بالرغم من كل ما يحدث فى ليبيا وإلى الآن وفى خضم الأحداث الدموية الأخيرة التى راح ضحيتها عشرون مواطنا مصرياً فإن المصريين مازالوا يبحثون عن السفر إلى ليبيا!! وهذا ما يدعو إلى التساؤل هل السفر إلى ليبيا ناتج عن جهل المصريين بما يحدث فى الأراضى الليبية أم أن هناك شركات طيران وسفريات التى تسهل لهم السفر عن طريق بعض دول الجوار أم أنه نتاج لقرارات سيادية بمنع السفر لم تُفعل على أرض الواقع؟ بعض سماسرة الهجرة قالوا لنا: «نحن نرغب فى عودة المصريين، نحن لسنا سماسرة موت مثل المهربين فى البحر لأوروبا». إن ما حدث ويحدث فى ليبيا هذه الأيام ليس وليد الصدفة ولا نتاج الأيام القليلة الماضية، الأمر على هذا الحال منذ سقوط عرش القذافى فى فبراير 2011 وما تلاها من تمكن الجماعات الإسلامية من الأرض فى ليبيا التى خرج من رحمها مؤخرا ما سمى «داعش ليبيا»، ولكن الفصيل الأشهر والأول فى التكوين فى ليبيا هو «فجر ليبيا» المتكون فى طرابلس ومصراتة منذ الأيام الأولى لضربات الناتو لإسقاط القذافى. الطبيعى فى ليبيا منذ ثورتها المزعومة أنه لا أمان لأحد فيها حتى الليبيون أنفسهم لا يوجد ضامن لأمانهم والكل مهدد على أراضيها، ولا ننسى اقتحام السفارة الأمريكية وقتل السفير الأمريكى، وبالتالى فإن المصريين نالهم ما نال غيرهم من تنكيل وبطش من الميليشيات المتنازعة فى ليبيا. ورغم التحذيرات الأمنية شديدة اللهجة التى وجهت خلال الأيام الأخيرة وأن شركات السياحة كانت ومازالت تعمل على النصب على المواطنين على غرار شركات «غدامس والبراق» صاحبة رحلات نوفمبر 2014 التى تم احتجازهم فى قاعدة معتيقة الجوية وتعذيبهم والاستيلاء على متعلقاتهم الشخصية والمالية وترحيلهم بعد إلغاء تأشيراتهم جميعا وكانوا 200 فرد على متن أربع رحلات فى نفس اليوم، فقد قمنا باستخراج تذكرة سفر إلى ليبيا باسم المحرر للسفر 19 فبراير 2015 من مطار إسكندرية إلى مطار طرابلس «معتيقة» والعودة يوم 3 مارس 2015 عن طريق اسطنبولتركيا، على متن الخطوط الجوية الليبية وهذا إن دل على شىء فيدل على استمرار نصب شركات الطيران شباكها على المصريين البسطاء الذين يجهلون بالقوانين والمنشورات ويسعون وراء لقمة العيش فى ليبيا التى تعودوا السفر لها منذ سنوات طويلة ويملكون بها ما لا يملكونه فى بلدهم مصر من سيارات وسكن وورش عمل أو مصانع تصنيع يدوى صغيرة. «أحمد العربى» صاحب شركة سياحة وصاحب آخر رحلات السياحة التى كانت تقل المصريين الذين تم اختطافهم الثلاثاء الماضى من شارع الشوك قال إن السفر إلى ليبيا يتم منذ بدايات يناير الماضى عن طريق موافقات أمنية تأتى من الجوازات الليبية والمطار الذى يستقبل رحلات المصريين المذكورة أسماؤهم فى الكشوف التى يوقعون عليها ويتم ختمها بالأختام المعمول بها فى الخارجية والجوازات، فكيف لهم بعد أن يسمحوا لهم بالسفر طبقاً لشروطهم واحتياطات الأمن أن يتركوهم فريسة للميليشيات المتنازعة فى ليبيا. ويؤكد «العربى» أنه من خلال عمله تأكد له أن جماعات «فجر ليبيا» هى المتحكم فى المنافذ الجوية فى ليبيا خاصة طرابلس ومصراتة. صباح يوم الخميس الماضى صدر مرسوم وصل لشركات الطيران بعدم الحجز «مجددا» لليبيا، علماً بأن رحلتنا التى كانت ستقوم فى نفس اليوم الخميس الساعة السابعة والنصف مساء لم يتم إبلاغ المواطنين المسافرين على متنها بإلغاء الحجز، الأمر الذى يُعيد للأذهان ما كان قد حدث مع رحلات أكتوبر من العام الماضى حينما قامت أربع رحلات مصرية على طائرات «غدامس والبراق» من مطار برج العرب بالإسكندرية ووصلت إلى قاعدة معتيقة الجوية وتم اختطافهم وتعذيبهم لمدة ثلاثة أيام وبعدها تم ترحيلهم إلى مصر مرة أخرى وحينما عادوا واجهتهم شركات الطيران أن لديهم منشورا بعدم السفر بنفس تاريخ يوم رحلتهم. «هانى موسى» مصرى مقيم فى ليبيا منذ سنوات ومتواجد فى مصر منذ أقل من شهر قال لنا إنه عائد لمصر عن طريق «تركيا» منتصف شهر يناير الماضى وأخى سافر إلى ليبيا قبل عودتى بأسبوع واحد وكان سفره عن طريق مطار «برج العرب» والهبوط فى مطار «معتيقة» ومكث فى مطار معتيقة خمسة أيام محتجزًا هو ومن معه من مصريين وبعدها تم الكشف عن إقاماتهم وبعد تأكد سلامة إقامته تم أخذ متعلقاته الشخصية والأموال وسمحوا له بدخول البلد. هناك طريق آخر للسفر إلى «ليبيا» وهو السفر إلى تونس ومن تونس نسلك طريقنا عن طريق منفذ «رأس سدير» والدخول إلى «زوارة»، أو عن طريق السفر من القاهرة إلى السودان ومن السودان إلى «مطار معتيقة» فى ليبيا. ويؤكد هانى أن أغلب رحلات العودة منذ أواخر العام الماضى تتم عن طريق ترانزيت فى تركيا. «أحمد ربيع» شاب من شباب محافظة «المنيا» العائدين من «ليبيا» أواخر العام الماضى قال: إن طريق السفر إلى ليبيا من الصعيد يتم عن طريق السفر البرى من «الجبل الغربى» فى المنيا والوصول إلى السلوم ومنها إلى الحدود. إننا جميعاً نعلم أن كل ما يحدث على الحدود مع ليبيا يتم بمعرفة «أولاد على» ولكنهم ليسوا فى الصورة فى هذه العمليات بالتحديد، وتتم عمليات التهريب بتجميع الراغبين بالسفر من محافظات الصعيد كلها فى الجبل الغربى لمحافظة المنيا وبالتحديد خلف منطقة «القريوات» فى بطن الجبل ومن بعدها تبدأ الرحلة، التى تتكلف حوالى من 18 إلى عشرين ألف جنيه للفرد، وتتم عن طريق كتائب «الزنتان» المتحكمة فى معظم المنافذ الحدودية فى ليبيا منذ سقوط القذافى. 24 ساعة من التعذيب والإهانة والتهديد بالاستخدام كدروع بشرية.. هكذا يبدأ «حمادة يوسف» ابن عم أحد المصريين المخطوفين يوم الثلاثاء الماضى من شارع «الشوك» بطرابلس الذى تم اختطافهم عن طريق «فجر ليبيا» والتحفظ عليهم فى معسكر «الكيكلية» بمدينة أبو سليم بالعاصمة طرابلس كلامه قائلاً: ابن عمى ومن معه كانوا على متن الرحلة المتوجهة لليبيا من مطار برج العرب بالإسكندرية يوم 12يناير الماضى فى رحلة الرابعة مساء وكان معه من قريتنا 22 آخرون، وكانت الرحلة ستهبط بهم فى مطار «معتيقة» أو قاعدة «معتيقة» الحربية التى تم اللجوء إليها لاستقبال الرحلات بعد تدمير مطار «طرابلس الدولى» من قبل الميليشيات المسلحة. قريتنا الصغيرة بالفيوم وهى قرية «منيا الحيط» كان لها من ضمن المخطوفين ما يتجاوز 75 فردًا من أبناء القرية وكان عدد المخطوفين فجر الثلاثاء الماضى يفوق المائة فرد كلهم من سكان «شارع الشوك» بسوق طرابلس، هذا الشارع يوجد به تقريبا 200 عمارة سكنية كلها يسكنها المصريون وكل غرفة بها فوق الخمسة أفراد، وأن الخاطفين قاموا باقتحام السكن على المصريين وهم نيام واصطحبوهم إلى معسكر «الكيكلية» وهناك قاموا بتعذيبهم بدنيا ونفسياً وإهانتهم وإهانة الحكومة المصرية وهددوهم أنهم سيجعلونهم الدروع البشرية ضد ضربات «السفاح السيسى» كما أسماه المختطفون. لكنهم أطلقوا سراحهم وهم معصوبو الأعين بالقرب من مكان سكنهم بعد أن تم أخذ كل متعلقاتهم من تليفونات وأموال وسيارات وغيرها. «أحمد وجيه» أحد المصريين الموجودين بليبيا الآن وكان ضمن المخطوفين يوم الثلاثاء يقول: أثناء تفتيشنا كانت الجملة الأشهر على لسان أحدهم «وينه السيسى تبعكم ييجى ينقذكم». نتواجد فى ليبيا منذ سنوات لكننا بالفعل هذه الأيام لا نعلم من يحكم ليبيا وكلنا حزن لما نتعرض له يومياً وبشكل مستمر، ولكن مع مطالباتنا للحكومة المصرية بالتحرك الدبلوماسى للحل. الوضع فى ليبيا أصبح كارثيًا ففجر ليبيا يتحرك بحرية تامة فى العاصمة «طرابلس ومدينة مصراتة» وقبائل الزنتان تتحكم فى أماكن نفوذها وقوات اللواء حفتر تتحكم فى أماكن نفوذها وداعش لا يعلم أحد أماكن نفوذهم إلا بعد ارتكابهم للمذابح وترك آثار الدماء والخراب من خلفهم. ونعود لبدايات اضطهاد المصريين خاصة المسيحيين، وصوله لذروته منذ بدايات 2013 على أثر زيارة رئيس الوزراء الإخوانى المعزول «هشام قنديل» حينما صرح «أن لمصر أحقية فى أراضى ليبيا ونفطها خاصة إقليم برقة شرق ليبيا» هذا التصريح الذى أشعل الموقف الدبلوماسى والشعبى فى ليبيا حتى جاء الحل على لسان اللجان الإلكترونية الإخوانية «أن غضب الحكومة الليبية ناتج عن إرسال الكنيسة المصرية جماعات تبشيرية للأراضى الليبية» الأمر الذى روج له الإعلام المصرى والليبى آنذاك، ومن هنا بدأت الحكاية ضد المسيحيين المصريين.∎