بدون محاكمة قيادات الإخوان، وفى مقدمتهم المخلوع محمد مرسى، وحظر إنشاء أحزاب سياسية على مرجعية دينية، فإن الموجة الثالثة من الثورة لم تحقق هدفها الأهم، مثلا.. ما الذى يمنع حزب النور- مثلا- من تكرار التجربة؟ هناك كلام مرواغ مغلف بنبرة تسامح مصطنع يزن على عدم إقصاء الإخوان، وأننا لا يجب أن نعاملهم بمثل ماعاملونا به، وهذا حق يراد به باطل، لأن منع الحركات التى تستغل الدين من ممارسة السياسية ليس إقصاء، لكنه تصحيح لمسار هذه الحركات المفترض أنها دعوية خيرية وحادت عن رسالتها. أنصار هذه الحركات يتكلمون كأن معهم تفويضا من الرب بأنهم الأنقى وحراس الدين والفضيلة، لا يقبلون الحوار ولا يحترمون الاختلاف، يكفرون المختلف ويستبيحون سمعته وحياته.. وعندما نطالب بقانون يحظر إنشاء أحزاب على مرجعية دينية فإن هذا انتصار للدينوللجماعة التى تستمد وجودها من تعاليمه أيا كان هذا الدين وأيا كانت الجماعة. من يعتبرون منع الإخوان ومن على شاكلتهم من ممارسة السياسة ويسوقون ذلك على أنه إقصاء، هو أكثر من يشبة الإخوان ومن هم على شاكلتهم، جاهل يتباهى بجهله.. ما هو رأى هؤلاء فى الدم السائل منذ أسبوع وحتى الآن بمعرفة الإخوان وأنصارهم، ماذا عن الترويع الذى عاشته مصر طوال سنة هى الأطول فى تاريخها، إذا لم يتم إقصاء هذه الحركات المشوهة من ممارسة السياسة، فلماذا ثار الشعب عليهم من الأساس، وأين هى عبقرية الخروج العظيم فى 30/.6 وفيما يستعرض الجهلاء جهلهم بالمطالبة بعدم إقصاء الإخوان وتابعيهم، يطوف الإخوان وتابعوهم البلد مرددين «اقتل واحد اقتل 100مش هنسبها للحرامية»، يسحلون ضابط جيش فوق كوبرى الجامعة، تتوالى الأنباء عن ضبط سيارات محملة بالأسلحة، مثلا.. تم ضبط 15 قنبلة يدوية و55 طلقة خرطوش مع عضو إخوانىبالدقهلية، يخططون لخطف ضباط شرطة لمقايضتهم بقيادات الجماعة المقبوض عليهم الآن.. يستدعون قوات خارجية ضد مصر، يمارسون القتل العشوائى فى أسيوط والزقازيق والإسكندرية وأغلب أنحاء الجمهورية، وتسجل صفحات الإسكندرانية ما حدث للناشطة نها صبرى، بنت القاهرة التى قررت أن تشهد مع الإسكندرانية سقوط الإخوان، وهى فى طريقها من ميامى إلى سيدى بشر، أوقفتها ميليشيات الإخوان بسبب ملصقات تمرد على سيارتها، شرحوها بالسيوف، قطعوا ملابسها، سبوها بأبشع الألفاظ، قيدوها بالجنزير، وقالوا لها «خلى تمرد تنفعك يا كافرة».. 115 طعنة أودت بحياتها.
«روبرت ساتلوف» المدير التنفيذى لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى صرح لصحيفة واشنطن تايمز بأن إدارة أوباما أخطأت بشدة فى إدارة علاقتها بالإخوان المسلمين، حيث سمحت لهم بالتصرف فى مصر كما يحلو لهم مقابل حفاظهم على عملية السلام.. الإخوان أقنعوا الإدارةالأمريكية أنهم قادرون على إدارة شئون البلاد وأنهم سيحافظون على المصالح الأمريكية والإسرائيلية وعملية السلام، مقابل تسليم مصر لهم ليحكموها بدون ضغوط من الخارج أو الجيش.
الأخطاء الأمريكية- حسب ساتلوف- زادت بالصمت على انتهاكات حقوق الإنسان واعتقال الصحفيين والتضييق على حرية التعبير ومحاولة هدم مؤسسات الدولة، التى قامت بها جماعة الإخوان طوال العام الماضى، ومع التدهور الحاد فى الاقتصاد المصرى لم تسع واشنطن لإقناع الإخوان بتعديل سياساتهم وإنقاذ البلاد بل اكتفت بالمشاهدة ومحاولة إنقاذهم بوعود بتقديم دعم مادى وقروض.
سنة كبيسة من حكم الإخوان ولم تظهر لهم أية كرامات إلا رغبة شرهة فى الانتقام من هذا الشعب، إقصاء وعنف وتكفير وكذب وتضليل وعبث بممتلكات وتاريخ ومقدرات أمة، ثم تظهر أصوات مشوهة تطالب بعدم إقصاء الإخوان أو ترفض اعتقال قادة الجماعة، متجاوزة الدم والمآسى الرهيبة التى وقعت طول السنة لمجرد أن يظهر أصحاب هذه الأصوات فى صورة الفرسان أو الحكماء.
تصور لو أن جماعة تشبه الإخوان ظهرت فى أمريكا وأوروبا وفعلت ما فعلته وخرج الشعب ضدها وأسقطها، هل كانت ستسمح لليمين المتطرف بإعادة الكرة تحت دعوى عدم الإقصاء ومثل هذا الكلام الجاهل، لماذا رفضت أمريكا المكارثية، ولماذا أقصت ألمانيا النازية.. ألان چول صحفى فرنسى، قال: جاء مرسى بصناديق الانتخاب كما جاء هتلر تماماً، لكن المصريين استطاعوا أن يحموا منطقتهم من خطط وعنف الإخوان، فيما لم يستطع الألمان حماية أوروبا من عنف هتلر وحزبه.. الفرق بين المصريين والألمان هو 7000 سنة حضارة استحضرها المصريون فى الوقت المناسب. إن التفريق بين الدعوة والسياسة واجب يفرضه السلام الاجتماعى لأى أمة، ولا مفر من قانون يحظر تأسيس أحزاب سياسية على مرجعية دينية، حتى لا نفاجأ غدا بترشح نادر بكار لرئاسة الجمهوريةباعتباره حامى حمى الاسلام، وابن الجماعة المفوضة من السماء بالحفاظ على الشريعة والشرعية المرتبطة قسرا بأمن إسرائيل.