الخارجية الأوكرانية: القمة المقبلة ستكون نهاية الحرب ونحتاج روسيا على طاولة المفاوضات    بيلينجهام رجل مباراة إنجلترا وصربيا في يورو 2024    العيد تحول لمأتم، مصرع أب ونجله صعقا بالكهرباء ببنى سويف    إيرادات حديقة الحيوان بالشرقية في أول أيام عيد الأضحى المبارك    وزير الإسكان: زراعة أكثر من مليون متر مربع مسطحات خضراء بدمياط الجديدة    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    زوارق الاحتلال تُطلق نيرانها تجاه المناطق الشمالية لقطاع غزة    خفر السواحل التركي يضبط 139 مهاجرا غير نظامي غربي البلاد    زيلينسكي يدعو لعقد قمة ثانية حول السلام في أوكرانيا    فقدان شخصين جراء انقلاب قارب في ماليزيا    من التجهيز إلى التفجير.. مشاهد لكمين أعدّته المقاومة بمدينة غزة    وزير الداخلية السعودي يقف على سير العمل بمستشفى قوى الأمن بمكة ويزور عدداً من المرضى    بيرو: لا يوجد تهديد بحدوث تسونامى بعد زلزال بقوة 6.3 ضرب البلاد    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    بيلينجهام يقود منتخب إنجلترا للفوز على صربيا في يورو 2024    تعرف على حكام مباراتى الجونة والبنك الأهلى.. والإسماعيلى وإنبى    موعد مباراة الزمالك والمصري فى الدوري والقناة الناقلة    مانشستر يونايتد يجدد الثقة في تين هاج    ذراع الكرة.. وذراع الخمر    محمد سالم: مباراة طلائع الجيش كانت فاصلة ل المقاولون العرب    مدرب سموحة السابق: الأهلي والزمالك في مباراة صعبة لمحاولة اللحاق ببيراميدز    إيلون ماسك يبدي إعجابه بسيارة شرطة دبي الكهربائية الجديدة    عاجل.. موعد اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية لتحديد أسعار البنزين والسولار    الاستعلام عن صحة مصابي حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالطريق الأوسطي    الكورنيش متنفس أهالى الشرقية في العيد هربا من الموجة الحارة (صور)    وفاة الحاج الثالث من بورسعيد خلال فريضة الحج    وفاة شخص وإصابة 3 آخرين من أسرة واحدة فى حادث تصادم سيارتين بالغربية    عبير صبري ل"الحياة": خفة الدم والنجاح والصدق أكثر ما يجذبنى للرجل    ممثل مصري يشارك في مسلسل إسرائيلي.. ونقابة الممثلين تعلق    عبير صبري ل"الحياة": خفة الدم والنجاح والصدق أكثر ما يجذبنى للرجل    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    هل يجوز بيع لحوم الأضحية.. الإفتاء توضح    صحة كفر الشيخ: تنفيذ خطة التأمين الطبي بنجاح    عادة خاطئة يجب تجنبها عند حفظ لحمة الأضحية.. «احرص على التوقيت»    أجواء رائعة على الممشى السياحى بكورنيش بنى سويف فى أول أيام العيد.. فيديو    بعد كسر ماسورة، الدفع ب9 سيارات كسح لشفط المياه بمنطقة فريال بأسيوط    متى آخر يوم للذبح في عيد الأضحى؟    محمد أنور ل"فيتو": ليلى علوي بمثابة أمي، ومبسوط بالشغل مع بيومي فؤاد في "جوازة توكسيك"    الرئيس الأمريكى: حل الدوليتين السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم للفلسطينيين    أكلات العيد.. طريقة عمل المكرونة بالريحان والكبدة بالردة (بالخطوات)    الحج السعودية: وصول ما يقارب 800 ألف حاج وحاجة إلى مشعر منى قبل الفجر    «البالونات الملونة» فى احتفالات القليوبية.. وصوانى الفتة على مائدة الفيومية    "Inside Out 2" يزيح "Bad Boys 4" من صدارة شباك التذاكر الأمريكي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    ماذا يحدث في أيام التشريق ثاني أيام العيد وما هو التكبير المقيّد؟    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    الدراما النسائية تسيطر على موسم الصيف    «العيدية بقت أونلاين».. 3 طرق لإرسالها بسهولة وأمان إلكترونيا في العيد    مرور مكثف على مكاتب الصحة ومراكز عقر الحيوان بالإسماعيلية    في أقل من 24 ساعة.. "مفيش كدة" لمحمد رمضان تتصدر التريند (فيديو)    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    «سقط من مركب صيد».. انتشال جثة مهندس غرق في النيل بكفر الزيات    منافذ التموين تواصل صرف سلع المقررات في أول أيام عيد الأضحى    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امرأتان فى حياة البابا
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 21 - 11 - 2015

فى ذكرى تجليسه على الكرسى المرقسى، تقدم «روزاليوسف» كشف حساب 3 سنوات، للبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، الذى يختلف من حيث السياسة والكاريزما عن سلفه الراحل البابا شنودة الثالث ، الأمر الذى شق صف الأقباط إلى مؤيد ومعارض.
المتابع لتحركات البابا يكتشف أنه يستدعى المحبة إذا ما دعت إليها الحاجة فقداسته ومن خلال رحلاته المكوكية لا يدخر جهداً ويبذل كل ما فى وسعه للوحدة مع الآخر أيًا كان هذا الآخر، فهو يذهب إلى مقر بابا روما عارضاً الوحدة بين الكنيستين وهو أمر جيد لا ريب فيه، لكن البابا نسى أن هناك ائتلافات كنيسة تمارس التكفير بين الكنيستين ويتوجب إزالتها ولأنه يعلم كل العلم أن الفاتيكان لن تتحرك مواقفه الإيمانية والعقائدية قيد أنملة، راح يبحث عن التبعية للكرسى البابوى دون أى شروط مسبقة أو تحفظات ليطلب من البابا فرانسيس توحيد الأعياد، وهو الطلب الذى لم يعره فرنسيس اهتمامًا ولم يرد عليه فأعاد البابا الطلب على نظيره الفاتيكانى ليقبل الأخير أن تعيد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مع الكنيسة الكاثوليكية فى أعيادها وعلى بابا الأقباط اتخاذ ما يلزم للتنفيذ.
والغريب أن الكنيسة القبطية إذا ما رأت أنه يتوجب تغيير موعد الاحتفالات بالأعياد تستطيع أن تقوم بهذا منفردة ولا يلزمها موافقة بابا روما، ولكن تلك الموافقة ليست على توحيد الأعياد، ولكن على تبعية الكنيسة القبطية لبابا روما لتتقزم قامة بابا الأقباط ويعامل معاملة أسقف الأقباط، وبالطبع تلك التبعية مدفوعة الثمن فالبابا يريد أن ينهل من مناهل الفاتيكان المادية التى يغدقها بابا روما على الكنائس التابعة له، وهو ما يسمح للبابا تواضروس بفتح مصادر جديدة للتمويل بعد أن ضن أساقفة المهجر عليه بما كانوا يقدمونه له من تبرعات.
والغريب أيضًا أن البابا على الرغم من سعيه إلى التقارب والوحدة مع كنائس بينها وبين الكنيسة القبطية خلافات عقائدية تاريخية فإنه لا يسارع الخطى نحو الوحدة مع كنيسة من كبريات كنائس العالم والمتحدة مع الكنيسة القبطية فى الشرائع الأصول وتختلف فى القليل من الفروع، وهى الكنيسة الروسية التى تعد الأكبر بين عائلة الكنائس الأرثوذكسية والسبب ببساطة شديدة أن الكنيسة الروسية عضو فى مجلس الدوما (الغرفة الصغرى فى البرلمان) ومن ثم فكل أنشطتها المالية مراقبة حكومياً، ما يستحيل معه أن يمتد شريان تمويلها إلى الكنيسة القبطية، كما أن هناك عداء تاريخيًا بين الكنيستين سعت خلاله الكنيسة الكاثوليكية للقضاء على الكنيسة الروسية منذ أن بارك بابا روما اضطهاد الكنيسة الأرثوذكسية فى روسيا على أيدى الثوار البلاشفة وتقارب البابا تواضروس مع الكنيسة الكاثوليكية ينظر له الروس بعين الريبة.
وتتوالى مفارقات البابا فى العلاقة مع الكنائس فبينما يذهب إلى أقاصى الأرض لزيارة مجهولة الهدف فى السويد للقاء كبيرة أساقفة الكنيسة اللوثرية وإقامة حوارات معها من أجل وحدة الكنائس، والأدهى من هذا أن يحضر البابا قداساً لوثرياً مختلف دينياً عن العقيدة القبطية الأرثوذكسية تترأسه ب«سيدة أسقفية»، وهو الأمر المرفوض أرثوذكسياً لعدم الاعتراف كهنوت المرأة وهو الأمر الذى دعا البابا شنودة إلى إرسال مذكرة شديدة اللهجة للكنيسة اللوثرية بسبب ذلك عام 1988 يرفض فيه بشدة إقامة نساء فى الدرجات الكهنوتية المختلفة مؤيداً رأيه بمرجعيات من الكتاب المقدس وقوانين رسل المسيح، كما أن الخلافات بين الكنيستين تصل إلى أكثر من 30 اختلافًا أهمها أن الكتاب المقدس هو المصدر الوحيد للتعليم المسيحى، أما قوانين الرسل فلا تكون صحيحة إلا إذا كانت مطابقة للكتاب المقدس ورفض الصوم والأعمال النسكية مثل الرهبنة، وأنه لا كهنوت خصوصى فى المسيحية، بل الجميع كهنة وإكرام القديسين مرفوض، كما أن الصلوات من أجل الأموات باطلة وعدم زواج الأساقفة منافٍ لتعليم الكتاب المقدس والإنجيلى.
ولكن البابا ضرب بكل هذا عرض الحائط و برر ذلك بأنه شارك اللوثريين صلواتهم برئاسة أسقفة امرأة كعمل من أعمال المحبة وقبول الآخر، لكن تنهار تلك الصورة داخل مصر عندما يجيش البابا إعلامه وأساقفته وكهنته لمنع الشباب من حضور مؤتمر روحى وترفيهى تقيمه الكنيسة الإنجيلية تحت عنوان «احسبها صح» الذى يتهافت عليه شباب وشابات الكنيسة الأرثوذكسية ويحضره سنويا عشرات الآلاف من الشباب بدعوى أن الكنيسة الإنجيلية تقيم المهرجان لاختراق الكنيسة الأرثوذكسية.
■طرد شباب المقطم
كنيسة القديس سمعان الدباغ بالمقطم كانت حين ارتقى البابا الكرسى المرقسى نموذجًا للعمل الدينى الكنسى، فالكنيسة حفرت فى بطن الجبل كتحفة معمارية رائعة أسسها القمص سمعان إبراهيم الذى جاء إلى المنطقة الشعبية الفقيرة شاباً ليخدم فقراءها وعلى مدى سنين طويلة نجح إبراهيم فى إنشاء الكنيسة وتجميع أقباط المنطقة بها وحظى بمحبة الجميع فكانت الكنيسة تقدم خدماتها للجميع مسلمين ومسيحيين، لم يقدم للقمص يد العون فى رحلة خدمته الشاقة غير بعض خدام الكنيسة الإنجيلية ذوى الباع فى الرعاية الروحية والاجتماعية واستطاعوا جلب الدعم المادى له من بعض المؤسسات الأجنبية التى تعمل فى تنمية المجتمعات الفقيرة وذاع حيث الكنيسة واستقطبت الأقباط من كل حدب وصوب، وأصبحت مزاراً لكل أقباط مصر والخارج وتوهجت الاجتماعات الدينية التى كان يحضرها أعداد غفيرة، تلك الاجتماعات التى تقوم على الصلاة وأداء بعض الترانيم التى يقودها مرنمون بروتوستانت، وفجأة يظهر البابا تواضروس ويقرر أن الكنيسة بها بعض الممارسات غير الأرثوذكسية وأنه يجب إقامة أسقف عليها ليعيدها إلى الإيمان وهو ما كان بتعيين الأنبا أبانوب أسقفاً على المقطم وأول أعمال الأسقف فى تطهير الكنيسة كانت طرد المرنمين البروتوستانت أثناء أحد الاجتماعات بحجة أن الترانيم التى ينشدون بها غير أرثوذكسية، وهو حق يراد به باطل فالكنيسة الأرثوذكسية لا يوجد بين شعائرها المستلمة من رسل المسيح وخلفائهم ما يسمى بالترانيم، ولم تعرف الترانيم إلا من الإرساليات البرتوتستانتية التى أتت إلى مصر، وعلى إثر ذلك انشق شعب الكنيسة بين متعاطف مع المطرودين الذين تزعمهم القمص سمعان إبراهيم وبين مؤيدى الأسقف وخرجت المظاهرات التى تؤيد كل فريق، وحمل فريق صورًا لمن يواليه واصطدم القمص والأسقف وثار الشعب للقمص وتراشق الاثنان بالكلمات.
■طرد «سيدة من الكاتدرائية»
أثناء إحدى عظات البابا فى اجتماعه الأسبوعى الذى كان يقام بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية كل أربعاء وقفت فجأة سيدة تصرخ تريد أن تقدم مظلمة للبابا لم تستطع تقديمها بسبب السياج الذى ضرب على المقر البابوى من سكرتارية البابا، وكان من المفترض أن يستدعى البابا السيدة ويستفسر عن مظلمتها ويقدم لها يد العون بقدر المستطاع، لكن الاجتماع الأسبوعى تبثه القنوات الفضائية وتغطيه وسائل الإعلام فلا يصح أن تتعدى سيدة من العامة على مقام البابا الرفيع، وهنا نسى البابا أن السماء اختارته ليريح مثل هذه السيدة من متاعبها أيًا كانت، وبدلا من هذا طرد السيدة من الكنيسة وخرج علينا (المبرراتية) لينعتوا السيدة بكل ما يمكن أن تنعت به حتى ذهبوا بها إلى حد الجنون ثأراً لما سماه البعض «بريستيج البابا».
■ليلة القبض على الشباب
أصبحت مشكلة المتضررين من قوانين الأحوال الشخصية بالكنيسة هى الصداع الذى يؤرق رأس البابا ولا يجد له حلا. ومرة أخرى وفى اجتماع الأربعاء قام بعض هؤلاء المتضررين بالوقوف احتجاجا على عدم اهتمام الكنيسة بحل مشاكلهم، وهنا انتفض البابا وخرج هاربا من الكنيسة وأمر أمن الكاتدرائية باحتجاز المتضررين واستدعاء الشرطة لهم وتحرير محاضر ببلاغات كيدية، وبالفعل تم ذلك وهو الأمر الذى استنكره العديد من الشعب فخرجت الكنيسة وادعت أن القبض على الشباب تم بمعرفة الشرطة الموجودة لحراسة الكاتدرائية وأن الشرطة هى التى حررت محاضر للمحتجين وأحالتهم للنيابة، ولكن سريعاً ما انكشف زيف هذا الادعاء وطلب البابا مقابلة المفرج عنهم من النيابة وأمر بالتنازل عن المحاضر التى حررت بمعرفة رجال الكنيسة الذين كانوا ينفذون تعليمات البابا!
■موجات «غضب المهجر»
امتدت عدوى الاحتجاجات من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لتصل إلى كنائس المهجر وتضرب جنباتها وكبرى تلك الاحتجاجات شهدتها مدينة بايون بالولايات المتحدة الأمريكية إثر قيام البابا بإبعاد القمص جورج جريس مؤسس كنيسة القديس أبانوب والأنبا أنطونيوس وإرسال الأنبا كاراس نائباً بابوياً لنيوجيرسى، وهو الأمر الذى أدى إلى موجات من الغضب داخل الكنيسة خاصة أن النائب البابوى لا هم له إلا السيطرة على تبرعات الجالية القبطية دون شفافية فى أوجه الصرف، وهو ما أدى إلى تنظيم شعب الكنيسة العديد من الوقفات الاحتجاجية ضد الأسقف حتى وصل بهم الأمر إلى منع الاسقف من صلاة القداس فقام باستدعاء الشرطة للمحتجين للقبض عليهم.
وفى محاولة من الأنبا كاراس للسيطرة على مجريات الأمور أعلن عن نيته رسم ثلاثة كهنة من أبناء وأقارب بعض الكهنة، ما أشعل ثورة شعب الكنيسة الذى رفض توريث الكهنوت، ونفس الأمر فى باريس، حيث تم إبعاد الراهب اليشع البراموسى.
■البابا.. والأديرة
أصبحت الأديرة فى عهد البابا تواضروس دوائر متقاطعة بين البيزنس والسلطة الكنسية فلم يعد يعرف بعد ما القواعد التى يتم بموجبها اعتراف الكنيسة بالدير، فبينما تشترط الكنيسة وجود تجمع رهبانى فى الدير للاعتراف به نجد أن هناك أديرة لا يوجد بها رهبان تعترف بها الكنيسة، بينما هناك أديرة بها تجمع رهبانى تتبرأ منها الكنيسة والظاهرة اللافتة للنظر هى بناء العديد من الأديرة بعضها تعترف به الكنيسة ضمنياً وبعضها يوفق أوضاعه والبعض الآخر فى مهب الريح.
■دير الريان
دير وادى الريان المعروف باسم الدير المنحوت هو أثرى قديم مساحته صغيرة أعاد تعميره القمص متى المسكين إلا أنه فجأة اتسعت رقعة الدير بشكل شاسع والدير به تجمع رهبانى نحو 120 راهباً، وقد فوض البابا تواضروس القمص أليشع المقارى فى إدارة الدير، ولكن فجأة احتاجت الدولة إلى شق طريق يمر فى وسط أراضى الدير، وهنا نشبت منازعات بين رهبان الدير والدولة، حيث ترى الدولة أن الطريق سيمر فى أراضٍ ملك الدولة ولا حق للرهبان فيها، بينما يرى الرهبان العكس، وهنا لجأت الدولة إلى البابا تواضروس الذى فشل فى احتواء الرهبان.
وأصدر البابا بيانا يتبرأ فيه من الدير، فالدير سواء اتسعت مساحته أو ضاقت أو كان للرهبان حق فى الأرض التى سيمر فيها الطريق من عدمه، فإن الأمر الثابت هو أن هناك ديرًا أثريًا أيًا كانت مساحته، وتعتبر هذه هى السابقة الأولى فى تاريخ الكنيسة التى يتبرأ فيها البابا من دير.
■دير الأنبا كاراس
تم تشييده فى وادى النطرون بطلب من إحدى سيدات الأعمال الأقباط من القمص يعقوب المقارى ببناء دير على اسم «الأنبا كاراس» وهو قديس من قديسى الكنيسة المعترف بهم الذى جرت على اسمه معجزة لتلك السيدة حسب أعتقادها وبدوره عرض القمص يعقوب المقارى الأمر على البابا شنودة الثالث وقتها الذى استحسن الفكرة وكلف القمص يعقوب بإنشاء الدير وأعطاه صك اعتراف بالدير الوليد، وقام القمص بشراء الأراضى اللازمة لإنشاء الدير ومساحتها 53 فدانا وتبعد ثلاثة كيلومترات عن دير البراموس أشهر أديرة وادى النطرون الذى ينتمى إليه العديد من أساقفة المجمع المقدس، وكان هذا عام 2012 وسريعاً أقام الراهب يعقوب المقارى العديد من المنشآت التى بلغت تكلفتها 33 مليون جنيه، إلا أن هناك صراعا قد دب بين يعقوب المقارى ودير البراموس على زوار الأديرة وتبرعاتهم فلقد اجتذب دير الأنبا كاراس الزائرين الذين عزفوا عن زيارة البراموس وبدلا من أن يعترف البابا بالدير العامر طلب من المقارى ضم الدير إلى دير البراموس، وهو ما رفضه القمص فتم تهديده بالفصل والتجريد من الرهبنة!
■الأديرة الفندقية
انتشار العلمانية فى العالم أدى إلى أن تصبح الكثير من الأديرة والكنائس مهجورة ويتم عرضها للبيع، ما فتح شهية أساقفة المهجر لشراء أديرة معظمها يغلب عليه الطابع الأثرى على الرغم من أنه لا يوجد رهبان فى أغلب الأحوال لتعمير تلك الأديرة، وهو الأمر المثير للدهشة، فالكنيسة تدفع فى تلك الأديرة ملايين الدولارات ولا يوجد من يعمرها من الرهبان، وعلى الرغم من ذلك فإن الكنيسة تعترف بتلك الأديرة، وفى أغلب الأحوال يقوم الأسقف باستيراد بعض الرهبان أو الراهبات الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة لإضفاء الطابع الرهبانى على تلك الأديرة، ولكن حقيقة الأمر فإن الكنيسة تقوم بشراء تلك الأديرة وتحويلها إلى منتجعات سياحية لراغبى الاستجمام من صفوة تلك الكنائس فيتم تجهيز تلك الأديرة الفندقية بكل وسائل الراحة والترفيه والاسترخاء.
أما الأنبا أنطونى أسقف أيرلندا فقد اشترى العديد من الأديرة التى يشرف عليها راهبان هما داود الأنطونى ورويس الأنبا بيشوى، إلا أن الأنبا أنطونى كلما استورد رهبانًا من مصر يهربون من أديرته ويعودون إلى أديرتهم فى مصر، وكان آخر الهاربين راهبتان ادعى الأنبا أنطونى عند استيرادهما أنه أسس أول دير للراهبات فى أوروبا وبهروب الراهبتين يصبح الدير خاويًا على عروشه ويفكر أنطونى فى تحويله إلى دار مسنين، أما الأنبا جابريل أسقف فيينا فقد اشترى ديرًا وسماه دير الأنبا أنطونيوس، عبارة عن فندق لضيوف الأسقف ويشرف عليه ثلاثة رهبان، والأمر العجيب هنا أن هناك شابا من الأقباط المولودين فى النمسا يريد أن يترهبن وبدلاً من أن يلحقه الأسقف بالدير فى فيينا أرسله للترهب بوادى النطرون فى مصر.
■البابا.. والسياسة
الكنيسة لم تعد مؤسسة روحية، فالكنيسة تستطيب العمل بالسياسة والسياسة لا تستغنى عن الكنيسة، والبابا هو رأس الكنيسة ورجل من رجالات الدولة ومن ثم لا يمكن له أن يقف موقف المتفرج من مجريات اللعبة السياسية خاصة أن تلك اللعبة غالباً ما تنسحب آثارها على الكنيسة، ولكن لأن البابا ليس بالسياسى المحنك أو إن شئنا الدقة ليس رجل سياسة من الأساس، يتخبط فى الكثير من المواقف وباباوات الكنيسة على مر عصورها كانوا يبتعدون عن ممارسة السياسة قدر الإمكان، لكن البابا تواضروس أغوته اللعبة وأصبح لاعباً أساسياً فيها فكثرت تخبطاته وخطاياه.
■ امتطاء «جواد 30 يونيو»
فى كل أزمات البابا التى يكثر فيها معارضوه لا يجد البابا مخرجاً ومهرباً من تلك المعارضة إلا اتهام معارضيه بأنهم من معارضى ثورة 30 يونيو، وأنهم يثيرون حول البابا المشاكل نظراً لدورة الوطنى فى المشاركة فى ثورة 30 يونيو وأن معارضيه ما هم إلا أذرع لجماعة الإخوان الإرهابية يريدون النيل من البابا والثورة التى هو أحد رموزها، والغريب هنا أن البابا يطلق هذا الاتهام على عواهنه فيتهم أشخاصاً عرفوا بوطنيتهم وانتمائهم لتلك الثورة ودون المزايدة على وطنية أحد، فالبابا ليس من الثوار ولم يقد الأقباط فى تلك الثورة فالأقباط ثاروا من تلقاء أنفسهم لأنهم كانوا الأكثر معاناة فى ظل حكم الجماعة الإرهابية نعم البابا رمز من رموز الثورة، ولكن هذا لا يعطيه حق تخوين معارضيه، وليس هناك ما يبرر للبابا تلك البارانويا الثورية.
■ تقزم الدور الوطنى
لم يدرك البابا أن الوزن النسبى السياسى له يدور وجوداً وعدماً ويتمحور حول شعبيته بين الأقباط، فإن تعاظمت تلك الشعبية تعاظم دور البابا السياسى والوطن، وإن تقزمت تلك الشعبية تلاشى الوزن السياسى للبابا، وهو ما يفرغ الكرسى البابوى من محتواه ويجعله شكلاً بدون مضمون وظهرت مؤخراً بعض المؤشرات التى تدلل على تراجع شعبية البابا التى تؤثر سلباً على دورة الوطنى، فعلى الرغم من محاولات البابا المستميتة لحشد الأقباط للترحيب بالرئيس السيسى فى زيارته الأخيرة، إلا أن هذا الحشد تراجع وقد تم تبرير ذلك بأنه حدث تضارب فى موعد التظاهرة الخاصة بالترحيب بالرئيس ودعمه، لكن الحقيقة غير ذلك حيث إن أكبر تواجد للأقباط فى أمريكا فى ولاية نيوجيرسى تلك الولاية التى تعج بالمشاكل مع النائب البابوى الأنبا كارس وتتصاعد دون حل، وعلى الرغم من التظلمات الكثيرة التى تصل إلى البابا من الجالية القبطية هناك إلا أن البابا لم يحرك ساكناً، وهو ما أدى إلى قيام وفود من الشعب هناك بالحضور إلى الكاتدرائية وعرض مشاكلهم على البابا الذى قابلهم بالترحاب ووعدهم بحل كل تلك المشاكل خلال ستة أشهر التى انقضت دون تحقق الوعود، وهو ما خلق غضبًا شعبيًا، هذا الغضب جعل البابا لا يزور الولاية فى رحلته الأخيرة للولايات المتحدة.
■البابا والقدس
بين قرار تاريخى للبابا شنودة الثالث بمنع زيارة القدس ومقاطعة التطبيع مع إسرائيل وبين مطالبات الرئيس الفلسطينى، للكنيسة برفع هذا الحظر دعماً للشعب الفلسطينى والقضية الفلسطينية وبين مطالبة أقباط المهجر برفع الحظر عن زيارة القدس، يعرج البابا تواضروس بين الجميع ويتمسك بقرار المنع فى مواجهة أقباط الداخل، على الرغم من أن هناك العديد من الرحلات التى تنظم سنويا لزيارة القدس وتخرج من مصر إلا أن البابا يغض النظر عنها خاصة أن الرحلة من تلك الرحلات يكون على رأسها أسقف من أساقفة الكنيسة ليتعدى عدد الأساقفة الذين زاروا القدس 70 أسقفًا، وعلى الجانب الآخر فإن البابا سمح لأقباط المهجر بزيارة القدس بحجة أنهم يحملون جميعاً جنسيات ثانية يذهبون إلى القدس من خلالها وليس من خلال هويتهم المصرية، ما يفتح باب التساؤل حول مدى انتماء البعض من هؤلاء للوطن الأم خاصة أن جميعهم خرجوا من مصر فى ظروف غير طبيعية.
■مجاذيب ودراويش البابا
على الرغم من إقبال البابا على الحوارات الصحفية، فإنه لا يفضل إلا الحوارات الصحفية سابقة التجهيز، وهى غالبا ساذجة ومستهلكة يتم إنتاجها داخل المقر البابوى وتوزع على الصحفيين والإعلاميين من رجال البابا ومريديه، وما على الصحفى الذى حصل على الحوار معلباً مشفوعاً بما لذ وطاب من البركات «بأنواعها» إلا أن يكتب اسمه عليه، وما يثير السخرية هن أنه فى شهر يونيو الماضى خرجت علينا 5 من كبريات الصحف فى مصر بينها جريدة قومية فى يوم واحد بحوارات مع البابا تواضروس، ومن الصدف الغريبة أن الخمس حوارات التى أجراها صحفيان مختلفان كانت أسئلتهما متطابقة وبنفس الترتيب والصياغة وأجاب البابا بنفس الإجابات لتخرج الخمس حوارات نسخة من أصل واحد موجود بالمقر البابوى مع اختلاف العناوين ودراويش البابا الإعلاميون يعصمون البابا من أى خطأ ويبررون له بسذاجة كل أخطائه ويسبحون بحمده.
المتحدث الأبكم
على الرغم من أن الكنيسة لديها متحدث إعلامى باسمها فإن هذا المتحدث لا يدلى بأى تصريحات أو حوارات أو بيانات فهو دائم السكوت وغالبا ليست لديه معلومات أو أنه سوف يرجع إلى البابا وإذا ما استدعى الأمر إصدار بيان أو تصريح، فإن هذا يحدث بعد أن تكون الصحف قتلت موضوع البيان نشرًا.
■تكميم الأفواه
يجيش البابا من حوله ميليشيات إلكترونية تتعقب من ينتقده على صفحات التواصل الاجتماعى، وتقوم تلك المليشيات بالهجوم الضارى على كل منتقدى البابا بأبشع الألفاظ وأحط العبارات متوعدين أصحاب تلك الصفحات بالويل والثبور وعظائم الأمور من بلاغات للنائب العام وملاحقات قضائية للتخويف والترهيب، ولا مانع أن تتم الوشاية بأحد منتقدى البابا بين الحين والاخر ببلاغ كيدى للنائب العام، فصاحب القداسة المعصوم لا يريد أن يسمع صوتاً غير صوته.
■سذاجة الخطاب البابوى
عزف الأقباط عن حضور عظات البابا الروحية التى كان يقيمها فى الكاتدرائية بالعباسية فخطاب البابا لا يشبع العطش الروحى لمستمعيه فعظات البابا لم تنزل إلى المستوى الشعبى لتخاطب العامة والبسطاء ولا ارتقت تلك العظات إلى مستوى اللاهوتيين المتخصصين فعزف الجميع عن متابعة البابا سواء من البسطاء أو العامة، فالبابا ليس واعظًا مفوهًا يملك من المهارات الخطابية والكاريزمية ما يمكن من جذب الجميع له كما كان البابا شنودة الذى تمتع بخفة الظل، وكان يقرض الشعر ويلقيه وخلق لنفسه خطابا رعويا يخترق قلوب العامة ويسيطر على عقول الصفوة.
■قاموس البابا
لم يجد البابا من المهارات التى تجذب المستمع إلا ادعاء الحكمة فاخترع لنفسه قاموسًا عجيبًا، حيث إنه يأتى بأى كلمة ويقوم بتفكيك حروفها إلى كلمات تبدأ بتلك الحروف لتعطى جملاً لا تجد لها فى سياق حديثه مكانا فمثلا البابا يفسر كلمة (يوم) بأن الياء اختصار لكلمة (يسوع) الذى هو أسم مرادف لاسم المسيح والواو اختصار لكلمة (واقف) والميم اختصار لكلمة (معاك) فيكون معنى كلمة يوم هو (يسوع واقف معاك) ولا نعرف من أى قاموس أخرج البابا تلك المعانى ولا دلالات تفكيك الكلمات وصياغتها فى جمل، ولكن لأن البابا حينما يطلق تفسيراته اللغوية أمام محاوريه من تجد الواحد منهم علت وجهه الدهشة وارتخت وجنتاه معلقاً (يا سلام يا سيدنا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.