاض فى الفجوة الغذائية وهى مستمرة فى الارتفاع بسبب الزيادة السكانية التى تتراوح بين 1.2 مليون نسمة و1.5 مليون سنوياً، ومن ثم هى تشكل عبئا على خطط تقليل الفجوة الغذائية، بالإضافة إلى محدودية الموارد المائية لمصر، والأراضى الصالحة للزراعة، مما يشكل ضغطا على خطط الدولة لتقليل الفجوة الغذائية، والزيادة التدريجية ترتبط بالتقدم فى برامج الاستصلاح والبرامج البحثية لزيادة الإنتاجية الفدانية من المحاصيل، فكيف نقلل من هذه البرامج؟! واستنكر هذا القرار قائلا: إن مركز البحوث الزراعية يضم حوالى 33 معهدا ومعملا مركزيا و65 محطة بحثية على مستوى الجمهورية ويعمل به 11 ألف باحث فكيف ستنخفض أجورهم وأبحاثهم فهذا يعنى انهيار السياسة الزراعية وضياع البحث العلمى. وأنهى كلامه بأن معهد بحوث الإنتاج الحيوانى يتبعه فقط 14 محطة بحثية لتربية سلالات حيوانية وداجنة وبالتالى فإن خفض ميزانيته قد يؤدى إلى خفض أعداد الحيوانات إلى الثلث وبالتالى سوف يكون غير قادر على تغطية احتياجاتنا من اللحوم كما أن ميزانية هذا المعهد فقط 15 مليون جنيه كيف سيتم تخفيضها إلى هذا الحد. ومتسائلا: كيف لمركز بحوث كان ثالث مركز بحوث زراعية فى العالم فى أوائل الثمانينيات يتحول إلى مركز ليس له هوية مستمر فقط بجهود العاملين فيه يدفعون من جيوبهم نظير إجراء التجارب ونشر البحوث من أجل الترقية فقط؟ مركز كانت ميزانيته فى وزارة يوسف والى تتعدى 250 مليون جنيه وتتناقص حتى وصلت إلى 3 ملايين فقط، أنا أقول للدولة «فضوها سيرة من البحث العلمى وشوفوا لنا شغلانة تانية» مع أن هذا مخالف للدستور الذى كان ينص على نسبة من الدخل القومى للبحث العلمى ولا يمكن لأى دولة فى العالم أن تتقدم خطوة دون البحث العلمى فهذه الميزانية تقول أهلاً بالجهل والجاهلية فى إدارة أمورنا.