متحدث رسمى باسم «تونتيث سينتشورى فوكس» قال ل«روزاليوسف» إن «جهات الرقابة فى مصر والمغرب والإمارات العربية المتحدة، أكدت رسمياً للشركة أن الفيلم السينمائى الأمريكى «الخروج.. آلهة وملوك» للمخرج ريدلى سكوت وبطولة كريستيان بايل، جويل إجيرتون، جون تورتورو، آرون بول، بن مندلسون، سيجورنى ويفر، وبن كينجسلى لن يعرض فى بلدانها»، وأضاف أن السبب الرسمى المقدم لتأكيد هذه المعلومة أن الفيلم يخالف تعاليم الإسلام، وتزييف للتاريخ، كذلك تتوقع شركة «فوكس» أن يعلن عدد كبير من الدول الإسلامية قراراً مماثلاً فى وقت قريب. معظم النقاد والخبراء بهوليوود يرون أن هذه القرارات الغاضبة تصب فى صالح الفيلم، وقضية حرية التعبير الفنى دون الرقابة أو الوصاية من أية سلطة دينية أو سياسية. وفى النهاية لن تؤثر هذه القرارات على شعبية وانتشار ولهفة الملايين فى العالم بما فيها العالم الإسلامى من مشاهدة الفيلم ورؤية نجومه الكبار عبر جميع الوسائل التكنولوجية الحديثة، ومنها شبكات الإنترنت كمؤسسة «نيتفليكس»، التى تحصل على حق توزيع الأفلام فى الولاياتالمتحدةالأمريكية والعالم، وهى أشهر وأضخم شركة عالمية للنشر والتوزيع الإلكترونى للأفلام. وبالفعل تمكن فيلم «الخروج.. آلهة وملوك» من تصدر إيرادات شباك التذاكر فى الولاياتالمتحدة منذ عرضه فى الثانى عشر من ديسمبر وحقق إيرادات غير متوقعة فى شباك التذاكر فاقت ثلاثة وخمسين مليون دولار فى أقل من أسبوعين من عرضه، رغم الانتقادات حول عدم دقة الفيلم وعدم تطابقه مع ما ورد فى التوراة. وربما يرجع سر نجاح فيلم «الخروج.. آلهة وملوك» الذى صور فى أربعة وسبعين يوما فقط، وتكلف إنتاجه 140 مليون دولار، ووصل بتكلفة الدعاية إلى 200 مليون دولار، إلى الضجة الهائلة المثيرة للجدل التى أحدثها تناول موضوع الفيلم فى الشرق الأوسط، وأخبار منع عرضه فى مصر والمغرب والإمارات، يضاف إلى ذلك أن الفيلم بطولة أسماء كبيرة مثل كريستيان بايل، جويل إجيرتون، بن كينجسلى، سيجورنى ويفر، وآرون بول. النجم «كريستيان بايل» علق عن كيفية استقبال الجمهور للفيلم بقوله: «أعتقد أنه سيحوز الإعجاب إن كنت تريد الذهاب والوصول إلى هذا التطرف، لواحد من الأنبياء الأكثر شهرة فى الحضارة والتاريخ». وحول الجدل الثائر باختيار اثنين من الأبطال السمر للعب الأدوار الرئيسية للفيلم حاول فوكس الرئيس التنفيذى روبرت مردوخ الدفاع عن الفيلم على تويتر بالقول: «منذ متى يعتبر المصريون أصحاب بشرة بيضاء»؟ ولا تهتم شركة «فوكس للقرن العشرين» كثيرا بالنقد الموجه للفيلم حول كيف سيكون رد فعل الجماهير لظهور إسحاق أندروز البالغ من العمر 11 عاما كمتحدث باسم الله الذى يرشد موسى لترك عائلته وتحرير العبرانيين من عبودية الفراعنة. وقد بدا المخرج ريدلى سكوت (77عاما) وهو يتحدث للصحفيين حول الانتقادات الحادة والضجة المثيرة للجدل التى أحدثها الفيلم فى جناح فى فندق بيفرلى فى حالة من السكوت والاسترخاء التام وفى معنويات عالية، راض عن القرارات الإبداعية التى حققها فى فيلم «الخروج.. آلهة وملوك» المبين لرحلة وقائع موسى من ابن متميز لابن ابنة فرعون فى مصر إلى الزعيم المحاصر، الذى يتجادل مع الله. وقال ريدلى سكوت أنه لا يرغب فى مجرد تكرار انتصارات سينمائية من الماضى أو تقديم رواد التوراة من خلال خطب سينمائية. وأضاف قائلا: «لم أكن أريد أن يشعر الجمهور أنهم فى طريقهم للذهاب لمشاهدة فيلم عن التوراة أو الكتاب المقدس، أردت للجماهير أن يشعروا أنهم ذاهبون لمشاهدة فيلم عن اثنين من الرجال كانا يوما ما أخين، وكيف أصبحا فى منافسة شرسة مع بعضهما البعض، واحد يمثل فرعون مصر، والآخر كان صديقه وأقرب حليف له، والصراع الطبقى حول مسألة تعصب الفرعون ضد أصل موسى وجنسيته كعبرانى». وقال النجم كريستيان بايل الحائز على جائزة الأوسكار، الذى لعب شخصية موسى: «هذا الرجل «موسى» كان صاحب حياة صاخبة جدا. ففى سنواته الأولى، كان عرضة لجميع المغريات والأهواء والصراعات التى تواجه كل واحد منا فى الحياة اليومية. وحتى فى علاقته مع الله، كان دائم الصراع والحرب كما تشاهدون فى الفيلم، أرايتم من قبل، شخصا يتصارع مع الله». الفيلم شهد الكثير من موجات الغضب والجدل المثار حوله، ليس فقط لأن الفيلم تعرض إلى كثير من الانتقادات بسبب ظهور شخصية نبى الله موسى، لكن أيضا بسبب التصريحات المستهترة التى أدلى بها بطل الفيلم كريستيان بايل وتطاول فيها على النبى موسى، وأيضا تصريحات المخرج ريدلى سكوت الذى قال إنه صور معجزة شق البحر فى الفيلم على أنها حدثت نتيجة زلزال، وليست معجزة إلهية، وهو ما يتنافى مع التوراة والمعتقدات الدينية، أضف إلى ذلك المغالطات التاريخية والدينية التى يتضمنها الفيلم، على سبيل المثال مشاركة اليهود فى بناء أهرامات الجيزة! وقد قوبلت تلك التصريحات سواء من قبل النجم كريستيان بايل الذى يجسد شخصية نبى الله موسى أو تصريحات المخرج ريدلى سكوت باستياء شديد داخل وخارج الولاياتالمتحدة، مما دفع ملايين المشاهدين إلى قرار مقاطعة الفيلم، بينما نفس التصريحات حمست عشرات الملايين لتشجيع حرية التعبير الفنى، وقررت دعم ومشاهدة الفيلم. ونشير هنا إلى أنها ليست المرة الأولى التى يلقى فيلم أمريكى يعتمد على التوراة والكتاب المقدس فى إعداد وتنفيذ الفيلم موجات من الغصب والصخب والجدل المستمر، رغم أن وراء كتابة سيناريو فيلم «الخروج.. آلهة وملوك» ثلاثة كتاب كبار هم: ستيف زيلين، وآدم كوبر، وبيل كولاج. فمن قبله قوبل فيلم «نوح» بطولة راسل كراو وجنيفر كونيللى وأنطونى هوبكنز وإيما واتسون ونك نولتى وراى وينستون وإخراج دارين أرونوفسكى بموجات مماثلة فى الولاياتالمتحدة والغرب، وصادف نفس الضجة الهائلة من رجال الأزهر وبعض الأوساط الثقافية فى مصر والعالم العربى، التى طالبت الحكومات بمنع عرض الفيلم لتجسيده شخصيات الأنبياء. ورغم كل ذلك حقق فيلم «نوح» الذى تكلف إنتاجه 125 مليون دولار إيرادات هائلة وصلت إلى 400 مليون دولار حتى الآن من خلال عرضه فى الولاياتالمتحدة فقط. ويرجع مصدر اهتمام استوديوهات هوليوود بهذه النوعية من الأفلام المثيرة للغضب والجدل والاستفزاز لأن لديها عدة مشاريع وسيناريوهات جاهزة فورا للبدء فى تنفيذها رغم تحذيرات الإدارة الأمريكية والأجهزة الأمنية والمخابراتية الغربية من الاقتراب أو حتى التلميح على هذه المشاريع التى ستقفز بها هوليوود فى الوقت المناسب. فليس خافيا فى هوليوود مثلا أن المملكة العربية السعودية توسطت لدى البيت الأبيض والحكومة الأمريكية أكثر من مرة للتحفظ على أعمال سينمائية ضخمة لبعض الاستوديوهات الشهيرة حول حياة الرسول محمد - صلي الله عليه وسلم - وعرضت مبالغ وصلت إلى بضعة بلايين من الدولارات للتحفظ على النسخ النادرة فى العلب. وطبقا لبعض المصادر المهمة فى هوليوود أن المديرين التنفيذيين لمعظم الاستوديوهات فى هوليوود مازالوا ينتظرون الوقت المناسب وردود فعل العالم الإسلامى بعد أن يتم عرض الفيلم الإيرانى الجديد للمخرج الإيرانى الشهير «ماجد مجيدى» الذى يروى قصة مطلع ونشأة وشخصية النبى محمد، الذى تكلف إنتاجه (35 مليون دولار أمريكى). والأيام القادمة ستفصح إن كانت الأفلام الدينية لهوليوود سوف تنجح فيما عجزت فيه السياسة الغربية وأجهزة مخابراتها العملاقة من فشل ذريع فى إثارة الجدل والانقسام وبلبلة الفكر والتعاليم والمعتقدات الدينية فى العالم الغربى والإسلامى.∎