المصرى على خلفية المظاهرات والاحتجاجات والإضرابات والذى يصل بهم إلى الانتحار الذى يمارسونه مع التحرش وغيرها من الأمراض النفسية التى انتشرت فى الفترة الأخيرة. وقد كشفت آخر الإحصائيات الصادرة عن الأمانة العامة للصحة النفسية التابعة لوزار ة الصحة عن زيادة أعداد المترددين على المستشفيات النفسية التابعة للأمانة العامة وذلك بمقارنة أعداد المرضى المسجلين فى الفترة من يناير إلى يوليو 2010- 2012 نجد أن عدد المرضى قد زاد بالعام الأخير 42 ألفا و596 مريضا وكشفت الدراسة أن أشهر خمس أمراض نفسية انتشرت فى الفترة الأخيرة هى: «القلق النفسى، الإحباط، والاكتئاب، الوسواس القهرى، الفوبيا واضطرابات الهلع». تؤكد الدكتور هالة حماد- استشارى الطب النفسى والعلاقات الأسرية - أن القلق على رأس قائمة الأمراض النفسية انتشارا فى العالم عامة ومصر خاصة حيث تبلغ نسبة الإصابة به من 16 إلى 17٪ ويكون الرجال أكثر عرضة للإصابة من غيرهم من النساء وترجع الإصابة بالقلق إلى سببين الأول أمراض عضوية مثل اضطرابات فى الغدة الدرقية بداية من التعرض للإصابة بالزهايمر والإصابة ببعض الأمراض المزمنة.
ثانيا: أمراض نفسية مثل التعرض لضغوط حياتية والخوف من المجهول ووجود تاريخ مرضى فى عائلة المصاب، التعرض لحوادث أو كوارث منذ صغره سببت له أعراض القلق، والخوف من الفشل وعدم تقبل النقد من الآخرين وقد تظهر لهذه الأمراض أعراض جسمانية مثل رعشة اليدين وخفقان وسرعة فى ضربات القلب وزيادة فى التعرق وجفاف الحلق.
أما الأعراض النفسية فتشمل الشعور بالإثارة والانفعال وعدم الإحساس والميل إلى التوقعات المبهمة- تضيف الدكتور هبة - إن ثانى أشهر الأمراض النفسية شيوعا هو الاكتئاب حيث يصنف من ضمن الاضطرابات النفسية التى تتسم بخلل فى المزاج وأسباب الإصابة به أن الأفكار التى تمر بعقل مريض الاكتئاب كلها سلبية فدائما يتردد داخل نفسه (ليس هناك أى هدف لفعل أى شىء وذلك لأننى ولدت فاشلا فأصبح الفشل مرتبطا بى)، وعن علاج الاكتئاب يتم تناول عقاقير مضادة للاكتئاب أو من خلال علاج نفسى غير دوائى والحالات الشديدة يتم التعامل معها من خلال العلاج الكهربائى.
وأضافت الدكتورة هبة عيسوى - أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس - أن الدراسات أشارت إلى أن نسبة الإصابة بين الرجال والسيدات متساوية وتبدأ الإصابة باضطراب الوسواس القهرى عادة فى مرحلة المراهقة وبداية الشباب وغالبا ما بين العشرين والخامسة والعشرين أى سن الجامعة وهناك حوالى 10٪ يبدأ الاضطراب عندهم قبل سن العاشرة وهذا يفسر إصابة الأطفال بالوسواس القهرى والتى قد تزول عند البلوغ والفوبيا أيضا تجعل الشخص المصاب عادة يعيش فى ضيق وضجر ويؤدى إلى محاولات واضحة للهروب من موقف يعتبره المريض خطرا على حياته مما يسبب درجة من العجز فى ممارسة حياته اليومية.
أما عن افتتاح ست عيادات داخل جامعة عين شمس.. فالفكرة حديثة على الطالب المصرى خاصة وسط أحداث سياسية ملتهبة يشهدها الحرم الجامعى فى الأعوام السابقة إلا أن محمد تركى - عضو اتحاد الطلبة بكلية الحقوق - استقبل الخبر بالضحك ووصفه بأن ذلك مهزلة ويقول أن الصحة النفسية للطلاب مهمة، لكنها ليست أولوية فى ظل عدم وجود أمن داخل الجامعة ودخول البلطجية إلى الحرم الجامعى وحدوث اشتباكات فيه.
الدكتور سيد صبحى - أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس - يقول إن أكثر المتأثرين نفسيا بما يعرض على شاشة الفضائيات من مشاهد العنف هم الطلبة المراهقون مما يضع على الآباء والأمهات مسئولية حمايتهم من أضرارها المباشرة وعدم السماح لهم بمتابعتها لأنها تتسبب فى غرس العدوانية والكراهية بما ينتج عنه تشويه النقاء النفسى بداخلهم بالإضافة إلى نزع الفطرة الإنسانية عن الناس والتى تجنح دائما للسلام وإحلال أسلوب الاعتداء على الغير بدلا منها نظرا للاعتياد على مشاهدة العنف الذى قد يزعجهم فى البداية وبمرور الوقت يتحول إلى أمر واقع غير مرفوض ينتج عنه قبول مبدأ الرد بمثله على المعتدى فالنفس البشرية يمكن أن تقبل تدريجيا أن يكون العنف بديلا للعقل عند تكثيف تقديمه فيقرر الناس مبدأ المعاملة بالمثل لمن يعتدى عليهم.. ولذلك يجب على الفضائيات أن تعرض لقطات العنف بقواعد محددة.
الدكتورة رشا عبداللطيف - أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان - تكشف أن الدراسات أثبتت أنه تبعا لنظرية المحاكاة فإن لقطات العنف التى تعرضها الفضائيات تتسلل إلى التكوين الاجتماعى للمشاهدين وينتج عنها الرغبة فى تقليدها عندما تتوافر الظروف التى تسمح لها بالخروج الفعلى فى جرائم اعتداء مباشر مما قد يؤدى إلى انتشار الجريمة فى المجتمع، ولاشك أن العرض المفاجئ لمشاهد دموية على الفضائيات يدفع المشاهدين لمتابعتها بدافع الغريزة للتعرف على المجهول والتى تتزايد درجتها عند الأطفال الذين يمتلكون ذاكرة ترصد الأحداث بدقة وتحفظها بتفاصيلها حتى سنوات متأخرة من أعمارهم تسمح لهم باستدعائها فى أى وقت قولا وفعلا.. ولتجنب تلك الآثار السلبية للقطات العنف يجب أن توجه الفضائيات التنبيه على المشاهدين قبل عرضها وقيام الآباء والأمهات بدورهم التربوى من خلال تعريف الأبناء أن العنف الذى شاهدوه مرفوض وأنه ليس أساس العلاقة بين الناس كما يجب الكشف السريع عن مرتكبى العنف الذى شاهدوه ونشر ذلك فى جميع وسائل الإعلام على أوسع نطاق لتحقيق ما يسمى بالعدالة الرادعة التى تحمل رسالة صريحة لكل مشاهد العنف بأن جزاء من يرتكبه هو العقاب الذى لن يهرب منه.
تشير أغلب الدراسات النفسية والاجتماعية إلى أن فئة المراهقين والطلبة هم الأكثر إقداما على الانتحار ويوضح الدكتور أحمد عكاشة - أستاذ الطب النفسى ورئيس الجمعية العالمية للطب النفسى - أن ذلك يرتبط بالأحادث التى يعيشها المراهق انطلاقا من الأحداث البسيطة التى يعيشها إلى الأمور الأكثر خطورة وهى بمجملها تتعلق بنظام العلاقة القائمة بينه وبين الأسرة وعلاقته بالآخرين من جهة أخرى وفى مقدمتها الأسباب الأسرية بما فيها التفكك الذى يتسبب فى انعدام الشعور بالأمن والعاطفة نظرا لغياب أحد الوالدين بشكل مستمر عن الجو الأسرى أو وفاته أو المشاكل المستمرة بين الأبوين أو بين أفراد الأسرة الآخرين أو ما يشاهدونه فى التليفزيونات ويعانونه فى المجتمع كله.
وإن هذه الاضطرابات ليست بالضرورة ظاهرة كامنة فى داخل المراهق ولكنها فى الواقع تكون عادة مصاحبة بعدم إمكانية رفضها أو التخلص من آثارها وشدة الإحباط تترجم درجة العذاب والألم أمام هذا العجز المفرط بإمكانية التأثير على الواقع الذى يعيشه المراهق من خلال التوصل إلى طريقة لإشباع رغبته.
كما يضيف الدكتور هاشم بحرى - رئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر - أن أهم الأمراض التى يصاب بها الطالب هى القلق والاكتئاب الذى قد يؤدى بدوره إلى لانتحار وأن نسبة الانتحار لدى المصابين بالاكتئاب تبلغ 20٪ .
القلق بين طلب الجامعة ظاهرة تستحق الدراسة حيث يقول الدكتور جمال عبدالناصر الجندى - أستاذ التربية الخاصة والصحة النفسية - القلق الحديث أصبح نوعا منتشرا فى هذه الأيام، وخاصة بعد ثورة 25 يناير ولقد ازدادت الظاهرة حتى أصبحنا نرى الشباب يترددون على عيادات الطب النفسى ولذلك طالبنا بفتح عيادات للطب النفسى فى الجامعة واستجابت جامعة عين شمس ونتمنى أن تعمم التجربة فى كل الجامعات المصرية والعربية.
وعن حالة أحد الطلاب يقول الدكتور جمال عبدالناصر الجندى: حدثنى أحد الطلاب قائلا أعانى من قلق عميق من كل شىء ولا أستطيع أن أتحدث مع أحد أكثر من عشر كلمات فقط وكذلك أشعر بالخوف من مواجهة النسا، كما لا يوجد عندى أى دافعية لكى أقدم على مبادرة من جانبى ولم أمكث فى المحاضرة أكثر من دقائق معدودة وأترك المحاضرة وأخرج لأجلس بمفردى.
يتابع الجندى قائلا: وفى اليوم التالى تلقيت نفس الشكوى من طالب آخر، فالطالب الجامعى فى هذه الأيام كثيرا ما نجده يعانى من صراعات كثيرة ومن هذه الصراعات الاختلاف بين ما يعتقده وبين ما يشاهده من انحلال أخلاقى فى بعض المجتمعات سواء المجتمع العربى أو المجتمع الغربى خاصة بعد أن أصبح العالم فى يد أى شخص.