بين النرجسية والخوف والمبالغة فى إخفائه والانقيادية، حصر خبراء علم النفس تحليلهم لتصرفات «المعزول» فى الجلسة الأولى لمحاكمته وفى زنزانته بسجن «برج العرب»، و«روزاليوسف» وضعت مرسى على الشيزلونج النفسى لتكشف للجميع الأعراض النفسية التى يعانى منها، والغريب أن الإخوان اعتبروها «صمود»، وهم أكثر ناس يعلمون أنه زعيم المخابيل! «هانى السبكى» استشارى الطب النفسى قال لنا إن لغة الجسد والتحليل النفسى لتعبيرات «مرسى» لم تختلف عما كنت أراها قبل ذلك، مؤكدا أن الإخوان أعادوا هيئة ومظهر مرسى حيث كانت لحيته كثيفة تغطى معظم وجهه تليها نظارة سميكة ثم جبهة صغيرة ثم نجد منبت الشعر وبالتالى كان ما يظهر للناس مسافة صغيرة جدا فى وجهه.
ويضيف السبكى أن مرسى عندما كان يتحدث كان دائم التجسيد للكلمة التى يقولها ويقوم بتمثيلها فعندما كان يقول طفلا كان يشير إلى الأرض بيديه وعندما يتحدث عن رجل كبير يرفع يديه وعندما يتحدث عن نقطتين كان يميل بجسده يمينا ويسارا لتكون كل نقطة فى جهة.
من يفعل هذا هو الشخص الذى يشعر أنه غير معبر ولا تصل فكرته إلى الأذهان فدائما ما يمثل المعلومة لتوصيلها افتراضاً بأن المستمع غبى، ولكن الحقيقة أنه كان يشعر بأن فكرته غير واضحة وغير أصيلة وغير حقيقية.
ويؤكد أن هذا كان واضحا فى خطاباته وعندما يجرى حوارا مع المذيعين كان يندفع فى الكلام كأنه يسّمع كلاما حفظه فكان يسترسل فى الكلام حتى لو المذيع قام بمقاطعته فكان يعلى صوته ويكمل الحديث وكأنه لم يسمع وذلك خوفا من أن يضيع الكلام منه.
أما عما حدث داخل المحكمة فيرى أنه كان سيناريو معدا حيث كان يتحدث بأفكار ثابتة كما لو أنه كان مملى عليه ماذا يقول وكأن بداخله جدولا للإجابات، وبالتالى فشل رئيس المحكمة فى الحوار معه، ويوضح السبكى أن مشهد الميكروباص الشهير والذى وقف فيه لغلق أزرار الجاكت فى تحد واضح، كان له دلالتان أولا ليتظاهر بأنه غير مهتز وغير مبال ولا يهتم أو يهاب الموقف ولا يمتثل لأوامر حراسه فتوقف، ولكن الموقف طال مما دل على تردده وعلى خوفه مما هو مقبل عليه وهو ما يسمى فى علم النفس بالمبالغة أو رد الفعل العكسى فطال المشهد مما يشير إلى أنه كان خائفا ويحاول أن يظهر على عكس ذلك!
ويضيف «السبكى» أن أقرب تشبيه له هو مشهد فى فيلم «شىء من الخوف» والذى كان يجسد أحد ضحايا «عتريس» حيث أخذ يجوب القرية ويقول «أنا أسخم منه» وذلك بعد أن جعل منه «عتريس» مسخاً لا قيمة له بعد فضيحته بالعلاقة الآثمة مع زوجته إلا أن الرجل فى حالة إنكار ويريد أن يرسخ فكرة عكس حقيقة الأحداث!
أما عن تكرار كلمة «أنا الرئيس الشرعى» نحو 11 مرة فيؤكد أنها لم تختلف كثيرا عن آخر خطاب له حيث كرر كلمة الشرعية نحو 75 مرة، موضحا أنه عندما يتحدث الشخص عن كلمة حق فيكررها مرة واحدة وهو يعلم أن الذى أمامه سيصدقه أما إذا كان يدرك أنه لا يقول الحق ويقول شيئا زورا فيكررها كثيرا مثلما يمسك الشرطى اللص فنجد أن أول شىء يقول «أنا مظلوم» وذلك يكون فى حالة إنكار للموقف ونفى للحقيقة وشعوره بالمأساة.
ويرى السبكى أن مشهد الإخوان وهم يديرون ظهورهم للمحكمة ما هو إلا «شو» إعلامى لإدراكهم بأن المحكمة تنقلها وكالات الأنباء العالمية وفى نفس الوقت هو دلالة على الضعف وعدم القدرة على المواجهة.
ويؤكد السبكى أنه لم يحدث فى تاريخ السجون أن يتم الاعتداء على أحد ويتم إعلانها جهارا وليس أصلا من الطبيعى أن يحدث مثل هذا لمثل هؤلاء وهم فى هذا السن فمنهم من تخطى السبعين، مشيرا أيضا إلى أنه من غير المنطقى أن يحدث ذلك لهم الآن وهم مسجونون سياسيون ولكن للأسف هانت عليهم رجولتهم تحت مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وقل ما تشاء فى سبيل قضيتك فأهانوا أنفسهم.
ويرى «السبكى» أنهم لن يقروا بالواقع أبدا فى محاولة لإطالة القضية حتى تكون هناك وسيلة للمقايضة فكلما تعطلت القضية ستكون فرصة للمقايضات، مشيرا إلى أنهم سيستمرون فى إنكارهم ولن يعترف منهم أحد بالواقع!
من الواضح أن هناك نوعا من التواصل بينهم سواء بشفرة ما أو باختراق ما وذلك يتضح من موقفهم الجماعى كما لو أن هناك سيناريو معد مسبقا.
أما «هاشم بحرى» رئيس قسم الطب النفسى جامعة الأزهر فيقول إن مرسى منتمى إلى جماعة الإخوان والتى منذ إنشائها يعانون من النرجسية، وهو الذى كان واضحا فى ظهوره رافع الذقن والكتف ورفضه لارتداء الجاكت الأبيض وكان «يبرق» للحضور.
ويشير «بحرى» إلى أن فتحه للبدلة فى التحرير لأنه كان فى وسط أهله وعشيرته وهو الشىء الذى أكده بتلويح يده فى القفص بإشارة رابعة وبذلك يؤكد أنه كان يحكم مجموعة بعينها وليس الشعب كله.
وعلى الرغم من أنه كان يحاول أن يظهر بمظهر رائع فى المحاكمة إلا أن غلقه للجاكت يدل على عدم شعوره بالأمان أو الاطمئنان ويعكس خوفه من القاضى كما أن إعطاء ظهرهم للمحاكمة هى محاولة منهم لإقناع الحضور بأن مرسى رئيس الشعب كله، معترضين على الانقلاب ضده!
ويؤكد أن محاولة «العريان» و«البلتاجى» إظهار وجود اعتداء جنسى هو كارت أخير لتهييج الرأى العام مرة أخرى خاصة بعد أن كانوا يضعون فى الاعتبار أن الدنيا هتولع فى المحاكمة وهو ما لم يحدث!