كشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية، عن وقوع فرنسا ضحية لأكبر عملية تجسس قامت بها ألمانيا عليها لصالح المخابرات الأمريكية، انطلاقا من أكبر مركز للتجسس الإليكترونى لرصد المكالمات والمراسلات فى العالم، فى منطقة «باد أيبلنج» فى بافاريا، الذى أقيم بمساعدة فنية وتقنية وتكنولوجية فرنسية. الصحيفة أكدت أن هذه القضية ستؤثر بشدة على العلاقات بين باريس وبرلين، بعد اقتناع فرنسا، بتعرضها لاختراق واسع من قبل أكبر حلفائها ألمانيا، لصالح الحليف الكبير الذى لا تتقاسم معه فرنسا فى العادة سوى الحدود الدنيا من المعلومات والمصالح الاستخباراتية بشكل عام وذلك منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. وأشارت إلى أن المركز الضخم الذى بدأت ألمانيا إقامته منذ 2004 أصبح أحد أكبر وأهم مراكز التجسس بفضل المساعدات الفنية والتقنية والتكنولوجية التى قدمتها فرنسا، فى إطار التحالف مع ألمانيا. وأضافت إن ألمانيا وفى إطار تعاونها مع الولاياتالمتحدة، لم تتردد فى استعمال وتوظيف المركز، فى اختراق الأسرار الفرنسية، خاصة فى المجالات الدفاعية والأمنية والدبلوماسية والصناعية ووضعها على ذمة الحليف الآخر، الولاياتالمتحدةالأمريكية، بداية من سنة 2005. وذكرت تقارير إعلامية ألمانية، أن وكالة الاستخبارات الوطنية الألمانية تجسست على الحكومة الفرنسية والمفوضية الأوروبية فى بروكسل طوال سنوات بالنيابة عن وكالة الأمن القومى الأمريكية. وأشارت تسريبات من تقرير جهاز المخابرات الألمانى الداخلى - نشرتها صحيفة زود دويتشه تسايتونج، إلى أن الأهداف شملت قصر الرئاسة الفرنسية ومسئولين رفيعى المستوى فى وزارة الخارجية الفرنسية، فضلا عن المفوضية الأوروبية -الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبى. وقالت صحيفة بيلد اعتمادا على وثائق سربت من المخابرات الألمانية: إن مكتب المستشارة أنجيلا ميركل قد أحيط علما عام 2008 بضلوع المخابرات فى نشاطات تجسسية أمريكية إلا أن مكتب المستشارة لم يتحرك. وأضافت التقارير: إن محطة الرصد فى جهاز المخابرات الألمانى تجسست أيضا على الشركات الأوروبية بناء على طلب واشنطن للتحقق مما إذا كانت انتهكت أى حظر تجارى. وقالت زود دويتشه تسايتونج: إن «لب المسألة هو التجسس السياسى على جيران أوروبيين ومؤسسات الاتحاد الأوروبى». ووعد وزير الداخلية الألمانى توماس دى مايزير، وهو من حلفاء ميركل المعتمدين كان قد عمل رئيسا لمكتبها بين عامى 2005 و2009 بتفسير ما جرى للجنة برلمانية تبحث فى ممارسات وكالة الأمن القومى الأمريكية الأسبوع المقبل. ولكن المعارضة اتهمت الحكومة بالكذب لادعائها تحريريا فى 14 من أبريل بأنها كانت تجهل قيام الوكالة الأمريكية بنشاطات تجسسية على شركات صناعية. وكانت ألمانيا قد ردت بغضب عندما كشف موظف الوكالة الأمريكية السابق أدوارد سنودن عن قيامها بنشاطات تجسسية واسعة النطاق فى ألمانيا. وكانت تسريبات سنودن التى كشف فيها قيام وكالة الأمن القومى بالتنصت على هاتف ميركل شخصيا، قد أدت إلى توتر العلاقات بين واشنطن وبرلين. وقالت صحيفة «دير شبيجل» إن جهاز الاستخبارات الألمانى، المتهم بالتجسس على شركات ومؤسسات عامة لحساب وكالة الأمن القومى الأمريكية، «حذف 12 ألف طلب» تتعلق بمسئولين أوروبيين. وأضافت الصحيفة، إن استخبارات بلادها تجسست على مسئولين فى الرئاسة الفرنسية، ووزارة الخارجية الفرنسية، بالإضافة إلى المفوضية الأوروبية من مركزها فى باد آيبلينج فى بافاريا، وذكرت صحيفة بيلد أن هذه العملية شملت أيضا مسئولين نمساويين. ولكن دير شبيجل أوضحت أن أحد عناصر الاستخبارات تعمدت فى أغسطس عام 2013 الاطلاع على طلبات تنصت وجهتها الوكالة الأمريكية إلى الاستخبارات الألمانية، وذلك فى إطار التعاون بينهما لمكافحة الإرهاب اعتبارا من عام 2002 وتابعت الصحيفة: إن هذا العنصر استخرج 12 ألف طلب بينها ما يتعلق ب«عدد معين من المسئولين الكبار فى الدبلوماسية الفرنسية» إضافة إلى أعضاء فى «مؤسسات للاتحاد الأوروبى والعديد من الدول الأوروبية». وأكدت بيلد أن المستشارة الألمانية أبلغت منذ 2008 بالتجسس الاقتصادى الذى تمارسه الوكالة الأمريكية ويطال مجموعات مثل إيرباص، لكنها لم تتحرك لعدم إغضاب واشنطن. وقال وزير الخارجية الألمانى، فرانك فالتر شتاينماير، إنه يجب على الحكومة الألمانية تقديم توضيح سريع لاتهامات وجهت لوكالة المخابرات الخارجية الألمانية بمساعدة الولاياتالمتحدة فى التجسس على مسئولين حكوميين وشركات فى أوروبا منها مجموعة إيرباص. ووفقا لصحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، طالب لوران فابيوس، الحكومة الأمريكية بتقديم توضيحات حول الأمر، قائلاً «إن مثل هذه الممارسات بين الشركاء والتى تشكل تعديًا على الحياة الشخصية ليست مقبولة». ومن جانبه علق وزير الداخلية الفرنسى، برنار كازنوف، قائلاً «إن مسألة تجسس البلدان صديقة أو الحليفة على دولتنا أو أى دولة أوروبية أخرى أمر غير مقبول». وأعلنت الحكومة البلجيكية أنها فتحت تحقيقا حول قيام أجهزة الاستخبارات الألمانية لسنوات بالتجسس على دول أوروبية. وأعلن وزير العدل أن التحقيق فتح لمعرفة «لأى حد كانت بلجيكا تتعرض للتجسس»، فيما أشار وزير الاتصالات إلى أنه سيكون على ألمانيا تقديم توضيحات إذا تأكدت هذه المعلومات. وفتحت السلطات البلجيكية تحقيقا بعد ورود معلومات حول قيام أجهزة الاستخبارات الألمانية طيلة سنوات بتسجيل بيانات عن عدة دول أوروبية، بحسب أعضاء فى الحكومة. ∎