مسئولو وزارة الآثار يعتبرون القضية «لعب عيال» وهم ليسوا مهتمين أو معنيين بالتدخل ووقفها.. القضية أن مواقع أمريكية تداوم على استغلال اللوحات والرسومات الفرعونية بما يصل فى أغلب الأحيان إلى ابتذال أول حضارة عرفتها البشرية، ودون أى مراعاة أو التزام بحقوق الملكية الفكرية، وهنا وصل هذا الاستغلال مدى كنا نتصور أن يحرك السكون الرهيب فى وزارة الآثار، لكن ذلك لم يحدث وأغلب الظن أنه لن يحدث.. حد الاستهزاء بالمصريين بلغ أن طالبا يدعى «جون لين» استغل أنه على علم بالتاريخ المصرى، فأدخل شخصيات ال «كاوبوى» على رسوم ذات طبيعة فرعونية، إمعانا فى التطاول، ليس هذا فحسب، بل إن الإيحاءات الجنسية دخلت بدورها على الخط. رغم انتشار الرسومات منذ سبتمبر الماضى فإن الوزارة لم تحرك ساكنا، ما جعل موقع بيع أمريكى شهير يدعى بازاركو «bza.co» يعرضها مؤخرا وينشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعى بشكل ساخر.. سابقا.. اعتبرت الوزارة واقعة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى لتمثال شامبليون بجامعة فرنسية يضع قدمه فوق رأس ملك فرعونى استهزاءً بالتراث والتاريخ الفرعونى. رسومات جوش وتجاهل المسئولين روجا بشكل واسع لانتهاك الحضارة الفرعونية؛ لتظهر الفراعنة فى بعض الرسومات على هيئة الحشرات وتارة العبيد وتارة أخرى الحيوانات وتارة فى إيحاءات جنسية بذيئة كلوحة سخر راسمها من فكرة الموت والحياة الأخرى للإلهة ماعت وهى تزن الأعمال للمتوفى بعد الموت. الموقع نشر العديد من الرسومات لتسخر إحداها من الملك العقرب أو «نعر مر»، وهو يضرب الأسرى حيث تم تشويهها لتكون الصورة معكوسة، بحيث إن الملك المصرى هو الأفريقى الزنجى الأصل، وأن الأسير هو الأبيض، وهذا عكس الصورة الحقيقية، كذلك صورة النينجا تسخر من موسم الحصاد وتقديم القرابين للآلهة وضعوا بدلا منها صورًا لسلاحف النينجا بدلا من الفلاحين والبيتزا وصورة للثعلب بدلا من الملك. الهوس بالحضارة الفرعونية ألهم المبرمجين ومطورى البرامج الإلكترونية فابتكروا ألعابًا تعتمد على الحضارة الفرعونية بصور وأشكال عدة دون الرجوع لمسئولى الآثار بمصر وفقا لقوانين حقوق الملكية الفكرية فخرجت ألعاب مثل Zuma- luxor - Scarabeus Marbles of the Pharaoh وغيرها العشرات من الألعاب بعضها يرسل رسائل سلبية عن الحضارة الفرعونية كأن يظهرهم وحوشًا وسارقين وأخرى تحتقرهم كأنهم حيوانات. ولعل من أقدم هذه الألعاب هى لعبة تومب رايدر Tomb Raider وهى لعبة فيديو مغامرات طُوّرت من قبل كور ديزاين ونشرتها إيدوس إنترأكتيف صدرت عام ,1996 وجرى تطويرها ليكون آخر إصدار منها عام 2015 ولعبة فرعون كليوباترا من إصدار عام 1999 لشركة «Sierra entertainment»، وهى لعبة بناء مدينة فى تاريخ مصر القديمة من نوع بناء وإدارة المستوطنات والمدن فى مصر القديمة، وهى الأولى من نوعها فى سلسلة بناء المدينة واستكملت اللعبة بإصدار آخر وهو «كليوباترا ملكة النيل» و«مدن خالدة: أطفال النيل». المادة «2» من قانون حماية الحقوق الملكية والفكرية كفلت حماية المصنفات الداخلية فى فنون الرسم والتصوير بالخطوط أو الألوان والحفر والنحت والخزف والعمارة وتطابقت مع ذلك الفقرة «9» فى المادة «140» من القانون 82 لسنة 2002 الخاص بحقوق الملكية الفكرية، وتنص على حماية مصنفات الرسم بالخطوط أو الألوان والنحت والطباعة على الحجر وعلى الأقمشة وأى مصنفات مماثلة فى مجال الفنون الجميلة. المادة تنص على أنه فيما عدا الأغراض العلمية والدراسية واستخدامات الجهات الحكومية والهيئات العامة لا يجوز بغير إذن خاص من المجلس الأعلى للآثار استغلال صور القطع الأثرية أو الآثار بصفة عامة فى مجال الاستغلال التجارى والإعلانات التى تهدف للترويج عن منتجات أو سلع أو خدمات سواء كان ذلك عن طريق ملصقات أو مطبوعات أو تصوير فوتوغرافى أو ضوئى أو سينمائى أو من خلال مواقع إلكترونية أو بأى وسيلة أخرى من وسائل الدعاية أو الإعلان أو ما يماثلها، وذلك للأغراض التجارية البحتة. ورغم أن بنود اتفاقية اليونسكو نصت بشكل صريح على حماية التراث غير المادى للدولة الموقعة عليها، فإن أيا من هذه الدول لا تلتزم بها. سامح الزهار، باحث أثرى قال: إن مصالح عدة دول تجمعت على ألا تلتزم بالاتفاقية وإن وقع ضرر أدبى أو مادى أو معنوى على دولة ما فيتعين تكاتف جميع الدول الموقعة على الاتفاقية مثل أرباب الحضارة الفينيقية أو الآشورية أو الإغريقية وغيرها إما للانسحاب من الاتفاقية أو تعديل بنودها بحيث يضمن حق الانتفاع الأدبى من تراث الدول الأخرى. المادة الثانية من اتفاقية اليونسكو لحماية التراث غير المادى التى وقعت فى أكتوبر 3002 نصت على أن التراث الثقافى غير المادى هو كل الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات - وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية التى تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافى. ولا يؤخذ فى الحسبان لأغراض هذه الاتفاقية سوى التراث الثقافى غير المادى الذى يتفق مع الصكوك الدولية القائمة المتعلقة بحقوق الإنسان، ومع مقتضيات الاحترام المتبادل بين الجماعات والمجموعات والأفراد والتنمية المستدامة ويتجلى فى التقاليد وأشكال التعبير الشفهى، بما فى ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافى غير المادى، وفنون وتقاليد أداء العروض والممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات، المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية. ويقصد بعبارة «الصون» التدابير الرامية إلى ضمان استدامة التراث الثقافى غير المادى، بما فى ذلك تحديد هذا التراث وتوثيقه وإجراء البحوث بشأنه والمحافظة عليه وحمايته وتعزيزه وإبرازه ونقله، لاسيما عن طريق التعليم النظامى وغير النظامى، وإحياء مختلف جوانب هذا التراث. النقابة العامة المستقلة للعاملين بالآثار نددت مرارا بانتهاك الحضارة الفرعونية الصارخ وخاطبت الوزارة بشكل رسمى مرات عديدة؛ لكن المسئولين بالوزارة لم يردوا. وقال عمر الحضرى، الأمين العام للنقابة: إنه من حق مصر مطالبة أى دولة بسرعة تسليم الآثار المعلن عنها، وهى الوحيدة التى تمتلك سلطة استغلال وحيازة هذا الأثر وفى حالة عدم الاستجابة فهناك عدة وسائل من حق مصر، وهى اللجوء للقضاء الدولى أو التحكيم أو الوساطة أو تشكيل لجنة لتوفيق الأوضاع طبقاً لقواعد الأممالمتحدة «أونى ستيرال» الخاصة بتوفيق وحل المنازعات بين الدول بالطرق السلمية. يكفى أن نعلم أن الصين تبيع فى مصر فقط ملايين القطع الأثرية المقلدة بخلاف ما تبيعه فى العالم كله، لملوك فراعنة بملامح مشوهة تقترب من الملامح الآسيوية على مرأى ومسمع من الوزارة ولا تستطيع الدولة حتى اتخاذ إجراء بوقف استيرادها واستبدالها بالتصنيع المحلى بورش صغيرة توفر الآلاف من فرص العمل وتشغيل أيدٍ ماهرة بدلا من الصين التى تصنعها بقوالب لتوفير كمية كبيرة من الإنتاج. حماية حقوق الملكية الفكرية توفر على الدولة مليارات الجنيهات، هذا بخلاف الصور الموجودة لآثارنا فى كل دول العالم، فالأقصر وهى تملك ثلث آثار العالم من حق أى شخص أن يصور بها ما يريد ثم يبيعه وتطبع منه ملايين النسخ حول العالم وتحقق مبيعات خيالية دون أن يكون لمصر نصيب فى أى ربح. ليس هذا فحسب بل يكفى أن نعلم أن زوار مدينة «الأقصر المقلدة» بمدينة لاس فيجاس الأمريكية يصلون إلى 36 مليونًا بينما لانرى سوى 6 ملايين سنويا فى المدينة الأصلية فى مصر. خاطبنا وزارة الآثار للرد بشكل رسمى على استمرار انتهاكات مواقع أمريكية بشأن الحضارة الفرعونية واستغلالها فى الترويج والدعاية المادية لمنتجات تقنية ومادية وغيرها لكن الوزارة أجابت بأنه لا علاقة لها بالأمر ولا يعنيها، وأن الأمر لا يتعدى كونه مجموعة رسوم وألعاب من هواة التكنولوجيا، وقال د.عمر أبوزيد معاون الوزير: إن قوانين حماية الملكية الفكرية تطبق داخل مصرلأنها قوانين محلية، والسؤال: لماذا لم تسع الوزارة لتطبيق قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الدولى وإن كانت مصر قد وقعت على اتفاقية اليونسكو التى تضمن ذلك فلم تستخدمها الوزارة بشأن المطالبة بحقوقها المنتهكة. وزارة الآثار أكدت مرارا قلة ميزانيتها وضعف الإيرادات للارتداد الذى يشهده مجال السياحة عقب ثورة 25 يناير، موقع «Bza.co» وغيره العشرات تستخدم الآثار فى أغراض سيئة فى غياب دور الحكومة متمثلة فى وزارة الآثار كوزارة من البحث عن تشريع يجرم التعدى على الملكية الفكرية للآثار. الأمين العامة للنقابة يؤكد أن التعدى من قبل موقع «بازاركو» يتمثل فى تشويه الآثار والتاريخ عن طريق تغيير ملامح النقش بشخصيات كرتونية إلى حيوانات والبعض بشخصيات آدمية تنتسب لجنس ذى ملامح غربية مثل «عائلة سمبسونز» كارتون أمريكى شهير وسلاحف النينجا وغيرها فى إشاره إلى أن الآثار ليست مصرية. واتهم جهات يهودية بالمحاولات الحثيثة والمستمرة فى تهويد الآثار وتزوير التاريخ لزرعهم لهذه الأفكار داخل عقول الأطفال بوضع هذه الملامح المقصودة فيتربى جيل كامل على عدم احترام الحضارة والتاريخ الفرعونى كنوع من تشويه الحقائق وتضليل العامة، وهو أيضا يحقق ربحًا ماديًا بتجارته بهذه الآثار والنقوش بأرقام كبيرة وضخمة كان لزاما أن تستغلها الدولة لحماية مصادر دخلها وتسخرها لصالح الشعب باستثمار قانون الملكية الفكرية أو أن تقوم الدولة بعمل مشروعات تصبح مصدر دخل للوزارة التى تعانى من ديون تصل إلى أكثر من مليار جنيه. وقال: «نفترض أن الأمر كان معكوسا ليستغل مطورو ألعاب أو فنانون مصريون رموزا أمريكية شهيرة فى رسوم ساخرة أو طرفا من لعبة فيديو»، الحضرى اقترح أن تشرف الوزارة على إنتاج المستنسخات والألعاب حتى لا يتم تغيير مفاهيم أساسية عن الآثار والتاريخ. مطورو برامج وألعاب الفيديو وكذلك منتجى مستنسخات الحضارة الفرعونية يستغلونها لجاذبية هذه الفترة التاريخية وأهميتها وغموضها كنوع من التسويق.∎