الأم المثالية عندى هى أم الشهيد.. وعندنا المئات من الأمهات سقط أبناؤهن فى معركة الشرف للدفاع عن أمن الوطن ضد التتار الجدد.. هى الأم التى تستحق الاحتفاء والتكريم وتسليط الضوء عليها.. وحتى تكريم أم واحدة هو خير عزاء لباقى الأمهات.. والتكريم هنا هو رسالة بليغة لباقى أمهات الشهداء.. رسالة تقول أن الوطن لا ينسى أبناءه أبدا.. بدليل أننا نكرم أم الشهيد.. وإذا حضر الماء بطل التيمم.. فلا عزاء إذن لباقى أمهات الزفة الإعلامية وأصحاب الواسطة والمجهود فى دفع أسماء بالذات لتحظى بالتكريم.. والقاعدة هذه المرة معروفة وواضحة.. أن تكون المثالية أما لشهيد سقط فى الحرب على الإرهاب.. وهاردلك السيدة فيفى عبده.. خيرها فى غيرها كما يقولون.. وربما يأتى التكريم بعدين..! الأم المثالية هذا العام بالذات.. هى التى قدمت ابنها فداء للوطن.. تتساوى فى ذلك أم اللواء وأم العسكرى النفر.. فكلاهما أم مثالية.. وكلاهما منكوبة بالفعل.. فلا أقل من التكريم والاحتفاء والتقدير والشد على يدها فى اليوم الذى يحتفل فيه أبناء مصر كلها بالأم المثالية.. ولا أقل من الوقوف بين يديها لنقول لها كل سنة وأنت طيبة يا أمى.. ونحن أبناؤك جميعا.. نعوضك غياب الابن الشهيد الذى ضحى فداء للوطن الأم الكبير.. لا أقل من تسليط الأضواء على أم الشهيد.. أن ندخل إلى بيتها تصحبنا كاميرا التليفزيون.. نصور للناس فى البيوت تفاصيل حياتها بعد غياب الابن.. وربما كان العائل الوحيد.. فلا أقل من الوقوف معها وبجانبها فى تلك المناسبة بالذات.. أن ننوب عن الابن فى أن نقول لها كل سنة وأنت طيبة يا أمى.. أن نرسلها فى رحلة عمرة.. أو نصحبها فى زيارة للأضرحة وأولياء الله.. أن نقلدها الأوسمة وأن نقدم لها ميدالية الشهيد.. وهى ميدالية أقترحها شخصيا.. تعطى لحاملها الحق فى الاستثناء فى حالات كثيرة.. فى حجز الشقق والتقدم للمدارس والفوز فى قرعة الحج.. ميدالية مخصوصة تعطيها الحق فى الوقوف فى أول الصف دائما..
بعض مسابقات عيد الأم تشترط أن تكون الأم الفائزة أماً لأبناء من خريجى الجامعات.. وهى نظرة طبقية والله أن نتمسك بالتعليم الجامعى فى مجتمع يسكن نصف سكانه فى العشوائيات.. يعانون الفقر والفشل والبطالة.. ثم إن الجامعة لم تعد هى الهدف وقصد السبيل.. ولا ننسى أن أكثر من خمسين فى المائة من المجتمع يعانون الأمية والتسرب من التعليم.. ومن الأفضل إذن أن تكون مواصفات اختيار الأم المثالية مختلفة.. تتوافق مع ظروف المجتمع التى نعيشها.. والأفضل لهذا العام تحديدا.. أن تكون الأم المثالية هى أم الشهيد.. والتى هى مثالية بحق وحقيقى.
وبعيدا عن المسابقات والتى هى موضة عصرية.. فإن الأم المثالية بوجه عام.. هى الأم التى فكت الخط وتخلصت من أسر الجهل والأمية.. وتقارير اليونيسيف واضحة تؤكد أن نصف نساء العرب.. لا مصر وحدها أميات لا يجدن القراءة والكتابة فى زمن الكمبيوتر والإنترنت.. بما يعنى أنهن فاقدات للتمييز تماما.. يتبعن الرجل دون قيد أو شرط.. ينفذن ما يطلب دون مراجعة أو تأخير!!
والله العظيم.. فإن الأم المثالية.. بمقياس الأمر الواقع.. هى الست أم أحمد الشغالة.. التى تعلم أبناءها بالمدارس المختلفة.. توفر لهم المدرسين لزوم الدروس الخصوصية فى عهد المدارس خالية التدريس.. تخرج منذ الصباح الباكر تسعى فى البيوت تنظفها.. وفى المصالح والشركات تعمل أعمالا بسيطة.. وتعود آخر النهار وفى جيبها قروش قليلة لتوفر القوت للأبناء وللزوج الكادح..
أقصد أن مواصفات اختيار الأم المثالية على أرض الواقع.. تختلف تماما عن تلك المواصفات التى تضعها الهيئات المختلفة.. وتفصلها أحيانا خصيصا لتفوز زوجة البيه المدير.. أو ست الهانم صاحبة النفوذ.. وعلينا أن نختار بشكل حقيقى وواقعى.. وليس هناك هذا العام تحديدا أفضل من أم الشهيد.. أم مثالية.. علينا بتكريمها والوقوف بين يديها إجلالا واحتراما.. وأكرر أم الشهيد.. لا فارق بين الشهيد اللواء.. والشهيد العسكرى النفر.. وكل سنة وأنت طيبة يا ست الحبايب..