صاحب العيون الخضراء، أضاع هيبة الكرة المصرية، وانكمش أمام تونس الخضراء، نسى الغريب شوقى أن ملاعب الكرة أيضًا خضراء، وخَضارها أولى بمجهوده وأفكاره من خَضار تونس الشقيقة! غرابة شوقى، وغربته، وتوهانه كمدير فنى للمنتخب، لم تبدأ مع مباراة تونس، ولن تنتهى بعدها، فطريقة اختياره لمنصبه أصلاً غريبة، جامله هانى أبو ريدة الرجل الأقوى فى اتحاد الكرة، وجاء به بعد أن ملأ الدنيا ضجيجًا كصاحب فكر كروى عبقرى، لم يجد فرصته كاملة فى عهد حسن شحاتة الذى حصد وحده «السوكسيه» فى أبهى سنوات الكرة المصرية، حين توّج منتخبنا القومى ملكًا على عرش الكرة الإفريقية فى أعوام 2010 / 2008 / 2006 زعم شوقى لهانى أبو ريدة أن خطط شحاتة كان يستمدها من أفكاره هو، وأن نصيبه الذى ارتضاه مجبرًا رماه فى موقع الرجل الثانى، رغم أنه صاحب إنجاز المركز الثالث فى بطولة كأس العالم للشباب، وهو الذى طالما تغنّى به، واعتبره مجدًا لم يسبق لأحد قبله أن يحققه.. جميل كل هذا يا كابتن شوقى، ولا نستطيع إنكار تاريخك التدريبى، ولكن منذ استلامك مهمة المدير الفنى للمنتخب الأول لم تحقق أى إنجاز يذكر، أنت استفدت من التغيرات السياسية التى جرت فى مصر، تبرأت من «فلولية» حسن شحاتة صديقك وزميلك ورئيسك القديم، ولم تحاول أن تدافع عنه، بل اعتبرته «عتريس» الذى يحظى وحده بالشهرة، فى حين أنك تؤمن داخل نفسك أن عتريس الحقيقى هو أنت، وأنك «بلوة سودة» فى مجال التدريب. ثم ماذا بعد أن أفسح لك أبو ريدة خشبة المسرح الكروى، وجعلك نجم الشباك الأول؟، هل تعلم أن مسئولية النجم الأول كبيرة، وأن نجاح العمل يحتم عليه توزيع الأدوار على زملائه؟ الإجابة للأسف أنك لم تفعل ذلك، وأردت «التكويش» على كل المناصب، نسيت يا غريب أن قيمة المايسترو فى إمساكه العصا، وليس فى العزف، حتى من يعزف منفردًا، لا يستمر إلا دقائق معدودات، ثم ينخرط مع باقى الفرقة الموسيقية، تعاليت يا غريب على أحمد حسن صقر الكرة الذى تم اختياره كمدير للمنتخب، همشت دوره تمامًا، وصرّحت للمقربين منك بأن «حسن» تتبقى له «غلطة» ليرحل من جنة المنتخب التى عينت نفسك «رضوان» عليها! لا تريد أن تنسى أن الصقر كان مجرد لاعب حتى لو ارتدى شارة الكابتن، فى المنتخب الذى كنت أنت مدربًا عامًا له فى عهد المعلم شحاتة. ولأنك جئت عن طريق المجاملة، أردت أن تسود المجاملة فى بقية اختياراتك لفريقك المعاون، فاخترت أسامة نبيه الزملكاوى، حتى لا يتهمك جاهير النادى الأبيض بتجاهل أبناء الزمالك، وأتيت بعلاء نبيل مدربًا عامًا، لمجرد أنه أعطى لابنك محمد الفرصة للعب، حين كان مدربًا له، أما عبدالستار صبرى فمفروض عليك. كل ذلك مقدور عليه، ولكن أن تجىء يا رجل يا غريب الأطوار بمحمد سلام مدربًا لحراس المرمى، وتتجاهل الكابتن عادل المأمور صاحب التاريخ الكروى المعروف، فهذا يدل على تخبطك وسوء اختياراتك، بل سوء تفكيرك الكروى أساسًا. وقد يقول أحدهم «يا سيدى ماتدقش على اختيار الجهاز الفنى.. أهم حاجة اللعيبة»، سنقول فورًا: والله مش هنزعلك، وخلينا نركز مع اختيار شوقى غريب للاعبى المنتخب، وهنا نتساءل نحن بدورنا: هل أحسن الغريب شوقى انتقاء من يمثلون منتخبنا الأول؟ لن نتسرع فى الإجابة، ولكننا سنقرأ معًا أسماء اللاعبين: حسام غالى، ما الجديد الذى لا يزال فى جعبته ليقدمه مع المنتخب أو حتى مع النادى الأهلى؟ حسنى عبدربه «شرحه»، وأحمد فتحى الهارب إلى الدولة الكارهة لمصر، ماذا نتوقع منه ليعطيه لمنتخب يحمل اسم مصر؟ أما عصام الحضرى الذى فاق عمره عمر «دينى زووف» حارس المرمى الإيطالى الشهير، هل لا تزال صحته الكروية تساعده على المرونة تحت العارضة؟.. هؤلاء هم كبار اللاعبين الذين نفتقد فيهم دور القائد للمنتخب كما كان يحدث فى الماضى القريب، حين كان الصقر أحمد حسن يحمل شارة الكابتن، ويستطيع توجيه زملائه داخل الملعب، سيقول قائل: الشباب هم الأمل فى المستقبل، ماشى يا عم، بدون نرفزة تعال نقرأ معًا أسماء اللاعبين الشباب، سنندهش عندما نعلم أن على غزال لا يحمل من اسمه نصيبًا فلا خفة ورشاقة يمتلك، ولا قوة نظر أيضًا، وأغلب الظن، ونرجو ألا يكون ظننا إثمًا أنه لا يفرّق بين ألوان الفانلات! وحتى لا يتهمنا البعض بإهالة التراب على تاريخ شوقى غريب، نقول إننا منصفون لماضيه الكروى اللامع، ولا ننكره، ولكن مهنة المدير الفنى تتشابه مع مهنة الطبيب الجراح، لا بد لها من اطلاع دائم وقراءة مستمرة، ووقوف على أحدث المدارس الطبية، والكروية أيضًا، والغريب شوقى امتنع مؤخرًا عن «تمقيق» عينيه فى القراءة والاطلاع، وهجر حر الملاعب إلى برودة الاستديوهات المكيفة، حين اختاره مهيب عبدالهادى مدير البرامج الرياضية لقنوات الحياة، ليكون محللاً كرويًا على المباريات، بالطبع أصاب الغريب شوقى الكسل، ولم يعد يهتم بتجديد فكره التدريبى، قدر اهتمامه بإجادة لف رابطة عنقه «الكرافت» واختيار «البرفيوم» الجذاب، رغم أن أحدًا من مشاهديه أو مشاهداته لن يشموه، فقط سيرون خَضار عيونه الذى ربما يخشى شوقى عليه من «عَفَرة» الملاعب!