يترقب المصريون حكم محكمة الأحزاب بمجلس الدولة التى يترأسها المستشار فريد تناغو رئيس مجلس الدولة فى 19 أكتوبر الذى يحدد مصير حزب الحرية والعدالة، بينما يقتنع الكثيرون من الإخوان ومن يتحالف معهم أن المحكمة ستحكم برفض الدعوى وستبقى على الحزب الذى يسير فى طريق الحزب الوطنى المنحل! فالمقتنعون بحكم حل الحزب دعموا رأيهم بتقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا الصادر الأسبوع قبل الماضى الذى انتهى إلى مطالبة محكمة الأحزاب بحل الحزب، بينما يقتنع الكثير من الإخوان والمتحالفون معهم أن المحكمة سترفض الدعوى وستبقى على الحزب ولن تأخذ برأى تقرير المفوضين لأن كما قال لنا محمود حسن أبوالعنين محامى حزب الحرية والعدالة أن التقرير متناقض، ويكفى أن الدعوى لابد أن ترفض لأن حزب الحرية والعدالة حصن بعد ستين يوما من إنشائه ولم يتم الطعن عليه.
والحقيقة أن تقرير مفوضى الدولة والصادر بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب الصادر فى 5 يونيو 2011 فيما تضمنه قبول الإخطار المقدم من د.«سعد الكتاتنى» وكيل مؤسسى الحرية والعدالة بتاريخ 18 مايو 2011 رد على الكثير من التساؤلات، واستند إلى الكثير من الأحكام والقوانين وأسند أيضا إلى واقع جماعة الإخوان المسلمين المنبسق عنها حزب الحرية والعدالة.
التقرير كتب فى 15 صفحة أعده المستشار محمد شحاتة بإشراف المستشار سراج الدين عبدالحافظ نائب رئيس مجلس الدولة بدأ بقراءة الدعوى المطالبة بحل حزب الحرية والعدالة وهى الدعوى المقامة من محمد أحمد زكى والتى حملت رقم 565 لسنة 59 أمام محكمة الأحزاب وهذه الدعوى سبق أن تداولت أمام محكمة القضاء الإدارى منذ إقامتها فى 29 مايو 2012 تحت رقم 43266 لسنة 66ق وطالبت بإصدار حكم قضائى بصفة مستعجلة بوقف حزب الحرية والعدالة عن ممارسة جميع نشاطاته السياسية والاجتماعية تحت أى مسمى أو كيان قانونى وفرض الحراسة على جميع مقراته، لأنه قائم بالمخالفة للإعلان الدستورى والقانون 40 لسنة .1977
مقيم الدعوى أكد فيها وأمام محكمة القضاء الإدارى مع قيام ثورة 25 يناير 2011 سقط النظام السياسى الحاكم، وأجبرت رئيس الجمهورية الأسبق- محمد حسنى مبارك- الذى هو نفسه رئيس الحزب الوطنى على التنحى فى الحادى عشر من فبراير ولازم ذلك وبالضرورة واقعًا قانونيا أن يزال أى حزب من الحياة السياسية المصرية. إذا تحايل على القانون وخالفه استجابة لإرادة الشعب ومن ثم لا يستقيم منطقيًا أن يسقط نظام بأكمله مع الحزب الوطنى الذى أفسد الحياة السياسية ثم نبقى بعد ذلك على حزب آخر يخالف الدستور والقانون- يقصد هنا حزب الحرية والعدالة- مما يعد إعادة إنتاج لممارسات العهد البائد من جديد.
وقالت الدعوى إن الإخوان هذه الجماعة الدينية غير المرخص لها رسميًا بالعمل حتى الآن بتأسيس حزب سياسى بتاريخ 6 يونيو 2011 تحت اسم حزب الحرية والعدالة ادعت الابتعاد عن السياسة المباشرة والاتصال بالشئون السياسية فقط من خلال هذا الحزب.
وادعت الجماعة أن الحزب منفصل عنها التى ستلزم منهج الدعوة فقط، ولكن هذا لم يحدث فوجدنا أعضاء مكتب الإرشاد للجماعة بالكامل أعضاء مؤسسين للحزب.
وقام على رأس الحزب شخصيات إخوانية سبق اعتقالها بسبب ممارساتها السياسة على خلفية دينية ومثال ذلك رئيس الحزب الدكتور محمد مرسى، بالإضافة إلى أن الحزب لم يتوقف عن استخدام شعارات دينية فجة فى ممارستهم السياسة من خلال الانتخابات من خلط واضح للسياسة بالدين.
بل قاموا بالتأثير على الناخبين من خلال الدعاية لحزبهم ومرشحيهم دعاية دينية وبوسترات للدعاية الانتخابية للحزب اشتملت على عبارات الإخوان والإسلام هو الحل بالمخالفة للدستور والقانون.
وزاد على ذلك كما قالت الدعوى، ماتم على مرأى ومسمع الجميع من خلال المؤتمر الصحفى الذى تم من خلاله ترشيح المهندس خيرت الشاطر لانتخابات رئاسة الجمهورية عن الحزب خاصة أن اللوحة التى كانت خلف المؤتمر كانت تحتوى على شعار جماعة الإخوان دون شعار الحزب.
وكانت الكلمة الأولى لمرشد الجماعة وليست لرئيس الحزب والذى أكد على تقديم الإخوان لمرشحهم من خلال الحزب، وهى أمور لا تقبل الشك يتبين منها بجلاء أن جماعة الإخوان كجماعة دينية هى المحرك الرئيسى للحزب وأن الحزب ستار لها.
وتداولت الدعوى أمام محكمة القضاء منذ إقامتها فى مايو 2012 إلى أن قررت المحكمة إحالتها إلى محكمة الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص وذلك فى 9 أكتوبر .2012
وبدأت المحكمة فى نظرها وفى 16 مارس هذا العام 2013 قررت محكمة الأحزاب إحالة الدعوى لهيئة المفوضين لكتابة تقرير قانونى فيها وانتهى التقرير بالمطالبة بحل الحزب.
واستندت هيئة المفوضين فى تقريرها إلى المادة الثالثة من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 السارى وقت إنشاء حزب الحرية والعدالة والتى تنص على السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية.
والمادة الرابعة من نفس الإعلان التى أكدت على «للمواطنين حق تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديًا لنظام المجتمع أو سريا أو ذات طابع عسكرى، ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أوقيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل».
كما استندت هيئة المفوضين فى تقريرها لقانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 الذى نص على: للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصرى الحق فى الانتماء لأى حزب سياسى.
وعلى تعديل بعض نصوص هذا القانون فى 28 مارس 2011 حيث أكدت هذه التعديلات يجوز لرئيس لجنة الأحزاب السياسية أن يطلب من دائرة الأحزاب بمجلس الدولة بحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى تؤول إليها وذلك إذا ثبت من تقرير النائب العام بعد تحقيق يجريه تخلف أو زوال أى من شروط تكوينه.
وبعد استعراض الهيئة لنصوص هذه المواد أكدت أن الأحزاب السياسية هى جماعات منظمة تعنى أساسا بالعمل بالوسائل الديمقراطية للحصول على ثقة الناخبين بقصد المشاركة فى مسئوليات الحكم لتحقيق برامجها التى تستهدف الإسهام فى تحقيق التقدم السياسى والاجتماعى والاقتصادى للبلاد وهى أهداف كبرى تتعلق بمصالح الوطن والمواطنين وهو الأمر الذى يتعين معه وإعمالا للمنطق القانونى السليم وبحق الإقرار بتوافر مصلحة جميع مواطنى الدولة فى الطعن على قرار لجنة شئون الأحزاب التى سيترتب عليها إنتاج جزء أو كل من السلطة التشريعية الحاكمة من خلال ما تصدره من تشريعات لجميع المواطنين.
وأكدت هيئة المفوضين إذا كانت المادة 17 من قانون الأحزاب السياسية أجازت لرئيس لجنة الأحزاب السياسية أن يطلب من محكمة الأحزاب بمجلس الدولة الحكم بحل الحزب وتصفية أمواله فهذا لا يعنى تفرد لجنة الأحزاب فى التفرد بالرقابة على الأحزاب والمطالبة بحلها ولأن النص لم يعطها هذا الحق منفردة كما أن المبدأ الدستورى الذى ينص على أن السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها ويصون الوحدة الوطنية يعطى الحق لجموع المواطنين اللجوء للتقاضى أو غيره من الأبواب للوقوف على حقيقة الحزب السياسى.
وأكدت هيئة المفوضين أن قانون الأحزاب السياسية 40 لسنة 1977 والمعدل بالقانون 12 لسنة 2011 شكل لجنة الأحزاب السياسية من النائب الأول لرئيس محكمة النقض رئيسا وعضوية نائبين لرئيس محكمة النقض ورئيسين بمحاكم الاستئناف يختارهم مجلس القضاء الأعلى ونائبين لرئيس مجلس الدولة يختارهم المجلس الخاص وتكون محكمة النقض مقر اللجنة.
وأن هذا التشكيل للجنة الأحزاب السياسية يلقى على عاتق اللجنة واجبا ببذل العناية اللازمة لمراقبة حقيقة الإخطارات المقدمة إليها والبواعث الحقيقية لجماعة المؤسسين للأحزاب.
وأفاد التقرير أن الثابت أنه صدر قرار من مجلس قيادة ثورة عام 1952 فى 4 ديسمبر 1954 بحل جماعة الإخوان ومصادرة أموالها وممتلكاتها استنادا إلى ما ثبت لدى مصدر القرار من أساليب الجماعة المعادية للدولة واستخدامها سلطة الدين على النفوس وبراءة وحماس الشباب المسلمين لإحداث انقلاب فى نظام الحكم فى الدولة تحت ستار الدين وتحقيق أطماع شخصية وهو القرار السارى كما أكدت المفوضين حتى وقت إعداد هذا التقرير ولم يوجد ما يؤكد أن الجماعة قامت أوضاعها على الرغم من وصول أحد المحسوبين عليها إلى سدة الحكم فى الدولة لمدة عام كامل «يقصد هنا الرئيس المعزول محمد مرسى» وهو الأمر الذى يعنى أن ممارسة هذه الجماعة لأى نشاط يكون مخالفًا على التنظيم القانونى فى الدولة وبالتالى لا يجوز لتنظيم خارج الإطار القانونى للدولة أن ينشئ حزبا سياسيا والقول غير ذلك يؤدى لنتائج لا يقبلها المنطق القانونى.
ولا يجوز القول إن وصول جماعات أو تنظيمات إلى حد المشاركة فى الحياة السياسية يكون رهينا بما تفرزه الانتخابات فهذا أمر جد خطير لأن الأصل أنه لا يجوز لجماعة ترفض رقابة الدولة عليها أن تتاح لها الفرصة أن تكون فى مجال المفاضلة والمنافسة للوصول إلى أداة سن التشريعات والقوانين .
وأكد تقرير هيئة المفوضين أن لجنة شئون الأحزاب السياسية لم تلتزم النهج القويم فى أعمال العناية اللازمة لفحص وتمحيص الإخطار المقدم بشأن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة فإنها تكون قد تنكبت فى ذلك وجه الصالح العام إلى الدرجة التى تهوى بقرارها إلى درك الانعدام بحيث يصبح القرار بتأييد الإخطار المقدم لإنشاء حزب الحرية والعدالة الستار السياسى لجماعة مخالفة للقانون هو والعدم سواء.ولا يجوز تحصينه بمضى مدة الستين يوما المقررة قانونًا لتحصين القرارات الإدارية..
المستشار غبريال عبدالملاك - رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء السابق - علق بقوله: تقارير هيئة المفوضين فى أى دعوى قضائية غير ملزمة للمحكمة التى تنظر القضية فهو رأى قانون استشارى للمحكمة قد تأخذ به أو لا تأخذ به ولكن فى الغالب ونسبة تتراوح ما بين 70 - 80٪ تأخذ المحكمة به والأخذ هنا يتوقف على الأسانيد القانونية التى استند إليها تقرير المفوضين.
وأكد المستشار عبدالملاك أن بعض الأحزاب التى تتهم بأنها قائمة على أساس دينى تؤكد أن لها مرجعية دينية وهذا نوع من الالتفاف على المعنى والنص، وعلى العموم لا يجوز للقاضى أن يحكم بحل أى حزب على أساس أن أعضاءه أدخلوا الدين فى السياسة دون أن يكون هناك دليل لأننا لا ندخل فى ضمائر البشر ولسنا محاكم تفتيش.