«عودة «السديريين» إلى صدارة المشهد السياسى فى المملكة العربية السعودية». هكذا قرأت تقارير غربية القرارات التى اتخذها العاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز، بتعيين الأمير محمد بن نايف وليًا للعهد بدلاً من أخيه الأمير مقرن بن عبدالعزيز، ونجله محمد بن سلمان وليًا لولى العهد.«والسديريون» هو مصطلح يطلق على سبعة من أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود من زوجته حصة بنت أحمد السديرى وهم المرحومون الملك فهد والأمير سلطان والأمير نايف، ثم الملك سلمان نفسه والأمير عبدالرحمن والأمير تركى والأمير أحمد. فبعد أقل من أربعة أشهر من ارتقائه عرش المملكة يبدو أن الملك السعودى أراد أن يعيد «دولة السديريين»، وإذا كان هو ثانى ملك سديرى، فقد جعل ولى عهده الأمير محمد بن نايف حفيد الأميرة حصة سديريًا، وكذلك ولى ولى العهد. ولم يتول الأمير مقرن منصب ولى العهد سوى بضعة أسابيع، حيث تم تعيينه فى 23 يناير الماضى، ليكون أقصر أولياء العهود مكوثا فى مناصبهم. صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية رأت أن «تمكين السديريين» يستهدف من ناحية أخرى تطهير النظام الملكى مما يمكن اعتباره «فلول الملك الراحل عبدالله» أو بتعبير أدق رجاله الأكثر ولاءً له. وقال التقرير إن هذه التحركات ليست مفاجئة، فمنذ بداية حكم سلمان وهو يقوم بعدة تعديلات غير متوقعة حتى إنه كان من المتوقع تعيين محمد بن سلمان وليا لولى العهد، وذلك بسبب مهاراته الدبلوماسية والخبرة فى محاربة الإرهاب، والتى اكتسبها فى العديد من الدورات فى أكاديمية مكتب التحقيقات الفدرالى «FBI». التقرير يكشف أن تعديلات الملك سلمان وإبعاد الموالين لعبدالله تعزز الفرع السديرى فى العائلة الحاكمة، ومنها محمد بن نايف وهو جزء من تصفية الحسابات مع الملك عبد الله، الذى شهد انحسار نفوذ الأمراء السديريين السبعة، وهو مسمى يطلق على سبعة من أبناء الملك عبد العزيز آل سعود من زوجته حصة بنت أحمد السديرى وهى واحدة من 10 زوجات له. والمفاجأة الوحيدة فى التعديلات تعيين عادل الجبير وزيرا للخارجية خلفا لسعود الفيصل، الذى صمم ونفذ السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية على مدى أربعة عقود، ولكن الفيصل (75 عاما) مصاب بمرض الشلل الرعاش، والجبير هو أول وزير للخارجية السعودية ليس عضوا فى العائلة المالكة. ورأى محللون أنها سابقة مشئومة، وأن تلك التعديلات يمكن أن تضر ابنه فى المستقبل كما قال مايكل ستيفنز، رئيس المعهد الملكى، فيما قال آخرون إن الخط الجديد للخلافة يركز بوضوح سلطة الدولة فى يد الملك سلمان على حساب الفروع الأخرى للعائلة، وكل الأسماء التى تم تصعيدها تشترك فى دعم المواجهة فى المنطقة التى أدت إلى أن تصبح المملكة العربية السعودية تنتهج سياسة خارجية أكثر تدخلية فى القضايا الساخنة وبشكل علنى، حيث إنه فى السنوات الأربع الماضية، تكافح المملكة للتعامل مع الاضطرابات السياسية فى المنطقة التى زادت من الصراعات بين الأغلبية السنية والأقلية الشيعية. ورأى تقرير لراديو آن بى أر الأمريكى أن تلك التغييرات تعكس تداعيات الحرب فى اليمن، حيث إن معظم التعيينات الجديدة من الشباب وذلك فى ظل تغيرات جيوسياسية كبيرة فى المنطقة، خصوصا مع احتدام المواجهة مع إيران وتقارب هذه الأخيرة مع الولاياتالمتحدة. وتسعى المملكة منذ وصول الملك سلمان إلى الحكم للظهور بمظهر القوة والحزم، وقد تجلى ذلك خصوصا فى الحرب التى أعلنتها على الحوثيين فى اليمن والتى قالت بوضوح إن من أهدافها التصدى للنفوذ الإيرانى فى اليمن. وقاد الأمير محمد بن سلمان هذه الحرب بصفته وزيرا للدفاع، وقد لمع نجمه بشكل كبير منذ انطلاق «عاصفة الحزم»، أما عادل الجبير، فهو الذى أدار حملة العلاقات العامة للمملكة فى الولاياتالمتحدة مع إطلاق هذه الحرب، والجبير هو الذى أعلن من واشنطن بدء ضربات التحالف العربى بقيادة السعودية، وهو إعلان فاجأ العالم. واتخذ الملك سلمان عدة إجراءات للتهدئة منها زيارته أخيه الأمير مقرن فى قصره بالرياض، كما زار الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان بدورهما الأمير مقرن، فى حين انتقد الأمير طلال بن عبدالعزيز القرارات التى صدرت من المملكة ووصفها بأنها قرارات ارتجالية لا تتفق مع الشريعة الإسلامية ولا أنظمة الدولة.