صاحب قلم، قادر على رسم شخصياته من خيال خصب بالتجارب والخبرات المتراكمة والاقتراب من واقع المجتمع المصرى، لديه قدرة على تشريح شخصياته مثل أفضل جراح عالمى، ينفذ بقلمه بدقة الطبيب التركيبات النفسية لأبطاله، ويقترب من حياتها الاجتماعية والعاطفية بحساسية مرهفة، ليجد كل مشاهد نفسه شريكا فى أحلام هذه الشخصيات وطموحاتها وآلامها وأفراحها، هو الكاتب والسيناريست تامر حبيب، صاحب الروائع التى بدأت ب«خاص جدا»، و«شربات لوز»، و«نكدب لو قلنا مبنحبش»، وفى السينما «سهر الليالى» و«واحد صحيح». أطل حبيب على الشاشة فى رمضان بمسلسل «طريقى» لنجمة الغناء شيرين عبدالوهاب، ونجح بمنتهى البراعة فى تقديمها بشكل درامى جديد بعيدا عن تجربتها الفاشلة فى فيلم «ميدو مشاكل». نجح حبيب بواسطة بطلته وصوتها الدافئ فى جذب المشاهدين من أولى الحلقات، وأصبح المشاهد يسير معها حلقة تلو الأخرى فى ذلك الطريق الذى بدأته لتصعد وتثبت نفسها كنجمة فى عالم الطرب. كان ل «روزاليوسف» مع تامر حبيب هذا الحوار: ∎ سألناه فى البداية كيف جاءت الفكرة لكتابة مسلسل «طريقى» وكم من الوقت استغرقه العمل فى التحضير؟ - فأجاب: تحدث معى منتج المسلسل «محمد مشيش» بعد رمضان الماضى للتفكير فيما يمكن أن نقدمه فى رمضان 2015 وكانت لديه قصة تدور حول مطربة كولومبية ورحلة صعودها فى عالم الغناء، وكان العرض جذابا للغاية، خاصة أننى أعشق جدا مشاهدة الأفلام الغنائية والاستعراضية، ولكنى أوضحت له أن نوعية الأعمال الغنائية ممتازة، ولكنها مكلفة وصعبة للغاية، إلا أن المنتج حفزنى وشجعنى لاستكمال التجربة وكتابة العمل وساهم فى تذليل الكثير من العقبات، واستغرقت كتابة العمل 7 أشهر، ولفت نظرى فى القصة التى عرضها علىّ المنتج أنها تحكى قصة صعود مختلفة لمغنية، أحداثها مختلفة عن أى قصة أخرى تم تقديمها من قبل فى الدراما، بالإضافة إلى معالجتى والتى أوضحت الجانب الاجتماعى والعاطفى فى حياة المطربة. ∎ وهل كانت المطربة شيرين مطروحة قبل بدء كتابة سيناريو المسلسل، أم كانت هناك أسماء أخرى؟ - وضعت أمام عينىّ شخصيتين فقط يمكنهما أداء هذا الدور بشرط أن تكونا مطربتين، وكان أمامى شيرين وأنغام، ولكن شيرين كانت الأنسب للدور بالنسبة للمرحلة العمرية الأولى، وبالفعل جرت الاتصالات بين المنتج وشيرين ووافقت على أداء الدور، خاصة أنه كان بينى وبين شيرين من فترة محاولات لعودتها للتمثيل مرة أخرى فى عمل سينمائى، بعد تجربتها فى فيلم «ميدو مشاكل» مع النجم أحمد حلمى عام .2003 ∎ هل قدمت نصائح لشيرين لتدريب نفسها على التمثيل لتستعد لتقديم الدور؟ - فى الحقيقة كانت مهمة المخرج محمد شاكر خضير منذ اللحظات الأولى لاختيار شيرين حيث طلب منها المشاركة فى ورش عمل للتمرين على التمثيل بشكل عام، ثم التدريب على أداء الدور «دليلة»، واعتقد أن هذه الورش لعبت دورا كبيرا فى صقل موهبتها التى ظهرت على شاشة رمضان .2015 ∎ لماذا اخترت فترة أواخر الستينيات حتى منتصف الثمانينيات كزمن للأحداث ولماذا كان هناك خفوت لظلال الأحداث السياسية الكبيرة التى وقعت فى هذه الفترة وتأثيرها على حياة الشخصيات؟ - تعمدت إغفال الأحداث السياسية لأننا كنا نريد تأصيل الصبغة الرومانسية بالدرجة الأولى، وهذا ما جعلنا نلجأ لزمن قديم، زمن أكثر رومانسية مما نحن نعيش فيه الآن، والسبب الثانى أننا نتحدث عن رحلة صعود مطربة والصعوبات التى واجهتها فى هذه الفترة، ولكن لو تحدثت عن قصة صعودها فى العصر الحالى فيمكنها أن تقدم موهبتها فى برنامج لمسابقات الغناء لاكتشاف المواهب مثل The voice أو Arab got talent، وهى برامج قادرة على صنع نجوم فى أسبوع، وبالتالى لن تكون هناك واقعية، بالإضافة إلى أن الفترة الحالية لا يوجد فيها نظرة دونية للمطربة عكس الماضى، حيث كانت بعض الأسر والعائلات ترفض عمل بناتها فى الغناء والتمثيل، خاصة أن دليلة فى المسلسل فلاحة من إحدى قرى البحيرة وسليلة عائلة كبيرة تميل إلى الأرستقراطية، والدتها المتسلطة التى قامت بدورها سوسن بدر رفضت عمل ابنتها الوحيدة فى عالم الغناء. والسبب الثالث أن هناك أحداثا درامية فى المسلسل لم يكن لها أن تظهر لو دارت أحداثه فى العصر الحالى، فمثلا عندما خطف يحيى المنيسى «باسل الخياط» دليلة من البحيرة إلى القاهرة دون أن يعلم أحد، نظرا لضيق الاتصالات آنذاك وندرة خطوط التليفون «الترنك»، جاءت الأحداث بمنطقية، لكن لو تمت نفس الأحداث الآن لن يكون لها وجود خاصة فى ظل انتشار وسائل السوشيال ميديا والواتس آب، حيث سيجدها أصدقاؤها بكل سهولة ويسر، ولم يكن هناك أى حاجة بعد ذلك لأى تطور درامى للأحداث. ∎ هناك من أكد أن «دليلة» وهى الشخصية التى جسدتها شيرين هى نفسها قصة حياتها؟ - لا أفهم على أساس جاءت هذه التحليلات، فلا توجد علاقة بين شيرين ودليلة، فالأولى شخصية فى أواخر الستينيات وكانت شيرين وقتها لم تولد من الأصل، وأسرتها لم ترفض عملها بالغناء، وشيرين ليست قروية، ولكن من القاهرة والعقبات التى واجهت دليلة مختلفة تماما عن تلك التى واجهت شيرين فى صعودها الفنى، والتشابه الوحيد بين دليلة وشيرين هو الغناء. ∎ ما تقييمك لأداء شيرين.. من وجهة نظر كاتب له باع فى الدراما؟ - فى الحقيقة شهادتى مجروحة لأننى من مطبخ العمل، ولكنى أرى أن شيرين نضجت فنيا بشكل كبير، بالمقارنة مع تجربتها الأخيرة فى فيلم «ميدو مشاكل»، وأعتقد أن شخصية «دليلة» أو مسلسل «طريقى» هو التجربة الدرامية الأولى لشيرين، ومن شاهدوا العمل وجدوه مرضيا للغاية، وأكدوا أن شيرين كانت مفاجأة بتقديمها لهذا الدور، وأنها استطاعت دخول قلوب الناس من أول لحظة لتلقائيتها فى الأداء ونضجها الفنى الواضح وردود الأفعال الإيجابية أكثر جدا من السلبية. ∎ منحت الوجوه الشبابية الجديدة مساحة كبيرة ولم نر شخصية البطل المسيطرة على المسلسل فهل كان ذلك مقصودا؟ - أنا لا أستطيع مشاهدة 30 حلقة، حوالى 22 ساعة مع شخصية البطل فقط، وأحرص على أن تكون هناك خطوط أساسية أخرى لها تأثير درامى وتكون جاذبة للمشاهد، وفى الحقيقة قدمت ذلك من أول مسلسل لى فى «خاص جدا»، ثم «شربات لوز»، و«نكدب لو قلنا مابنحبش»، وهذه المسلسلات كانت بطلتها نجمة أساسية كبيرة هى «يسرا»، وبجوارها شخصيات أخرى لها تأثير كبير على الأحداث، وأنا أعشق البطولة الجماعية وأنفذها فى السينما، وأستغلها فى التليفزيون الذى يمكننى من إتاحة مساحة أكبر للشخصيات والأحداث والحواديت. ∎ هل هناك جزء ثانٍ لمسلسل «طريقى»؟ - لا، المسلسل 30 حلقة فقط، ولن يكون له جزء ثانٍ. ∎ ماذا عن اختيار الأغانى القديمة لشادية وحليم، وكيف أضافت كلمات أمير طعيمة للعمل الفنى؟ - اختيارى للأغانى كان فى البناء الدرامى للمسلسل منذ البداية، وفى الحقيقة كان لدىّ إصرار على اختيار كل أغنية من هذه الأغاى حتى تكون مناسبة للأحداث الدرامية للمسلسل، وأن تكون ملائمة للسياق الدرامى. ∎ ألم تقلق من المغامرة باسمك مع مخرج جديد رصيده فيلم واحد وبرنامج خطوات الشيطان مع معز مسعود؟ - بالعكس، أنا محظوظ بالعمل مع وجوه جديدة ليس لها خبرة كبيرة، ولكن لهم تأثير إيجابى جدا، فهذه لعبة محببة جدا إلى قلبى منذ إخراج غادة سليم لمسلسل «خاص جدا» وكان أول عمل لها، والشىء نفسه تكرر مع تيمور وشفيقة إخراج خالد مرعى، كان فيلمه الأول، أنا شفت شاكر وأعجبت به جدا، وأعتقد أنه عندما يكون هناك شخص متميز ومتمكن من مهنته لما تكون أمامه فرصة لعمل أضخم وأكبر يبذل كل طاقته لتقديم أفضل ما لديه، وهذا ما حدث بالفعل مع المخرج محمد شاكر فى «طريقى». ∎ يحيى المنيسى.. تلك الشخصية التى حيرت المشاهدين معها هل هو شيطان أم ملاك.. من رشحها للدور ولماذا؟ - كان ترشيحى مع المنتج لمحمد شاكر، الذى شاهده فى فيلم «باب الشمس» مع المخرج يسرى نصر الله، ورحب جدا بالترشيح، وأعشق شخصية يحيى المنيسى فهى من أكثر الشخصيات التى كتبتها وأحببتها سواء فى السينما أو التليفزيون، فهى غنية بالدراما، فلديه أبعاد مختلفة فهو قاس جدا وحنين جدا، يحب جدا وينتقم جدا، وعنيف جدا، فلديه تناقضات درامية جيدة جدا. ∎ كيف ترى الموسم الرمضانى فى ظل غياب النجوم الكبار «يسرا، إلهام شاهين، ليلى علوى، يحيى الفخرانى»؟ - لم أتمكن من مشاهدة الأعمال الدرامية لهذا الموسم لأننا كنا نصور حتى قبل نهاية رمضان بعدة أيام، ولكن من المؤكد أن هؤلاء النجوم بيوحشونا، ولكن على حسب ما سمعت من أصدقائى، هناك تنوع فى المسلسلات المقدمة، ولكن الجيد وسط هذا الكم قليل جدا. ∎ هل هناك عمل سينمائى تحضر له فى الفترة المقبلة؟ - هناك سيناريو فيلم انتهيت من كتابته بالفعل قبل كتابة مسلسل «طريقى» نستعد لبدء التصوير فيه بعد عيد الفطر، اسم الفيلم «أهل العيب» إخراج هادى الباجورى وإنتاج أحمد السبكى، وبطولة يسرا ومنة شلبى ولم نستقر بعد على باقى الشخصيات.∎
