رغم هدوئه طيلة حواره معنا، فإنه ثار عندما تحدثنا عن مصير شيخ الجماعة الإسلامية «عمر عبدالرحمن» في السجون الأمريكية، ووصل الأمر بالدكتور نصر عبدالسلام رئيس حزب البناء والتنمية إلى تهديد الولاياتالمتحدة بتفكيكها كالاتحاد السوفيتي لو مات عبدالرحمن في سجونها، وقال في شأن آخر تواصل بعض الحديث حوله أنهم لن يواجهوا الجيش المصري بالسلاح أبدا حتي لو عاد للحكم وسيقاومونه سلميا، وكل قيادة يتحمل مسئولية تصريحاته.. فلقد فككنا الجناح العسكري للجماعة ولن نعيده، نافيا وجود عناصر من كتائب القسام الحمساوية في مصر، وقال إنهم لايريدون ترك وطنهم كما تردد للمجىء لمصر، كاشفا أنهم حذروا الرئيس من عدم تمرير قانون الانتخابات علي الدستورية حتي لا تحكم علي البرلمان القادم بالعوار، وقال إنهم يقومون بالوساطة بين الرئاسة والنور، رافضا اعتبارهم «استبن» أو «بديل» لأحد! وإلى نص الحوار: ∎ هل تناطح الإخوان المسلمين الدعوة السلفية بالجماعة الإسلامية؟ - ده ربط غريب وفيه نوع من أنواع المكر.. بداية الجماعة الإسلامية ليست بهذا الحجم من الصغر حتى يستعملها أحد ضد آخر، فالجماعة الإسلامية كيان قديم وضخم جدا وله جذوره وأدبياته التاريخية والعلمية والفكرية، وله قادته ورؤى وآليات فى تحقيق هذه الرؤى كما أن له شعبية، لذلك لا يمكن للإخوان المسلمين ولا غيرهم أن يستغلوا الجماعة الإسلامية لكى يضربوا بها كياناً آخر. والأمر الثانى وقع الاجتماع بيننا وبين رئيس الجمهورية لأننا كنا تقدمنا من شهرين بمبادرة من أجل الوطن وعرضناها على الحوار الوطنى ولكن لم تأخذ حقها فى العرض والشرح نظرا للانشغال بقانون الانتخابات الأخير، لذلك تمت دعوتنا من مؤسسة الرئاسة للقاء الرئيس لشرح ومناقشة هذه المبادرة، وبالفعل توجهت أنا والدكتور طارق الزمر والدكتور صفوت عبدالغنى لمؤسسة الرئاسة، وتم شرح المبادرة تفصيلا التى تتكون من ستة محاور، أولها محور سياسى نطالب من خلاله بوقف العنف والمصالحة الوطنية، والمحور الثانى محور أمنى يتعلق بهيكلة وزارة الداخلية وإنشاء إدارة فى الوزارة لمكافحة البلطجة، والمحور الثالث يتعلق بالعدالة الاجتماعية والاهتمام بالشباب، والمحور الرابع يتضمن الجانب الاقتصادى لحل المشكلات الاقتصادية، والمحور الخامس يشمل حل مشاكل المصريين بالخارج ومشاكل النوبة وسيناء، والمحور السادس وضع ميثاق شرف إعلامى للكف عن التراشق مع الالتزام بالمهنية وذكر الحقيقة، ثم بعد ذلك طلبنا الوساطة للإصلاح بين مؤسسة الرئاسة وحزب النور، فرحب الرئيس مرسى وبدون تحفظ. ∎ هل المشروع الإسلامى خديعة يتاجر بها الإسلاميون.. خاصة بعد الخلافات بين التيار الإسلامى وآخرها حزب النور والإخوان؟ - أولا: المشروع الإسلامى رؤية للفصائل الإسلامية، كل فصيل له رؤية فى كيفية حل المشكلات عن طريق الإسلام وعن طريق الحلول غير التقليدية المعروفة كالقروض وغيرها، حيث المشروع الإسلامى له أدبيات أخرى فى كيفية صياغة حلول لمشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية بطريقة يتبناها الإسلام وتبيح الأحكام الشرعية. ثانيا: عندما نتكلم هل المشروع الإسلامى خديعة أم غير خديعة لابد أن يكون هناك مناخ حتى يتم تطبيقه وأى مناخ غير ملائم لا يمكن أن يطبق فيه أى مشروع، لذلك إذا كنت تريد تطبيق المشروع الإسلامى وفر له البيئة الملائمة، وهو يقوم على التدرج لأن مفيش حاجة اسمها ننزل المشروع الإسلامى ونفرضه على الناس مرة واحدة بعدما كانت الناس مفيش علاقة بينها وبين المشاريع الإسلامية، بل الناس عندها إسلام فوبيا ولحية فوبيا وتخوفات من النظام السابق الذى استطاع أن يخوف الناس من الإسلام والشريعة. ثالثا: الخلاف بين التيار الإسلامى لا يؤثر على المشروع الإسلامى لكن يعوق السرعة، واعتبر الخلافات دليل صحة مش دليل مرض، لأن أى أمر فى السياسة فيه اجتهادات واختلافات، ولكن يجب ألا يستغل الخلاف لضرب الآخر. رابعا: إحنا ماشيين فى المشروع الإسلامى ولكن المشكلة فيه معوقات كثيرة بتعوقك عشان تفشل فى هذا المشروع، ومن هذه المعوقات رجال الأعمال اللى عاوزين يرجعوا النظام السابق وعاوزين يعودوا بعقارب الساعة للوراء وهم واهمون لأنه لن يحدث ذلك، أيضا الساسة فى النظام السابق اللى بدل ما يحمدوا ربنا إن الثورة المصرية بيضاء، فلم تبطش بهم وربنا أنقذهم من البطش بهم من جراء أعمالهم السوداء وتخريبهم للوطن ونهبهم لمقدرات الشعب، فبدل ما يحمدوا ربنا راحوا يعيدوا تانى ويتفقوا مع بعض رجال الأعمال المجرمين ويتفقوا مع البلطجية. وإلى الآن مازلنانعانى من الدولة العميقة ومازلنا نعانى من هؤلاء جميعا اللى بدأ يدخل معاهم فى اللعبة جبهة ما تسمى الإنقاذ. ∎ ما هى تحالفاتكم الانتخابية المرتقبة؟ - جار الترتيب لحسم تحالف إسلامى مع عدد كبير من القوى الإسلامية، لكن لم تنته الحوارات معها بعد، ولم يتم التحالف مع حزب الحرية والعدالة ولكن سيكون هناك تنسيق فى المقاعد الفردية بيننا. ∎ هل ترى أن الإخوان المسلمين فقدوا شعبيتهم؟ - قفدوا جزءا من شعبيتهم، لكن لم يفقدوا كل شعبيتهم. ∎ هل الهدوء فى الصعيد وعدم وصول العصيان المدنى إليه سببه سيطرة الجماعة الإسلامية عليه؟ - طبعا بفضل الله، بالإضافة إلى وعى الناس.. لأن الجماعة الإسلامية متواجدة فى كل محافظات الصعيد ونمارس نوعاً من الوعى الراقى جدا فى خطب الجمعة الممنهجة والدروس الأسبوعية فى جميع المساجد، فاستطاعت أن تدخل لقلوب الناس كما كانت تدخل من قبل، فالناس تحب الجماعة الإسلامية لأنهم يشعرون أن هذه الجماعة خرجت منهم من رحم الشعب ولم تأت من فوق بباراشوت، كما أن كل الأسواق الخيرية بتاعتنا وكل المساعدات والمساهمات فى حل مشكلات الناس كنا بنعملها من زمان ولم يخطر على بالنا أنه سيكون لنا حزب سياسى ولا خطر على بالنا أنه سيكون هناك تواجد قوى للتيار الإسلامى، ولكن علشان لا نظلم بتوع الوجه البحرى إلى الآن مفيش عصيان مدنى حدث. ∎ ألا تعتبر ما يحدث فى بورسعيد وغيرها عصياناً مدنياً؟ - لا أعتبره عصياناً.. أعتبره نوعاً من أنواع البلطجة العنيفة بقفل مؤسسة وأخلى الموظفين ما يطلعوش، وما يدخلوش الوظيفة بتاعتهم. والمهم لما يحدث فى محافظتين ولا ثلاث محافظات بعض أمثلة العصيان المدنى، ما أقدرش أقول فيه عصيان مدنى فى مصر. ∎ هل مازال يوجد خلافات بين قيادات الجماعة الإسلامية التاريخية وشبابها؟ - مفيش خلافات أصلا، وإذا كان فيه بعض وجهات النظر، فهذا لا يسمى خلافاً.. ولكن القيادات التاريخية لم تستوعب حجم التغيير اللى حدث بعد الثورة وأنه يجب التجاوب مع هذا التغيير، وأبناء وكوادر الجماعة أرادوا التغيير وأن يكون مسئول الجماعة وقادتها بالانتخاب وهو حق الجميع، ولكن الإخوة القادة المشايخ لم يستوعبوا هذا الجزء، فلما حدثت المطالبات بالانتخابات وتمت الانتخابات كانت النتيجة لم يتم اختيارهم. ∎ هل مازال الجناح العسكرى للجماعة الإسلامية موجود تنظيميا؟ - الآن ليس هناك للجماعة الإسلامية جناح عسكرى، وتم إلغاء الجناح العسكرى تماما فى 9 مارس 1999 بعد موافقة قادة الجناح العسكرى فى الخارج على مبادرة وقف العنف الصادرة فى 5 سبتمبر .1997 وذلك بعد مبادرة وقف العنف ثم العودة مرة أخرى إلى أدبيات الجماعة والدعوة وهو الأصل الذى قامت من أجله الجماعة الإسلامية. ∎ هناك قلق من تحول تهديد الشيخ حازم أبوإسماعيل بالنموذج السورى إلى واقع إذا تحرك الجيش وظهر بالحياة السياسية.. فما تعليقك؟ - لا أرى أن هذا تهديد من الشيخ حازم ولكن أرى أنه يلفت الانتباه إلى خطورة التلميح باستخدام الجيش ضد الشعب، وهو يلفت الانتباه لذلك ولايهدد. ∎ ما رد فعلكم لو عاد الجيش للسلطة.. خاصة بعد المطالبات الشعبية بعودته.. فهل ستساعدونه أم ستواجهونه بالسلاح؟ - نحن لن نواجه أحداً بالسلاح، فهذه مسألة منتهية منذ مبادرة وقف العنف والعودة لأصول منهج الجماعة الإسلامية الدعوى، لأنه ليس فى أدبياتنا استخدام السلاح ضد أحد من المصريين أو المسلمين ولكن لو عاد الجيش للسلطة سنقاوم هذا الأمر بالسياسة وبالسلمية حتى ينحى جانبا عن الحكم كما نحى عن طريق الدكتور محمد مرسى الذى استطاع أن يقيل المجلس العسكرى وبالتالى رجع الجيش إلى ثكناته وأماكنه، المفترض أن الوضع الطبيعى لها أن تكون فى هذه الأماكن. وكل التجارب التاريخية لدخول العسكر فى السياسة تحدث فيها كارثة فى البلد التى استخدمت العسكر أو تم فيها تسييس العسكر. وبخصوص المطالبات الشعبية وعمل توكيلات للفريق أول السيسى فليس لها أى مردود، وما نقولش الشعب عمل توكيلات له بل نقول جزء ضئيل من الشعب عمل توكيلات، لأن لو هنجيب كل أربع آلاف يعملوا حاجة يبقى مصر لن تحكم ولن يكون هناك رئيس منتخب أو أى شىء. ∎ ما حقيقة أن كتائب عزالدين القسام الجناح العسكرى لحركة حماس موجودون فى مصر لمساندة الإخوان؟ - غير صحيح بالمرة، والذى لا يعرفه كثير من الناس أنهم أحرص على بلدهم وتحريرها، يعنى لو أعطيت سيناء لهم فى مقابل الاستغناء عن شبر من أراضيهم سوف يرفضون، فلابديل لهم عن فلسطين أبدا. وبعدين هما غير قادرين على مساعدة أنفسهم لما يأتوا يساعدوها فى مصر! ربنا يقويهم على البلاء بتاعهم فى إسرائيل. ∎ لماذا كل هذا الهجوم على جبهة الإنقاذ؟ - تمثل فصيلاً من المعارضة ولا تمثل فصيلاً كبيراً من الشعب، وهم يمارسون المعارضة السياسية العنيفة، وهم من محبى إشاعة الفوضى فى البلد، وممن جعلوا غطاء سياسياً للبلطجة، وهم كانوا غطاء سياسياً لعودة الحزب الوطنى مرة أخرى. ∎ هل مساندة الرئيس الإسلامى ليس لها سقف لديكم.. خاصة أنه حاليا يوجد دماء مراقة مما يشوه المشروع الإسلامى؟ - نحن لا نساند الرئيس الإسلامى بلا سقف، نحن نساند الرئيس إذا أصاب، أما إذا أخطأ فنعارضه، ولكن الفرق بيننا وبين الآخرين أننا نعارض معارضة منطقية محترمة، نقول أنك أخطأت فى كذا ونعطى له البديل فمثلا خطأنا الرئيس فى توظيف عدد كبير من الإخوان فى وظائف معينة وهناك من هم أكفأ منهم وأعطينا البديل أسماء معينة ليس لها انتماء سياسى، كما خطأنا الرئيس فى سرعة إصداره قرارات معينة مثل الضرائب والإعلان الدستورى، ثم قيامه بالتراجع عنها مرة أخرى وأعطينا البديل وهو ألا يتم إصدار قرار أو قانون إلا بعد قراءة صحيحة للواقع، وقلنا لابد من إعادة النظر فى كل مستشارى الرئيس وأن يكون اختيارهم بالكفاءة وليس بالانتماء. ∎ لماذا لا توافقون على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة؟ - نعتبر الموافقة على انتخابات رئاسية مبكرة نوعاً من أنواع إلغاء إرادة الشعب، وأشعر أنه من الخطر أن يستمرئ الساسة إلغاء إرادة الشعب. ثم إن الانتخابات الرئاسية التى تمت كانت فى وجود المجلس العسكرى وفى وجود حكومة ليس لها علاقة بالإخوان. ∎ ما رأيك فى حكم محكمة القضاء الإدارى بوقف الانتخابات؟ - أكبر خطأ ارتكبه الإخوان أنهم لم يؤيدوا عودة قانون الانتخابات إلى المحكمة الدستورية، حتى تتحقق لها أنها رقابة سابقة وحتى لا ندخل فى دوامة جديدة بعد الانتخابات ونصادر إرادة الشعب مرة أخرى إذا قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية القانون بعد الانتخابات.. ونحن كنا نصحنا مؤسسة الرئاسة بعودة القانون مرة أخرى إلى الدستورية. ∎ ما رأيكم فى كلام محمد الظواهرى القيادى بالسلفية الجهادية حول أنهم سيقاتلون الإخوان ويخرجون عليهم بالسلاح فى يوم من الأيام إذا امتنعوا عن تطبيق الشريعة الإسلامية؟ - كل واحد يقول تصريحاً يتحمل مسئوليته، لكننا سنجاهد بالطريقة السلمية حتى نطبق الشريعة ولكن بتدرج وبتهيئة المجتمع، ونرى أن الإخوان ليسوا أقل تدينا منا حتى نتهمهم فى دينهم، وهم أيضا حريصون على الشريعة. ∎ كيف ترى زيارة «جون كيرى» وزير الخارجية الأمريكى إلى مصر؟ - الزيارة مرفوضة ونعتبرها نوعاً من أنواع التدخل فى الشئون الداخلية ونعتبر كلامه عن الانتخابات وتوجيهه للمعارضة بأنهم لازم ينزلوا للانتخابات فيه نوع من أنواع الإملاءات. وإذا كان بعض قادة المعارضة قد اجتمعوا معه فنحن ندين هذا بالطبع، ولا ندين جلوسه مع مؤسسة الرئاسة لأن الأصل أن الرئاسة تنفتح على العالم كله وتقبل ما يفيدها وترفض ما يعارضها. ∎ الإخوان تصر على إقامة علاقات مع إيران.. فما رأيك؟ - نحن نرفض التطبيع تماما مع إيران تحت أى مسمى، وحددنا شروطاً لإقامة علاقات مع إيران أولها أن تكف إيران يدها تماما عن العبث بأمن الخليج لأن أمن الخليج هو أمن مصر، ثانيها أن تكف يدها عن أهل السنة فى إيران وخصوصا إقليم الأهواز، الذى تنتهك فيه حرمات أهل السنة عن طريق الحكومة الإيرانية ويمنعون عنهم أن تكون لهم أسماء أهل السنة مثل أبوبكر وعمر وعثمان ويغلقون مساجدهم ويقفلون الآلاف منها، والشرط الثالث أن يتعهدوا بعدم تصدير التشيع، والرابع أن يتم احترام جميع المواثيق التى عندنا وبالذات المواثيق الدينية، ويكفوا ألسنتهم عن إهانة السيدة عائشة والصحابة، ولكنهم الآن مازالوا يفعلون كل ما سبق فكيف نطبع مع ناس هم مجرمون أصلا. ∎ هل رصدتم موجات تشيع فى مصر.. وفى أى مناطق ومن يمولها؟ - فيه بعض التشيع فى مصر ولكن لا يحدث هذا الحجم الكبير، وسمعنا بمناطق بسيطة فى السادس من أكتوبر والجيزة، وبالطبع التشيع لا يحتاج إلى معرفة من يموله فإيران هى التى تموله، وكل من يتشيع لأجل المال. ∎ هل يوجد مفاوضات للإفراج عن عمر عبدالرحمن شيخ الجماعة الإسلامية الأول.. أم سيظل بالسجون الأمريكية؟ - والله عن طريق مجلتكم أبعث برسالتين. - الرسالة الأولى للرئيس محمد مرسى والحكومة.. وهى أن السعى للإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن فريضة شرعية. وأخيرا أحذر لو الدكتور عبدالرحمن مات فى سجون أمريكا سيدفع الأمريكان الثمن باهظا، لا أقول عن طريق الجماعة الإسلامية بل عن طريق المسلمين فى العالم، وسوف تتفكك أمريكا كما تفكك الاتحاد السوفيتى وأقسم بالله على ذلك.