كفاية و6 إبريل وأخيرا تمرد، لا نستطيع أن ننكر الدور المهم الذى قامت به الحركات الثورية الثلاثة فى المشهد السياسى، فى السنوات الأخيرة، ودورها فى إحداث تغيير كان البعض يراه ضربا من ضروب المستحيل، ولكن مدى قانونية تلك الحركات أصبح مثار تساؤل بعد حكم حظر حركة 6 إبريل، خاصة مصادر تمويل تلك الحركات التى استطاعت المثابرة والتواجد خلال تلك السنوات رغم الملاحقات، وتزايد ثروات قيادات بعض تلك الحركات، فى ظل غياب جهازى المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية، الأمر الذى يجعل بدورنا أن نسأل «من أين لكم هذا؟»، السؤال الذى جعل محكمة الأمور المستعجلة تقضى بحظر أنشطة حركة «6 إبريل» داخل مصر، وحظر أى منشأة منبثقة منها أو منظمة أو حركة تنتمى إليها، والتحفظ على مقراتها. د.رأفت فودة أستاذ القانون الدستورى علق قائلا: لا يوجد فى مصر أو فى العالم قانون لتنظيم شكل الحركات الثورية، علينا أن ندرك أنها تظهر نتيجة ظروف قهر سياسية واجتماعية واقتصادية يشهدها مجتمع ما فى فترة محددة، لتحتج على النظم السياسية القائمة لتقويمها أو إسقاطها، وغالبا ما تلاقى هذه الحركات قبولا واسعا لدى المواطنين، الذين يتعاطفون مع تلك الحركات لأنها تعبر عنهم وأكثر احتكاكا بمشاكلهم، ويضيف فودة: «كلمة حركة فى حد ذاتها تعنى بأنها خارجة على القانون فكيف تريدون تقنين وضع حركات جاءت لتكسر قوانين ظالمة موجودة؟!!، ولكن فى حال نجاح تلك الحركات فى تحقيق الهدف التى كانت تسعى من أجله مثلما حدث مع حركتى «6 إبريل» و«كفاية» بعد ثورة 25 يناير كان عليها أن توفق أوضاعها القانونية لأنه لم يعد هناك سبب لتكون غير مقننة، وذلك من خلال أن تنشئ جمعية وتكون جمعية أهلية تخضع لقانون الجمعيات الأهلية، أو من خلال تأسيس حزب سياسى وتخضع فى تلك الحالة لقانون الأحزاب السياسية، وما لم تقم تلك الحركات بذلك يعتبر لا سند قانونى لها أو لوجودها».
أما عن التفرقة فى الحركات فيقول فودة: «لا يجب التنكيل بحركة والتهليل لأخرى ما دامت تلك الحركات غير مقننة، ولا يجب التنكيل بحركة لأنها على غير هوى السلطة، والتهليل لأخرى، علينا أن ندرك أننا نؤسس لدولة القانون والناس أمام القانون سواء، وإذا كان هناك مخالفات من أشخاص داخل تلك الحركات، وهو أمر وارد فيتم تقديم بلاغات ضدهم أمام النائب العام، ولا نأخذ الحركة بذنب ممارسات بعض الأشخاص بداخلها، ما نراه الآن هو تفضيل حركات على أخرى وكل منها ليس له سند قانونى لممارسة نشاطه، ما يحدث الآن هو الاستفادة من شعبية «حركة تمرد»، التى داهنت السلطة الحالية بإعلان تأييدها للمرشح العسكرى، فتم احتضانها والتهليل لها ولوجودها على الرغم من أنه لم يكن ليكتب لتمرد النجاح فى جمع توقيعات 22 مليون مصرى، لولا سخط الناس فعلا على حكم الإخوان، وهو نفس الشىء الذى قام به المجلس العسكرى فى المرحلة الانتقالية باحتضان والتهليل لحركة «6 إبريل» للاستفادة من شعبيتها، مداهنة تمرد ضمنت لها البقاء على قيد الحياة، بينما مواقف «6 إبريل» التى لم تغير مبادئها، ليصب عليها غضب الجميع من كل جانب، واستطاعت السلطة ولو بصورة غير مباشرة، من القضاء التخلص من 6 إبريل والقضاء على كيانها القانونى، على الرغم من وجود تحفظاتنا على رموزها».
من جانبه حمل الدكتور أحمد دراج الدولة مسئولية عدم وجود رقابة على الحركات الثورية أو على مصادر تمويلها وعدم خضوعها للجهاز المركزى للمحاسبات أو لجهاز هيئة الرقابة الإدارية قائلا: «الدولة مسئولة عن وضع تلك الحركات الآن، وهى التى قصرت فى حق نفسها عندما سمحت لتلك الحركات بتلقى تمويل أموال أجنبية من باب «منظمات المجتمع المدنى» والجمعيات الأهلية، على الرغم من علمها أن هذه المنظمات أو الجمعيات لم تكن معنية بالعمل الخدمى أو الاجتماعى، بل وكان لها نشاط وأهداف سياسية، وهذه الجمعيات كان يرأسها رجال أعمال أو زوجاتهم ينتمون للجنة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل»، ويقول دراج: «الحركات الثورية وبالأخص ''كفاية» و«6 إبريل» تم تأسيسها لتقوم بلعب دور جماعات الضغط على صانعى القرار وهى جماعات موجودة فى عدد كبير من الدول، ولهذا لم ينتبهوا بضرورة تقنين أوضاعهم بعد ثورة 25 يناير، وفى رأيى أن الحركات الثلاث سوف تقنن من أوضاعها بعد الانتخابات الرئاسية، سواء بتأسيس أحزاب تحمل أسماءها أو بتكوين جمعيات أهلية، أما حكم محكمة الأمور المستعجلة فأعتقد أنه لن يقضى على كيان «6 إبريل»، لأن هناك عددا كبيرا من الشباب المرتبطين بهذه الحركة كما لا نستطيع أن ننسى كيف لعبوا دورا كبيرا فى إسقاط نظام مبارك، حتى ولو لدينا مشاكل أو اختلافات على بعض الشخصيات التى تمثل تلك الحركة».
أما عصام شيحة المحامى بالنقض وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد فعلق: «مع احترامنا الشديد لكل الحركات الثورية علينا أن نتفق أننا فى دولة كبيرة وعلى كل المصريين على السواء أن يخضعوا لسيادة القانون، مصر شهدت خلال الثلاث سنوات الماضية أو يزيد حالة من الانفلات السياسى، وبالتالى على الحركات الثلاثة أن تقنن أوضاعها إما أن تنشئ حزبا سياسيا وبالتالى تخضع لقانون رقم 40 لسنة 77 وهو قانون الأحزاب السياسية، وبالتالى يحق لها ممارسة العمل السياسى وخوض أو المشاركة فى الانتخابات البرلمانية والمجالس المحلية، أما الحركات الثورية التى تريد أن تمارس أنشطة تنموية أو توعوية وثقافية أو فى مجال حقوق الإنسان، ففى تلك الحالة تخضع لقانون رقم 84 لسنة 2002 الخاص بالجمعيات الأهلية، ويحق لها أن تقوم بدور جماعات الضغط على الحكومة، حتى يتم سيادة القانون وسيادة الدولة المصرية على الجميع دون استثناء، لأن عندما يسن قاعدة قانونية توضع قاعدة عامة مجردة، تطبق على الناس كافة، دون أى استثناء وأى استثناء فى الوقت الراهن ستكون النتيجة لا يمكن تداركها».