ما شهده يوم 30 يونيو الماضى من حشود جماهيرية ضخمة خرجت مطالبة بإسقاط النظام، كان يفوق كثيرا الحشود التى خرجت فى 25 يناير 2011 مطالبة بإسقاط مبارك ونظامه، ولم يكن يتوقع أحد أن يشهد هذا المشهد الرهيب، فقد عرف وذاق الشعب المصرى طعم الحرية بعد أن لفظ الخوف من أنفاسه، ولهذا خرج الشعب المصرى ينادى بحقوقه ويطالب بها، بعد عام من حكم مرتعش متردد فشل فى أن يقنع الرأى العام به، وفشل فى حل مشاكله، بغض النظر عن أن الكثير من المشاكل كانت مفتعلة، أو مدبرة من فلول الحزب الوطنى لإثارة الأزمات فى مصر وللإيحاء بأن نظام الحكم الإخوانى الجديد فاشل وأن الحكم فى ظل مبارك كان أفضل، ولأن عقارب الساعة لا يمكن بأى حال أن تعود للوراء، ولأنه من المستحيل أن يطالب الشعب بعودة مبارك بعد أن أزاحه وتخلص منه، ولأنه أيضا فشل الحكم الإخوانى المرتعش والمتردد فى إقناع الرأى العام به، فكان من الطبيعى أن يخرج الشعب للتنديد بهذا النظام والمطالبة بإسقاطه، بغض النظر عن تأييد التيار الإسلامى له، لقد فقد مرسى ونظام الإخوان الشرعية يوم 30 يونيو مثلما فقد مبارك ونظامه الشرعية يوم 25 يناير، وإذا كان مبارك ونظامه قد كسبوا كراهية الشعب المصرى بسبب الظلم والقهر والاستبداد، فقد كره الشعب المصرى النظام الإخوانى وحكم المرشد ومرسى بسبب التردد والخوف والضعف وانعدام الخبرة فى إدارة شئون البلاد، وقد ذكرت من قبل أننى كنت ممن صوتوا لمرسى لأننى كنت أمام خيارين أحلاهما مر، فلم أكن أقبل بأى حال بعودة فلول الحزب الوطنى برئاسة أحمد شفيق لمصر، رغم عدم قناعتى أيضا بمحمد مرسى رئيسا لمصر لشعورى وبخبرتى أنه لا يصلح لهذا المنصب الكبير ولهذه المهمة الصعبة فى ظل الظروف الرهيبة التى تعيشها مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وندمت أشد الندم على اختيار مرسى مثلما ندم غيرى، وشعرت بأن أسلوب إدارة البلاد يعتمد على أهل الثقة وليس أهل الخبرة بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، ولهذا غرقت الرياضة المصرية بسبب اختيار من لا يصلح لإدارتها، مثلما غرقت وزارة الشباب أيضا، وللمرة الثانية فى خلال عامين يكتشف وزير الشباب السابق والحالى أن مسئولية الشباب جسيمة وأنها مسئولية دولة وأنه لا تفيد الشعارات وبرامج الأحزاب وقطارات الشباب فى استقطاب الشباب المصرى، وأن الشباب مسئولية الدولة بالكامل وليست مسئولية وزارة الصحة، وأن تقسيم الشباب والرياضة قرار فاشل دفعت مصر ثمنه غاليا منذ ما يقرب من خمسين عاما وإلى الآن يرفض أن يقتنع من يتولى مقاليد الحكم بأن حل مشاكل الشباب بأيدى مجلس الوزراء، وأن مشاكل مصر كلها تعنى مشاكل شباب مصر وحاضرها ومستقبلها، وأن أسلوب الاستقطاب السياسى من خلال التنظيمات الشبابية لم يعد يجدى سواء منظمة الشباب الاشتراكى، أو نادى حورس أو غيرها من المنظمات الشبابية كمنظمة شباب المستقبل التى أكدت أنها مفتعلة من أجل محاولة الاستقطاب السياسى فقط وليس من أجل مصلحة شباب مصر، وأن الشباب الذين خرجوا فى ثورة الخامس والعشرين من يناير، ثم فى ثورة الثلاثين من يونيو لا يمكن استقطابهم بهذه الأساليب العقيمة المتخلفة التى تعمل بنظام الديكتاتورية وليس الديمقراطية، ولهذا أقول لمن خرجوا يوم 30 يونيو تحيا مصر.