إعداد: قسم الترجمة بدءا من هذا العدد ننشر أكثر القصص الواقعية والغرامية فى العالم أولاها التى وقعت فى قصر الرئاسة الفرنسية بالإليزيه، وبطلها الرئيس فرنسوا أولاند وعشيقاته الثلاث اللائى كشفن حقيقته العارية بأنه مشغول بالجنس والعلاقات الشخصية حتى إنه يعتبر أول رئيس يدخل قصر الرئاسة ومعه عشيقته الشخصية الصحفية «فاليرى تريفوليه» عرفه فى حبها على مدى تسع سنوات ونصف العام، ليدخل علانية برفقتها فى مايو 2102 فور توليه الرئاسة، ولكنه لم يتغير كعادته من الاهتمامات العاطفية والجنسية، حتى كشفت إحدى الصحف علاقته بالفنانة والممثلة الكومبارس «جولى جاييه» حتى إنها كانت عاصفة أطاحت بخليلته وعشيقته سيدة القصر أو سيدة فرنسا الأولى وكانت الكارثة التى كادت تقضى على «فاليرى تريفوليه» لدرجة أنها حاولت الانتحار بالحبوب المخدرة. كشف الكتاب الذى صدر منذ شهرين فقط أسرار قصر الرئاسة، وما يدور من سلوكيات خارجة على المثالية التى يحلم بها الشعب الفرنسى تجاه الرئيس برغم أنه لم يحصل على أغلبية مطلقة أمام الرئيس السابق نيكولا ساركوزى إلا أن الشعب توسم فيه نقلة اقتصادية لرفاهيته حتى كانت الصدفة التى كشف عنها الكتاب الذى صدر تحت عنوان: «شكرا لهذه اللحظات» فى شكل سخرية من الطعنة التى وجهها «أولاند» إلى عشيقة القصر الرئاسى، والذى أخفى علاقته بالممثلة الفرنسية «جولى جاييه» التى تبلغ «41» ربيعا من عمرها فى مواجهة عشيقته فاليرى التى تدخل عامها الخمسين من العمر، فالرجل لايتغير فهو يفضل صغيرات السن الحسناوات خاصة من الوجوه السينمائية الشابة حتى ولو كانت مغمورة. الوجه الآخر لإدارة الرئاسة الفرنسية تكشفه «فاليرى تريفوليه» التى تذكر علاقتها الساخنة مع الرئيس أولاند على مدى سنوات سبقت منصبه، تقول فيما ذكره الغلاف الأخير للكتاب: «بدءا إنه فى يوم حب عنيف بيننا صارت العاطفة جياشة، ولكن دخول السياسة جعل هذه العاطفة تخمد، فالسياسة هى العاطفة الباردة فى الوقت الذى أصبحت فيه طعنة فى ظهر أولاند، فالسلطة دائما تكون محل اختبار له، فأنا أشعر أننى غير شرعية دون سائر زوجات الرؤساء السابقين، فالفتاة البسيطة أو الصغيرة أصبحت السيدة الأولى فى فرنسا والأضواء والقوى المحيطة جعلتنى فى انبهار وانزعاج أيضا. تقول فاليرى العشيقة وسيدة القصر: إن ما حدث من خيانة أولاند جعلنى أبادله خيانة بخيانة ولكن من نوع آخر فى الصحافة مثلما فعل غيرى، فقد نشرت صور علاقته بالمحبوبة والعشيقة الجديدة فى الوقت الذى دارت بى الدنيا بعد الفضيحة الكبرى وسكنت بالمرض بالمستشفى تحت تأثير المخدر، ولم تؤثر كل محاولات أولاند فى الاتصال بى فقد بلغت رسائله نحو28 رسالة فى اليوم أملا فى اللقاء أو المصارحة لكننى صدمت بما لايتيح فرصة للصفح والتسامح بعد عشر سنين من الحب والإخلاص الذى قدمته له، ومما دفعنى فى هذا الكتاب أن أقول الحقيقة وليس غيرها، فأنا صحفية فى الأصل، أما فى القصر فكنت أشبه بتحقيق صحفى أو شىء آخر، ووجدتها فرصة لأعبر فيها عن معاناتى عن فترة الكذب التى عشتها مع «أولاند» التى اكتملت بدخولى قصر الإليزيه فى مايو .2012 لكم ثلاثة ولى ثلاثة بدأت «فاليرى» كلماتها بعنوان للمقدمة يحمل: «لكم ثلاثة ولى ثلاثة» قائلة: لابد من فتح الجروح القديمة، هذه كانت نصيحة الكاتب ورجل الإعلام رفيع المقام «فيليب لوبرو» بعد انتخاب «فرنسوا أولاند» لكننى لم أستطع أن أطيعه فى رأيه، وبالطبع لا أستطيع تقديم شخصى وتقديم معلومات عن حياتى لأظهر من أنا للجميع ووجدت أنه لاداعى أبدا الكشف عن حياتى وحياة عائلتى وتاريخ بلادى مع موقع رئيس الجمهورية ولم يكن أمامى إلا أن فعلت العكس، لأن الصحفيين يحبون الكتابة والنشر، فهم مع جهلهم بالحقائق، وأحيانا من أجل سعيهم وحبهم لروح الفضائح، فقد كانوا ينشرون ويرسمون شخصياتنا بدون أن يعرفوا عنا شيئا حتى فى 20 كتاباً نشر عن شخصياتنا وعلاقاتنا وهناك عشرات المجلات وآلاف المقالات أيضا وظهرت أنا مرآة لشخصى، أطلقت عليها تشويه المرآة وتأثرت بدرجة كبيرة من هذا العدد الكبير من المقالات، وكلها بنيت على توقعات وشائعات وافتراءات لا أساس لها، ومع ذلك كانت هذه المرآة «أنا» لها نفس اسمى ووجهى وشخصيتى، ولكننى لا أعرفها لأنها ليست بأنا، شعرت بأنى محتفظة بشخصيتى، حياتى الخاصة سرقت منى، حيث ضاعت قصة الحياة تحت وطأة السياسة والصحافة، ولكن مع الاعتراف أننى الشخص الذى خنته، فظللت كما أنا محتفظة بشخصيتى، وفى أحيان كثيرة، كنت فى منتهى الضيق والقسوة والانطواء على نفسى، خاصة عندما كنت أتعرض لهجوم قاس، وكنت أعتقد أننى أستطيع مقاومة الجميع، ولكن كنت أتعرض لهجوم بدون أن أستعد له أو أتحصن ضده لأدافع عن نفسى أمام نظراتهم، لكن لا أحد يفهم. وأعترف أن جميع الفرنسيين رأوا منى الوجه القاسى الجامد غير المتفاهم، ولم يفهموا سبباً أو شيئا، حتى إننى لم أعد أستطيع مواجهة المارة فى الشارع، وهم ينظرون لى بعد أن دمرت تماما وتحطم مستقبلى فى شهر يناير 2014 وبدوت أننى خاوية ووحيدة بينما جميع من حولى فى حالة ذهول، فقررت بعد تفكير ومعاناة أن الطريقة الوحيدة لاستعادة حياتى والسيطرة عليها من جديد وأصحح الأفكار عنى هى أن أروى مأساتى وقصتى، حتى أستطيع التحكم فيها، فقد عانيت من عدم فهم من حولى لدرجة أفقدتنى طعم الحياة والسعادة وقررت كسر الحواجز التى كانت بنيت حولى دون ذنب، ومن هنا وضعت القلم فوق الورق لأروى قصتى - توقفت تماما عن القتال من أجل حماية خصوصيتى لأن المواجهة لابد أن تكشف مزيدا من مأساتى وضعفى أحيانا. وكان لابد لى من بعض المفاتيح التى أبدأ منها، والتى بدونها لايوجد شىء فى هذه القصة «المجنونة» كما أننى أحتاج إلى الحقيقة للتغلب على التحدى والمضى قدما، لأننى مدينة لعائلتى وبلدى بهذا، وأخيرا أصبحت الكتابة الشىء الحيوى بحياتى، صباحا ومساء.. فى هدوء سوف أفتح الجروح. صمت الحبيب جريمة هادئة «طاهر بن جولان» الرسالة الأولى التى جاءت لى الأربعاء صباحا من صديقتى الفرنسية، والتى أعلمتنى أن جريدة «كلوزر» سوف تنشر صورة فرانسوا أولاند وجولى جاييه الممثلة الفرنسية الشهيرة يوم الجمعة فى الصفحة الأولى، فأجبتها بمرارة: إن هذه شائعة سمعت بها منذ عدة أشهر، تأتى وتتردد وتذهب وتعاود المجىء، ولا أستطيع تصديقها، وقمت بدورى بنقل تلك الرسالة إلى فرانسوا، والذى علق ساخرا عليها، قائلا: «من قال لك هذا؟ لا مجال لمناقشة هذا الموضوع، هل لديك ما تضيفينه؟» فجاء ردى: «لا بالطبع»، وهكذا اطمأننت، وكانت قد انتشرت تلك الشائعة خلال هذا النهار، وبعد الظهيرة تحدثنا أنا وفرانسوا وتعشينا سويا كالعادة دون التطرق لهذا الموضوع، لأن هذه الشائعة أثارت العديد من المشاحنات بينى وبينه من قبل، وكنا فى غنى عن النكد فى تلك الليلة، فلا فائدة من إثارة المزيد من المشكلات فى هذا الوقت، وإضافة مزيد من المشاحنات. وفى اليوم التالى تسلمت تعليقا من صديق صحفى آخر، قال فيه: «تحية طيبة، شائعة جاييه سوف تنطلق مرة أخرى على صفحات جريدة «كلوزر» غدا، وكان يتحتم علىّ إخبارك»، ومرة أخرى نقلت بدورى تلك الرسالة إلى فرانسوا، والذى لم يرد عليها، وكان وقتها ذاهبا إلى مدينة «كريل» لكى يظل بجانب القوات المسلحة. فطلبت من أحد أصدقائى الصحفيين القدامى، والذى لأأزال على اتصال به فى «البريس بيبول» بالصحافة الشعبية استطلاع أمر الشائعة، ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع اتصالاته بى فى قصر الإليزيه، ومن جهة أخرى كثف الصحفيون تساؤلاتهم الكثيرة لمستشارى الرئيس، لتغطية هذا الملف من التحقيق الذى أثار القلق والذعر ليس لى فقط، ولكن أيضا للعاملين بقصر الرئاسة وخصصت الصباح الباكر فى القصر لتبادل المقابلات والحوار مع الأصدقاء والاستعداد للمشاركة والانضمام إلى فريق رعاية الأطفال التابع للقصر، وتناول وجبة شهية يحضرها الجميع بإعداد الطهاة بالقصر للأطفال إذ أن هذه كانت عادة منذ العام الماضى، فهناك عدد كبير من السيدات يقمن برعاية الأطفال بأنفسهن وشاركت فيها زوجات مستشارى الرئيس، وبعد ذلك بنحو شهر تقريبا تكرر الحفل فى أعياد رأس السنة الميلادية، مع أسر وأهالى هؤلاء الأطفال وبدأت أنا وفرانسوا توزيع الهدايا على الأطفال، لكنه غادر بسرعة وتركنى بمفردى بين الناس، فظللت أناقش الحاضرين لفترة طويلة فى عدة مواضيع، مستمتعة بهذا الجزء من السلام والعلاقات الإنسانية والاجتماعية، وكان مثل هذا الغداء يسعدنى دائما، ومع ذلك ظللت خائفة تطاردنى وساوس غير مفهومة كالتى تقترب من خطر لاتعلمه، بينما كانت مديرة دار الرعاية فى انتظارى فى الجهة المقابلة من شارع القصر، واصطحبنى زميل سابق هو «باتريس بيانكون» الذى أصبح الرئيس والأمين لمكتبى، وعند وصولنا أخرجت أحد هواتفى المحمولة، وكان أحدها خاصاً بحياتى المهمة والمهنية، والآخر خاص بفرانسوا وأولادى وعائلتى وأصدقائى المقربين، وأعدوا الطاولة فى أجمل صورة كما لو كانوا فى يوم العيد، وكانت السعادة الغامرة تكسو وجوه الجميع ولم يكن أمامى إلا أن أخفى مظاهر الإرهاق والتعب وأعبائى الخاصة ووضعت «محمولى» بجانب طبقى وجاء الطاهى «فريد» الذى أحضر الأطباق، أما مساعدوه فقد التفوا حول الطاولة ليكونوا قريبين من الصغار، وكانت مثل هذه المناسبات تستدعى الاستعدادات وأنه فى عام 2015 ستحتفل دار رعاية الطفل بعيدها الثلاثين فى قصر الإليزيه، ولكن استقبلت أكثر من 600 طفل، وبالأخص أطفال الرئيس عندما كان مستشارا فى الإليزيه، وكان الاحتفال رائعا بهذه المناسبة، أن أفكر فى تجميع الأطفال القدامى، والذين صاروا شبابا الآن، وبصفتى صحفية فى «الباريماتش» منذ 24 عاما أتخيل الصورة الرائعة التى سوف ينقلها هذا التجمع فى بلاط القصر، فنحن نريد تكريم هذه الدار بإطلاق اسم الرئيس السابق «دانيال متران» وهو الذى أنشأها فى أكتوبر ,1985 وبصفتى سفيرة للمؤسسة الفرنسية للحرية، أحمل على عاتقى مثل هذه الاحتفالات ونجاحها، وقد وعدت مديرة مكتب فرانسوا «سيلفى هيباك» بسرعة العمل فى هذا المشروع والحصول على التمويل اللازم لذلك، وإذا بمحمولى يهتز فإذا به صديقى الصحفى الذى ذهب لتصيد المعلومات حول مشكلتى وأكد صدور صحيفة «الكلوزر» وعلى صفحتها الأولى صورة لفرانسوا مع حبيبته جولى جاييه، ومع هذه الصدمة حاولت ألا أظهر اضطرابى، وأعطيت المحمول لباتريس بيانكون، حتى ينهى قراءة الرسالة، فلايوجد بيننا أسرار والذى بادرنى بعد قراءة الرسالة قائلا: أنظرى، هذا هو موضوع ملفنا المهم، قال ذلك بصوت منخفض للغاية، فنحن أصدقاء منذ 20 عاما، يكفى أن ننظر لبعضنا البعض ليفهم كل منا الآخر، ثم قال متجهما هل تصدقين ذلك فورا؟ سوف نرى فى كل الأحوال. حاولت جاهدة الرجوع إلى الحديث مع أعضاء الدار، بينما تتضارب الأفكار وتدور برأسى وخاطرى فلم يكن أمامى سوى إخطار فرانسوا بإرسال رسالة نصية بالمعلومات التى وصلتنى عن «الكلوزر» فلم يرد أو بأن الخبر مجرد شائعة بل اكتفى بأن اتصل بى وقال: لنتقابل فى الساعة الثالثة فى شقتنا بالإليزيه، وهو ذات الوقت والساعة التى تأخذ مديرة الدار فيها فترة راحتها إن لحياتى فى الإليزيه أصبحت شوارع صغيرة على أن أعبرها، وأخترقها، ويجب أن أعبرها مغمضة العينين، أحيانا من هول مشكلاتها، وهرعت إلى السلم بسرعة لأذهب للشقة المخصصة لنا، وإذا بفرانسوا فى الغرفة، التى تعلوها نوافذ شاهقة الارتفاع وتطل على الأشجار الطويلة الرفيعة، التى تشبه سياجا محكما للحماية حول الحديقة، وجلسنا على الفراش فى الجانب الذى تعود كل منا أن يشغله وينام عليه، ولا أستطيع سوى أن أقول: «وإذن.. ؟» فرد على كلماتى فى الحال معترفا بخجل: «إذن هذا حقيقى»، فقلت: ما هو الحقيقى؟ هل قمت بمعاشرة تلك الفتاة؟ ثم اعترف بلا مبالاة شديدة، وهو مضطجع قليلا، نصف متمدد مستندا على ذراعه: نعم، فى هذه اللحظة نحن تقريبا اقتربنا الواحد بجانب الآخر على هذا الفراش الكبير، ولم أستطع تفادى النظر إليه، ولكن هو تحاشانى بعينيه ونظراته فهو موقف لم أتعوده، إنها الخيانة على حقيقتها والتى أنكرها فى السابق. الأسئلة من جانبى : كيف حدث هذا؟ لماذا ومنذ متى ؟، قلت هذا وأنا متماسكة متحاملة على نفسى بدون أى توتر، فجاء الرد : «منذ شهر» ، بعد هذا الرد، حافظت على هدوئى ولم ألجأ للبكاء أو الصراخ، ولم أقم بتكسير عدد خيالى من الأطباق كما المتوقع، كل هذه الظروف القاسية وخسارة ملايين من اليورو، كما أشيع فى الصحف بعد ذلك، حيث إننى قرأت فى إحدى المرات عنوانا (مليون يورو تلفيات خيالية لخبر الخيانة). كان يستطيع أن يتركنى أن أسمع منه أنه ذهب فقط ليتعشى معها وكنت سأصدق ، ولكن ذلك مستحيل لأنه يعلم أن الصورة المأخوذة لهما ستنشر صباح اليوم التالى فى شارع السيرك، وتساءلت: : لماذا لم يقم فرانسوا بعمل سيناريو مثل «كلينتون»؟ لماذا لم يعتذر اعتذارا خاصا، أو حتى اعتذارا عاما يتضمن ارتباطه بى ووعدا بعدم رؤيتها مرة ثانية؟ إلا أن ما حدث فضح جميع الأكاذيب، والحقيقة على فترات بدأت تظهر ، واعترف أن العلاقة معها كانت قديمة منذ شهر، أو ثلاثة، ثم ستة، أو تسعة، وانتهى أخيرا إلى أن العلاقة كانت منذ سنة كاملة، واكتشفت أننى من المستحيل أن أصل لأى معلومة صحيحة أو كاملة قال : إننى أدرك أنك لن تستطيعى أن تصفحى عنى، ثم قام وعاد إلى مكتبه لموعد عمل مع أحد الأشخاص. مع هذه الصدمة لم أعد أثق فى نفسى، طلبت من باتريس استقبال زائرى بدلا منى وجلست منغلقة على ذاتى فى غرفتى طيلة فترة بعد الظهر، أحاول أن أتخيل ماذا سيحدث، ممسكة بمحمولى أقرأ جملة على موقع «تويتر» عن الخبر، كما حاولت معرفة أكثر عن التحقيقات الصحفية حول هذا الأمر، وقمت بقراءة العديد من الرسائل النصية التى جاءت من العائلة وأصدقائى المقربين، وقمت بالرد على أطفالى وأمى فقط، إلا أننى لم أكن أريد بداخلى أن أخبرهم عن الفضيحة التى سوف تنشر فى الصحيفة، ولكن بادرت بأن يستعدوا. وعاد فرانسوا للعشاء ووجدنا أنفسنا فى غرفة النوم مرة أخرى ، وكان يبدو عليه الانزعاج والصدمة أكثر منى ، وضعت ركبتى على الفراش، بينما. قام هو بوضع رأسه بين يديه وتساءل وهو فى حالة من التوتر شديد السوء : «ماذا سنفعل ؟» بصيغة الجمع، ووضع الضمير (نحن ) فى قصة لم يعد لى مكان فيها بعد انهيارى وانهيار حبى الذى كان، وكأنه يشكو حالى، وتساءلت بمشاعرى هل هذه سوف تكون آخر مرة يجلس معى فيها بمفرده؟! فى وقت لاحق تناولنا العشاء فى الصالون على منضدة منخفضة كما كنا نفعل قديما عندما نبحث عن قليل من المحبة، أو إنهاء وجبة سريعة.. لم أستطع ابتلاع الطعام الذى وقف فى حلقى والذى يكاد يقتلنى، كما حاولت معرفة آخر التطورات فى مجلة «سيركونستونس» أى «آخر الظروف» السياسية، من نسخة الرئيس، وقرأت «كيف يتسنى للرئيس أن يخوض حربين معا فى آن واحد؟ هل يهرب أم يتسنى له ملاحقة إحدى الممثلات «الكومبارس» فى الشارع الجانبى وهى سبب الكارثة؟ كيف لرئيس أن يفعل هذا بينما يوجد فى المجتمع الفرنسى مصانع تغلق أبوابها، وتزداد البطالة، وهو يفقد شعبيته يوماً بعد يوم؟ عندئذ شعرت بفظاعة تأثير حياتنا الشخصية على الحالة السياسية التى لا تتحمل هذا الوضع، وبعدها تمنيت فى لحظات الضعف لو استطعت إنقاذ علاقتنا، ثم طلب منى فرانسوا عدم متابعة الأخبار وهى سيئة بالطبع، ثم تناول بعض الأدوية، وذهب مرة أخرى لمكتبه. ها أنا مرة أخرى مع أحزانى، واستدعانى طاقمه لحضور اجتماع لا أعلم عنه شيئا، مرة أخرى سيحددون مصيرى دون علمى. فى العاشرة والنصف عاد فرنسوا مرة أخرى ولم يرد على أسئلتى، وبدا شاردا وقرر الذهاب لرؤية السكرتير العام للقصر (بيار رينيه)، لكنه سألنى قبل خروجه عما أريد؟ بادرته قائلة: لا أعرف، لا أريد أن أرى أى كائن من كان، وفيما بعد وكعادتى أخذت الطريق السرى الذى يوصل بين مسكننا الخاص والطابق الرئاسى، وعند وصولى كان «بيار رينيه» فى استقبالى فاتحا ذراعيه على عكس بقية المستشارين الآخرين، حيث كان بيار فقط أكثر اهتماما ، فلجأت إليه ولأول مرة سالت دموعى على كتفيه، إنه مثلى لا يصدق ما فعله فرانسوا ، كيف تورط فى مثل هذه القصة، هذا بالإضافة إلى تحمل بيار عواقب تحول مزاج فرانسوا السيئ منذ أكثر من عام ، تبادلنا بعض الكلمات، وشرحت له أننى على استعداد للصفح عنه ، إلا أننى تفاجأت بأن قضية الانفصال بيننا قد طرحت فى هذا الاجتماع، أى أن مصيرى قد تحدد، وعند عودته للغرفة نظرت إليه طويلا، وجلست وحيدة تدور الأسئلة فى دوائر مفرغة، وكان فرانسوا قد تناول أحد الأدوية المنومة ليهرب من هذا الجحيم ولو لبضع ساعات فى الجهة الأخرى من الفراش ، لم يمض على نومى ساعة واحدة، حتى وجدت نفسى أستيقظ فى الخامسة عصرا لمشاهدة قنوات الأخبار فى الصالون، وتناولت بعض بواقى الطعام المتبقية على المنضدة المنخفضة انتظارا لأحداث جديدة.∎