منطق مجتمعنا الشرقى يكشف عن أن مفهوم الجنس يرجع لعلاقة الرجل الحميمية بالزوجة من طرف واحد، مما جعلها فى نظر البعض محاولة للاغتصاب الزوجى وبما لا يخالف الشرع، وذلك بإجبار المرأة على العلاقة دون رضاها أو مراعاة ظروفها النفسية أو الصحية، حتى لو وصلت للتهديد أو الضرب أو الإهانة أو الحرمان أو الطرد من المنزل، اعتمادا على مفاهيم وتقاليد تمنح الرجل كل السلطات فى حياة زوجته الجنسية، بينما كشفت دراسات حديثة عن أن 80٪ من حالات الطلاق تكون فيها قدرة الرجل الجنسية العالية سببا أساسيا فى الخلافات الزوجية، وتنتهى نسبة عالية منها بالطلاق التى وصلت فى عام 2014 إلى 18 ألف حالة خلع أو طلاق، بسبب المعاملة شبه الحيوانية فى إشباع الرجل جنسيا. لمياء لطفى - مدير برنامج «مساواة دون تحفظ» بمؤسسة المرأة الجديدة - أكدت أن تعريف الاغتصاب ينص على «مواقعة الأنثى بغير رضاها»، ووفقا لما هو سائد فى العرف والقانون أن هذا الرجل الذى يواقع الأنثى ويغتصبها هو دائما غريب، ولم يتطرق أحد على الإطلاق إلى أن هناك اغتصابا يمارسه الزوج عندما يجبر الزوجة على ممارسة الجنس معها قسرا، أو حتى تحت تهديد من ضرب أو إهانة أو غيرهما من الوسائل. وأضافت: إن العرف والعادات والتقاليد لا تعترف بشىء اسمه اغتصاب زوجى لأنه وفقا لعقد الزواج يتحول جسد الزوجة إلى ملكية خاصة للرجل يمارس معها الجنس وقتما شاء سواء كانت حزينة أو فرحة أو مريضة، فهى ليس لها الحق فى الاختيار، بل ساهم فى تكريس هذه الصورة الذهنية الخطاب الدينى المعتمد على تفسير أحاديث نبوية مثل «أيما امرأة باتت وزوجها غضبان إلا لعنتها الملائكة». وأشارت الباحثة إلى أنه لا توجد مادة فى قانون الأحوال الشخصية أو العقوبات تنص على عقوبة للاغتصاب الزوجى، فهو غير معترف به أصلا، والحالة الوحيدة التى تعتبر فيها مخالفة قانونية هى أن القانون المصرى يعاقب الزوج فيما يتعلق بعلاقته الجنسية بزوجته وهى حالة «مواقعة الزوجة من الخلف»، والقانون يعتبر هذه الحال هتك عرض وليس اغتصابا أيضا، وتكون عقوبتها أقل، ومع ذلك لا تجرؤ النساء، أن يذهبن للمحكمة وتشتكى بخصوص هذه الواقعة لعوامل كثيرة منها الحفاظ على شكل الأسرة وحتى لا تسىء للأولاد، وتضطر وقتها إلى اللجوء للطلاق أو الخلع، ويكون هو الحل للانتهاء من هذا الجحيم. ولا تتوقع الباحثة إدراج مصطلح «الاغتصاب الزوجى» فى قانون الأحوال الشخصية أو حتى القانون الذى يعد الآن لمناهضة أشكال العنف ضد المرأة أو الاستراتيجية الوطنية الشاملة لمناهضة العنف ضد النساء. وترى الدكتورة نهاد أبوالقمصان، رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة - أن حالات الطلاق فى قانون الأحوال الشخصية تكون لعدة أسباب منها عدم الإنفاق والعجز الجنسى (العلة)، والمرض المعدى، والسفر لمدة طويلة، والغيبة وألا يكون معلوما مكان الزوج، «الضرر»، وهو السبب ذو المصطلح الأوسع الذى يدخل فيه جميع أشكال العنف من الرجال تجاه زوجاتهن من إهانة وإيذاء، وهى أيضا متروكة للقاضى لتقدير هذا الضرر، فالقاضى قد يعتبر أن الشتائم الذى يوجهها الزوج لزوجته فى حالة انتمائها لطبقة اجتماعية ومستوى تعليمى مرتفع أنه يمثل إهانة وضررا، ولا يقدر القاضى نفس الضرر فى حال سيدة أخرى «غير متعلمة» لزوج أيضا غير متعلم، فيرى أن هذه الشرائح الاجتماعية تتعامل بألفاظ معينة. وتعتبر أبوالقمصان أن الاغتصاب الزوجى «كمصطلح» غير موجود فى أى قانون مصرى، بل إنه من الصعب إثباته سواء فيما يتعلق بالمصطلح وقواعد الإثبات، والحل هو تعيين عسكرى لتنظيم العلاقة الجنسية داخل حجرة النوم بقوانين تعاقب الزوج الذى يجبر الزوجة على ممارسة العلاقة الحميمية رغما عنها، مؤكدة أن الزوج الذى يفعل ذلك هو رجل أصلا «مابيفهمش» فى الجواز وراجل غبى، ولكن الحل هو وجود نساء مستقلات لا يتم استغلال جهلهن بحقوقهن. وتقول إيمان مندور - عضو مركز قضايا المرأة المصرية: إن إجبار الزوجة على ممارسة العلاقة الجنسية بغير رضاها هو اغتصاب، ولكن القانون لا يعترف ولا يحمى النساء فى ذلك، فلو أن الزوجين منفصلان ليس رسميا، وكانت الزوجة تعيش عند أهلها ولا يسأل عنها الزوج ولا ينفق عليها ولا يراعى أطفاله ولكن مازال زوجا لها بحكم القانون، فإنه من الممكن أن يذهب ذلك الزوج فى عقر دار أهلها ويمارس معها الجنس بالقوة، أى يغتصبها لدى أهلها تحت شعار أنه يمارس حقوقه الشرعية.. فمازالت زوجته وفقا للقانون! فهل يعقل ذلك؟! وقالت انتصار السعيد، مدير مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان: بالنسبة لمفهوم الاغتصاب الزوجى هو إكراه الزوج للزوجة على ممارسة العلاقة الجنسية من دون رغبة منها فى ذلك، وبشكل يتم فيه استخدام العنف أو التهديد. وبمعنى آخر هو سلوك منتهج ضمن علاقة معاشرة يتسبّب فى حدوث ضرر جسدى أو جنسى أو نفسى، بما فى ذلك الاعتداء الجسدى والعلاقات الجنسية القسرية، وأن أهم الأسباب المؤدية للاغتصاب الزوجى هى نظرة المجتمع الذكورية للنساء فى ظل وجود فهم خاطئ للدين وللعادات والتقاليد، فهو لا يعترف إلا بالاحتياجات الجنسية للرجل، بينما يرى أن المرأة ليس لديها الحق فى التعبير عن احتياجاتها. أما عن رأى الدين فيقول الشيخ محمد عبد الله نصر - مؤسس ائتلاف أزهريون مع الدولة المدنية: إن النتائج التى توصلت لها الدراسة أدى للوصول إليها نتيجة للكوارث الموجودة فى الفقه والأحاديث التى أسات للإسلام ولمفهوم العلاقة الزوجية الصحيحة، فهناك أكثر من 30 حديثا عن مسلم والبخارى والصحاح والترمذى تكرس للعنف ضد المرأة رغم تكريم الإسلام لها، مشددا فى بداية كلامه على أن الزواج دون علاقة روحية هو «زنى»، موضحا أن الله قال فى كتابه تعالى «ومِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ». مفسرا أن مفهوم الزواج فى الآية القرآنية يقوم على أنه من آياته، والآية تعنى الدليل والعلامة، أى أن من علامات عظمة الله وقدرته خلق المرأة والرجل من نفس واحدة، وأن العلاقة الزوجية فيما بينهم هى علاقة انسجام وتوافق روحى، وأن شرط الزواج أن يكون الزوج لزوجته كالمغناطيس والحديد، وعن السبب فى الزواج هو جعله الله ليكون فيه السكن والهدوء والطمأنينة، فى مودة ورحمة ولم يقل الله «حب» لأنه من أعمال القلب سريع التقلب من الكراهية للحب، أى أن الله عز وجل أسس فى هذه الآية الكريمة شروط الزواج الصحيح. أما الفضيحة الكبرى فى مفهوم الزواج فهى ما جاءت به كتب الفقة والتراث الإسلامى التى يدرسها الأزهر فى مناهجه والتى تنص صراحة على أن «الزواج هو عقد تملك بضع» - بضم الباء والضاد، موضحا أن العقد جعل الزواج يندرج تحت قائمة المعاملات مثل عقد السيارة أو الأرض أو شخص أو حتى جاموسة، و«تملك» استبدلتها كتب الفقه بالسكينة التى نص عليها الله، وتحولت الزوجة وفقا للفقهاء إلى جارية أو أمة يمتلكها الرجل، و«بضع» تعنى فرج الأنثى كناية عن العلاقة الجنسية. وشدد محمد عبد الله نصر على أننا لن نتقدم خطوة فى أى مجال مادام هذا التراث الدينى موجودا عائقا، عائدا بالعقول إلى الوراء. ويقول: إن تفسير ابن جرير الطبرى الخاطئ لقوله تعالى «وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا» ليس معناه ربطهن فى فراشهن وإقامة الجنس معهن عنوة وإجبارا، ولكن الهجر أى الابتعاد وهو نوع من الألم النفسى فقط، مثلما يفسر أن الله تعالى سمح بضرب الزوجات، والضرب يأتى فى القرآن للبيان والتبيين والسعى والزيادة، واضربوهن أى بينوا لهن، وليس أمسكوا عصا لهن، مثل الادعاء فى كتب الفقه بأن الرسول قال: «ضعوا السوط حيث يراه أهلك» فهل يعقل أن النبى صاحب هذه الأخلاق الحميدة يطالب الزوج بالاستعانة بالكرباج فى ترويض زوجته وضربها ومعاملتها بهذه الهمجية، فبكل تأكيد ذلك كذب وادعاء. وأكد نصر أن الزواج تلك العلاقة الروحية، فبداية الأفعال الجنسية فيه ليس من أفعال الجسد، ولكن يجب أن تنسجم فيها الروحان والنفسان وأن تشتاق الروح لبعضها البعض، وليس اغتصاب الزوج لزوجته، مؤكدا أنه يستمع إلى شكاوى خطيرة خاصة فى الأرياف التى يكثر فيها الصمت والخطأ فى نفس الوقت، قائلا إنه استمع لشكوى إحدى السيدات بأن زوجها يغتصبها منذ 15 عاما، بل لدرجة أنه يجرحها ويستخدم آلات حادة فى ممارسته للجنس معها؟! معربا عن أن هذه الحالة الخاطئة فى فهم العلاقة الزوجية كرستها كتب التراث الإسلامى والفقة الملىء بالكوارث والأخطاء الكارهة للمرأة والتى تعاملها كالشيطان. وعن رأى القانون تقول هالة عمار - عضو مبادرة المحاميات المصريات: إن النسب التى ذكرتها إحصائيات مكاتب تسوية النزاعات لمحاكم الأسرة قريبة جدا من الواقع بناء على تعريف العنف نفسه وشموله لكل أنواع العنف الأسرى وحتى العنف بين الزوجين فى علاقتهما، وفيما يخص تجريم العنف الأسرى خاصة فيما يخص العلاقة بين الزوجين، فإن هذا ما نطالب بتجريمه، وأنه بناء على نتائج الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة التى شاركت المبادرة فى صياغتها مع المجلس القومى للمرأة وأكثر من 10 وزارات توصلت إلى أن التجريم الجنائى يجب أن يكون أشمل بالتطبيقات حتى يشمل سوء معاملة الزوج لزوجته بعلاقتهما، فإن ما يصيبها من عنف معنوى لابد له من تجريم، وبالنسبة لحالات الشكوى من العنف الجنسى من إجبار الزوج لزوجته على ممارسة الجنس معه فإن نسبة 90٪ من السيدات يتعرضن للعنف مع أزواجهن إما للعنف المفرط للعلاقة أو تأثر الزوج بالمسكرات أو المخدرات. أما بالنسبة لشهادات الذبيحات فى فراش الزوجية فتقول «ف - ع»، 40 عاما: تزوجت وعمرى 15 عاما فى إحدى قرى الصعيد بقنا، كنت وقتها طفلة لا أعلم ماذا يعنى الزواج والعلاقة الزوجية، كنت فرحة فقط بالفساتين الجديدة والانتقال من بيت أهلى لبيت ملكى، وفى ليلة الزفاف وكل ما أتذكره عنها هو أننى كنت مقيدة من اليدين والرجلين بواسطة أمى وأمه وأخته الكبيرة فى السرير على ظهرى، وقام هو باغتصابى ولم أتذكر وقتها سوى تلك الدماء التى سالت على السرير أسفلى وزغاريد الأهالى. أضافت: منذ ذلك اليوم وأنا أكره زوجى كلما اقترب منى، وفى أوقات كثيرة كان يضربنى حتى أنهار تماما ليمارس الجنس معى دون أى وعى أو إرادة منى بفعل شىء، وعندما ينتهى يتركنى على السرير ويقوم للاستحمام، فى كل مرة يمارس الجنس معى أظل مريضة فى السرير بعدها لمدة أسبوع، لم أطلب الطلاق ولن أطلبه فأصبح معى 4 أولاد، ومن غير المسموح للمرأة بالصعيد أن تتفوه بنصف كلمة عن الجنس، كل اللى بتمناه إنى أربى عيالى وسأتحمل من أجلهم أى شىء. بينما تقول «م - س» 35 عاما، معيدة بالجامعة، إنها منذ اليوم الأول للزواج كان تصرف زوجها غير لائق، فبدون أى مقدمات هجم عليها ليمارس الجنس معها، لدرجة أنها صرخت وقتها من قوته وعنفه، ولكنه استنكر سلوكها واعتبرها غير مهذبة، عندما طلبت أن ينتظر رغبتها هى أيضا فى إقامة علاقة حميمية معه، واتهمها بأن «مفيش بنت متربية تقول إنها عايزة كده»! بينما تقول «ص- ع»، موظفة 33 عاما إن مشكلتها مع زوجها أنه يتعاطى المخدرات التى تحوله إلى وحش وليس زوجا، بل إنه خدعها فى إحدى المرات ووضع لها بعض المخدر فى العصير، وعندما استيقظت من النوم كان قد اغتصبها، وأنها طلبت الطلاق أكثر من مرة، ولكن فى كل مرة يجبرها أهلها على العودة إلى منزلها وتربية أبنائها، رغم العنف الذى تتعرض له أثناء ممارسة الزوج معها العلاقة الحميمية، وهو غائب عن الوعى من آثار المخدرات!∎