لم يتخيل أحد أن الدجالين والمشعوذين الذين كانوا مطاردين من قبل الشرطة وتوجه إليهم اتهامات بالنصب والدجل والشعوذة أصبحوا يروجون لأنفسهم عبر الإعلانات التليفزيونية وخطوط ساخنة وعبر شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر»، والأكثر من ذلك ترويج بعض ممن أطلقوا على أنفسهم «معالجين روحانيين» الذين قدموا من المغرب العربى ولبنان لأفكار الشيعة تحت ستار «العلوم الجفرية» التى ينسبونها ل«على بن أبى طالب» وبعض الأئمة الإثنى عشرية، ليصنعوا منها السحر الأسود عبر قراءة الطلاسم الشيطانية والتى وضعوها على صور «على» بدعوى فك العنوسة وربط الزوج عن الزنى. تغيرت طريقة عمل المشعوذين والدجالين فلم يقتصر عملهم على إيحاء ضحاياهم والتأثير عليهم بالأجواء الغامضة ودخان البخور الكثيف الذى يذهب العقول والتماثيل المحنطة للحيوانات المفترسة كما كانت تصور السينما والدراما المصرية، بل إنهم طوروا طريقة عملهم بما يتماشى مع ثقافة العصر الحالي، لاسيما بعد أن أصبحت التكنولوجيا فى يد الجميع وأصبح العالم قرية صغيرة يجتمع فيها الشامى بالمغربي، ليبدأ بعض المشعوذين فى نشر سمومهم عبر المواقع الإلكترونية والإعلانات التليفزيونية فى القنوات المشبوهة فما أكثر إعلانات المعالجين الروحانيين، فعدد كبير منهم من «الشيعة»، كإعلان الشيخ: فلان الفلانى الذى يخلصكم من العنوسة فى أقل من أسبوع، والقادر على جلب الحبيب في48 ساعة، وجعل الزوج كالخاتم فى إصبعك، وجلب الرزق، وتطويع الحموات ومنع المشكلات قبل حدوثها، لكن المفاجأة هى ترويج البعض لأفكار الشيعة عبر طرق معروفة باسم «العلوم الجفرية». بداية دخول المعتقدات الشيعية منذ سنوات عبر لبنان، بدأت القصة بالهوس بالفلك ومعرفة الطالع والتنجيم ومع ملل الكثير من الحديث المكرر عن الأبراج بدأ بعض الشيعة يروجون لعلم «الحروف» وهو أحد العلوم التى نسبوها للإمام «علي»، وأوردوا على لسانه: «لو شئت لأوقرت سبعين بعيراً من باء بسم الله الرحمن الرحيم»، وأن لكل حرف فيها معني. وقوله أيضاً «كل ما فى القرآن فى الفاتحة فى بسم الله الرحمن الرحيم، وكل ما فى بسم الله الرحمن الرحيم فى باء بسم، وأنا النقطة التى تحت الباء». فالغزو الثقافى الشيعى بدأ من بعض البرامج اللبنانية عبر الفضائيات والتى لا تعى شريحة كبيرة من متابعيها من سائر الدول العربية خلفيتها الثقافية التى لاتتماشى معها، لكن الشيعة الراصدين لمدى إقبال الكثيرين فى المنطقة العربية على معرفة الغيبيات والأمور الخفية بدأوا يطورون من خططهم ونشروا أفكارهم مستغلين بعض المشكلات المتفاقمة فى مجتمعنا العربى كالعنوسة وتأخر سن الزواج للفتيات وهوس النساء من وقوع أزواجهن فى الزنى والخيانة والبطالة ليبدأ هؤلاء فى محاصرتهم عبر الإعلانات التليفزيونية والخطوط الساخنة ومواقع الإنترنت والفيس بوك ليضعوا طرق السحر الأسود بين أيديهم والمقابل نشر أفكارهم الشيعية. لم يكن المواطن المصرى بمنأى عن تلك الظاهرة، بل أصبح مستهدفًا من قبل بعض الدجالين والمشعوذين الشيعة الذين جاءوا لترويج أفكارهم مستغلين ضعاف النفوس ممن يعلقون مشكلاتهم على شماعة الأعمال السفلية، فمن تأخر زواجها تظن هى أو أهلها أن أحداً صنع لها سحراً أسود يجعلها دميمة فى أعين الرجال، ومن لم يجد وظيفة يرجع ذلك بأن هناك من صنع له عملا ب(وقف الحال)، ليقوم من أطلقوا على أنفسهم معالجين روحانيين بالاصطياد فى الماء العكر ليقدموا لهؤلاء أعمالاً سفلية وطرقاً غير مشروعة لتسخير الجان عبر قراءة آيات بطريقة معينة وكتابة أسماء غير مفهومة تعرف ب«الطلاسم» ورسوماً نسبوها إلى العلوم الجفرية، التى ادعى الشيعة أن من وضعها على ابن أبى طالب والأئمة الإثنى عشرية، مستخدمين صوراً ل«علي» كتبوها عليها «طلاسم» لجلب الحبيب وربط الزوج عن الزنى وحتى لقبول الطلاب بالجامعات والمعاهد. تحت ستار الآيات القرآنية التى تتلى على الطلاسم والنقوش غير المفهومة والتى تحمل رسوما لجسد الإنسان على كل جزء منه كتابات غير واضحة وحروف يتم عمل (الحجاب)، لكنها فى الواقع أفكار شيعية جاءت من الثقافة الفارسية، فأحد المعالجين الروحانيين المغاربة يدعى «م. س» نشر عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» بعض الأعمال التى يدعى فاعليتها فى قضاء الحوائج وبعضها مكتوب باللغة «الفارسية» مثل «لوح بزرك بلقيس سليمان» أى «اللوح الكبير للملكة بلقيس»، الذى يتم كتابته بتطويع الجان عبر الرموز الشيطانية المكتوب عليها عبارات الفارسية غير المفهومة سواء لمن يتقن تلك اللغة أو للعامة، مستندين إلى علم «التعمية»، المنسوب للإمام «علي» وأنه يتم كتابة الطلاسم لجلب الحبيب أو الحبيبة كما جاء الشياطين بعرش بلقيس ملكة سبأ، وهنا تكمن خطورة التعامل مع هؤلاء المشعوذين الذين يروجون لهذه الخزعبلات وللأفكار الشيعية. على خلاف الفكرة السائدة بأن هدف الدجال والمشعوذ فى المقام الأول أن يربح أموالاً طائلة من وراء صيد ضحاياه، فلم يعد المال على قمة أولويات بعض المشعوذين وبالتحديد من يقومون باستخدام هذه الطرق التى تحدثنا عنها، فصحيح أن الخط الساخن يحقق لهم مكاسب كبيرة، إلا أن البعض كتب عبر مواقعه أنه يقدم تلك الخدمات بشكل مجانى بحجة مساعدة ضحاياه كقراءة الرقية الشرعية وعمل حجاب مكتوب عليه طلاسم شيعية وصور ل«علي» و«الحسين» يمكن طباعتها عبر المواقع الإلكترونية وفيس بوك. لتظهر النوايا الخفية لهؤلاء المشعوذين الذين أرادوا نشر الفكر الشيعى للمواطنين سواء فى مصر أو المنطقة العربية ككل، فخلال السنوات الأخيرة أى فى أعقاب أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011، استغل البعض الأحداث السياسية المتلاحقة فى نشر أفكارهم، باعتبار أن الأجهزة الأمنية مشغولة بما هو أهم من ملاحقتهم ، من بين هؤلاء شخص يدعى «أ. م» بالإسكندرية الذى يعرف نفسه عبر موقعه الإلكترونى بأنه «أحد أحفاد واحد من أكبر المشايخ الذين يعملون على قضاء الحوائج وتطبيق علوم سيدنا سليمان وأنه ورث عنه هذا العلم». مدعياً أنه لديه دراية ب«علم الأسماء» و«العلوم السليمانية»، فهل أصبح تسخير الجان علمًا يعتمد عليه البشر؟ وأين القانون والرقابة من كل تلك الممارسات التى ينهى عنها الأديان ويعاقب عليها القانون والعرف والتى تتنافى مع العقل؟.