تخبط وارتباك وخلافات إدارية ومالية طاحنة، وهوس تقلد المناصب مع رؤى غير واضحة، هذا هو الحال داخل المبنى المخروطى الشكل، أو اتحاد الإذاعة والتليفزيون المعروف بماسبيرو الصوت الرسمى للدولة والشعب. المشهد الآن يعيد إلى الأذهان صورة استمرت على مدار 3 أعوام هى عمر الثورة بشاشة فقدت المصداقية لدى الجمهور فى نقل الواقع، يحاول ماسبيرو باستماتة استعادة الثقة لدى جمهوره وتوجيه خطاب إعلامى هادف فى فترة حساسة من عمر الوطن وهى فترة الانتخابات الرئاسية لعام 2014 وهى الفرصة الأخيرة لهذا الكيان العملاق.
فى الوقت الذى تتصارع فيه القنوات الخاصة مثل سى بى سى والحياة ودريم والمحور والنهار للفوز برضاء المشاهد تقف عاجزة عن رسم خطة واضحة الملامح لهذه المرحلة الحاسمة، وهذا ما كشفه لنا محمد طعيمة مدير المكتب الفنى لرئيس قطاع الأخبار صفاء حجازى، والذى قال إن القطاع لم يضع إلى الآن خطة تغطية الانتخابات القادمة وكيفية نقل أخبار المرشحين واكتفى القطاع ببرنامج «مصر تنتظر الرئيس» والذى يعرض على الشاشة بدءا من اليوم السبت، ويشرح خطط المرشحين وأفكارهم وماذا ينتظر المواطنون من الرئيس القادم.
«مصر تنتظر الرئيس» هو إنتاج مشترك مع صوت القاهرة يتحدث عن مطالب المواطنين من الرئيس القادم؛ مؤكدا أن الدعاية الخاصة والتغطية لم يتم البت فيها إلى الآن وفى انتظار قرار اللجنة العليا للانتخابات بأسماء المرشحين، مشيرا إلي أن التوجه والحياد سيكون على مسافة واحدة من المرشحين.
فى الوقت الذى تطلق فيه مجموعة قنوات النهار فى الأول من مايو القادم قناة جديدة باسم «النهار اليوم» لمتابعة الانتخابات الرئاسية وتشمل خريطة القناة الجديدة برنامجا تحت عنوان «موعد مع الرئيس»، الذى حقق نجاحا كبيرا فى انتخابات الرئاسة 2012 وتجرى فيه اللقاءات مع المرشحين الرئاسيين، بالإضافة إلى مناقشات لشرح مشاكل مصر وحلولها بمشاركة الخبراء والمختصين وبرنامج «مصر تستطيع»، الذى يعتمد على إجراء مقابلات مع أبرز العلماء المصريين فى الخارج الذين أثروا الحياة والعلم والإنتاج هناك، وصنعوا قصص نجاح رائعة كذلك تقدم القناة مناظرة يوميا حول قضية بعينها بين طرفين مختلفين فى الآراء من حملتى المرشحين، كما يقدم برنامج «حوار اليوم» لقاءات لتحليل المشهد اليومى وكشف أسرار الفترات الانتقالية والرؤية المستقبلية.
الاستعداد للبرنامج الوحيد الذى تم الإعلان عنه من قطاع الأخبار يجرى على قدم وساق وبحسب طعيمة فإنه من إخراج عبدالرحمن حجازى ويتناوب عدة مذيعين تقديم الحلقات يتغيرون بصفة يومية بتقديم مذيع ومذيعة للبرنامج.
طعيمة نفى استقالة 22 مذيعا ومذيعة بسبب الخلافات الطاحنة داخل القطاع، وأنهم كما تردد سعوا وراء القنوات الخاصة بسبب المكسب المادى وأن ماسبيرو زاخر بالمذيعين.
فى الوقت نفسه كان عبدالفتاح حسن رئيس قطاع القنوات المتخصصة قد اعتمد منذ أسابيع مضت خطة واضحة المعالم للانتخابات الرئاسية المقبلة لعدد من القنوات منها قناة نايل لايف، حيث يقوم برنامج «نهارك سعيد» بالاستعداد للتغطية الإعلامية الانتخابات الرئاسية من خلال عمل مساحات متساوية للمرشحين، وطرح البرنامج الانتخابى لكل مرشح، وعمل تقارير لاستطلاع آراء الجماهير فيما يحدث من أحداث مواكبة للانتخابات وبرنامج «صفحة جديدة» والذى يعمل فى اليوم الأول لانطلاق الدعاية الانتخابية وتشمل التغطية تقارير منوعة من الشارع ومن مناطق مختلفة، وماذا يريد المواطن من المرشح الرئاسى فى مجال الأمن، الاقتصاد، البطالة، الأجور، وإجراء حوارات متعددة مع عدد من الرموز والخبراء وكبار المسئولين حول الملفات المطروحة التى يجب على الرئيس القادم التعامل معها.
قناة العائلة أيضا استعدت لتغطية الانتخابات الرئاسية من خلال برنامج «حياتنا» ويقوم بعرض السير الذاتية لمرشحي الرئاسة وإعداد تقارير مصورة واستطلاع آراء الأحزاب السياسية والائتلافات الشبابية، أما برنامج «شباب على الهوا» فيقدم تقارير مصورة من الشارع لآراء الجماهير و أهمية المشاركة والتصويت فى الانتخابات الرئاسية وماذا تريد من الرئيس، أما عن النيل الثقافية فستقدم فقرة ثابتة عن الانتخابات فى برامج «أما بعد» على الهواء مباشرة وهو برنامج يومى يذاع فى تمام الساعة الثامنة مساء إضافة إلى عمل تقارير يومية داخل الفقرة.
وفى سياق آخر أثارت التغييرات والترقيات للقيادات التى تعتمدها بين الحين والآخر الوزيرة درية شرف الدين، تساؤلات بعض الإعلاميين العاملين بماسبيرو منهم، الإعلامى محمد الطوبجى الذى قال أن وزيرة الإعلام لا تعتمد فى اختياراتها على معيار الكفاءة مما أدى إلى وجود خلافات عديدة مع هذه القيادات وأدى كذلك لتراجع بيِن فى دور ماسبيرو وتفوق القنوات الفضائية الخاصة بأشواط كثيرة وقت أن كان ماسبيرو هو القلعة الأولى للإعلام فى مصر والمتحكم فى الخطاب الإعلامى الهادف الذى كان يقدمه بعيدا عن أى انتماءات او توجهات سياسية.
ويطالب الطوبجى وزارة الإعلام بوضع خطة إعلامية جيدة لحفظ ماء الوجه الذى تشوه على مدار الأعوام الماضية والاستماع إلى مشروعات شباب الإعلاميين التى لا تجد مجيبا وتستطيع أن تدر أرباحا بالملايين على الوزارة وأن تعيد الثقة به مرة أخرى.
مشهد آخر من الخلافات داخل ماسبيرو والتى لا تنتهى والأزمة المالية تكاد تعصف بما تبقى منه، يكشفها خالد السبكى ، مؤسس حركة إعلاميون أحرار ونائب رئيس القطاع الاقتصادى بماسبيرو، والذى قال إن تطوير الشاشة والإنفاق على البرامج يحتاج إلى إعادة نظر لأن من وضع هذه الموازنات «حشر» - بحسب قوله- الانتاج بنفقات زائدة والذى يتكلف 220 مليون جنيه شهريا هى موازنة ماسبيرو من وزارة المالية حيث تتكلف تغطية الحدث أكثر من المطلوب مضيفا أن السرقات تحدث علنا، وعلى سبيل المثال لا الحصر شركة صوت القاهرة التى تأخذ دون وجه حق 3 ملايين جنيه شهريا من الميزانية الخاصة بالاتحاد رغم أنها مجرد منتج منفذ لمشروعات الاتحاد وفقا لخطة إنتاجية محددة.
السبكى قال أيضا أن هذه الميزانية وضعها رئيس القطاع الاقتصادى السابق محمد عبدالله رئيس القطاع رغم اعتراض من مراقبى الاتحاد والمالية لكن الوزيرة درية شرف الدين اعتمدتها بل كافأت عبدالله بنقله وترقيته لصوت القاهرة رغم اقترابه لبلوغ المعاش فى مايو القادم وذلك أن صوت القاهرة لا تشترط بلوغ سن المعاش بل تمتد المدة إلى 65 سنة واصفا تصرفات درية أنها «عزبة» خاصة بها تديرها كيفما تشاء.
السبكى يرى أن ماسبيرو قادر على سحب البساط من القنوات الفضائية الجديدة لوجود مذيعين أو معدين أكفاء بعد وضع برامج تطوير وتحسين لجلب الإعلانات وكذلك تدريب الإعلاميين ورفع المستوى الثقافى والوعى لديهم واستبدال المتعصبين منهم.
د. محمود علم الدين وكيل كلية الاعلام جامعة القاهرة ، يقدم روشتة لاستعادة هذا الدور لماسبيرو بعيدا عن الصراعات بقوله: إن تغطية الانتخابات إعلاميا تشكل تحديا للعملية الإعلامية، ودليلا على مدى إيمان الوسائل الإعلامية بديمقراطية الإعلام، أو بحق الجمهور فى إعلام موضوعى ومسئول وملتزم مهنيا وأخلاقيا، وفى الوقت نفسه هى مؤشر على حرية الإعلام وديمقراطية الاتصال.
علم الدين قال إن الإعلام المصرى أصبح لأول مرة مطالبا بدور مهنى احترافى وليس سياسيا فقط فى انتخابات رئاسية، مضيفا أن لكل وسيلة أسلوبها الإعلامى وتوجهاتها التى تتحكم فيها عدة متغيرات فى مقدمتها: مالك الوسيلة وتوجهاته السياسية، وإمكاناتها المادية والتقنية، ورئيس تحريرها أو المسئول الإدارى وكذلك الإعلامى عنها، ومدى تمتع العاملين فيها بالمهنية والاحترافية.
تتضمن روشتة علم الدين: منظومة القيم، باعتبار ماسبيرو الجهاز الإعلامى الممثل للدولة وليس للحكومة أن يراعى مجموعة من القيم المهنية خلال تغطيته للانتخابات الحياد والانصاف والصدق والدقة والموضوعية والتوازن والإسناد للمصادر الموثوق بها، ويدخل فى ذلك احترام وتنفيذ الضوابط التى تضعها اللجنة العليا للانتخابات. وعلى اتحاد الاذاعة والتليفزيون أن يقدم نموذجا للاعلام الذى يقدم الخدمة العامة لجمهوره.
الأهداف: التغطية الإخبارية للحملات الانتخابية، ولتحركات المرشحين وبرامجهم وكل الأنشطة المصاحبة، مراقبة ومتابعة وتدقيق النزاهة والشفافية فى العملية الانتخابية خلال الانتخابات وحث المواطنين على الإدلاء بأصواتهم ونشر ثقافة المشاركة.
الآليات: وضع خطة للتعامل مع الانتخابات يقودها فريق مركزى تعتمد على فريق من المندوبين المؤهلين المدربين (فرق عمل ميدانية متكاملة)، فريق من المحررين والباحثين يتعاملون مع المعلومات والبيانات جمعا وبحثا وتحليلا على مدار ال24 ساعة، بالاستعانة بفريق من الخبراء والقانونيين والحقوقيين للتعليق داخل الاستوديو، مع الابتعاد عن الوجوه التى تتحدث فى كل شىء والتى ملّ الجمهور من تكرار ظهورها، أفلام وثائقية للتعريف بالحياة السياسية وتطورها فى مصر واستطلاعات ميدانية من داخل مدن مصر وقراها.