فرق كبير بين خطاب حسنى مبارك قبل يوم واحد من تنحيه عن الحكم فى 10 فبراير 2011 حينما وصف ثوار يناير بأنهم جيل جديد يدعون إلى التغيير للأفضل وبأنهم شباب يتمسكون به ويحلمون بالمستقبل، وبين «مبارك» المتهم الذى ألقى كلمة أمام المحكمة فى 13 أغسطس 2014 عندما وصف ثوار يناير بأنهم قاموا بأعمال عنف وقتل وترويع للشعب وتعد على الممتلكات العامة والخاصة واقتحام السجون وإحراق أقسام الشرطة وأرادوا الانقضاض على الدولة وتأجيج الأوضاع وزعزعة ثقة الشعب فى قياداته والقوات المسلحة. وتحلل الدكتورة ثريا عبدالجواد أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس خطابات الرئيس الأسبق قائلة: إن شخصية مبارك فى آخر خطاب له مقارنة بخطاباته أثناء الثورة توضح أنه شخص تقليدى للغاية، حيث جاء حديثه متبلدا خاليا من الإحساس بأى ذنب اتجاه شعب حكمه 30 عاما وارتكب فى حقه أخطاء جسيمة وأنه تكلم وكأنه الرئيس حتى الآن ومازال يحكم البلد، وهذا يدل على أنه غير قادر على إدراك ما حدث حتى الآن وأن حالة الإنكار النفسى مازالت مستمرة، ولو قدم الاعتذار لشعبه فى خطابه الأخير لتغيرت وجهة نظر الكثيرين فيه، وأضافت أن الخطاب بشكل كامل هو محاولة أخرى للاستعطاف ما يفسر التحول فى حديثه بعد وصفه لأبناء الشعب الذين ثاروا عليه من الشرفاء إلى المتآمرين وهو ما يخدم موقفه فى القضية بالتأكيد.
وعن احتمالات حصول الرئيس الأسبق على حكم البراءة ومدى تعارض ذلك مع الدستور الذى احتفى بثورة 25 يناير وقال عنها فى ديباجته: و«ثورة 25 يناير 30 يونيو فريدة بين الثورات الكبرى فى تاريخ الإنسانية، بكثافة المشاركة الشعبية التى قدرت بعشرات الملايين، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق، وبتجاوز الجماهير للطبقات والإيديولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة، وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية وبمباركة الأزهر الشريف والكنيسة الوطنية لها، وهى أيضا فريدة بسلميتها وبطموحها أن تحقق هذه الثورة إشارة وبشارة، إشارة إلى ماض مازال الحرية والعدالة الاجتماعية معا، حاضرا، وبشارة بمستقبل تتطلع إليه الإنسانية كلها».
أكد الدكتور إيهاب الطماوى الفقيه القانونى: إن الحكم على مبارك بالبراءة لا يتعارض مع الدستور الذى ذكر فى ديباجته ثورة 25 يناير، ولا يعنى أن هناك أى مادة من مواد الدستور ستتغير، لأن حكم البراءة لا يعنى أن هناك مؤامرة ضد مبارك كما يشيع أنصاره، ناهيك عن أن هذا الحكم لا يصبح باتا لأنه يحق لهيئة النيابة العامة أن تستأنف الحكمة مرة أخرى.
واستكمل قائلا: إن من يشوه ثورة يناير هم الجماعة الإرهابية التى حاولت سرقة الثورة وقفزوا عليها وأنصار مبارك الذين قامت عليهم الثورة، وأكد أن هذا الدستور من المستحيل تغييره خاصة أن الدولة متمثلة فى جيشها وشرطتها ورئيسها المنتخب عبدالفتاح السيسى جميعهم معترفون بثورة يناير وظهر ذلك فى جميع خطاباتهم وجميعهم يؤكدون أيضا أن 30 يونيو هى امتداد لثورة يناير، ومن هذا فإن الدستور الحالى هو دستور ثورتى 30 يونيو و25 يناير.
جورج إسحاق عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان وأحد السياسيين البارزين الذين مهدوا وشاركوا فى ثورة 25 يناير قال: مبارك انتهى وبات تاريخا لن يعود هو وجماعته من الذين أفسدوا وأجرموا فى حق مصر، وسيحاسبون جميعا إن آجلا أم عاجلا لأن جرائمهم لن تسقط بالتقادم، واستكمل معلقا على الخطاب الأخير: ما يقوله مبارك هو كلام هايف وملىء بالكذب واستنكار الثورة والجرائم التى ارتكبها، وقد اتضح هذا فى المحاكمة التى كشفتهم جميعا، خاصة أنه عندما قامت الثورة سبق أن اعترف بشرعية المطالب وبنبل الثوار فى خطابه عندما كان يستجديهم للبقاء فى الحكم، وأشار إلى أن مبارك لابد أن يحاكم «سياسيا» على فساده طوال فترة حكمه إلى جانب المحاكمة القضائية وهذا ما سيؤدى به إلى «مزبلة التاريخ».
وأضاف أن ثورة يناير أعظم من أن ينجح أحد فى تشويهها وتصويرها على أنها مؤامرة لأن الثورة قامت على ظلم وفساد وترد فى الأوضاع لا تخطئه عين مبصر.
واختتم قائلا: إنه فى حالة الحكم على مبارك بالبراءة سوف تكون كارثة فى تاريخ القضاء ليس بسبب الحكم، ولكن بسبب الأمور التى أدت إلى الحكم وعلى رأسها ما ذكره القاضى الجليل أحمد رفعت فى حكمه على مبارك بأن النيابة العامة والشرطة تقاعسا فى تقديم أدلة اتهام جدية، وستكون كارثة على الشعب بأجمعه، مستبعدا أن تتعارض تلك البراءة مع الدستور الذى يمجد يناير لأن الحكم لا علاقة له بالحكم على الثورة وتقييمها.