بعدما نجح شعب مصر فى التخلص من كابوس الإخوان يستطيع جمهور السينما بسهولة القضاء على إخوان السبكى بالنضال والإرادة وشعار «يسقط حكم السبكى» قبل الدخول فى مرحلة التمكين والسيطرة على المفاصل السينمائية وبالتالى إعادة هيكلة الفن السابع وطرد الخلايا السبكية النائمة مع تأهيل الجيل الرابع من الأبناء والأحفاد فمن الممكن كما يقول المثل: يخلق من ضهر الفاسد مبدع. أقول قولى هذا بعد أن تسلل أبناء وأحفاد السبكى إلى كل عناصر العمل السينمائى من إنتاج وتصوير وديكور وسيناريو ومونتاج ودوبلاج بشهادة مقدمات ومؤخرات الأفلام التى يقدمونها أخيرا ومعظمهم عناصر مثقفة وواعدة وقادرة على تصحيح فخ الآباء.. لأن خطورة ما ينتجونه ليس فقط فى المواسم ودور العرض بل البيوت المصرية عندما يتحول الشريط السينمائى إلى سلعة تليفزيونية فبعدما احتكر أبناء السبكى السينما وفرضوا النماذج العشوائية على الثقافة المصرية وكأن مصرنا الجميلة تحولت إلى مسرح للبلطجية والعراة والخارجين على القانون بعد أن رسخوا نموذج البطل الشعبى من قاع المجتمع بعد أن كان تقديمه مجرد استثناء. الكارثة أن السبكية كما هو واضح فى فيلم «حديد» أساءوا استخدام نموذج الإنسان المبدع والحساس وجعلوه مجرما وهو النموذج الرئيسى المحرك فى فيلم «حديد» للمثل الشاب عمرو سعد الذى تحول من فنان موهوب وعبقرى إلى مجرم عتيق.. فيلم «حديد» يفتح ملف تحول فنان تشكيلى إلى مجرم على مذبحة مقولة فتش عن المرأة عندما يرتبط بفتاة من طبقة ثرية وتحاول أسرتها إبعاده عنها بطرق قديمة وعقيمة حتى لا يستولى على ثروتها باعتبارها الوريثة الوحيدة ويقود هذا الصراع خالها «زكى فطين عبدالوهاب».. المدهش أن الفيلم يستعرض طبيعة الحياة داخل السجون المصرية، ويتجول ما بين تيمات قديمة إلى مبتكرة وكأنها دروس خصوصية فى الإجرام والبلطجة موجهة للصغار والمراهقين وبالطبع فإن خطورة تقليدها كما يحدث فى العادة ستكون محصلتها ضد المجتمع دون أن يدروا بعد أن تحول السجن من إصلاح وتأديب وتهذيب إلى إفساد وإجرام وبلطجة. رغم غرابة السيناريو وانتقاده للمنطق فإن «حديد» على مستوى اللغة السينمائية فيلم جيد وهذا ما يثير الشبهات حول مخرجه حيث قدم المنتج محمد السبكى نفسه فيه مخرجا رغم أنف الجميع وتزيد مساحة الغرابة تألق أبطاله فى رسم الشخصيات فى مقدتهم عمرو سعد ودرة ومعهما المتمكن زكى فطين عبدالوهاب والأخير لا أدرى كيف سمح لنفسه وهو مشروع مخرج قدير كتلميذ من الجيل الأول لمدرسة شاهين بأن يستسلم لشهوة المنتج الذى يقدم نفسه فيه مخرجا إن لم يكن زكى هو المخرج الفعلى كما تقول المشاهد وتخرج الانفعالات.. أما إذا خاب ظنى وشكوكى وكان محمد السبكى هو مخرجه فله منا حق الاعتذار فى حالة تقديم مستندات دالة على إخراجه لهذا الفيلم المتقن سينمائيا. ولأن الفلوس «بتقوى النفوس» كما يقولون وكما قدم «السبكى» نفسه مخرجا فإنه بفلوسه أيضا قادر على السخرية من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب عندما حشر مشهدا فى الفيلم ويبدو هو فيه ممثلا أنه متهم بفيلم «حلاوة روح» الذى أثار ضجة كبرى فى طريقه للسجن. ويستعرض محمد السبكى نفوذه وقوته فى نهاية الفيلم ببيان يسخر فيه من نقابة السينمائيين التى رفضت منحه تصريحا بمزاولة مهنة الإخراج وأنها تقتل الإبداع ولكنه تحدى الجميع وأخرج الفيلم دون وضع اسمه انتصارا للإبداع فعن أى إبداع يتحدثون. قسوة انتقام السبكية من حلاوة روح انتقلت من فيلم «حديد» إلى فيلم «عمر وسلوى» الذى لا يخلو من السخرية على الرقابة وأولى الأمر السينمائى لمنع فيلم حلاوة روح وكأنهم يردون سينمائيا شرف واعتبار البريئة «هيفاء وهبى»، أما عن الفيلم فإنه لا يحمل جديدا سوى أنه يجهز ويؤهل لمشروع نجم وهو كريم محمود عبدالعزيز، أما ظهور صافينار ومحمود الليثى فمجرد ديكور ترويجى للبضاعة برقصة وغنوة لإرضاء زبون العيد. أخيرا فإن أفلام السبكية ليست تمويلا أمريكيا أو قطريا لتخريب العقل المصرى ولكنها ضريبة اكتتاب شعبى على حساب البسطاء من أبناء هذا الوطن الذين لا يستحقون كل هذه المرمطة فى الشاشات ودور العرض.